بينما كنت اتنقل بين الفضائيات اتفرج علي عروض الازياء لاحظت ان هذه العروض التي يفترض انها تعرض موديلات وانواعا مختلفه من الازياء, اصبحت لاتعرض ازياء او ملابس, ولكنها تعرض انواعا مختلفه من خلع الملابس.. حتي الدانتيل الخفيف الذي يسترون به الصدر حرص مصممو الازياء علي ان يبدي تفاصيل النهود العاريه من خلف الشيفون الشفاف.. اما الظهور فعاريه كلها الي الهانش, تستوي في ذلك الفضائيات العربيه والفضائيات الاجنبيه.. فهموم فناني الازياء واحده في الحالين, تتسابق طوال الوقت في خلع الازياء عن لابسيها, وفي تعريه ما امر الله بستره.. وفي تحدي اعراف واداب كل الاديان في كل زمان وفي كل مكان.
وبقدر ماتفضح العورات في الفضائيات بقدر ما تحجب الحقائق في الاخبار وتزيف المظالم في السياسات ولا تجد الشعوب المظلومه من يدافع عن حقوقها, بمثل ما يجد الظالمون من يروج لظلمهم.. وبقدر مكانه كل دوله وبقدر طغيانها, بقدر ما تجد محترفي التجميل الذين يجملون ظلمها ويبررون عدوانها.. ودائما امريكا عندها مايبرر افعالها, ودائما العراق ترتكب ما يبرر تجويعها وافقارها حتي الموت.. فهي مثال للاجرام المطلق.. وهي يجب أن تدفع ثمن اجرامها!!
ولا أحد يروي لنا كيف أرسلت امريكا سفيرتها ابريل جلاسبي لتغري صدام العراق بغزو الكويت ولتطمئن صدام بان امريكا سوف تغمض العين عما سوف يفعله.. فابريل جلاسبي إختفت بقدره قادر ولم يظهر لها أثر بعد ذلك, وأغلقت ملفات الجريمه الامريكيه بالشمع الاحمر.. ولن تفتح الا يوم القيامه.
وهذه هي الدنيا.. يهرب فيها المجرم بجريمته, ويفر فيها السارق بغنيمته.. والغنيمه هذه المره هي مخزون العراق من البترول, تشتريه امريكا بابخس الاسعار.. وتقبل العراق الايدي والاقدام ليمنحها مجلس الامن الحق في بيع بعض ما تملك من هذا البترول.. وأطفال العراق يموتون.. والعرب لاتجتمع لهم كلمه.. والتليفزيونات العربيه في مهرجانات متواصله وطبل وزمر ومسابقات وعروض ازياء ومسلسلات.. والترفيه عن المشاهد العربي هو الهدف الاول.. وقتل الوقت هو المقصود طول الوقت.. ثم لا يبقي لنا وقت.. فالوقت هو العمر.. وما يمضي من العمر لا يعود.
وأنا أفهم أن يكون الترفيه هو خمسه في المائه من وقت هذه التليفزيونات.. والباقي علما وثقافه وسياحه في عجائب الفضاء والمجرات وعوالم الذره وعجائب التكنولوجيا ومعجزه الكمبيوتر ونقدا سياسيا بناء, وبحوثا اجتماعيه وفكرا وفنا ودينا.. أما أن يكون الترفيه بهذا الحجم الغالب المكتسح فهو أمر غريب!!
وهل دفع العرب ملايين الدولارات في هذه البرامج والفضائيات من اجل الطبل والزمر؟!
اننا نطبل ونزمر من الاف السنين دون أن ندفع دولارا واحدا.. وبضاعه الترفيه ما اكثرها.. ومشاكلنا ما اكثرها..
وامراضنا ما اكثرها.. وما أحوجنا إلي العلم.. وما أحوجنا إلي الجديه في تناول هذه الامراض وهذه المشاكل.
وفضائيه الـ
Discovery
الامريكيه مثال لما يمكن لثقافه علميه بحته ان تفعله وكيف تغطي اربعا وعشرين ساعه من البث المستمر.. في تشويق مستمر وتثقيف مستمر دون املال.. ورأيناها تتجول بين موضوعات التاريخ والبيولوجيا والتطور والجغرافيا والاثار والجريمه والطب الشرعي والفلك والمجرات والفضاء.
ويمكن ان نشتري بعض افلام هذه الفضائيه ونبثها عندنا..
والمكتبه العالميه غنيه بالاف الافلام القيمه..
ومصر معين لا ينضب..
وكل افلامالـ
Discovery
عن الاثار من متاحفنا ومن اثارنا ومن مقابر رمسيس وتوت عنخ امون وحتشبسوت وغيرها..
إن زرع الاقمار الفضائيه المصريه في الفضاء خطوه عظيمه.. وهي تجاره كبيره ومصدر دخل في حد ذاتها.. ولكن يجب أن يعقبها تطوير اعلامي يواكب امكانياتها.. ويواكب احتياجات مصر كمجتمع يتطور وينفتح علي عالم متغير بلا حدود وعلوم تتسع وتتنوع بلا نهايه..
والانترنت مثال اخر لعمليه غزو عالمي قامت به امريكا وعلماوها بقدره وجداره لاحتواء العالم كله.. بكل ما فيه.. من امكانيات للتجاره والاثاره والدعايه السياسيه والاتصالات والمعلوماتيه.. وإنشاء جامعه شامله متاحه ومفتوحه طوال الساعات الأربع والعشرين في تبادل وتوصيل ونقل وشرح الجديد في كل فروع العلم والمعرفه.
الانترنت ثوره حقيقيه قلبت كل الموازين واتاحت العلوم والمعارف باعجاز وفوريه لكل طالب علم يملك كمبيوتر وخط تليفون.
وما نراه منها هو مجرد بدايه..
ولكنها سوف تقلب كل الموازين.. وسوف تفتح بابا لمستقبل متطور لا حدود لتطوره في خيره وفي شره علي حد سواء..
وقد رأينا بعض هذه الشرور فيما تتيحه الانترنت لمستخدميها من هواه الدعاره.. في تسهيل الاتصالات بمن تريد وقتما تريد.. وتوصيل الرغبات المتبادله بالصوت والصوره العاريه لهواه الانحراف في فوريه وكفائه.
ولكن هكذا الدواء فيه السم وفيه البلسم الشافي..
والله خلق الافيون وخلق مواصفات الافيون.. واستعمله الطبيب لفائده مرضاه كما استعمله المدمن لتدمير نفسه.. وهي كارثه في نفس الوقت..
وهي عقاقيركما تستخدمها.. تنفع بها نفسك..
وإذا شئت استعملتها لتدمر بها حياتك..
وهذا شان كل شيئ.. حتي الاكل العادي..
الم يقل ربنا في شانه: كلوا واشربوا ولا تسرفوا؟..
فالاكل يمكن أن يتحول الي سم قتال يودي الي السمنه المفرطه وامراض القلب والسكر وامراض الشرايين.. ويمكن بالاعتدال ان يكون زادا وعتادا لمشقات الحياه ووسيله الي حياه سعيده وعمر مديد.
وهكذا الانترنت بمزاياها وعيوبها..
وهكذا الدنيا بحلوها ومرها..
ولا تستطيع ان تغلق عليك بابك..
ولا يستطيع احد ان يغلق عليه بابه..
فلابد من الانفتاح علي العالم وعلي الجديد فيه كل وقت.
والبلاد العربيه تملك في يدها ثروه هائله من الادوات الاعلاميه.. ولكن للاسف الشديد لايظهر لهذه القوه الاعلاميه أثر سياسي يذكر في معركتها مع اسرائيل.
واسرائيل تحسن الاستفاده بالاوراق القليله التي في يدها ولا تكف عن الادعاء بانها واحه الديمقراطيه الوحيده في الشرق الاوسط, وتحاول بهذا ان تغطي علي حقيقه انها مستنقع العدوان الوحيد في المنطقه.. وهي تسمي عدوانها علي القدس واحتلالها المستوطنات انه ميراث الهي.. وهي تحاول ان تخلق من اساطير الهولوكست والمحارق الخرافيه وغرف الغازات والسته ملايين قتيل ذريعه لتركيع المانيا واثاره عطف اوروبا واستغلال الحليف الامريكي واستعطاف العالم بسلسله من الاكاذيب المختلقه.
اين كان الاعلام العربي في المواجهات الحاسمه بين جارودي وبين يهود فرنسا؟.. اين كانت الفضائيات العربيه في المحاكمه المثيره والحوار المتفجر بين جارودي وبين قضاته؟.. كان الاعلام هامشيا وكان في بعض هذه المواجهات غائبا بالكليه.
إن اسرائيل تقيم الدنيا وتقعدها بالكلام.. مجرد الكلام.. باساطير خرافيه وتهم كاذبه.. ونحن نملك الوقائع الدمويه التي تدين اسرائيل ونعيش التاريخ الدموي الذي يدين اسرائيل.. وعلي ارض سيناء سقط شهداونا وهم مقيدو الايدي والارجل برصاص اسرائيل الجبان.. وتخضبت الرمال بدمائهم, واعترفت القيادات الاسرائيليه التي امرت بقتلهم غدرا..
ماذا يفعلون هم لقتيل واحد؟.. وماذا نفعل نحن للمئات من قتلانا؟!
ونحن نملك ادوات الكلام.. ونملك الصوت الاعلي.. ونملك الحق.. ونملك التعداد الاكبر.. ونملك التاريخ الاوثق.. ونملك الوعد الالهي في القران..
وهم يقولون ان الله وعدهم في التوراه.. حسنا.. سوف نري..
ونحب ان نري اعلامنا في المعركه.. وان تتابع فضائياتنا اكاذيبهم خطوه بخطوه..
ان باراك يرفع رايات السلام ويضرب لبنان بالصواريخ.. وهذا سلامهم.. ويلومون علينا عدم التطبيع..
عن اي تطبيع يتكلمون؟!.. وابجديه السلام لا وجود لها عندهم.. والوفاء باي وعد امر غير وارد في سياساتهم..
حوار طويل نحب ان نراه بالصوت والصوره في اخبارنا حتي نكسب العالم في صفنا.. هل رايتم ماذا فعلت الـ
C.N.N
في حرب الخليج؟
هذا هو الاعلام وهذه هي خطورته في زماننا..
ونحن نملك ادوات هذا الاعلام.. وقد قطعنا شوطا بزرع قمرنا الصناعي في الفضاء.. وبقي ان يتكلم هذا القمر بلغتنا ويدافع عن قضايانا ويبلغ رسالتنا للعالم.. ولا يضيع الوقت في ترفيه وتسليه تقوم بها عشرات المحطات الاخري بالنيابه عنه.. وقتل الوقت لم يعد هدفا بل هو اخر ما يفكر فيه عقلاء هذا الزمان.. اذا كانوا حقا من العقلاء..
انما يتسابق حكماء هذا الزمان في شيئ واحد هو احياء وقتهم بما ينفع ويفيد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق