حتى الآن لم يصدر عن مجمع البحوث الإسلامية ما يفيد أنه ينتصر لكرامته المهدرة أمام البيان الذي صدر باسمه بعد سحب كتاب محمد عمارة " تقرير علمي " ؛ الذي كلف بإعداده بناء على رغبة المجمع الموقر ، ويتضمن البيان أنه يؤمن بالمعتقدات المسيحية ، أكده كلام الأمين العام للمجمع " على عبد الباقي " الذي لم يعلن الإيمان بالمعتقدات المسيحية الفاسدة وفقا للمفهوم القرآني فحسب ؛بل زايد على المجمع كما قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز ، حيث أشارت إلى أنه يؤمن بالمعتقدات المسيحية بشدة ! وهو ما يعني أن القوم يؤمنون بالتثليث والشرك بالله وبحلول الله في جسد إنسان !
كل ما وصل الأمة من المجمع حتى الآن أنه اجتمع في ندوة خطيرة للغاية بحضور فضيلة الشيخ الموظف ، وفضيلة الوزير الجنرال ، والسيد المفتي ، وكبار المشايخ والعلماء ، ليناقشوا موضوع : النقاب ! تصوروا المجلس الموقر يجتمع ليناقش موضوعا سطحيا تافها لا يعني غير مجموعة قليلة من النساء ، ولا يهدد الأمن القومي كما تهدده المخدرات مثلا أو عبدة الشيطان أو لصوص المال العام الذين يسرقون الملايين والمليارات ويهربون إلى الخارج أو يسفحونها تحت أقدام الغانيات والراقصات ، ويحتشد المجمع الموقر لقضية النقاب هذا الاحتشاد الضخم ، وتنقله أجهزة الإعلام وفي مقدمتها التلفزيون الرسمي للسلطة .. وتري وتسمع عجبا من تشنجات وغضب وصل إلى درجة وصف النقاب بأنه يأتي من ثقافة عفنة (!) والدعوة إلى تنقيب الرجال طالما يسمحون بتنقيب النساء !! ما هذا الهذر في وقت الجد ، وما هذا السخف الذي يجعل هذه العقول الكبيرة تضيع وقتا ثمينا لإرضاء بعض المسئولين الموالين للمؤسسة الاستعمارية الغربية ، والمعادين للإسلام وتعاليمه ، ولم يبق أمامهم بعد أن أحلوا الربا ، وتعاملوا مع الغزاة النازيين اليهود القتلة ، وفتحوا أبواب الأزهر أمام الحاخامات واليهوديات الكاسيات العاريات ، وحرموا العمليات الاستشهادية في سبيل الله والقدس العتيقة ، وأصدروا الفتاوى السخيفة التي أضحكت عليهم الدنيا ؛ إلا أن يقولوا لنا في بيان منشور ومذاع على الكافة : آمنوا بالتثليث ، والشرك بالله وبالحلول الإلهي في أجساد البشر ؟
ما ذا يبقي للأزهر المعمور وقد صارت الكنيسة تتحكم في قراراته وإصداراته ، وتفرض عليه أن يصدر بيانات الإيمان بشدة بالتثليث والشرك والحلول ؟
كنت أتصور أن الأزهر المعمور سيصدر بيانا يقول إنه لا يؤمن بالتثليث ولا بالشرك ولا بالحلول ، وإنه يرفض هذا الإرهاب الكنسي الذي تمارسه الكنيسة الأرثوذكسية من خلال بعض عملائها الخونة الذين تفرغوا لهذا العمل الإجرامي بقمع الفكر الإسلامي وتخويف المفكرين المسلمين وإذلالهم والتشهير بهم عبر الصحف الطائفية ، أو التي يمولها طائفيون متمردون خونة ، أو في مواقع الخيانة الطائفية التي تمولها المؤسسة الاستعمارية الصليبية علنا وعلى رءوس الأشهاد ؟
كنت أتمنى أن يقوم الأزهر المعمور بردع الخونة المتمردين وتقديمهم إلى القضاء لأنهم يمارسون قمعا غير مسبوق ، ويدقون أسافين الفتنة والدمار في البلد الذي أعطاهم فوق ما يحلمون به ، وفضلهم على أبناء الأغلبية البائسة التي تتعرض للقهر والاضطهاد والإرهاب الحكومي ، ويحظر عليها أن تعبر عن دينها تعبيرا صحيحا وكاملا ، بل يستكثرون عليها مادة صورية في الدستور تقول إن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ؟
وإذا كان أحد يريد أن يسألني عن موقف النخب التي تتصايح عن حرية الفكر وحق التعبير كلما رفض الناس كتابا سافلا أو رواية إباحية رخيصة أو منع شيوعي أو ماركسي أو متنصر من حضور ندوة أو المشاركة في مؤتمر .. فإني أقول لهم إن المسألة بسيطة وواضحة وضوح الشمس فهؤلاء المتصايحون معروفون ، لأنهم يصطفون مع التمرد الكنسي الطائفي في خندق واحد ، فهو الذي يمنحهم العطايا ، وإن لم تكن عطايا مادية فهي معنوية ، مناصب وترقيات وشهرة وسفريات .. ألم تلاحظوا أن الملياردير الطائفي المتعصب استطاع أخيرا وبأموال المسلمين التي يقترضها من بنوكهم أو يكسبها من جيوبهم قد تمكن من شراء أغلب الصحفيين والإعلاميين والكتاب والأدباء ، وصارت أغلبيتهم تسارع إليه وإلى وسائطه الإعلامية لتنال نصيبا من حبه وعطفه وقبل ذلك عقوده ومكافآته ومنحه التي لا ترد ؟
هل لاحظتم المقالات التي تتغزل فيه وفي وطنيته على صفحات الصحف التي يمولها شريكا ومناصرا ؟ وهي مقالات واضحة النفاق والخسة ، لدرجة أنها تحول القضايا الوطنية إلى قضايا مربوطة بهذا الملياردير الطائفي المتعصب الذي يكره الإسلام والمسلمين ، ويزعم أنه ليبرالي ، وأن إعلامه الطائفي يفتح صدره لكل الأفكار والآراء والتصورات ، ولم يعلن بالطبع أنه يمنع التصور الإسلامي والفكر الإسلامي والرأي الإسلامي ؛ حتى جملة –صلى الله عليه وسلم – التي يكتبها بعض الكتاب في مقالاتهم يحذفها رجاله وأنصاره في صحافته؟
هل يدرك ذلك أصحاب الفضيلة والدكاترة الذين يشكلون مجمع البحوث الإسلامية ، ويمثلون عقل الإسلام ، ليس في مصر وحدها بل في العالم الإسلامي كله ؟
هل يعرفون ما يجري من كيد على أرض الواقع للإسلام والمسلمين ؛ وما تدبره المؤسسة الاستعمارية الصليبية وحزب الكاتدرائية في مصر ؟
لو كانوا أدركوا شيئا من ذلك ما أصدروا البيان القبيح السفيه الذي يتحدث ضمنا عن الإيمان بالتثليث والشرك والحلول ! وما كانوا سكتوا بعد صدوره ، وما كانوا سكتوا على ممارسات التبشير الحقيرة في بلد أغلبيته الساحقة تقرب من 99% وتؤمن بالإسلام دينا وثقافة ، وما كانوا ارتضوا أن تحكمهم الكنيسة بإرهابها وعملائها المتمردين الخونة !
لقد كنت أتصور أن يصدر المجمع نداء إلى رجال القانون والمحاماة لتقديم العملاء الخونة الذين تحركهم الكنيسة لإرهاب علماء الإسلام ومفكريه ، وممارسة المكارثية الإرهابية القمعية لإخافة كل من يريد أن يعبر عن إسلامه ودينه الحنيف ، إلى القضاء ، والشكوى إلى الجهات المعنية لإظهار التخريب المتعمد في بنية البلاد والعباد ، وفضح المؤامرات الخسيسة التي يقودها التمرد الطائفي ضد الأغلبية والأقلية في آن واحد .. لقد سبقت الحملة ضد عمارة ، ممارسات أخرى مشابهة لهؤلاء العملاء الخونة ضد بعض أساتذة الجامعات ، وترتب عليه قيام القيادات الجامعية المذعورة بتحويلهم إلى مجالس تأديب ، أو إيقافهم عن العمل ، مع أنهم كانوا يعبرون عن الإسلام كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، لقد بث المتمردون العملاء الخونة الذعر والخوف في نفوس الأساتذة في الجامعة ، والكتاب خارج الجامعة ومنعتهم أن يمارسوا تخصصاتهم الدقيقة في الفقه المقارن والأديان المقارنة .. فهل وصلت عدوى الخوف والذعر والرعب إلى فضلاء مجمع البحوث الإسلامية ؟
إن أعضاء المجمع يجب أن يكونوا أزهد الناس في الدنيا ومنافعها الفانية مهما كانت قيمتها وبريقها ، ومن أجل الحفاظ على الدين الحنيف يجب أن يدافعوا وينافحوا ، كما يجب أن يقفوا ضد العملاء الطائفيين الخونة الذين يحاولون بث الرعب والخوف والذعر في نفوس علماء الإسلام ومفكريه ، مهما كان الثمن باهظا ومكلفا . أعلم أن هناك من يخاف على الدنيا ، ويتمسك بأهدابها أيا كان الثمن ، ولكن ما ذا نقول عندما نقف بين يدي الحق تبارك وتعالى وهو الذي لا تخفى عليه خافية ، ويعلم ما تكن الصدور ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق