‏إظهار الرسائل ذات التسميات د .حلمي القاعود. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات د .حلمي القاعود. إظهار كافة الرسائل

30 ديسمبر 2009

تدمير باكستان.. الحرب بالوكالة! - د. حلمي القاعود

في تكتُّم شديد، اجتمعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في إسلام آباد مع زعماء القبائل الباكستانية‏,‏ في منطقة الحدود الشمالية مع أفغانستان‏ (نحو ‏120‏ شخصًا‏)‏ جميعهم من منطقة القبائل في وزيرستان؛ لبحث إمكان التعاون للحدِّ من تأثير طالبان في تلك المنطقة؛‏ حيث تقوم القوات الباكستانية بهجوم عسكري واسع النطاق‏،‏ للقضاء على نفوذ طالبان الباكستانية هناك.
ويأتي هذا الاجتماع بعد يومين من إعلان وزيرة الخارجية
الأمريكية فور وصولها إسلام آباد استعداد بلادها للتعامل مع عناصر طالبان الأقل تشددًا، مؤكدةً أن واشنطن تسعى لفصل قادة طالبان عن العناصر التابعة أو المؤيدة لها‏، وأن من حمل السلاح في وقت من الأوقات ليس بالضرورة عنصرًا من عناصر طالبان، وقد تولَّت السفارة الأمريكية كما تقول (الأهرام 31/10/2009م) تنظيم اللقاء بعيدًا عن الجهات الباكستانية الرسمية.
وقال زعماء المقاطعات القبلية الباكستانية على الحدود الأفغانية لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: إن القصف الجوي يولِّد الكراهية، وإن استخدام القوة ليس سبيلاً لحل المشكلات، وأكد الوفد لكلينتون أن القبليِّين ليسوا إرهابيين.
ومن جانبها، قالت كلينتون: إن بلادها ستواصل تعاونها مع باكستان في حربها ضد الإرهاب(!)، وأضافت أن الروابط بين إسلام آباد وواشنطن لا تنحصر فقط في تلك الحرب وقضايا الأمن، بل إن واشنطن تريد علاقة طويلة الأمد ومستمرة مع باكستان، وأفادت الوكالة أن كلينتون حضرت أيضًا عرضًا ثقافيًّا في المجلس الوطني الباكستاني، وذلك تحت حراسة أمنية مشددة، وبعدها التقت مع وفود من المفكرين ومن المجتمع المدني والنساء، وناقشت معهم مسألة تطوير القطاع الاجتماعي.
وواضحٌ أن الولايات المتحدة بعد فشلها الكبير وهزيمتها المتوقعة في أفغانستان؛ تحاول أن تضرب عصفورين بحجر؛ الأول تسخير الجيش الباكستاني المسلم لقتال فريق من الشعب الباكستاني المسلم في وزيرستان؛ اعتقادًا منها أن قبائل المنطقة تساند طالبان أفغانستان في مواجهة الجيش الأمريكي وحلف الناتو الذي يحارب هناك منذ ثماني سنوات تقريبًا، ولم ينتصر، وبالطبع فاللعبة السهلة هي إطلاق تهمة الإرهاب على كل من يقاوم الغزو الاستعماري الصليبي أو الصهيوني، وقد وُصف المجاهدون الأفغان بالإرهاب، كما وصف المجاهدون الباكستانيون في وزيرستان بالإرهابيين، وكما يوصف المجاهدون في فلسطين بالإرهاب أو المليشيات الإرهابية، وللأسف فإن بعض المحللين العرب والمسلمين ينزلقون وراء التوصيف الاستعماري الكاذب، ويصفون المسلمين في هذه المناطق بالتشدد أو يقولون إن هذه المناطق تتبع تدينًا متشددًا، وكأن الاستسلام للعدو الاستعماري الصليبي أو الصهيوني هو قمة التحضُّر التي تدلُّ على الإسلام الصحيح، والأمر فيما أتصور يقتضي مراجعةً من كتَّابنا ومحلِّلينا في استخدام المصطلحات التي تروِّجها المؤسسة الاستعمارية الغربية الصهيونية.
إن المسلمين لم يحتلوا دول الناتو أو يستعمروها حتى يحاربهم الناتو، ويقصف بيوتهم، ويقتل عشرات الألوف بل مئات الألوف منهم بلا ذنب ولا جريرة، ويخرِّب مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم، وينهب ثرواتهم، ويسرق تراثهم، والأمثلة واضحة في أفغانستان والعراق وفلسطين، وها هي باكستان على الطريق ذاته، ولكن هذه المرة يتم تجييش الجيش الباكستاني نفسه ليقضي على شعبه بحجة مقاومة الإرهاب.
الأمر الآخر هو تفتيت باكستان التي تملك سلاحًا نوويًّا، حتى تطمئن الدولة الصهيونية الغاصبة في فلسطين، وأيضًا الحليفة الهندية، وتسقط دولة إسلامية يمكن أن تكون شوكةً في جنب المؤسسة الاستعمارية الصليبية الصهيونية، وهي تغتال مناطق أخرى في العالم العربي أو الإسلامي، وخاصةً إيران التي يبدو أنها تمثل هاجسًا حقيقيًّا وقلقًا ملحوظًا للولايات المتحدة والصهيونية العالمية في تطلُّعها إلى بناء قوة نووية، بعد أن أقامت قوةً عسكريةً ليست بسيطة.
إن تفتيت باكستان يعني صراعًا عرقيًّا طويل المدى بين البلوش والأوزبك والفرس والطاجيك وغيرهم، وهو ما يُنعش آمال الأمريكان والصهاينة في الوجود الدائم بالمنطقة، وضمان سلامة دولة الغزو النازي اليهودي، واستمرارها بلا متاعب بعد استسلام العرب وخضوعهم الذليل، بل ومساعدتهم في تأمين الكيان الصهيوني وحمايته، ومحاصرة الفلسطينيين الذين يمكن أن يزعجوه!.
إن الجيش الباكستاني الذي كان دائمًا حصنًا لإسلامية باكستان، بل أفغانستان؛ صار اليوم أداةً في يد الأمريكان عن طريق آصف زرداي (زوج بي نظير بوتو الراحلة) لتمزيق باكستان وربما أفغانستان، وإذلال المسلمين فيهما.
إن الهجوم الراهن للجيش الباكستاني على وزيرستان ضمَّ ثلاثين ألف جندي ميدانيًّا مدعومًا بالطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والمدفعية، وعلى الأرض تبدو المنطقة مهجورة بعد أن فرَّ سكانها المائتا ألف بسبب المعارك.
ومع ذلك ففي اليوم الثالث عشر من الهجوم البري على طالبان في مقاطعة وزيرستان الجنوبية القبلية استغرب أحد الجنود أن يكون المسلَّحون مجهَّزين بأحدث المستلزمات لتضليل الاتصالات والتواصل بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية!.
وإذا ربطنا ذلك بالخيبة الكبرى التي عاشتها القوات الأمريكية مؤخرًا؛ أدركنا لماذا هرعت هيلاري كلينتون لتدعم آصف زرداي في حربه بالوكالة عنها ضد شعبه وقومه.
إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقف الآن عاجزًا أمام الخسارة الكبيرة التي تكبَّدها جيشه بعد تحطُّم مروحيتين أمريكيتين، أسفر عن مقتل أربعة عشر جنديًّا أمريكيًّا، وثلاثة مدنيين آخرين.
لقد أصبح الرئيس الأمريكي مترددًا في إرسال قوات أمريكية إضافية إلى أفغانستان، كما لوَّح له بعض الجنرالات الأمريكيين هناك، وربما يتذكر- كما يقول بعض المعلِّقين- تجربة ثوار الفيتكونغ الفيتناميين الذين كانوا يستبشرون أكثر كلما سمعوا أخبار زيادة عدد قوات الأمريكيين في فيتنام، فزيادة عدد القوات يعني توفر الفرص بشكل أكبر وأسرع لضرب أكبر عدد ممكن من الجنود المنتشرين، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة الخسائر الجسيمة، وتكبُّد المزيد من الانتقادات والضغوطات السياسية والشعبية.
إن أمريكا تسعى لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وفي مقدمتها الأهداف الاقتصادية، ويجب ألا نلومها على ذلك، بل ينبغي أن يلوم المسلمون أنفسهم أولاً حين يسمحون لها بتحقيق هذه الأهداف، ويقتنعون بما يقوله الغزاة الصليبيون ويطرحونه من أسباب ماكرة وخادعة ليقتل المسلم أخاه، ويدمِّر وطنه، ويقتل شعبه، ويضع أهله في دائرة الذلِّ والهوان، ويساعد على النَّيل من مسلمين آخرين خارج وطنه؛ لا ذنب لهم إلا أنهم مسلمون يملكون الثروات أو المواقع الإستراتيجية أو التراث الإنساني، الذي لا يملكه الغزاة الهمَج.
 
وأظن أن الشعب المسلم في باكستان سيدرك عاجلاً أو آجلاً قيمة إسلامه ووطنه، وسيفطن لتدبير الغزاة الهمج، ويستعيد سيرته الأولى يوم أنشئت باكستان على يد "محمد إقبال" شاعر الإسلام العظيم في القرن العشرين، والقائد الكبير "محمد علي جناح".

الختان أخطر على المجتمع من التعذيب!! ـ د . حلمي محمد القاعود



والمسألة ببساطة شديدة أن فضيلة الجنرال وزير الأوقاف رأى أن مهمة وزارته الرئيسية في هذه المرحلة هي إعداد داعية عصري قادر على التواصل مع الجماهير والتصدِّي لمشكلاتهم المُلِحَّة التي تمسُّ حاضرَهم ومستقبلَهم، في إطار برنامج الخطاب الديني الذي تتبنَّاه الوزارة منذ فترةٍ طويلةٍ، لذلك فإن الوزارة تضع قضايا ملحَّة (خد بالك من وصف "ملحة" هذه!) على رأس أولوياتها، وتحرص على توضيح الموقف الإسلامي منها، وتبصير الجماهير بها، خاصةً القضايا التي يحدث فيها خلطُ العادات والتقاليد الاجتماعية بالدين ذاته، مثل سوء الفهم الذي يخص موضوع الختان الذي بدأَت الوزارةُ خطةً دعويةً مكثَّفةً لمواجهة أخطاره على المجتمع، من خلال الشرح الوافي لموقف الإسلام الصحيح!

وأضاف فضيلته- كما قالت جريدة (الأهرام) في عددها الصادر 13/8/2007م- أنه تم الانتهاء من طباعة 100 ألف نسخة من كتاب (الختان ليس من شعائر الإسلام)، وتم توزيعه على كثيرٍ من الجهات والهيئات المعنية بهذا الأمر، مثل وزارة الصحة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، ووسائل الإعلام؛ لتعريف الناس برأي الدين الصحيح حيال الختان؛ حيث إن الكتاب يضمُّ رأيَ شيخِ الأزهر، ودار الإفتاء، ومجمع البحوث الإسلامية، وتُجمِع هذه الجهات على أن الختان عادةٌ وليس عبادةً، بدليل عدم تطبيقه في دول مثل السعودية، وهي مهبط الوحي، ودول الخليج وشمال إفريقيا، وأن الأحاديث التي وردت بشأن الختان ضعيفة، ولا يُعتدُّ بها على الإطلاق.


وكان فضيلة المفتي- الذي سبق له تحريم الختان، مخالفًا فتوى دار الإفتاء نفسها في فتواها (6/1986م) التي تُبيح الختان وتراه مطلوبًا وفقًا لآراء أئمة الفقه والحديث بين الوجوب والندب- قد أجهَدَ نفسه في كتابة مقالَين بـ(الأهرام) قبل تصريح فضيلة الجنرال بأسبوعين تقريبًا، حاول فيهما تسويغ ما ذهب إليه، وشذَّ فيه عن آراء العلماء والفقهاء على مدى أربعة عشر قرنًا بتحريم الختان إرضاءً لبعض سيدات الصالونات ومؤسسات نسوية، ترفض الإسلام من جذوره، وتسعى لإرضاء الغرب الصليبي الاستعماري المتوحش!!




هل يعني إعداد الداعية العصري القادر على التواصل مع هموم الجماهير والتصدي لمشكلاتهم المُلحَّة، كما يريد فضيلة الجنرال أن يكون هذا الداعية قادرًا على تناول قضايا التعذيب حتى الموت التي يمارسها المتوحِّشون من رجال النظام البوليسي الفاشي؟! وهل يستطيع هذا الداعية العصري أن يستنكر احتكار اللصوص الكبار للمواد الأساسية التي تهم جموع الناس وتمثِّل لهم حاجاتٍ ملحةً وضروريةً أو إستراتيجيةً؟ وهل يستطيع أن يتعرض لزوار الفجْر الذين يعتقلون الشرفاء دون ذنبٍ أو جريرةٍ إلا أن يقولوا ربنا الله، وفي الوقت نفسه يتركون المجرمين والمنحرفين يعيثون في الأرض فسادًا باستيراد القمح المسرطن والمبيدات المسرطنة وقتل الناس في العبَّارات والقطارات، وأخذ الرشاوى بالملايين واستباحة دين الأمة ونبيها- صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضوان الله عليهم في صحافتها وإعلامها وثقافتها وتعليمها؟!






إن فضيلة الجنرال- وهو يتطوع بطبع كتابٍ عن الختان يتكلف نحو نصف مليون جنيه (100 ألف× 5 جنيهات، تكلفة النسخة في المتوسط)- يهدر أموال الدولة في أمرٍ هامشي وثانوي، وكان الأحرى أن تذهب إلى الفقراء والمعوزين وما أكثرهم!! كنت أتصور أن فضيلته يصدر كتابًا يردُّ فيه على العلمانيين والشيوعيين والمرتزقة الذين يستأصلون الإسلام ويُشكِّكون في ثوابته ورواسخه، ويدعون صراحةً إلى فصل الدين عن الدولة، وإلغاء المادة الثانية التي تنص على إسلامية الدولة من الدستور، ويواجه المسئولين الظالمين الذين لا يسمحون بظهور مذيعةٍ محجَّبةٍ على شاشة التلفزيون، ويطبِّقون "علمانية" أشدَّ وحشيةً من علمانية الخائن "أتاتورك"!

حاخامات.. ومغتصبات.. وانكسارات ! ـ د . حلمي محمد القاعود


لا أدري بأية طريقة أبدأ بها هذا المقال في ظل الانكسارات والخيبات التي تعيشها الأمة، بفعل بعض بنيها الذين فقدوا الرشد والاستقامة، وحرَّكتهم أهدافهم الشخصية الرخيصة للتضحية بمصالح الأمة كلها، ولم يتورعوا في سبيل ذلك عن هزيمة أوطانهم من الداخل، وإلحاق الأذى بالعناصر الفاعلة في مجتمعاتهم الإسلامية وترويعها، وتغييبها وراء القضبان، وتشويه سمعتها عن طريق الأبواق المأجورة والطبول الجوفاء، دون أن يتذكروا للحظة واحدة أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.
ولكن المفارقة تبدو مخجلةً، حين يتعامل هؤلاء الذين فقدوا الرشد والاستقامة مع أعداء الأمة والإنسانية بكل ذلة وخنوع وجبن وانبطاح، وينفذون أوامرهم ورغباتهم بكل سرعة ودقة، ويعدونها وحيًا مقدسًا لا يجوز التمرد عليه، أو مخالفته ولو بالكلام، أو الإنشاء الفارغ الذي يصدعون به رأس الأمة ليل نهار.
في هذا الأسبوع الثالث من يوليو 2009م فجعتنا الأنباء بمزيد من الإذلال والمهانة لأمتنا وشعوبها، من جانب الغزاة اليهود النازيين القتلة الذين تناسوا تمامًا أن هناك عالمًا إسلاميًّا وشعوبًا تنتسب إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن هناك حقوقًا يجب أن يسلموا بها لهذا العالم وتلك الشعوب، بل تمادوا وتمردوا على من صنعوهم وأمدوهم- وما زالوا- بقطعة الخبز وقطعة السلاح، فراحوا يعبرون بصلافة ووقاحة عن إرادة استعلائية إجرامية لا تستجيب لأي منطق، اللهم إلا منطق القوة الذي يبدو أنه لم يعد له وجود في أي مكان في العالم غير فلسطين المحتلة؟!.
وسوف أذكر بعض ملامح الإذلال، ومعالم المهانة التي صعقتنا على مدى هذا الأسبوع؛ لعل النخوة أو المروءة أو الرجولة تتحرك في دماء بعض العرب المسلمين، داخل فلسطين أو خارجها:
أولاً: أصدر وزير التعليم النازي اليهودي في فلسطين المحتلة قرارًا يلغي استخدام كلمة "النكبة" في مناهج التعليم بالنسبة لعرب 1948م، والمقصود ألا يتذكروا الجريمة اليهودية النازية باغتصاب فلسطين وسرقة أرضها وتشريد أهلها.
ثانيًا: إعداد قانون في الكنيست النازي اليهودي لتمليك أراضي الفلسطينيين المهجرين أو المشردين باسم التصرف في أراضي "إسرائيل"، ولتكون ملكًا أبديًا وقانونيًّا لمن يستأجرون هذه الأرض من جانب ما يسمى بـ(دائرة أراضي "إسرائيل")؛ تمهيدًا لتهويد الجليل والنقب تمامًا.
ثالثًا: اقتطاع جزء من مقبرة باب الرحمة الملاصق للمسجد الأقصى المبارك، وإقامة حديقة عامة للغزاة النازيين اليهود في إطار تهويد المدينة المقدسة.
رابعًا: إطلاق دعوات يهودية عبر الإعلانات والشبكة الضوئية لإقامة الصلوات والشعائر التلمودية في ساحة المسجد الأقصى؛ من أجل بناء الهيكل الثالث على أطلال الحرم القدسي.
خامسًا: البدء في تنفيذ قرار وزير الإسكان النازي اليهودي بتغيير الأسماء العبرية في فلسطين على 2500 مكان وطريق ومؤسسة.. وإلغاء اللغة العربية تمامًا، ولم يتوقف الأمر عند فلسطين 48، بل وصل إلى المدينة المقدسة، ففي منطقة مدخل سلوان على بعد أمتار من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، أطلق اسم شارع "معاليه دافيد" على شارع وادي حلوة بسلوان، و"جاي هينوم" على شارع "وادي الربابة"، وأعلنت المؤسسة الصهيونية عن تغيير جميع لافتات الشوارع في البلدة القديمة.
سادسًا: أعلن الغزاة النازيون القتلة أنهم سيقيمون حيًّا يهوديًّا جديدًا في منطقة الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وعندما رفض الغرب وأمريكا وروسيا هذا الأمر؛ فإن الرد النازي اليهودي بلغ حضيض الصلافة والعنجهية والغطرسة، ورفض رئيس الوزراء النازي اليهودي ووزراؤه مطلب الدول التي صنعتهم وأمدتهم بالمعونات الاقتصادية والعسكرية والخبرات العلمية والتقنية، فقد قال الإرهابي داني أيالون مثلاً: إننا نتحرك وفق مصالحنا، ولن نستجيب لأحد أيًّا كان، إننا لسنا تابعين لأحد!!.
والأكثر وقاحة وغطرسة ما قاله الحاخام اليهودي الأكبر شلومو عمار تعقيبًا على مطالبة أمريكا بوقف الاستيطان في الشيخ جراح: إن أمريكا تخالف تعاليم التوراة حين تقف في طريق بناء المغتصبات.
وكتب الحاخام في رسالة موجهة إلى مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى إن "التوراة تطلب من الشعب اليهودي العيش في "إسرائيل" بينما تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا لمنع اليهود من أن يعيشوا ويبنوا منازلهم في أجزاء كبيرة من أرض "إسرائيل" بحدودها التوراتية.
وأضاف إن "الأمريكيين يريدون إقامة دولة (فلسطينية) يحظر على اليهود العيش فيها، بل ويريدون حتى منع التوسع الطبيعي للمستوطنات اليهودية".
ودعا الحاخام اليهود في الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذهم "ليتمكن اليهود من الإقامة في كل مكان من الكيان النازي الغازي؛ بناءً على تعاليم التوراة، و"الهالاخا" (التعاليم الدينية اليهودية المتشددة).
ولم يتوقف الأمر عند الحاخام النازي، بل تعداه إلى نفر من القادة النازيين اليهود، فقد قال إيلي يشاي وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء: "إن دولته ليست تابعة لدولة أخرى في العالم، من حق حكومة ودولة الكيان النازي اليهودي البناء في كل أنحاء البلاد، حين تكون مشاريع مماثلة قد حصلت على كل التراخيص القانونية".
صحف (جيروزاليم بوست) و(معاريف) و(هاآرتس) العبرية، نقلت تصريحات الوزير دان ميريدور التي طالب فيها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة وقف الضغوط التي تمارسها على حكومة تل أبيب لتجميد بناء المشروعات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية.
ويقيم نحو 190 ألف غازٍ يهودي في عشرات الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية؛ حيث يقطن 270 ألف فلسطيني.
هذا الإذلال الذي يوجع القلب، وذلك الامتهان الذي يؤذي الشعور؛ يصبان في خانة الاستسلام الذي رفع رايته العرب والمسلمون؛ حيث تركوا المجال للغزاة القتلة، كي يفعلوا ما يشاءون دون خوف من عقاب أو قانون، وكلما أمعنوا في إذلال الأمة وإهانتها تقدَّم القادة والحكام العرب بالمزيد من التنازلات، والمجرمون النازيون القتلة لايعبأون ولا يهتمون، بل يطالبون بالمزيد، حتى صرنا قصعة الأمم، كما تنبأ البشير النذير عليه الصلاة والسلام.
ومع ذلك؛ فإن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، وخاصة حين تستيقظ الأمة على صوت الآية الكريمة: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ﴾ (الحج: من الآية 78).

محنة العطش.. ونظرية المؤامرة!! ـ د . حلمي محمد القاعود

تبيع الحكومة المصرية كل شيء في مصر إرضاءً للسادة أصحاب صندوق النقد الدولي، وتشجيعًا للسادة رجال القروض الذين يقومون بعمل مشروعات هامشية وثانوية وغير مفيدة للشعب، ثم يهربون إلى الخارج بمعظم ما أخذوه ونهبوه، أو يُهَيمِنُون على المشروعات الأساسية والأولية التي يحتاجها الناس، فَيَحتكرُونها، ويبيعونها بأسعارٍ فوق طاقة العامة، ويحصدون من ورائها أرباحًا فاحشةً حرامًا، تذهب مع غيرها إلى بنوك الغرب الاستعماري معبود السلطة وسيِّدها المُقدَّس!



مِحنَةُ العطش التي ظهرت معالمها وأعراضها مؤخرًا بعد قيام "أهل البُرُلُّس" بقطع الطريق الدولي واحتجاز المسافرين قرابة نصف يوم، ونقلت أجهزة الإعلام العالمية صراع الجراكن والجرادل والصفائح بحثًا عن مياه الشرب، بدلاً من مياه المصارف والمجاري والمستنقعات الآسِنة!! لم تتحرك نخوة المُتسلطين على البلاد والعباد كي يجدوا حلاًّ كريمًا لمواطنيهم المفترضين، أورعاياهم المفروضين، وللأسف كان تفسير بعض المسئولين للمأساة التي أدْمَت قلوب الشعب كله بأن مِحْنَة العطش مجرد "مؤامرة!!".









إن السلطة البوليسية الفاشيِّة التي تُهدر أموال الشعب البائس في الإنفاق على الأبواق المأجورة، والترويج لحملات منع ختان الإناث ومؤتمرات المرأة التي يوحي بها الغرب الصليبي الاستعماري، وإقراض رجال النَّصب والنَّهب والفساد والإفساد.. تستطيع أن تُطهِّر النيل من التلوث الذي يصنعه الفاسدون المفسدون، وتستطيع أن تُغيِّر شبكات المياه المُتهالكة والمواسير التَّالفة والأحواض غير الصالحة.. وتستطيع أن تترفَّق في ثمن الفواتير التي يدفعها المواطن المقهور، ويستمتع بعائدها أساطين الفساد في شركات المياه، ممن يَحتَمون بالحيتان الكبيرة، لدرجة أن أي رئيس شركة مياه في إحدى المحافظات يقبض آخر كل شهر- كما يُقال- ربع مليون جنيه!! بل إن العامل العادي في أي شركة مياه صار مرتبه وحوافزه يفوق مرتب أستاذ الجامعة الذي يُنفق على مظهره وبحوثه وأسرته، بل إن مكافأة نهاية الخدمة لهذا العامل تفوق مكافأة أي أستاذ جامعي قضى سنوات عمره في البحث والدراسة، حتى ضاع بصره بين الأوراق والمخطوطات والمعامل وشبكة المعلومات (الإنترنت)!




يا عم قوم روح ..! ـ د . حلمي محمد القاعود

صارت برامج الرغي الليلي التلفزيونية وسيلة من وسائل الزراية بعلماء الإسلام والمدافعين عنه ، وصارت استضافتهم في هذه البرامج حيلة من حيل النخب الثقافية الفاسدة ، لتشويه صورة هؤلاء العلماء وإهانتهم ، وتقديمهم للناس في صورة الساذج العبيط الأهبل الذي لا يستطيع الصمود أمام عباقرة الفكر وقادة الأدب في مصر المحروسة ، وخاصة إذا كانوا من أهل الحظيرة الثقافية .. .! ولأن علماء الإسلام ودعاته والمدافعين عنه يملكون العفة ويلتزمون الأدب ، ويترفعون عن الصغائر ، فهم لن يردوا على همجية مثقفي الحظيرة وبلطجتهم وسوقيتهم الفاقعة ، وقل لي بالله ماذا يفعل واحد مثل الشيخ البري في مواجهة من يقول له على مسمع ومرأى من ملايين المشاهدين : يا عم قوم روح ..؟؟ وهي أخف الجمل والكلمات الساقطة المهينة التي تلفظ بها هذا المخلوق في مواجهة الشيخ الطيب.. بينما زميله الحظائري الآخر الجالس في الأستوديو ينهر الشيخ بفظاظة ليسكته ويلهيه ويربكه متهما إياه بالتكفير وإخراج الشيوعيين ومثقفي الحظيرة من الملة .. والست المذيعة المهذبة (!) تبدو معجبة بالمثقف الحظائري ، في الوقت الذي تقاطع فيه الشيخ والمتداخلين المؤيدين له بغلظة وفظاظة ، وكلما بدا أن متحدثا إسلاميا يوشك على توضيح فكرته تقطع عليه الحديث ، وكأن اللعبة مرتبة ومتفق عليها بين من يقدمون البرنامج وبين خدم السلطة البوليسية الفاشية الذين يدافعون عنها وعن الوزير الذي ضل فكره وساء عمله وخاب سعيه!
الموضوع المطروح للمناقشة هو حصول شخص من الحظيرة الثقافية على أعلى جوائز الدولة المصرية في الاجتماع نظير كتاباته عن الإسلام ، وهي كتابات لا ترقى إلى مستوى البحث العلمي ولا تستخدم أدواته ولا مصادره الموثوقة ، وهي في مجملها ترديد مشوه لمقولات بعض المستشرقين عن الإسلام ونبيه - صلى الله عليه وسلم - تنقصها الدقة ويغذيها التعصب الصليبي الاستعماري وتهدف في نهاية المطاف إلى تصوير الإسلام بوصفه دينا موضوعا ومزيفا وضعه محمد – صلى الله عليه وسلم – وجده عبد المطلب ، واحتذي في صياغته اليهود ..إلخ .
ولكن أهل الحظيرة الثقافية الذين يناقشون الموضوع استطاعوا بتكتيكهم الشيوعي أن ينحرفوا بالمناقشة إلى : مدى شرعية جبهة علماء الأزهر التي ينتمي إليها الشيخ البري – ليس من حق جبهة علماء الأزهر أن تناقش موضوع الفساد الثقافي الذي عبر عن نفسه بمنح أحد مخلوقات الحظيرة الثقافية جائزة الدولة التقديرية – اتهام الشيخ البري والجبهة والمدافعين عن الإسلام بتكفير مثقفي الحظيرة – طرح سؤال : من جعلكم أيها الإسلاميون وكلاء عن الله ؟ - دعونا نتناقش أيها الإسلاميون وردوا على ما يكتب عن الإسلام في كتب !
وأبسط متابع يعلم جيدا أن هذه المحاور ليست في الموضوع وأن من حق المسلمين وغيرهم في هذا الوطن أن يناقشوا الفساد الثقافي والانحراف في مسيرة السلطة الثقافية وأن يدافعوا عن الإسلام بوصفه المجال الحضاري والعقدي للأمة ، وأن تكفير الناس أكذوبة اخترعها خدام النظام من مثقفي الحظيرة للتشهير بالإسلام والمسلمين، حتى لو تبنت عملية التكفير جماعة محدودة هنا أو هناك .. فمثل هذه الجماعات موجودة في المسيحية واليهودية جميعا ، ولم يتهم أحد المسيحيين جميعا أو اليهود جميعا بأنهم يكفرون الناس ، ثم إن هناك كتبا علمية وكتابات موضوعية عديدة ناقشت المخلوق المزور وكشفت زيف مؤلفاته وتهافت أفكاره !
مما يؤكد الانحراف بالنقاش عن طبيعته التي تتناول الفساد الثقافي ، ورغبة السلطة البوليسية الفاشية في إثبات الولاء للمؤسسة الاستعمارية الصليبية أنها ضد الإسلام وترحب بالملحدين الذين يطعنونه ويدعون أنه دين كذب واختلاق ، أن هناك نية مبيتة للتشهير بالإسلام والإسلاميين وتحدي الإرادة الشعبية ، وسلبها أعز ما تملك وهو دينها الإسلام ، مما يفرض على الأمة جميعا وليس جمعية علماء الأزهر ، أن تنهض للدفاع عن هذا الدين ، وتستبسل في هذا الدفاع ، ولا تستسلم أمام غوغائية أجهزة الدعاية الرسمية أو غير الرسمية التي يهيمن عليها مثقفو الحظيرة والمرتزقة والمنافقون والذين لا ينطقون إلا وفق ما يشير به صاحب الأجهزة الدعائية أو المهيمن عليها ..
إن الحملة الشرسة ضد الإسلام لا تقتصر على التحدي بمنح الجوائز لمن حادوا الله ورسوله ، ولكنها تتمثل في تحد آخر جديد ، تقوم به مكتبة الإسكندرية مع المركز القومي للترجمة ؛ في استضافة المعادين للإسلام للحديث عما يسمى آلية الرقابة وحرية التعبير في العالم العربي ، والمدعوون جميعا من الكتاب والفنانين الذين صادموا مشاعر المسلمين بأعمالهم وكتاباتهم ومواقفهم المهينة للإسلام والمشوهة له ، وهم الذي عاقبت بعضهم المحاكم وأدانتهم قضائيا ، وتأمل هذه الأسماء لترى إلى أي مدي تحاول السلطة الثقافية الفاسدة أن تجرح مشاعر المسلمين في فجاجة صارخة ، مع أن المسلمين هم الذين يدفعون ويمولون نشاطات أمثال هذه المؤسسات:
إدوار الخراط ، عبده وازن ، حيدر حيدر ، حلمي سالم ،مرسيل خليفة ، ليلى لقمان ، موسي حوامده ، عماد الحاج ، سامية محرز ، إلياس فركوح ، مجد حيدر ، خالد المعالي ، نجاد البرعي ، فيصل خريش ، وبالطبع يقود الندوة السيدان إسماعيل سراج الدين وجابر عصفور ،وتركز على مناقشة قضايا الرقابة على الأعمال الأدبية والفنية ، وقضايا المصادرة بين القانون والإعلام .
بالطبع لا يوجد كاتب إسلامي أو مثقف إسلامي في هذه الندوة المفتعلة ، ولا يوجد طرف من الأطراف التي أضيرت بسبب جريمة السيد حيدر حيدر ، النصيري الشيوعي المتعصب ، أعني الذين أغلقت صحيفتهم وحزبهم بسببها : جريدة الشعب وحزب العمل المصري الذي أسسه ورأسه المجاهد الراحل إبراهيم شكري ، مع أن الجريدة حصلت على أربعة عشر حكما قضائيا نهائيا بأحقيتها في الصدور …!
إذا حرية التعبير التي يقصدها القوم في مكتبة الإسكندرية والمركز القومي للترجمة هي حرية إهانة الإسلام في بلد الإسلام وتحدي المسلمين في رابعة النهار ! وهو ما حدث بالفعل حيث أبلى المتحدثون في الندوة بلاء غير حسن في هجاء الإسلام ، والمطالبة بفصل الدين عن الدولة ، لدرجة المطالبة بمنع قراءة آيات القرآن الكريم في طابور الصباح بالمدارس .. إلى هذا الحد يريدون إخراجنا من الملة ؟!! وإذا عرفنا أن مكتبة الإسكندرية تمثل فرعا من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية في مصر ، ولا تستضيف في الغالب إلا كل حاقد على الإسلام ومخاصم له ( اقرءوا قائمة الضيوف والمشاركين في أنشطتها منذ نشأتها ) ، أدركنا أن منح الجوائز لمخلوق لا يجيد إلا الشتائم والسب والقذف بلغة يعف عنها السوقة أمر ثانوي ، أمام مخطط عدواني ومجرم ضد الأمة وثقافتها الحقيقية .. أو قل الإسلام !
والسؤال الآن ما العمل ؟
اللجوء إلى القانون دفاعا عن الإسلام ضد المجلس الأعلى للثقافة مانح الجوائز ، والمركز القومي للترجمة الذي تحول إلى بؤرة تطبيع مع العدو النازي اليهودي ، ومكتبة الإسكندرية التي تحولت إلى فرع من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية وصارت مصطبة لخصوم الإسلام والمسلمين .
يجب الانتصار في كل الأحوال بفضل الله على دعاة استئصال الإسلام ، ولو كانت السلطة البوليسية الفاشية وراءهم بجبروتها وعصاها الغليظة ، فإيماننا يجب أن يكون أقوى منهم ومن السلطة جميعا !



حرية إهانة الإسلام ! ـ د. حلمي محمد القاعود

قبل مدة أصدرت مجموعة ممن احتكروا تسمية أنفسهم بالمثقفين العرب بياناً وقعوا عليه بمناسبة مرور ستين عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .. كما وقع على البيان ثلاث وثلاثون منظمة عربية وحقوقية ، في ورشة عمل باسم : الدين وحرية التعبير في العالم العربي ، انعقدت بالعاصمة الفرنسية باريس أوائل ديسمبر 2008م.
انتقد البيان تفشى حالات القمع لحرية التعبير في البلاد العربية ، بسبب ما أسماه المحاكمة الدينية للرأي والتعبير والإبداع ، لدرجة وصفها البيان بـ ” غير المسبوقة ” في الفترات الأخيرة ، مشيراً إلى أنها طالت أسماء من كل المجالات في أغلب البلدان العربية .
وذكرت جريدة ” المصري اليوم : 5/12/2008م ” ، أن الموقعين على البيان ، طالبوا المؤسسات والتيارات الدينية والرسمية وغير الرسمية في البلاد العربية ، بتنحية المنظور الديني في النظر إلى التعبير الفكري والأكاديمي والأدبي والفني ، لأن الوصاية باسم الدين على حرية الفكر والأدب تسيء إلى الحرية والدين معاً ، وتقمع اجتهاد المفكرين وتكبح خيال المبدعين ، وتعطل طاقات الأمة الساعية إلى التقدم .
أبرز الذين وقعوا على البيان من الأدباء الطائفيين الشعوبيين ، أو الشيوعيين المرتزقة ، أو الماسون المتصهينين . أما المنظمات الحقوقية فهي مدعومة من الغرب الاستعماري ماليا ومعنويا كما هو معلوم بالضرورة ، ويلاحظ أن مكان ” الورشة ” هو باريس عاصمة فرنسا الاستعمارية منطلق الحروب الصليبية ضد الإسلام قديماً وحديثاً .
يتحدث البيان عن المحاكمة الدينية للرأي والتعبير والإبداع ، والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية ، والمنظور الديني في الفكر والعلم والأدب والفن . بالطبع فإن البيان لا يقصد ديناً آخر غير الإسلام ، لسبب بسيط وهو أنه لا يستطيع الإشارة من قريب أو بعيد إلى أديان أخرى سماوية أو وضعية ، لأنه لو فعل فلن يكون للموقعين على البيان وجود أدبي أو معنوي ، فضلاً عن العقاب الذي يوقعه أصحاب هذه الديانات بمن يقترب من عقائدهم وتشريعاتهم ! وعلى سبيل المثال ، اسألوا عمن يشير إلى المحرقة اليهودية مجرد إشارة بالتساؤل ماذا يفعلون له ، وماذا يكون مصيره ؟
ثم إن البيان يتحدث عما يسميه المحاكمات الدينية ، وكان المتوقع أن يتناول المحاكمات البوليسية أو العسكرية التي لا تقبل نقضاً ولا إبراماً ، وهى محاكمات شائعة في العالم العربي وملموسة ، ويستشعرها الناس في كل مكان ، ويتضرر بسببها عشرات الأسر نتيجة غياب عائليهم أو ذويهم وراء القضبان ، ويفترض أن يهتز بسببها المثقفون ، وينتفضون ويغضبون ويثورون ، ويدعون الناس إلى الغضب والثورة ورفض هذه المحاكمات البوليسية أو العسكرية بكل السبل والوسائل . ولكن الإصرار على إدانة ما يُسمى ” المحاكمات الدينية ” التي لا وجود لها في حقيقة الأمر إلا في خيال الموقعين على بيان باريس يجعل من الأمر لغزاً يحتاج إلى حلّ ، وإن كان هناك من لا يعده كذلك ، ويراه عدواناً رخيصاً على الحرية والإسلام جميعاً ! لأن القرآن الكريم أورد مقولات إبليس وفرعون وآخرين ضد الذات الإلهية والأنبياء والتوحيد والبعث في آيات يتعبّد بها المسلمون ، دون أن تحذف أو تخبأ ، أو يفرض عليها حظر ، ولكن هناك ردّ عليها وتفنيد لها ، ونسف لمنطقها المتهافت فأي ادعاء أثيم يدعيه أهل البيان العلمانيون الكارهون للإسلام ؟
إن القضايا التي حوكم بسببها بعض المنتسبين إلى عالم الكتابة ، لم تكن في المحاكم الدينية التي يخلو منها العالم العربي والإسلامي ولكنها كانت في محاكم عادية تحكم في الجنح والجنايات ، وأحكامها تجرى وفقاً لقانون وضعي ليس إسلامياً .. فالحديث عن المحاكم الدينية نوع من الادعاء والكذب والتحامل على الدين الإسلامي وحده ، لأن موقعي البيان – أكرر – لا يستطيعون الاقتراب من دين آخر ، وإلا كان عقابهم مثلاً يجوب البلدان !
إن الإسلام لا يعرف المؤسسات الدينية ولا التيارات الدينية . إنه يعرف المؤسسات أو التيارات الإسلامية العلمية والثقافية ، لا حصانة لها ، ولا كهنوت بها ، ولا عصمة لأحد فيها .هم علماء أو طلاب يبحثون عن الحقيقة ، ويخضعون لمنهج العلم الذي توارثوه وعرفوه ، وعملوا على الاجتهاد فيه وفق أسس منهجية وشروط توثيقية ، فلا صكوك حرمان ولا صكوك غفران في الإسلام .
واضح أن البيان يسعى لترهيب الرأي العام الإسلامي حتى لا يتصدى للمحاولات التي يمارسها العلمانيون من طائفيين وشيوعيين وماسون وأشباههم ، لتحويل بلادنا إلى ذيل تابع للغرب في صورته الرديئة المتخلفة ، وليس في صورته القوية الجسور .
إنهم يعملون على تجريد الإسلام من قيمه العليا ، ومثله الرفيعة ، وإحلال القيم الوثنية والمثل المتدنية ، وإقناع المسلمين بعدم صلاحية الإسلام للحياة ويروجون لما يسمونه التنوير بمفهومه الغربي الاستعماري المعادى للتوحيد والوحي في مقابل المفهوم الإسلامي الذي يسمونه بالظلام أو الظلامية ، ويجاهرون بأنهم في معركة يخوضونها ، ويجب أن ينتصروا فيها ، وينتصر التنوير ضد الظلام .
إنهم يعتدون على ثوابت الإسلام ومقدساته ، ويزعمون أن ذلك حرية فكر وحق تعبير ويرون أن من يناقشهم متخلف ورجعى وجامد وظلامي ، وأن من يحتكم إلى القضاء متأسلم عميل ومأجور لحساب الوهابيين والسلفيين والإرهابيين ، ولا يكتفون بهذا بل يستنكرون منهج الحسبة الإسلامية ، التي تترجم عمليا الدعوة إلى المعروف والنهى عن المنكر ، امتثالاً لقوله تعالى ” وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” ( آل عمران : 104 ) .
إن الحملة الشيطانية ضد الحسبة تنّكر للدين الحنيف ومنهجه في تطهير المجتمع من التلوث الفكري والسلوكي والعقدي والخلقي والسياسي والاقتصادي . لقد نجح هؤلاء العلمانيون من خلال خدمتهم للسلطات البوليسية والعسكرية الفاشية في إهانة الإسلام وتحقيره باسم حرية التعبير ، ونجحوا في بعض البلاد العربية في إلغاء مبدأ الحسبة وقصره على النيابة العامة ، وشككوا في قيم الإسلام وحسبوها عاجزة عن تحقيق الحرية والشورى والعدل والمواطنة والمساواة ، فأشاعوا أن تعاليم الإسلام طائفية ، وتكره الآخر ، وتقوم على التمييز ، وضد الإبداع ، والتفكير ، والتقدم !
إن بيان السادة المثقفين العلمانيين هو ” إهانة ” للإسلام بكل المقاييس ، ودعوة للاجتراء على عقائده وقيمه دون مسوغ من العقل والنقل ، بل دعوة إلى خلع الإسلام من الدساتير والقوانين العربية حيث يطالب البيان بصراحة فاقعة بتنقية الدساتير والتشريعات والقوانين في العالم العربي من كل ما يكبح حرية الرأي والاعتقاد والإبداع ، والمقصود بذلك دون مواربة هو إسلامية الدولة ومصدر التشريع الإسلامي ، وهو أمر لا يحدث أبداً لا في الدول الغربية الاستعمارية الصليبية ، ولا الإمارة النازية اليهودية الغاصبة في فلسطين .. لا أحد هناك من مثقفين وغيرهم يدعو إلى التنصل من دين الدولة أو مذهبها الديني بحجة تنقية الدساتير والقوانين من كوابح الرأي والفكر .
بيان المثقفين العلمانيين وصمة عار في تاريخهم الموالى للاستبداد والحكومات البوليسية والعسكرية ، فضلاً عن كونه إهانة للإسلام .
هامش :
يوسف سيدهم يقود التمرد الطائفي في جريدة وطني الطائفية ، وقد فضحه مجلس حقوق الإنسان الذي يرأسه بطرس الحفيد ، وذلك حين أعاد نشر خبر قديم حول تمرد طائفي في قرية بمها ، ليشعل نار المتمردين في الخارج . سيدهم مشغول ببناء الكنائس مع إصراره على بناء كنيسة أمام كل مسجد حتى تتحقق المواطنة ! ألا أحد هناك يقول ليوسف : أعرض عن هذا ، وكن مصريا يعيش هموم مصر ؟a

الحذاء المتحضر ! ـ د . حلمي محمد القاعود

عقب هزيمة 1967م السوداء اشتهر الشاعر نزار قباني بمجموعة من القصائد لسياسية التي كان يهجو فيها الأنظمة والشعوب العربية جميعا ، وكان من بين قصائده واحدة همزية خصصها لهجاء مثقفي السلطة أيامئذ – وكانوا أكثر حياء من خلفائهم في أيامنا – وجاء فيها بيت اشتهر بين الأدباء يقول فيه :
وإذا المفكر أصبح بوقا … يستوي الفكر عنده والحذاء
وقد التقط صديقي الأديب الكبير وديع فلسطين ، فكرة البيت ، وكتب سلسلة ممتدة من المقالات الطويلة في مجلة الأديب اللبنانية ، استغرق نشرها شهورا طويلة في أوائل السبعينيات ، وشارك في تناول الفكرة عدد كبير من أدباء هذه الفترة في مشرق البلاد العربية ومغربها ، وكان لأدب الأحذية والنعال ركن واسع في أدبنا الحديث .
عادت الفكرة مرة أخرى في الرابع عشر من ديسمبر 2008م ، حين أطلق الصحفي العراقي ” منتظر الزيدي ” حذاءه بفردتيه على الرئيس الأميركي ” جورج بوش ” ،وهو يعقد مؤتمرا مع الصحافة ، ويتفاخر بصلافة أنه نقل العراق إلى الديمقراطية والحرية ، وأن الحرب لما تزل قائمة ولم تنته بعد ! تراكمت صور الإجرام الوحشي الدموي الاستعماري المرتبطة باسم جورج بوش وعملائه في ذهن الصحفي العراقي ، فخرج عن أطواره الطبيعية ، ووجد أن الرد المناسب على الجرم المتعجرف هو القذف بالحذاء مهما كان الثمن !
وكانت بداية الثمن أن جلاوزة الاستخبارات الأميركية والعراقية وضعوا أس منتظر والشاشة تعرض ما يفعلون – على الأرض وضربوه بمنتهي القسوة حتى نزف دمه على أرض القاعة ، ثم سيق إلى المجهول حيث استمر تعذيبه لدرجة دفعت أحد القضاة الذين جلبهم النظام الحاكم العميل ؛ لإعلان أن جسد الصحفي به آثار تعذيب واضحة .
الحدث كان موضوعا للتلفزة والصحف والإذاعة على امتداد العالم كله ، وليس العالم العربي وحده . وخرجت مظاهرات عراقية ومصرية تشيد بالصحفي وتندد بالغزاة ، ونسي الناس في مصر همومهم اليومية بدءا من البحث عن الرغيف حتى هزيمة الأهلي في اليابان ، وانتعشت أفئدتهم ، وانبسطت وجوههم ، وأشرقت عيونهم بالفرحة والبهجة ، لأن صحفيا مغمورا استطاع أن يعبر بالطريقة الملائمة عن مشاعرهم الدفينة وأشواقهم العاجزة ، فرد على الرئيس المتعجرف بما يليق به.
كانت أغلبية الشعوب العربية وكتابها ومحرريها وإعلامييها ، مع الصحفي العراقي ، يؤيدونه ،ويدافعون عن سلوكه ، ويطالبون بتحريره من قبضة الغزاة وعملائهم في بغداد ، وأعلن المحامون بالمئات في شتى البقاع العربية تطوعهم للدفاع عنه وكتابة مذكرات المرافعة ومواجهة الاتهام .
وكان الأميركان أنفسهم سعداء بما جرى لرئيسهم الفاشل ، الذي ورطهم في حروب عقيم ، لا ثمرة لها إلا تخريب الاقتصاد الأميركي ، وانهيار البنوك والشركات الكبرى ،وطرد أكثر من نصف مليون أميركي ن وظائفهم . وقد تناولوا موضوع الحذاء بالتندر والسخرية والضحك ، فثقافتهم تسمح بمثل هذا النوع من الاحتجاج ، وذلك دون أن يلتفتوا إلى ما جرى للعراقيين ومن قبلهم الأفغان والصوماليين من مذابح وانتهاكات وسرقة ثرواتهم وتراثهم لغالي ، وتخريب بلدانهم وإفقادهم الأمن والطمأنينة وأبسط الخدمات اليومية .
مئات بل آلاف المقالات والآراء عبرت عن وقوف إلى جانب لصحفي العراقي تعبيرا عن وحدة تجمع بين شعوب الأمة من أقصاها إلى أدناها ، وهي وحدة ظن البعض أنها ماتت مع تفجيرهم للصراعات العرقية والطائفية والمذهبية على امتداد العالم العربي ؛ بل والعالم الإسلامي !
صحيح أن الأمة عاجزة ومكبلة ، وأصفادها ثقيلة ثقيلة ، ولكن عينها لا تخطئ اللحظة التي تحلم بها ، وتتمناها وتنتظرها ؛ عندما تتحقق الأسباب وتتجمع . وكانت قذيفة ” منتظر الزيدي ” ، لقطة من هذا الحلم المنتظر ،وتنفيسا عن أحزان مكبوتة لم يصنعها الغزاة الهمج وحدهم ، بل بعض أبناء جلتنا المدعومين من قبلهم ، والمتحكمين في مصائرنا وأقدارنا وطعامنا وشرابنا ، فسودوا حياتنا وأظلموها في كل المجالات حتى صرنا بحق – كما تنبأ البشير النذير صلى الله عليه وسلم – قصعة الأمم !
على الجانب الآخر كانت هناك أقلية تضم المارينز العرب ، وكتاب لا ظوغلي ، وراغبي الشهرة ، والغاضبين من الواقع المخزي الذي تعيشه الأمة على يد حكامها وزعمائها وقادتها وشعوبها ، ترفض هذا السلوك الصحفي العراقي ، وتشجبه ،وترى فيه خسارة وليس مكسبا . وذهب بعضهم إلى أن هذا السلوك غير حضاري ، ولا يليق أن نعامل به ضيفا حل بساحتنا ودارنا وربعنا ,, وقد ركز على الجانب الحضاري المارينز العرب الذين يعبدون أميركا من دون الله ، وهؤلاء عادة يرفضون كل ما يمس الإله المعبود ، ويرفضون كل حركة تدل على حيوية الأمة ومقاومتها وجهادها ، ولذا يحاربون الإسلام دائما ، ويعملون على استئصاله والتبشير بسياسة الاستسلام ، وثقافة التبعية ، وهم ضد المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والصومال ، وهم ضد إيلام الغزاة بأدنى ألم ،ولهم في ذلك مسوغات هشة ومنطق سقيم وأسباب غير منطقية وغير حضارية أيضا .
ولا أدري كيف يكون الحذاء متحضرا في حضارة رئيس همجي يستعيد همجية ريتشارد قلب الأسد وأسلافه وخلفائه الذين قتلوا وذبحوا وروعوا ونهبوا في بلاد المسلمين ، بل في بلاد أبناء ملتهم جنوب أوربة وجنوبها الشرقي وهم يزحفون إلى القدس العتيقة أيام الحروب الصليبية ، في وحشية لا يقرها دين ولا خلق ولا عرف ولا قانون .
إن الحذاء المتحضر ، يكون أكثر تحضرا في حضرة الهمج والقتلة واللصوص الأقوياء ، ولا أعلم ماذا سيكون موقف المارينز العرب وأمثالهم ، حين يرون جنديا أميركيا همجيا يدخل بيت أحدهم ، ويهتك عرض أهله وأقاربه ، ويصور جريمته ، ثم يهو بالصور مع رفاقه الهمج ! هل أسأل عن النخوة والكرامة والشرف ؟ أم إنها ذهبت مع ” رزم ” الدولارات ، و”حزم ” الامتيازات ؟
أعجبني الرئيس الشيوعي الفنزويلي ” هوجو شافيز ” ، وهو يتناول قصة الحذاء الصاروخي على شاشة التلفزة . كان يضحك مرحا فرحا ، ويطلب من مقدمة البرنامج أن تعرض مشهد القذيفة الحذائية ليراها جيدا. إن شافيز يرى أن بوش يستحق أن يضرب بكل أحذية العالم على ما ارتكبه من جرائم وآثام ! ولكن بعض الشيوعيين المصريين لهم رأي آخر ، وإن كانت أكثريتهم أعربت عن تأييدها للصحفي العراقي .
إن حضارتنا تكرم الضيف المؤدب المهذب الذي يحمل رسالة سلام ومودة ، ولكن الضيف الذي يتجاوز حدود الضيافة ، ويتباهى – وبجواره العملاء – بجرائمه وآثامه ، ويتحدى مشاعر مضيفيه في قحة غير مسبوقة ، فغن توجيه الحذاء إليه يعد من أبسط الأعمال الحضارية التي تبلغه رسالة موجزة فحواها ؛ أن الأمة ستقاوم ، ولن تتوقف عن المقاومة حتى تتحقق لها الكرامة والعزة والنصر بإذن الله .
مهما يكن من أمر ، فقد أعاد الحذاء المتحضر ، فكرة الحديث عن أدب النعال إلى الوجود مرة أخرى ، وانطلق الشعراء والكتاب ، ينظمون ويدبجون ، ويدخلون بنا عالما فسيحا من الأدب ؛ يحمل مشاعر الأمة وآلامها وآمالها .

حزب فرنسا وحزب الكاتدرائية ! ...د .حلمي القاعود

جلست المذيعة المشاغبة مثل القطة الأليفة تبتسم وتفتعل الابتسام أمام محدثها ، وتحاول بقدر الإمكان أن تختلق المواقف التي تثير الابتسام أو الضحك ، وهو يساعدها بما يقرب من التنكيت والتبكيت للنظام والمجتمع ، ويعرض رؤاه التي تتحدث عن الظلم الذي يلاقيه نفر من الشعب المصري يمثلون طائفة قليلة العدد ، ولكنها تظفر بامتيازات الأسد في الاقتصاد والسياسة والحماية والحصانة . كان زعيم التمرد الطائفي يؤكد ويحرص على التأكيد أن الطائفة يبلغ عدد أفرادها اثنا عشر مليونا ، والمذيعة المشاغبة تؤمن عليه وتستمع إلى مسوغاته ولا تشير من قريب أو بعيد إلى التعداد الذي أذاعته مؤسسة إيبو الأميركية وهي مؤسسة ليست منحازة إلى المسلمين (المتوحشين ) بسبب! وهو تعداد يقول إن غير المسلمين في مصر يبلغ عددهم أربعة ملايين ونصف مليون بكل أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم ، مما يعني أن مطالبهم بالكوتة افتئات على الأغلبية وتحد لها بل إهانة لها وإذلال لا يقبله المنطق ولا العقل ولا الكرامة التي تحرص عليها السلطة .. ولكن رئيس التمرد الطائفي استمر في عرض مظلوميته المفتعلة ، مبايعا للوريث ، مؤكدا على أن قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين بلغ أرذل العمر ، ولم يدخل إلى حيز التنفيذ، لأن السلطة – بالبلدي الفصيح – تضطهد الأقلية الغلبانة الضعيفة ! وكانت المذيعة المشاغبة تؤمن على كلامه وتفتعل الابتسامات والمباسطات والمفاكهات لتحظى بالرضا الطائفي غير السامي في حضرة الزعيم !
ترتب على الحوار التلفزيوني أن قام أحد الوزراء على الفور وذهب إلى الكاتدرائية ، وبدأ الإجراءات العملية في تقديم القانون إلى القنوات الرسمية لإقراره وفقا لرؤية التمرد الطائفي ، وليس وفقا لرؤية بقية الطوائف والاتجاهات التي تتكون منها الطائفة نفسها !
المفارقة أن المذيعة المشاغبة نفسها كانت في رمضان قبل الماضي تستضيف عالما أزهريا من إدارة الأزهر ، وتتناول معه قضايا مصادرة الكتب الإلحادية والإباحية ، وكانت تنهر الرجل الطيب وتزجره كلما حاول التعبير عن رأيه ، لدرجة أنني تمنيت لو كنت مكانه أن أترك لها المكان وأمضى إلى حال سبيلي احتراما لنفسي وحفاظا على كرامتها .. ولكن الرجل الطيب ظل مذهولا مما تفعله المذيعة الشرسة ، لا يدري ماذا يفعل ؟
الفكرة الأساسية في المفارقة أن هناك نفرا في الإعلام والصحافة والسلطة والمجالات الأخرى متأكدون أن التمرد الطائفي في الدولة يملك مفاتيح المنح والمنع ، والغفران والحرمان ، وهذه المفاتيح مرتبطة جيدا بالموقف من الإسلام ، فالارتباط بالإسلام والدفاع عنه يخرج صاحبه من رحمة التمرد الطائفي إلى جحيم الفقر والفاقة والإقصاء والموت الفكري والمعنوي والعملي ، أما إهانة الإسلام والانتقاص منه ومن أعلامه وعلمائه فهو الباب الملكي إلى الدخول إلى جنة السلطة والمال والشهرة والمكانة الاجتماعية .. قارن مثلا بين أعضاء الروتاري والليونز والأونرهويل والأحزاب الشيوعية والعلمانية والماسونية ؛ وبين أعضاء العشيرة المحمدية وأنصار السنة والجمعية الشرعية .. ولا أقول الإخوان أو الجماعات الإسلامية أو حتى الشبان المسلمين ؟
انظر مثلا إلى الملياردير الطائفي الذي استطاع – بأموال المسلمين التي يقترضها بمئات الملايين من الجنيهات والدولارات- أن يشترى معظم الكتاب والمذيعين والصحفيين والإعلاميين في قنواته وصحفه وشركاته ، وفي الوقت نفسه يتبرع للتمرد الطائفي كي يتمدد وينتشر ، ويبني قلاعا على هيئة كنائس ضخمة تؤكد أن مصر نصرانية ..وأن النصارى هم أصل البلد ، حتى لو كانت السيدة هاجر المصرية هي أم العرب ؟
الإسلام يبدو عبئا على صاحبه وخاصة إذا أعلن عن إيمانه بالتصور الإسلامي طريقا إلى العمل والإبداع والإنتاج والسلوك والفكر والحياة انطلاقا من قوله تعالى " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " ( الأنعام : ،163،162 ).. أما إذا تهاون المسلم في إسلامه ، واتبع طريق التصور الطائفي عن الإسلام فهو رجل مستنير وتقدمي وغير متعصب وغير متطرف وغير إرهابي .. وترضى عنه الجهات التي تملك الحل والعقد ، ويتم تصعيده إلى أعلى المناصب ودرجات الشهرة والمنفعة ..
هؤلاء الذين يرفضون الإسلام ممن يحملون أسماء إسلامية ويتحركون وفقا للرؤية الطائفية ، هم كيان حزبي غير رسمي ، ولكنه متماسك عمليا وموجود في الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري ، وهؤلاء يمكن تسميتهم بحزب الكاتدرائية ، لأنهم لا يتركون مناسبة لهجاء الإسلام وتشريعاته ووجوده إلا اهتبلوها وراحوا ينتقدون كل صغيرة وكبيرة بدءا من النقاب والحجاب إلى إقامة الصلاة في مواعيدها ورفع اليدين بالدعاء إلى الله مرورا بتطبيق الشريعة ومنع الربا وتحريم الخمور وعدم الفصل بين الدين والدنيا ورفض الإباحية والخلاعة ..
إن حزب الكاتدرائية الذي يحمل أعضاؤه أسماء إسلامية يصر على رفض المادة الثانية من الدستور ، ويطالب بتعديل الدستور لحذفها وليس إلغاء المواد المقيدة للحريات أو تلك التي تمنع الشعب من المشاركة في تقرير مصيره وبناء مستقبله وتحقيق استقلاله ومحاسبة المفسدين والطغاة والخونة .. كما يسعى إلى استئصال كل أثر للإسلام في التعليم والإعلام والثقافة والاقتصاد والمجتمع والسياسة والمؤسسات.. بل إن هذا الحزب يعمل بلا كلل ولا ملل لزرع الفكرة الفرعونية في وجدان الناس وعقولهم مع أن الفرعونية عار يجب أن يتخلص منه المصريون ، لأن الفرعونية تعني التجبر والطغيان وعبودية الشعب المصري وخضوعه للطغاة . يقول تعالى ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ) " القصص : 4 "، و يقول تعالى : " فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين " ( الزخرف : 54 ) ، ويقول تعالى : " إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين " ( القصص : 8 ) .
ومع ذلك يخرج أحد الأبواق المزمنة في الصحافة المصرية ليقول : نعم نطلق على منتخب الكرة " الفراعنة " لأننا بالفعل فراعنة أولاد الفراعنة العظام الذين قال عنهم أفلاطون " إنهم أساتذتي في الفكر والفلسفة " وهو يوم فخر عظيم عندما نحيي الدولة الفرعونية أول دولة في العالم قادت الإنسانية إلى الحضارة والتوحيد ، وسوف يصبح العيد الأكبر عندما يمسك المصري المسيحي والمصري المسلم بجواز سفر مكتوب عليه : جمهورية مصر الفرعونية . أ . هـ
والبوق المزمن يخلط بين المصرية والفرعونية . نحن مصريون عرب ولسنا فراعنة طغاة . ومصر لن تكون فرعونية ، بل مصر إسلامية وستظل كذلك إلى ما شاء الله . الإسلام عقيدة المسلم وثقافة غير المسلم وحضارته .. إن مصر المسلمة ستبقى على مر الزمان رمزا للعدل والرحمة والحرية .. وسيذهب الفراعنة المعاصرون إلى حيث ذهب الفراعنة القدامي ، ويا لبؤس مصيرهم ونهايتهم !
إن حزب الكاتدرائية هو حزب فرنسا الذي حارب الإسلام في الجزائر ، وسرق أموالها وثرواتها ، وأزرى بلغتها العربية وشخصيتها القومية ، وسرقها حين وجدها فريسة بلا صاحب ولا مالك ، ولكنه سيلقى مصير الفراعنة القدامي أيضا ، وهو مصير مظلم ومؤلم بمشيئة الله .
حزب الكاتدرائية لا يخجل من تسمية المنتخب القومي بالفراعنة ، ولكنه يخجل أن يسمي بمنتخب الساجدين . لأن السجود ملمح من ملامح الصلاة في الإسلام ، وأي ملمح من الملامح الإسلام مرفوض لدى حزب الكاتدرائية بيتنا .
كنت أتمنى أن تكون المذيعة الشرسة المشاغبة في حضرة عالم الأزهر الطيب أليفة مستأنسة مثلما كانت في حضرة زعيم التمرد الطائفي ، مع أنها تنسب إلى أب طيب كان أستاذا في اللغة العربية ، ويعد واحدا من الرواد في تخصصه الدقيق ، وكان في تخصصه منتميا إلى الإسلام ووفيا له ، ولكنها للأسف الشديد انحازت لحزب الكاتدرائية بيتنا من أجل مصالح صغيرة ، وهو حزب مصيره إلى الزوال إن شاء الله لأنه حزب غير طبيعي ، وغير إنساني ، ويتمسك بأهداب الفراعنة الطغاة الذين أغرقهم الله في عز سطوتهم وقوتهم جزاء وفاقا، وكانوا عبرة لمن يعتبر !

الكنيسة تحكم الأزهر ؟!...د .حلمي القاعود

حتى الآن لم يصدر عن مجمع البحوث الإسلامية ما يفيد أنه ينتصر لكرامته المهدرة أمام البيان الذي صدر باسمه بعد سحب كتاب محمد عمارة " تقرير علمي " ؛ الذي كلف بإعداده بناء على رغبة المجمع الموقر ، ويتضمن البيان أنه يؤمن بالمعتقدات المسيحية ، أكده كلام الأمين العام للمجمع " على عبد الباقي " الذي لم يعلن الإيمان بالمعتقدات المسيحية الفاسدة وفقا للمفهوم القرآني فحسب ؛بل زايد على المجمع كما قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز ، حيث أشارت إلى أنه يؤمن بالمعتقدات المسيحية بشدة ! وهو ما يعني أن القوم يؤمنون بالتثليث والشرك بالله وبحلول الله في جسد إنسان !
كل ما وصل الأمة من المجمع حتى الآن أنه اجتمع في ندوة خطيرة للغاية بحضور فضيلة الشيخ الموظف ، وفضيلة الوزير الجنرال ، والسيد المفتي ، وكبار المشايخ والعلماء ، ليناقشوا موضوع : النقاب ! تصوروا المجلس الموقر يجتمع ليناقش موضوعا سطحيا تافها لا يعني غير مجموعة قليلة من النساء ، ولا يهدد الأمن القومي كما تهدده المخدرات مثلا أو عبدة الشيطان أو لصوص المال العام الذين يسرقون الملايين والمليارات ويهربون إلى الخارج أو يسفحونها تحت أقدام الغانيات والراقصات ، ويحتشد المجمع الموقر لقضية النقاب هذا الاحتشاد الضخم ، وتنقله أجهزة الإعلام وفي مقدمتها التلفزيون الرسمي للسلطة .. وتري وتسمع عجبا من تشنجات وغضب وصل إلى درجة وصف النقاب بأنه يأتي من ثقافة عفنة (!) والدعوة إلى تنقيب الرجال طالما يسمحون بتنقيب النساء !! ما هذا الهذر في وقت الجد ، وما هذا السخف الذي يجعل هذه العقول الكبيرة تضيع وقتا ثمينا لإرضاء بعض المسئولين الموالين للمؤسسة الاستعمارية الغربية ، والمعادين للإسلام وتعاليمه ، ولم يبق أمامهم بعد أن أحلوا الربا ، وتعاملوا مع الغزاة النازيين اليهود القتلة ، وفتحوا أبواب الأزهر أمام الحاخامات واليهوديات الكاسيات العاريات ، وحرموا العمليات الاستشهادية في سبيل الله والقدس العتيقة ، وأصدروا الفتاوى السخيفة التي أضحكت عليهم الدنيا ؛ إلا أن يقولوا لنا في بيان منشور ومذاع على الكافة : آمنوا بالتثليث ، والشرك بالله وبالحلول الإلهي في أجساد البشر ؟
ما ذا يبقي للأزهر المعمور وقد صارت الكنيسة تتحكم في قراراته وإصداراته ، وتفرض عليه أن يصدر بيانات الإيمان بشدة بالتثليث والشرك والحلول ؟
كنت أتصور أن الأزهر المعمور سيصدر بيانا يقول إنه لا يؤمن بالتثليث ولا بالشرك ولا بالحلول ، وإنه يرفض هذا الإرهاب الكنسي الذي تمارسه الكنيسة الأرثوذكسية من خلال بعض عملائها الخونة الذين تفرغوا لهذا العمل الإجرامي بقمع الفكر الإسلامي وتخويف المفكرين المسلمين وإذلالهم والتشهير بهم عبر الصحف الطائفية ، أو التي يمولها طائفيون متمردون خونة ، أو في مواقع الخيانة الطائفية التي تمولها المؤسسة الاستعمارية الصليبية علنا وعلى رءوس الأشهاد ؟
كنت أتمنى أن يقوم الأزهر المعمور بردع الخونة المتمردين وتقديمهم إلى القضاء لأنهم يمارسون قمعا غير مسبوق ، ويدقون أسافين الفتنة والدمار في البلد الذي أعطاهم فوق ما يحلمون به ، وفضلهم على أبناء الأغلبية البائسة التي تتعرض للقهر والاضطهاد والإرهاب الحكومي ، ويحظر عليها أن تعبر عن دينها تعبيرا صحيحا وكاملا ، بل يستكثرون عليها مادة صورية في الدستور تقول إن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ؟
وإذا كان أحد يريد أن يسألني عن موقف النخب التي تتصايح عن حرية الفكر وحق التعبير كلما رفض الناس كتابا سافلا أو رواية إباحية رخيصة أو منع شيوعي أو ماركسي أو متنصر من حضور ندوة أو المشاركة في مؤتمر .. فإني أقول لهم إن المسألة بسيطة وواضحة وضوح الشمس فهؤلاء المتصايحون معروفون ، لأنهم يصطفون مع التمرد الكنسي الطائفي في خندق واحد ، فهو الذي يمنحهم العطايا ، وإن لم تكن عطايا مادية فهي معنوية ، مناصب وترقيات وشهرة وسفريات .. ألم تلاحظوا أن الملياردير الطائفي المتعصب استطاع أخيرا وبأموال المسلمين التي يقترضها من بنوكهم أو يكسبها من جيوبهم قد تمكن من شراء أغلب الصحفيين والإعلاميين والكتاب والأدباء ، وصارت أغلبيتهم تسارع إليه وإلى وسائطه الإعلامية لتنال نصيبا من حبه وعطفه وقبل ذلك عقوده ومكافآته ومنحه التي لا ترد ؟
هل لاحظتم المقالات التي تتغزل فيه وفي وطنيته على صفحات الصحف التي يمولها شريكا ومناصرا ؟ وهي مقالات واضحة النفاق والخسة ، لدرجة أنها تحول القضايا الوطنية إلى قضايا مربوطة بهذا الملياردير الطائفي المتعصب الذي يكره الإسلام والمسلمين ، ويزعم أنه ليبرالي ، وأن إعلامه الطائفي يفتح صدره لكل الأفكار والآراء والتصورات ، ولم يعلن بالطبع أنه يمنع التصور الإسلامي والفكر الإسلامي والرأي الإسلامي ؛ حتى جملة –صلى الله عليه وسلم – التي يكتبها بعض الكتاب في مقالاتهم يحذفها رجاله وأنصاره في صحافته؟
هل يدرك ذلك أصحاب الفضيلة والدكاترة الذين يشكلون مجمع البحوث الإسلامية ، ويمثلون عقل الإسلام ، ليس في مصر وحدها بل في العالم الإسلامي كله ؟
هل يعرفون ما يجري من كيد على أرض الواقع للإسلام والمسلمين ؛ وما تدبره المؤسسة الاستعمارية الصليبية وحزب الكاتدرائية في مصر ؟
لو كانوا أدركوا شيئا من ذلك ما أصدروا البيان القبيح السفيه الذي يتحدث ضمنا عن الإيمان بالتثليث والشرك والحلول ! وما كانوا سكتوا بعد صدوره ، وما كانوا سكتوا على ممارسات التبشير الحقيرة في بلد أغلبيته الساحقة تقرب من 99% وتؤمن بالإسلام دينا وثقافة ، وما كانوا ارتضوا أن تحكمهم الكنيسة بإرهابها وعملائها المتمردين الخونة !
لقد كنت أتصور أن يصدر المجمع نداء إلى رجال القانون والمحاماة لتقديم العملاء الخونة الذين تحركهم الكنيسة لإرهاب علماء الإسلام ومفكريه ، وممارسة المكارثية الإرهابية القمعية لإخافة كل من يريد أن يعبر عن إسلامه ودينه الحنيف ، إلى القضاء ، والشكوى إلى الجهات المعنية لإظهار التخريب المتعمد في بنية البلاد والعباد ، وفضح المؤامرات الخسيسة التي يقودها التمرد الطائفي ضد الأغلبية والأقلية في آن واحد .. لقد سبقت الحملة ضد عمارة ، ممارسات أخرى مشابهة لهؤلاء العملاء الخونة ضد بعض أساتذة الجامعات ، وترتب عليه قيام القيادات الجامعية المذعورة بتحويلهم إلى مجالس تأديب ، أو إيقافهم عن العمل ، مع أنهم كانوا يعبرون عن الإسلام كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، لقد بث المتمردون العملاء الخونة الذعر والخوف في نفوس الأساتذة في الجامعة ، والكتاب خارج الجامعة ومنعتهم أن يمارسوا تخصصاتهم الدقيقة في الفقه المقارن والأديان المقارنة .. فهل وصلت عدوى الخوف والذعر والرعب إلى فضلاء مجمع البحوث الإسلامية ؟
إن أعضاء المجمع يجب أن يكونوا أزهد الناس في الدنيا ومنافعها الفانية مهما كانت قيمتها وبريقها ، ومن أجل الحفاظ على الدين الحنيف يجب أن يدافعوا وينافحوا ، كما يجب أن يقفوا ضد العملاء الطائفيين الخونة الذين يحاولون بث الرعب والخوف والذعر في نفوس علماء الإسلام ومفكريه ، مهما كان الثمن باهظا ومكلفا . أعلم أن هناك من يخاف على الدنيا ، ويتمسك بأهدابها أيا كان الثمن ، ولكن ما ذا نقول عندما نقف بين يدي الحق تبارك وتعالى وهو الذي لا تخفى عليه خافية ، ويعلم ما تكن الصدور ؟