30 ديسمبر 2009

بطاقتنا الشخصية ….. د/عائض القرني


شرفنا الوحيد الذي عرفنا به العالم هو رسالة الإسلام الخالدة، فلم نُعرف في العالم ببطاقة شخصية تعرفنا، إلا بالإسلام، ليس لنا هوية ولا ريادة ولا سيادة ولا قيادة إلا بالإسلام، ليس لنا تميز بين أمم الأرض ولا خصوصية ولا رفعة ولا علو إلا بالإسلام
«ولاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»،
العالم لا ينتظر منا أن نقدم له عبقريات في الآداب والفنون والعلوم، فقد سبقنا العالم في هذا بمراحل، وأنجزنا في هذا الحقل إنجازات تبهر العقول، وتخلب الألباب، فهل نأتي إليه ونحن بدائيون في هذا الباب باكتشافات أصبحت عنده قديمة؟.. والعالم لا ينتظر منا صناعات متطورة ولا اختراعات متفوقة في عالم الطب والهندسة والتكنولوجيا، فهيهات. لقد أبدع سوانا أيما إبداع في هذه الاختراعات، واخترق الفضاء، ووصل إلى عطارد والمريخ وأنتج القنبلة النووية وتفنن في الاستيلاء على ثروات المعمورة وخيارات الأرض، والعالم لا ينتظر منا فلسفات مذهبية أرضية ولا نظريات اجتماعية ولا مناهج قوميّة بشرية؛ فها هي مناهج الغرب والشرق وفلسفاته ونظرياته تملأ الكون، فينال عليها عباقرتهم أعلى الجوائز العالمية. العالم ينتظر منا شيئا واحدا امتزنا به واختصنا الله به وشرفنا ورحمنا به وامتنَّ علينا به
«لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِّنْ أَنفسهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ»،.....

نعم للإسلام.. لا للطوائف والمذاهب ….. د/عائض القرني


زرت إثيوبيا وألقيت محاضرة بأديس أبابا حضرها جموع من كافة المذاهب والحركات الإسلامية من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والإخوان والتبليغ والصوفية وغيرهم، فقلت للجميع: أنا لا أدعوكم إلى مذهب من هذه المذاهب أو جماعة من هذه الجماعات فأنا لست حنفياً ولا مالكياً ولا شافعياً ولا حنبلياً ولا إخوانياً ولا تبليغياً ولا أنتسب لأي مذهب فقهي ولا جماعة إسلامية معينة بل أدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على ما كان عليه أهل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم، ولست معصوماً بل قد يصدر مني أخطاء فإذا خالف قولي الكتاب والسنة فاضربوا بقولي عرض الحائط، فمظلتنا الكبرى جميعاً الإسلام، ورسالتنا التوحيد، وما فرقتنا إلا هذه المذاهب والحركات والشعارات والأحزاب.
فالله سمانا المسلمين ودعانا إلى الاعتصام بحبله وأوجب علينا أخوة الإيمان ونهانا عن التفرق والاختلاف لكننا أطعنا الشيطان في التحريش بيننا، فبدأ التعصب الفكري في عصر انحطاط الدولة الإسلامية وظهر التقليد المذهبي في وقت فطور الهمم وانطفاء نور الوحي وهجر الدليل كتاباً وسنة. ونشأت جماعات إسلامية وحركات دعوية وأحزاب وطنية ومناهج فكرية وطوائف متناحرة متصارعة أضعفت وحدة المسلمين وشتتت شملهم ومزقت كلمتهم وأوهنتهم أمام أعدائهم وأضرت بسمعتهم وخالفت بين قلوبهم فحارب بعضهم بعضاً وقاتلت طائفة منهم طائفة أخرى واستحكم بينهم العداء وانتشرت البغضاء وعمّت الشحناء لأنهم تركوا المنهج الأول والهدي النبوي الكريم في التمسك بالكتاب والسنة فابتلاهم الله بالاختلاف والشقاق والفرقة.........

المرأة في المزاد العلني ….. د/عائض القرني


ظلمت المرأة عند الجهلة في مالها ثلاث مرات، مرة قبل زواجها يوم كان أبوها الجافي، وأخوها القاطع يحاسبانها في آخر كل شهر على راتبها، ويقتران عليها بالنفقة، وظلمت مرةً ثانية من زوج بخيل شحيح تسلط على مالها وحرمها حرية التصرف في ما تملكه، فصارت تنفق عليه، وهو يقابلها بالفظاظة والغلظة وصنوف الإيذاء، وظلمت مرة ثالثة لما طلقت فمنعت من أبسط حقوقها المالية، فخسرت المال والزوج والأطفال والبيت والحياة الأسرية، وبسبب مال المرأة مُنعت الكثيرات من الزواج؛ لأن الأب الشرس الكنود الجحود أراد أن يبقيها في بيته ليستفيد من دخلها الشهري، حتى ذهب شبابها وصارت عانسا، والمرأة مظلومة عند الكثير من القساة الجفاة الجهلة بالشريعة، فإن تأخر زواجها لسبب من الأسباب الخارجة عن إرادتها قالوا: عانس حائرة بائرة ولو أن فيها خيرا لتزوجت، وإن طُلقت قالوا:......

أنقذوا النساء والأطفال ….. د/عائض القرني

اطلعت على قضية حصلت لطفل في الخامسة من عمره فارق أبوه أمه، وتزوج امرأة أخرى ثم تسلط هذا الأب الظالم على الابن، فعذبه سوء العذاب، وجلده ونكل به، وتركه جلدا على عظم، دخل عليه مرة وهو نائم مع إخوانه من أبيه فسحبه برجله حتى أخرجه من غرفة النوم، وترك في جسمه كدمات وآثارا مبكية، وضج الجيران بالتنكيل على هذا الأب القاسي الفظ الغليظ، وكلمت هيئة حقوق الإنسان بالرياض فوعدوا خيرا، وأخشى أن ينتقل هذا الطفل إلى الآخرة قبل أن يبتوا في الموضوع، وداخلنا في قناة «اقرأ» الفضائية في برنامج «السلام عليكم» امرأة أبكت المشاهدين لما وصفت حالها مع زوجها، فقام هذا الزوج العتل الجافي المارد بتعذيبها، وكسر يدها مرة من المرات، ومرة جرها من شعر رأسها حتى أخرجها من البيت، ومرة أخرجها من المنـزل وأغلق الباب وتركها ليلة كاملة في الشارع، وحكم القضاء عندنا مشكورا بإعدام جبار عنيد عذب ابنته الطفلة الصغيرة حتى ماتت، وتفنن أب ظالم في تعذيب ابنه حتى علقه ليلة من الليالي برجليه منكوسا بسقف الغرفة حتى الصباح! وأعرف قصصا لأناس يدعون الإسلام ويتشدقون بالفضائل وهم وحوش في صورة بشر

الضحك على الذقون….. د/عائض القرني

ثرة عدد السكان مع الجودة فضيلة عند الأمم لكن الخطأ أن يكثر العدد بلا نفع ولا إنتاج، والإسلام يحث على طلب الذرية الطيبة الصالحة، ولكن إذا تحولت كثرة النسل إلى عبء اجتماعي صار هذا خطأ في التقدير، ونحن في الشرق أكثر الأمم نمواً سكانياً مع ضعف في التربية والتعليم، فقد تجد عند الواحد عشرين ابناً لكنه أهمل تأديبهم وتعليمهم فصار سهرهم في دبكة شعبية مع لعب البلوت وأكل الفصفص بلا إنتاج ولا عمل، بل صاروا حملاً ثقيلاً على الصرف الصحي والطرق والمطارات والمستشفيات، بينما الخواجة ينجب طفلين فيعتني بهما فيخرج أحدهما طبيباً والآخر يهبط بمركبته على المريخ.
وأنا ضد جلد الذات لكن ما دام أن الخطأ يتكرر والعلاج يستعصي فالبيان واجب، لا زال بعض العرب يرفع عقيرته عبر الشاشات ويقول: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، ثم تجده في عالم الشرع لا يحفظ آية الكرسي، وفي عالم الدنيا لم يسمع بابن خلدون وابن رشد، وتجد الغربي ساكتاً قابعاً في مصنعه أو معمله يبحث وينتج ويخترع ويبدع، أرجو من شبابنا أن يقرأوا قصة أستاذ ثوره اليابان الصناعية «تاكيو اوساهيرا» وهي موجودة في كتاب «كيف أصبحوا عظماء؟» كيف كان طالباً صغيراً ذهب للدراسة في ألمانيا، فكان ينسل إلى ورشة قريبة فيخدم فيها خمس عشرة ساعة على وجبة واحدة، فلما اكتشف كيف يدار المحرك وأخبر الأمة اليابانية بذلك استقبله عند عودته إلى المطار إمبراطور اليابان، فلما أدار المحرك وسمع الإمبراطور هدير المحرك قال: هذه أحسن موسيقى سمعتها في حياتي، وطالب عربي في المتوسطة سأله الأستاذ: الكتاب لسيبويه مَنْ ألَّفه؟ قال الطالب:

حوار مع الشيطان ...د. عائض القرنى

حاورت الشيطان الرجيم في الليل البهيم فلما سمعت أذان الفجر أردت للذهاب إلى المسجد
فقال لي :عليك ليل طويل فارقد .
قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة
قال :الأوقات طويلة عريضة
قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة
قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة
فما قمت حتى طلعت الشمس …
فقال لي في همس : لا تأسف على ما فات فاليوم كله أوقات
وجلست لآتي بالأذكار ففتح لي دفتر الأفكار
فقلت: أشغلتني عن الدعاء
قال: دعه إلى المساء
وعزمت على المتاب ، فقال: تمتع بالشباب !
قلت: أخشى الموت
قال: عمرك لا يفوت …
وجئت لأحفظ المثاني
قال: روّح نفسك بالأغاني
قلت: هي حرام
قال: لبعض العلماء كلام!
قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة
قال: كلها ضعيفة
ومرت حسناء فغضضت البصر
قال: ماذا في النظر؟
قلت: فيه خطر
قال: تفكر في الجمال فالتفكر حلال
وذهبت إلى البيت العتيق فوقف لي في الطريق ..
فقال: ما سبب هذه السفرة ؟
قلت: لآخذ عمرة
فقال: ركبت الأخطار بسبب هذا الاعتمار وأبواب الخير كثيرة والحسنات غزيرة
قلت: لابد من إصلاح الأحوال
قال: الجنة لاتدخل بالأعمال
فلما ذهبت لألقي نصيحة ..
قال: لا تجر إلى نفسك فضيحة
قلت: هذا نفع العباد
فقال: أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد
قلت : فما رأيك في بعض الأشخاص؟
قال : أجيبك على العام والخاص
قلت : أحمد بن حنبل؟
قال : قتلني بقوله عليكم بالسنة والقرآن المنزّل
قلت : فابن تيمية؟
قال : ضرباته على رأسي باليومية
قلت : فالبخاري؟
قال : أحرق بكتابه داري
قلت : فالحجاج ؟
قال : ليت في الناس ألف حجاج فلنا بسيرته ابتهاج ونهجه لنا علاج
قلت : فرعون ؟
قال : له منا كل نصر وعون
قلت : فصلاح الدين بطل حطين؟
قال : دعه فقد مرغنا بالطين
قلت : محمد بن عبدالوهاب؟
قال : أشعل في صدري بدعوته الالتهاب وأحرقني بكل شهاب
قلت : أبوجهل؟
قال : نحن له أخوة وأهل
قلت : فأبو لهب ؟
قال : نحن معه أينما ذهب !
قلت : فلينين؟
قال : ربطناه في النار مع استالين
قلت : فالمجلات الخليعة ؟
قال : هي لنا شريعة
قلت : فالدشوش ؟
قال : نجعل الناس بها كالوحوش
قلت : فالمقاهي ؟
قال : نرحب فيها بكل لاهي
قلت : ما هو ذكركم؟
قال : الأغاني
قلت : وعملكم؟
قال : الأماني
قلت : وما رأيكم بالأسواق ؟
قال : علمنا بها خفاق وفيها يجتمع الرفاق
قلت : فحزب البحث الاشتراكي ؟
قال : قاسمته أملاكي وعلمته أورادي وأنساكي
قلت : كيف تضلّ الناس ؟
قال : بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات
قلت : كيف تضلّ النساء ؟
قال : بالتبرج والسفور وترك المأمور وارتكاب المحظور
قلت : فكيف تضلّ العلماء؟
قال : بحب الظهور والعجب والغرور وحسد يملأ الصدور
قلت : كيف تضلّ العامة ؟
قال : بالغيبة والنميمة والأحاديث السقيمة وما ليس له قيمة
قلت : فكيف تضلّ التجار ؟
قال : بالربا في المعاملات ومنع الصدقات والإسراف في النفقات
قلت : فكيف تضلّ الشباب ؟
قال : بالغزل والهيام والعشق والغرام والاستخفاف بالأحكام وفعل الحرام
قلت : فما رأيك بدولة اليهود (اسرائيل) ؟
قال : إياك والغيبة فإنها مصيبة واسرائيل دولة حبيبة ومن القلب قريبة
قلت : فأبو نواس؟
قال : على العين والرأس لنا من شعره اقتباس
قلت : فأهل الحداثة؟
قال : أخذوا علمهم منا بالوراثة
قلت : فالعلمانية؟
قال : إيماننا علماني وهم أهل الدجل والأماني ومن سماهم فقد سماني
قلت : فما تقول في واشنطن؟
قال : خطيبي فيها يرطن وجيشي فيها يقطن وهي لي وطن
قلت : فما رأيك في الدعاة ؟
قال : عذبوني وأتعبوني وبهذلوني وشيبوني يهدمون ما بنيت ويقرءون إذا غنيت ويستعيذون إذا أتيت
قلت : فما تقول في الصحف ؟
قال : نضيع بها أوقات الخلف ونذهب بها أعمار أهل الترف ونأخذ بها الأموال مع الأسف
قلت : فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية ؟
قال : ندخل فيها السم في الدسم ونقاتل بها بين العرب والعجم ونثني بها على المظلوم ومن ظلم
قلت : فما فعلت في الغراب ؟
قال : سلطته على أخيه فقتله ودفنه في التراب حتى غاب
قلت : فما فعلت بقارون ؟
قال : قلت له احفظ الكنوز يا ابن العجوز لتفوز فأنت أحد الرموز
قلت : فماذا قلت لفرعون ؟
قال : قلت له يا عظيم القصر قل أليس لي ملك مصر فسوف يأتيك النصر
قلت : فماذا قلت لشارب الخمر ؟
قال : قلت له اشرب بنت الكروم فإنها تذهب الهموم وتزيل الغموم وباب التوبة معلوم
قلت : فماذا يقتلك ؟
قال : آية الكرسي منها تضيق نفسي ويطول حبسي وفي كل بلاء أمسي
قلت : فما أحب الناس اليك ؟
قال : المغنون والشعراء الغاوون وأهل المعاصي والمجون وكل خبيث مفتون
قلت : فما أبغض الناس اليك ؟
قال : أهل المساجد وكل راكع وساجد وزاهد عابد وكل مجاهد
قلت : أعوذ بالله منك فاختفى وغاب كأنما ساخ في التراب وهذا جزاء الكذاب !

خطباء وأئمة عذبوا الناس….. د/عائض القرني

يقول عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليتجوز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة» (متفق عليه)، وغضب صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل، لما طول بالناس في الصلاة، وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟» ثلاثا، (أخرجه الشيخان)، وقد ابتلينا في عالمنا الإسلامي بأئمة وخطباء للمساجد عذبوا الناس بجهلهم بالشريعة الميسرة، والسنة السمحة، فمنهم من حول التلاوة في المسجد إلى نواح كربلائي حسينـي، ومنهم من يصرخ في الميكرفون إذا كبر صراخا لو سمعته الحامل لأسقطت جنينها، ومنهم من حول التلاوة إلى مقامات حجازية، ومنهم من قلب الدعاء في التراويح إلى خطب منبرية وإلى حكايات عن الأموات وعجائب وغرائب عن أهل القبور، فهو يصف حالهم منذ أن ماتوا فغسلوا فكفنوا فصلي عليهم فدفنوا فغطوا بالتراب فأكلهم الدود فوزعت ثرواتهم وقسمت تركتهم وتزوجت نساؤهم وتيتم أطفالهم، ونسي المسكين الدعاء لهم بالرحمة، ومنهم من دخل في تفصيل التفاصيل في الدعاء، فدعا لفلسطين، والعراق، وأفغانستان، والشيشان، والصومال، والبوسنة والهرسك، ومسلمي الفلبين، وجبهة مورو، ومسلمي تايلاند، ومسلمي كوسوفو، وأهالي دارفور، وجزر الملوك، حتى نام الناس وهم وقوف. ومنهم خطيب حول خطبة الجمعة إلى مقامات الحريري مع السجع والتكلف والتعسف والتمطيط والتفحيط (والتعشيق بالدبل) مع الشهيق والزفير وإخراج الحرف من آخر الحلق، بل من الجوف فيقول مثلا: أيها المسلم عليك الرضا بالقضا، على جمر الغضى، ونسيان ما مضى، فما قضى قد انقضى، ثم يعجبه حرف آخر فينشب فيه، فقلدته في مقامات القرني فقلت: إن اليهود وقعوا في غلطه، وسقطوا سقطه، وصاروا في ورطه، لما زادوا نقطه، قيل لهم قولوا: حطه، فقالوا: حنطه، ومنهم من زاد: فمن قط قطه، فليشتر بطه، وليأخذ شطه، ويضعها في شنطه، وغالب جمهوره من النيجيريين وساحل العاج وإندونيسيا وطاشقند وتركمانستان وأبخازيا وجورجيا، وهناك خطيب تحتاج إلى قاموس لتفهم مفرداته، فهو يقول: إن دستور الأخلاق يقوم على الوسط، بلا وكس ولا شطط؛ ليكون على أحسن نمط، وخطب خطيب عن إنفلونزا الطيور أربعين دقيقة وخلص إلى أنها مؤامرة عالمية على المسلمين! فحمدنا الله على نعمة العقل، وخطب خطيب في قرية عن الغزو الفكري وطوفان العولمة، وأهل القرية لا يعرفون نواقض الوضوء، وخطب خطيب في البادية عن عملية السلام والتطبيع مع إسرائيل، وأقسم أنه لا يقبل بالدنية ولن يتم هذا الأمر، ومثل هذا الخطيب يبرك على صدره ويقرأ عليه آية الكرسي ويكوى ثلاث كيات حتى يشفيه الله مما أصابه، وغالب الخطباء يقرأون من أوراق صوروها من الكتب أو سحبوها من النت، فتأتي خطبهم باردة مثلجة سخيفة سامجة هزيلة، ميتة، لأنها بلا روح ولا تأثير (حرمت عليكم الميتة). وصلينا خلف إمام صلاة الفجر فقرأ سورة: (نون والقلم وما يسطرون) فمد نون ومطها حتى كادت أزرار ثوبه تتقطع، وما انتهى من الصلاة حتى عذبنا وشق علينا، فكلمته بعد الصلاة وقلت له: أنا صليت خلف الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وهما عالما العصر وأتقى وأورع منا وأعلم منا فكانت صلاتهما يسيرة خفيفة لطيفة، وتلاوتهما سهلة ميسرة بلا تشدق ولا تنطع، وفهمت من جوابه أن من لم يعجبه أن يصلي معه فليصل في مسجد آخر! وهناك إمام يصلي بعشرة خلفه ومكبرات الصوت على رؤوسهم، فيرفع صوته إلى النهاية، ويصرخ بالتكبير صراخا، وينوح بالتلاوة نياحا، وما أدري ما السر وراء ذلك، ويروى أن مؤذنا نفخ في الميكرفون بقوة فاحترق الجهاز والبطارية وكادت الكهرباء أن تضرب بشررها فتحترق الحارة ثم المدينة، والله المستعان، هذا قبل أن يؤذن فكيف لو أذن؟! والواجب على القائمين على أمر الخطباء والأئمة أن يفهموهم السنة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه» (رواه مسلم)، والأحسن والأجمل أن لا تزيد خطبة الجمعة في هذا العصر عن ربع ساعة، وأن تكون مركزة في موضوع واحد بأسلوب سهل جميل واضح ميسر، بلا تعذيب ولا تعنيف ولا تعسف ولا تكلف ولا تعمق ولا تشدق ولا تفيهق وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال عنه ربه: «ونيسرك لليسرى» وقال هو صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر»، وقال صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون والمتعمقون والمتشدقون والمتفيهقون».
عن موقع صحيفة الشرق الاوسط

تغيير آرائي لا يعني تغيير منهجي...-د.سلمان العودة

 
أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ أن تغيير آرائه لا يعني تغيير منهجه ، مشيرا إلى أن المنهج واحد لا يتغير ، بخلاف الآراء والمواقف واللغة ، والتي من الممكن أن تختلف من مرحلة إلى أخرى .
وقال الشيخ سلمان ـ في حلقة الثلاثاء من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يبث على فضائية mbc، والتي جاءت تحت عنوان "الضمير " ـ إذا لم يكن المنهج هو القرآن والسنة والإيمان فلا أعرف ما هو المنهج إذاً ، فليس هناك تغيير في المنهج الذي أسير عليه ، فهو واحد لا يتغير ، وإنما الآراء والمواقف واللغة ربما تتغير في مرحلة من المراحل .
 
لا عصمة لاجتهاد
 
وأضاف فضيلته: أنه مع الوقت ، سواء بالنسبة لي أو كثيرين غيري ، فإذا كان الإنسان مضى في سبيله وصبر على طريقه وبحث عن الأفضل لا أعتقد عصمة لاجتهادي أو رأيي وإنما أعتقد أن هناك ما هو أفضل فأستفيد من الآخرين وأستفيد من باب أولى من تجربتي الخاصة .
جاء ذلك تعقيباً على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج ، عن الشيخ سلمان قد غير منهجه بالكامل ؟
 
وأوضح الدكتور العودة: لقد كانت في مرحلة من المراحل ، فربما يستيقظ ما يسمى بـ"الضمير الجمعي" على نفسه ، في بعض الأحيان ، بطريقة مفاجأة في ظل أزمات معينة ويتحدث بطريقة أو بأخرى .
 
الاحتكام للضمير ؟!!
 
وتعقيبا على مداخلة ، تقول : هل يجوز أن يحتكم الإنسان لضميره، قال الشيخ سلمان :إن احتكام الإنسان لضميره لا يكون في كل شيء ، فهناك شرع ، كتاب ، وسنة ، وإجماع ، كما أن هناك حلال بيّن و حرام بيّن ومشتبه ، لكن هناك أشياء المرجع فيها إلى الضمير .
وضرب فضيلته مثالا لذلك قائلا: سألني شخص في ذات مرة : هل يجوز مشاهدة نشرة الأخبار التي تذيعها امرأة ، فقلت له : استفت قلبك . قال لي : كيف ؟ قلت : إذا أنت تسمع الأخبار وترى هذه المرأة كما لو كنت ترى رجلاً -مثلاً- ملاكماً أو ترى جداراً فهذا عادي ، لكن إذا كنت ترى هذه المرأة وتستعذبها وتستحليها وتتلمح ملامحها وقسماتها وربما أخذتك عن الأخبار فهنا استفت قلبك ، فهذا دليل أنك تمارس إثماً حتى لو كان لا يوجد نص صريح بخصوصه لكن هنا قلبك يدل على أنه أنت هنا تقع في خطأ .
وأضاف فضيلته: فهنا الضمير يعطيك مؤشر ؛ ولذلك الضمير هو ي إنذار داخلي جرس ، فبعض الأخطاء التي لا يوجد عليها نص خاص أو دليل خاص ولكن تجد من داخلك شيء يقول لك : "اترك هذا الأمر" ، يقول تعالى (بَلِ الْإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:15) ، فمن الممكن أن يأتي الإنسان بأعذار ويقتنع ويقنع الآخرين لكن في داخله لا يستطيع أن يقنع نفسه .

فاجعة جدة تدعونا إلى تصحيح الأوضاع ... د. سلمان العودة

أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ أن "فاجعة" جدة تدعونا إلى تصحيح الأوضاع قبل أن تتكرر المأساة، مشيرًا إلى ضرورة محاسبة المسئولين عن حدوث هذه الكارثة الإنسانية، وأن يتم فتح ملفات الفساد بكل شفافية، لافتًا إلى أننا لا يمكن أن نقيم المشانق لأناسٍ دون أن نتأكد، ونحدد، ونحاكم.
وقال الشيخ سلمان ـ في حلقة أمس الجمعة من برنامج "الحياة كلمة"، والذي يبث على فضائية mbc ، والتي جاءت تحت عنوان "أسرار" ـ: إنه لابد من أن يكون هناك شفافية ودقة كاملة في التعامل مع هذه الكارثة، وأن نباشر بإعلان الأرقام والإحصائيات وعدد المفقودين والوفيات بدقة، وأن يكون هناك مركز رسمي للقيام بمثل هذه الأمور، حتى لو لم ينشر الخصوم ـ أو من نقول عنهم أنهم أحيانًا يستغلون هذه الكوارث لأهداف إيديولوجية ـ هذه الأرقام والإحصائيات.
فساد..وخيانة
وأضاف فضيلته ـ تعقيبًا على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج، تقول: بعد كارثة جدة ألم يحن وقت الشفافية لفتح ملفات فساد؟!! ـ: إنه لاشك أن اللجنة التي تم الإعلان عنها برئاسة الأمير خالد الفيصل وتم تفريغها لمباشرة هذا العمل وفيها أيضًا وكيل الإمارة الدكتور عبد العزيز الخضيري ـ وهو رجل كفء، أحسبه والله حسيبه ـ، وعدد من المسئولين في دوائر عديدة، يمكنها أن تضع النقاط على الحروف خلال شهور معينة، فالقضية لا تزال حية في الأذهان، فضلًا عن أن هناك مطالبات بأن يتم تعميمها في أكثر من مكان وأكثر من مدينة لمعرفة أي تسيّب أو فساد مالي، أو بعض العقود التي يتم أحيانًا إرساؤها على شخص معين.
وتابع: لقد حدث مرة في إحدى المدن ـ ولا أسميها ـ أنه تم إرساء عقد على شركة أو شخص معين، فقام بوضع غرف تفتيش فقط دون أن يضع المجاري الموصلة بين هذه الغرف !، مؤكدًا أن هذه تعد خيانة كبيرة.
هل هذه عقوبة لأهل جدة!!
وفيما يتعلق بأن هناك من يرى أن ما حدث لأهل جدة هو بسبب ذنوب أهل جدة ورسالة إنذار لهم، قال الشيخ سلمان: الناس مصابون، لماذا نجلدهم زيادة؟، ثم إن هذه المصيبة التي نزلت في جدة وقعت لضعفاء وبسطاء ومساكين وأحياء شعبية بعيدة عما يقولون، فهل تظنون أن من العدل أن يخطئ هذا ويُضرب جاره؟، هذا ليس من العدل، وعلى الخطباء أن يرفقوا ويعالجوا هذا الأمر بحكمة.
وأضاف فضيلته أن المطر في أصله رحمة بالعباد، ولكن الخطأ فينا، وفي عدم إيجاد الحلول وعدم توقع المفاجآت وحدوث مثل هذه الأشياء، وهذا الذي نحاسب عليه، ولذلك فمن الخطأ إطلاق هذا الكلام على عواهنه وكأن هذه عقوبة، لافتًا إلى أن هذا الكلام قيل عندما حدث زلزال العيص، موضحًا أن هذا قد يكون رحمة وتذكيرًا ودعوة إلى أن نصحح أوضاعنا قبل أن تكون الأمور أشد أو تتكرر المأساة في مكان آخر..
حدث مروِّع
وتعقيبًا على مداخلة تقول: إننا كمجتمعات شرقية، وبالذات عربية، تمضي أحيانًا كوارثنا وهي مغطاة بالأسرار بطريقة أو بأخرى، والآن نحن نواجه كارثة فيضانات جدة، قال الشيخ سلمان: إن فاجعة مدينة جدة حدث إنساني مروع صنع خوفًا من المستقبل، وأحزانًا، وقصصًا مفزعة، كشفت أخطاء وزلات نقلت المتسبب من جريمة الاختلاس والسرقة إلى جريمة القتل وإزهاق الأرواح، مشيدًا بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بتأسيس لجنة لمحاسبة ذوي الضمائر المريضة، وداعيًا إلى تعميمها في المناطق دون انتظار لتكرار الكارثة.
أيام صعبة
وأضاف فضيلته: لقد كانت أيامًا صعبة، ونحن نرى أعدادًا كبيرة وأسرًا بأكملها وحالات مثيرة للحزن الشديد، في ظل خوف على المستقبل، وأن تتشح العروس بثوب الحداد، مشيرًا إلى أن قطرات من المطر ربما لم تكن بمعدل مرتفع، وأن هناك الكثير من بلاد العالم ـ منها ما هو أكثر تأخرًا وأكثر في الإمكانيات المادية وفرص التنمية وتدعيم البنية التحتية من المملكة ـ يحدث فيها مثل هذا باستمرار، خاصةً في المدن الكبرى، مع أن المدن الصغرى في كثير من بلاد العالم تجدها صورة من المدينة الكبيرة، لكن بشكل أصغر وبشكل أقل، حيث تجد أن كل الخدمات متوفرة في المدن الصغرى كما هي في المدن الكبرى.
وتابع: لقد كانت المهمة صعبة جدًا، مع أنه لابد من البوح والحديث، وذلك لأن بعض المسئولين أحيانًا قد يشعرون بأن النقد لظاهرة معينة أو خطأ كأنه يستهدفهم شخصيًا، ولذلك يتردد الإنسان في نوعية أو حجم الكلام الذي يقوله، لأن هناك أمانة ومسئولية هي مسئولية الكلمة، وخاصة في مثل هذه الأزمات الصعبة.
تحدٍّ..وخوفٌ من المستقبل
وأردف الدكتور العودة: هناك أحزان على الماضي، وما جرى من حوادث وقصص مفجعة صورتها عدسات المصورين المحترفين وأقلام الكتّاب وربما قصائد الشعراء توقفت عندها عبارات الكثير من السياسيين تجاه هذا الحدث، فقد كان هناك الخوف، والذي بدوره صنع خوفًا من المستقبل أن يكون الكثير من البنى التحتية إذا تعرضت لاختبار ربما يتبين أن هناك خللًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يشكل تحديًا ضخمًا أمام المملكة.
وأوضح فضيلته أن المجتمع السعودي واجه تحديًا ضخمًا في مواجهة الإرهاب، ولكن من خلال وجود تعاطف شعبي ضد هذا العمل، وتوجه إلى محاربته، فلم تمتد جذوره بشكل كبير، مع وجود معاناة صعبة ولا تزال، ولكن مع ذلك كان هناك مناعة عند الناس وإحساس بأن هذا هو تدمير لمكتسباتهم وللبنى التحتية في البلد، والقضاء على الفرص الحياتية الجميلة، فضلًا عن أنه لا يخدم دينًا ولا دنيا.
وتابع: لكن في مثل هذه الأحداث التي جرت، فإن خطورتها تكمن في أن الناس فيها لا يصبحون مع المسئول، وإنما هم في طرف آخر، بحيث يكونون في مقام المعاتبة والمحاسبة والسؤال، بل بعض الناس في مقام الغضب والانفعال ولا تستطيع أن تلومهم، لأن الإنسان إذا غضب فمن الصعب محاكمته إلى المنطق ولو على الأقل فيما يتعلق بالكلام.
شجاعة..وشفافية إعلامية
واستطرد الشيخ سلمان، قائلًا: ولكن نؤكد على أهمية التوجيهات التي صدرت من خادم الحرمين الشريفين فيما يتعلق بتعويض المتضررين، وتشكيل لجنة، والكلام الذي نُشر عنه في مسألة أن هناك بلادًا أقل منا ومع ذلك يقع فيها مثل هذه الأمطار ولا تقع فيها مثل هذه الكوارث، وأن نملك الشجاعة للاعتراف بالخطأ والتقصير، فهذا من الشفافية الإعلامية التي ننادي جميعًا بها.
وأكد فضيلته على أهمية أن يكون هناك قدر من الحرية الإعلامية في تناول مثل هذه الكوارث وهذه الأخطاء، والصبر على الناس، والإذن لهم أن يتحدثوا، لأن الناس إذا تحدثوا فإن ذلك لا يمثل مشكلة في واقع الأمر، ولكنهم يساهمون في التنفيس أو التخفيف أو حل المشكلة.
لافتًا إلى ضرورة أن يكون الإعلام، حتى الإعلام الرسمي، لديه القدرة على تغطية مثل هذه الأحداث، وذلك لأننا نعيش في عصر العولمة، حيث تنقل القنوات العالمية مثل هذه الأحداث، حتى كاميرا الجوال والوسائل الشخصية ربما تلتقط أفضل اللقطات وتنشر على اليوتيوب، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح "الإعلام التفاعلي".
بيدي لا بيد عمرو
وتابع الدكتور العودة: إننا لابد أن نساعد على نشر الشفافية، ولكن مع وجود هذا العالم، فكما يقول المثل العربي: (بيدي لا بيد عمرو)، بأن نكون نحن قادرين على كشف أخطائنا وعثراتنا والاعتراف بزلاتنا وبعجزنا، وطرح التساؤلات حول الأموال التي تم الإعلان عنها لتنفيذ مشاريع في جدة في عدة سنوات ومليارات، فأين ذهبت تلك المليارات التي خصصت لمثل هذه المشاريع؟ مشيرًا إلى أن المهمة لم تعد صعبة بعد ما أعلنه الملك عبد الله.
وأكد فضيلته أنه مع تشكيل لجنة للتحقيق في هذه الكارثة، فإنه لابد من وجود حلول عاجلة لبحيرة المسك التي يخشى أن تفيض وألا يتخذ تغليب السلامة عادة، وأن تكون هناك مباشرة فورية لمعالجة أزمة التصريف في جدة التي يعاني منها أهل جدة منذ سنين طويلة، ولكن لا يستمع إليهم، وكذلك ما يتعلق بالمياه العذبة التي يحتاجون إليها وما يتعلق بعدد من البُنى التحتية.
وقال الشيخ سلمان: إن الأمر يجب أن يشمل أيضًا مدنًا أخرى غير جدة، بحيث لا يحوجنا الأمر إلى وقوع كارثة أو أزمة حتى نلتفت إلى هذا البلد أو ذاك، ولكن علينا أن نحوّل الأزمة إلى منحة؛ بأن نقوم بعمل فحص للأوضاع المختلفة في كل البلاد، لافتًا إلى ضرورة أن يكون هذا في إطار من العمل الفوري والحسم.
محاسبة المقصرين
وأضاف فضيلته أنه لابد أن تكون هناك مدة لنهاية عمل اللجنة، وألا يقتصر الأمر على عزل موظف، ولكن يجب محاسبة جميع المسئولين عن هذه الكارثة، مشيدًا بما تم تداوله حول منع عدد من المسئولين الذين يحتمل أن يكون لهم علاقة بالكارثة من السفر لحين انتهاء التحقيقات.
وأشار الدكتور العودة إلى ضرورة أن تكون هناك فرصة لمحاسبة ذوي الضمائر المريضة في أكثر من مكان، والذين آخر ما يفكرون به هو مصالح الناس، في حين أن تركيزهم كله ينصب على كمّ من المال داخل جيوبهم، وكمّ في أرصدتهم، معربًا عن رغبته في عدم وجود هذه الفئات في مجتمعاتنا، مضيفًا: لكن مثل هذه الأحداث تؤكد أنها مع الأسف موجودة.
أخطاء..ولكن
وأوضح الشيخ سلمان أن هناك بعضًا من الأخطاء التي يجب ألا نقع فيها عند معالجة مثل هذه الكارثة، منها:
1 ـ لوم الضحية: فمن المروءة والذوق ألا نلوم الضحية، وألا نلقي عليه بالتبعة، ونقول إنه أهمل أو فرط، وأن نحمله المسئولية عن الذي حدث.
2 ـ الاحتجاج بالقضاء والقدر: وهذه تتكرر، فالقضاء والقدر حق، ولكن في هذه الكوارث لا ينبغي أن يكون القضاء والقدر مهربًا عن محاسبة المقصرين، مؤكدًا أن محاسبة المقصرين شريعة ربانية جوهرية.
3 ـ البعد عن الواقعية: فلابد أن نحرص على أن يتعامل الناس مع الحدث بقدر من الواقعية، وإن كنا لا نلوم الناس إذا حدث عندهم غضب وانفعال.
لا فرق بين ميت وميت
وفيما يتعلق بالذين ماتوا جراء هذه الكارثة، وهل هم شهداء أم لا، وما موقف الذين هم غير سعوديين، قال الشيخ سلمان: لا اعتراض في القتلى، وهم شهداء إن شاء الله، لأن الغريق شهيد كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، سواء من كان منهم سعوديًا أو غير سعودي، لكن يجب أن نؤكد أنه لا داعي للتركيز المفرط على هذا الأمر وكأننا نفرض العنصرية حتى في حالة الوفيات، فالذين يقيمون على ثرى هذه البلاد لهم حقوق أهلها، والحفاظ عليهم مهم جدًا كالحفاظ على أبناء البلد.
وأضاف فضيلته: إن الإعلان عن هذا أمر طبيعي، لكن يجب عدم التركيز على هذا في المقالات والأحاديث وكأن هناك تفريقًا بين ميت وميت.
الدعم مطلوب
وأكد الدكتور العودة على ضرورة أن ندعم إخواننا المتضررين، مشيرًا إلى أن هذا البلد فيه خير كثير، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية، وذلك إذا كان هناك شفافية في ضبط المال ومحاربة الفساد ووضع الأمور في مواضعها.
 

نحسدهم في تايلاند – فهمي هويدي

إذا كان لي أن اختار لنفسي شعاراً هذا الأسبوع لقلت انني لو لم اكن مصريا لوددت أن اكون تايلانديا، وهو آخر ما كنت اتوقعه على صعيد شخصي، لان خبرتي بتايلاند كانت سلبية إلى حد ما. ذلك ان انطباعاتي عنها ظلت متأثرة بما رأيته فيها خلال السبعينيات، حين كانت ماخوراً كبيراً دأب الجنود الأميركيون الذين كانوا يحاربون في فيتنام على قضاء عطلاتهم فيها، فعاثوا فيها فساداً، حتى حولوا الأرض المحررة - الترجمة العربية لكلمتي تاي لاند - إلى بلد للمتعة واشباع الشهوات بكل أشكالها. وهي السمعة التي مازالت تلاحق عاصمتها بانكوك حتى هذه اللحظة.

 لكن التطورات الأخيرة هناك سلطت الضوء على وجه آخر للبلد، كشف عن حيوية سياسية مدهشة كانت مفاجأة بالنسبة لي. ذلك ان احزاب المعارضة هناك احتشدت في تجمع اطلقوا عليه «تحالف الشعب من أجل الديموقراطية» وقرروا تحدي الحكومة الفاسدة التي جاءت بالتزوير، واصروا على اجبارها على الاستقالة، ومن ثم فإنهم نظموا خلال الأشهر الستة الأخيرة سلسلة من الاضرابات والحملات الاحتجاجية التي لم تحدث صداها المطلوب في فضح الحكومة واسقاطها. فلجأوا إلى خطوة أخرى احرجتها وفضحتها أمام الرأي العام العالمي. اذ قرروا احتلال المطارين الاساسيين في العاصمة ـ مطار سونارنا هومي الدولي ومطار دون موانج الذي يستخدم للطيران الداخلي ـ وحشدوا انصارهم على الطريق المؤدي إلى المطارين للحيولة دون وصول الشرطة اليهما.

في الوقت ذاته فإن قادة المعارضة دعوا مجموعات اخرى من انصارهم للتجمع امام مقر الحكومة تحسبا لاحتمال اقتحام الشرطة للمطارين، ولكي تقوم تلك المجموعات بمواصلة رسالة الاحتجاج، اذا تم الاقتحام وعادت حركة الطيران فيهما الى حالتها الطبيعية. بينما تصعيد حملة الاحتجاج مستمر الى الدرجة التي أدت الى إحداث شلل اقتصادي في البلاد الى جانب الشلل السياسي، كانت المحكمة الدستورية تنظر قضية رفعها التحالف ضد الحكومة، اتهمها فيها بتزوير الانتخابات التي تمت في العام الماضي.

وكانت المفاجأة ان المحكمة اصدرت حكمها يوم الثلاثاء 2 – 12  بحل الائتلاف الحزبي الحاكم واقالة رئيس الوزراء «سوشاي وونجساوات» من منصبه ومنعه مع 59 مسؤولا تنفيذيا آخرين ـ منهم 24 نائباً في البرلمان ـ من ممارسة العمل السياسي. واستندت المحكمة في قرارها الى نص في الدستور يقضي بحل أي حزب في حال إدانة أحد مسؤوليه بتزوير الانتخابات. وقال القاضي شات تشونلاورن رئيس المحكمة الدستورية، المكونة من تسعة قضاة، ان قرار المحكمة صدر بالاجماع، بعدما ثبت لديها ان احزاب الائتلاف الحاكم قامت بتزوير الانتخابات، وان المحكمة بالحكم الذي اصدرته تضع نموذجا ومعيارا سياسيا يقوم على ان الاحزاب غير النزيهة تدمر النظام الديموقراطي وتعطل مسيرة العمل الوطني.

طوال الأشهر الثلاثة الماضية ظللت أتتبع المظاهرات والاحتجاجات في بانكوك، معجبا بقوة المجتمع المدني هناك، ونضج قواه السياسية المعارضة التي استطاعت ان تتفق على هدف مشترك، وان تظل متماسكة طوال الوقت، ومصرة على اسقاط الحكومة التي جاءت بالتزوير من خلال الاحتجاج السلمي في الشارع، والنضال في ساحة القضاء، الامر الذي حقق لهم في النهاية ما يريدون.

وهذا الاعجاب، الذي اقترن بالغيرة والحسد، هو الذي دفعني الى تغيير رأيي السابق إلى الحد الذي تمنيت فيه أن أكون تايلانديا هذا الاسبوع. وهو الشعور ذاته الذي انتابني ذات يوم حين جرت انتخابات ديموقراطية نزيهة في موريتانيا، فتمنيت ان اكون موريتانياً، وحين حقق حزب الله نصره على الاسرائيليين فتمنيت أن أكون لبنانيا، ولا أعرف إلى متى سيطول انتظارنا حتى يبزغ فجر الديموقراطية عندنا، بما يمكن الواحد منا من أن يستعيد شعوره بالعزة، بحيث يردد مقولة الزعيم مصطفى كامل: لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا

تدمير باكستان.. الحرب بالوكالة! - د. حلمي القاعود

في تكتُّم شديد، اجتمعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في إسلام آباد مع زعماء القبائل الباكستانية‏,‏ في منطقة الحدود الشمالية مع أفغانستان‏ (نحو ‏120‏ شخصًا‏)‏ جميعهم من منطقة القبائل في وزيرستان؛ لبحث إمكان التعاون للحدِّ من تأثير طالبان في تلك المنطقة؛‏ حيث تقوم القوات الباكستانية بهجوم عسكري واسع النطاق‏،‏ للقضاء على نفوذ طالبان الباكستانية هناك.
ويأتي هذا الاجتماع بعد يومين من إعلان وزيرة الخارجية
الأمريكية فور وصولها إسلام آباد استعداد بلادها للتعامل مع عناصر طالبان الأقل تشددًا، مؤكدةً أن واشنطن تسعى لفصل قادة طالبان عن العناصر التابعة أو المؤيدة لها‏، وأن من حمل السلاح في وقت من الأوقات ليس بالضرورة عنصرًا من عناصر طالبان، وقد تولَّت السفارة الأمريكية كما تقول (الأهرام 31/10/2009م) تنظيم اللقاء بعيدًا عن الجهات الباكستانية الرسمية.
وقال زعماء المقاطعات القبلية الباكستانية على الحدود الأفغانية لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: إن القصف الجوي يولِّد الكراهية، وإن استخدام القوة ليس سبيلاً لحل المشكلات، وأكد الوفد لكلينتون أن القبليِّين ليسوا إرهابيين.
ومن جانبها، قالت كلينتون: إن بلادها ستواصل تعاونها مع باكستان في حربها ضد الإرهاب(!)، وأضافت أن الروابط بين إسلام آباد وواشنطن لا تنحصر فقط في تلك الحرب وقضايا الأمن، بل إن واشنطن تريد علاقة طويلة الأمد ومستمرة مع باكستان، وأفادت الوكالة أن كلينتون حضرت أيضًا عرضًا ثقافيًّا في المجلس الوطني الباكستاني، وذلك تحت حراسة أمنية مشددة، وبعدها التقت مع وفود من المفكرين ومن المجتمع المدني والنساء، وناقشت معهم مسألة تطوير القطاع الاجتماعي.
وواضحٌ أن الولايات المتحدة بعد فشلها الكبير وهزيمتها المتوقعة في أفغانستان؛ تحاول أن تضرب عصفورين بحجر؛ الأول تسخير الجيش الباكستاني المسلم لقتال فريق من الشعب الباكستاني المسلم في وزيرستان؛ اعتقادًا منها أن قبائل المنطقة تساند طالبان أفغانستان في مواجهة الجيش الأمريكي وحلف الناتو الذي يحارب هناك منذ ثماني سنوات تقريبًا، ولم ينتصر، وبالطبع فاللعبة السهلة هي إطلاق تهمة الإرهاب على كل من يقاوم الغزو الاستعماري الصليبي أو الصهيوني، وقد وُصف المجاهدون الأفغان بالإرهاب، كما وصف المجاهدون الباكستانيون في وزيرستان بالإرهابيين، وكما يوصف المجاهدون في فلسطين بالإرهاب أو المليشيات الإرهابية، وللأسف فإن بعض المحللين العرب والمسلمين ينزلقون وراء التوصيف الاستعماري الكاذب، ويصفون المسلمين في هذه المناطق بالتشدد أو يقولون إن هذه المناطق تتبع تدينًا متشددًا، وكأن الاستسلام للعدو الاستعماري الصليبي أو الصهيوني هو قمة التحضُّر التي تدلُّ على الإسلام الصحيح، والأمر فيما أتصور يقتضي مراجعةً من كتَّابنا ومحلِّلينا في استخدام المصطلحات التي تروِّجها المؤسسة الاستعمارية الغربية الصهيونية.
إن المسلمين لم يحتلوا دول الناتو أو يستعمروها حتى يحاربهم الناتو، ويقصف بيوتهم، ويقتل عشرات الألوف بل مئات الألوف منهم بلا ذنب ولا جريرة، ويخرِّب مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم، وينهب ثرواتهم، ويسرق تراثهم، والأمثلة واضحة في أفغانستان والعراق وفلسطين، وها هي باكستان على الطريق ذاته، ولكن هذه المرة يتم تجييش الجيش الباكستاني نفسه ليقضي على شعبه بحجة مقاومة الإرهاب.
الأمر الآخر هو تفتيت باكستان التي تملك سلاحًا نوويًّا، حتى تطمئن الدولة الصهيونية الغاصبة في فلسطين، وأيضًا الحليفة الهندية، وتسقط دولة إسلامية يمكن أن تكون شوكةً في جنب المؤسسة الاستعمارية الصليبية الصهيونية، وهي تغتال مناطق أخرى في العالم العربي أو الإسلامي، وخاصةً إيران التي يبدو أنها تمثل هاجسًا حقيقيًّا وقلقًا ملحوظًا للولايات المتحدة والصهيونية العالمية في تطلُّعها إلى بناء قوة نووية، بعد أن أقامت قوةً عسكريةً ليست بسيطة.
إن تفتيت باكستان يعني صراعًا عرقيًّا طويل المدى بين البلوش والأوزبك والفرس والطاجيك وغيرهم، وهو ما يُنعش آمال الأمريكان والصهاينة في الوجود الدائم بالمنطقة، وضمان سلامة دولة الغزو النازي اليهودي، واستمرارها بلا متاعب بعد استسلام العرب وخضوعهم الذليل، بل ومساعدتهم في تأمين الكيان الصهيوني وحمايته، ومحاصرة الفلسطينيين الذين يمكن أن يزعجوه!.
إن الجيش الباكستاني الذي كان دائمًا حصنًا لإسلامية باكستان، بل أفغانستان؛ صار اليوم أداةً في يد الأمريكان عن طريق آصف زرداي (زوج بي نظير بوتو الراحلة) لتمزيق باكستان وربما أفغانستان، وإذلال المسلمين فيهما.
إن الهجوم الراهن للجيش الباكستاني على وزيرستان ضمَّ ثلاثين ألف جندي ميدانيًّا مدعومًا بالطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والمدفعية، وعلى الأرض تبدو المنطقة مهجورة بعد أن فرَّ سكانها المائتا ألف بسبب المعارك.
ومع ذلك ففي اليوم الثالث عشر من الهجوم البري على طالبان في مقاطعة وزيرستان الجنوبية القبلية استغرب أحد الجنود أن يكون المسلَّحون مجهَّزين بأحدث المستلزمات لتضليل الاتصالات والتواصل بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية!.
وإذا ربطنا ذلك بالخيبة الكبرى التي عاشتها القوات الأمريكية مؤخرًا؛ أدركنا لماذا هرعت هيلاري كلينتون لتدعم آصف زرداي في حربه بالوكالة عنها ضد شعبه وقومه.
إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقف الآن عاجزًا أمام الخسارة الكبيرة التي تكبَّدها جيشه بعد تحطُّم مروحيتين أمريكيتين، أسفر عن مقتل أربعة عشر جنديًّا أمريكيًّا، وثلاثة مدنيين آخرين.
لقد أصبح الرئيس الأمريكي مترددًا في إرسال قوات أمريكية إضافية إلى أفغانستان، كما لوَّح له بعض الجنرالات الأمريكيين هناك، وربما يتذكر- كما يقول بعض المعلِّقين- تجربة ثوار الفيتكونغ الفيتناميين الذين كانوا يستبشرون أكثر كلما سمعوا أخبار زيادة عدد قوات الأمريكيين في فيتنام، فزيادة عدد القوات يعني توفر الفرص بشكل أكبر وأسرع لضرب أكبر عدد ممكن من الجنود المنتشرين، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة الخسائر الجسيمة، وتكبُّد المزيد من الانتقادات والضغوطات السياسية والشعبية.
إن أمريكا تسعى لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وفي مقدمتها الأهداف الاقتصادية، ويجب ألا نلومها على ذلك، بل ينبغي أن يلوم المسلمون أنفسهم أولاً حين يسمحون لها بتحقيق هذه الأهداف، ويقتنعون بما يقوله الغزاة الصليبيون ويطرحونه من أسباب ماكرة وخادعة ليقتل المسلم أخاه، ويدمِّر وطنه، ويقتل شعبه، ويضع أهله في دائرة الذلِّ والهوان، ويساعد على النَّيل من مسلمين آخرين خارج وطنه؛ لا ذنب لهم إلا أنهم مسلمون يملكون الثروات أو المواقع الإستراتيجية أو التراث الإنساني، الذي لا يملكه الغزاة الهمَج.
 
وأظن أن الشعب المسلم في باكستان سيدرك عاجلاً أو آجلاً قيمة إسلامه ووطنه، وسيفطن لتدبير الغزاة الهمج، ويستعيد سيرته الأولى يوم أنشئت باكستان على يد "محمد إقبال" شاعر الإسلام العظيم في القرن العشرين، والقائد الكبير "محمد علي جناح".

الختان أخطر على المجتمع من التعذيب!! ـ د . حلمي محمد القاعود



والمسألة ببساطة شديدة أن فضيلة الجنرال وزير الأوقاف رأى أن مهمة وزارته الرئيسية في هذه المرحلة هي إعداد داعية عصري قادر على التواصل مع الجماهير والتصدِّي لمشكلاتهم المُلِحَّة التي تمسُّ حاضرَهم ومستقبلَهم، في إطار برنامج الخطاب الديني الذي تتبنَّاه الوزارة منذ فترةٍ طويلةٍ، لذلك فإن الوزارة تضع قضايا ملحَّة (خد بالك من وصف "ملحة" هذه!) على رأس أولوياتها، وتحرص على توضيح الموقف الإسلامي منها، وتبصير الجماهير بها، خاصةً القضايا التي يحدث فيها خلطُ العادات والتقاليد الاجتماعية بالدين ذاته، مثل سوء الفهم الذي يخص موضوع الختان الذي بدأَت الوزارةُ خطةً دعويةً مكثَّفةً لمواجهة أخطاره على المجتمع، من خلال الشرح الوافي لموقف الإسلام الصحيح!

وأضاف فضيلته- كما قالت جريدة (الأهرام) في عددها الصادر 13/8/2007م- أنه تم الانتهاء من طباعة 100 ألف نسخة من كتاب (الختان ليس من شعائر الإسلام)، وتم توزيعه على كثيرٍ من الجهات والهيئات المعنية بهذا الأمر، مثل وزارة الصحة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، ووسائل الإعلام؛ لتعريف الناس برأي الدين الصحيح حيال الختان؛ حيث إن الكتاب يضمُّ رأيَ شيخِ الأزهر، ودار الإفتاء، ومجمع البحوث الإسلامية، وتُجمِع هذه الجهات على أن الختان عادةٌ وليس عبادةً، بدليل عدم تطبيقه في دول مثل السعودية، وهي مهبط الوحي، ودول الخليج وشمال إفريقيا، وأن الأحاديث التي وردت بشأن الختان ضعيفة، ولا يُعتدُّ بها على الإطلاق.


وكان فضيلة المفتي- الذي سبق له تحريم الختان، مخالفًا فتوى دار الإفتاء نفسها في فتواها (6/1986م) التي تُبيح الختان وتراه مطلوبًا وفقًا لآراء أئمة الفقه والحديث بين الوجوب والندب- قد أجهَدَ نفسه في كتابة مقالَين بـ(الأهرام) قبل تصريح فضيلة الجنرال بأسبوعين تقريبًا، حاول فيهما تسويغ ما ذهب إليه، وشذَّ فيه عن آراء العلماء والفقهاء على مدى أربعة عشر قرنًا بتحريم الختان إرضاءً لبعض سيدات الصالونات ومؤسسات نسوية، ترفض الإسلام من جذوره، وتسعى لإرضاء الغرب الصليبي الاستعماري المتوحش!!




هل يعني إعداد الداعية العصري القادر على التواصل مع هموم الجماهير والتصدي لمشكلاتهم المُلحَّة، كما يريد فضيلة الجنرال أن يكون هذا الداعية قادرًا على تناول قضايا التعذيب حتى الموت التي يمارسها المتوحِّشون من رجال النظام البوليسي الفاشي؟! وهل يستطيع هذا الداعية العصري أن يستنكر احتكار اللصوص الكبار للمواد الأساسية التي تهم جموع الناس وتمثِّل لهم حاجاتٍ ملحةً وضروريةً أو إستراتيجيةً؟ وهل يستطيع أن يتعرض لزوار الفجْر الذين يعتقلون الشرفاء دون ذنبٍ أو جريرةٍ إلا أن يقولوا ربنا الله، وفي الوقت نفسه يتركون المجرمين والمنحرفين يعيثون في الأرض فسادًا باستيراد القمح المسرطن والمبيدات المسرطنة وقتل الناس في العبَّارات والقطارات، وأخذ الرشاوى بالملايين واستباحة دين الأمة ونبيها- صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضوان الله عليهم في صحافتها وإعلامها وثقافتها وتعليمها؟!






إن فضيلة الجنرال- وهو يتطوع بطبع كتابٍ عن الختان يتكلف نحو نصف مليون جنيه (100 ألف× 5 جنيهات، تكلفة النسخة في المتوسط)- يهدر أموال الدولة في أمرٍ هامشي وثانوي، وكان الأحرى أن تذهب إلى الفقراء والمعوزين وما أكثرهم!! كنت أتصور أن فضيلته يصدر كتابًا يردُّ فيه على العلمانيين والشيوعيين والمرتزقة الذين يستأصلون الإسلام ويُشكِّكون في ثوابته ورواسخه، ويدعون صراحةً إلى فصل الدين عن الدولة، وإلغاء المادة الثانية التي تنص على إسلامية الدولة من الدستور، ويواجه المسئولين الظالمين الذين لا يسمحون بظهور مذيعةٍ محجَّبةٍ على شاشة التلفزيون، ويطبِّقون "علمانية" أشدَّ وحشيةً من علمانية الخائن "أتاتورك"!

حاخامات.. ومغتصبات.. وانكسارات ! ـ د . حلمي محمد القاعود


لا أدري بأية طريقة أبدأ بها هذا المقال في ظل الانكسارات والخيبات التي تعيشها الأمة، بفعل بعض بنيها الذين فقدوا الرشد والاستقامة، وحرَّكتهم أهدافهم الشخصية الرخيصة للتضحية بمصالح الأمة كلها، ولم يتورعوا في سبيل ذلك عن هزيمة أوطانهم من الداخل، وإلحاق الأذى بالعناصر الفاعلة في مجتمعاتهم الإسلامية وترويعها، وتغييبها وراء القضبان، وتشويه سمعتها عن طريق الأبواق المأجورة والطبول الجوفاء، دون أن يتذكروا للحظة واحدة أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.
ولكن المفارقة تبدو مخجلةً، حين يتعامل هؤلاء الذين فقدوا الرشد والاستقامة مع أعداء الأمة والإنسانية بكل ذلة وخنوع وجبن وانبطاح، وينفذون أوامرهم ورغباتهم بكل سرعة ودقة، ويعدونها وحيًا مقدسًا لا يجوز التمرد عليه، أو مخالفته ولو بالكلام، أو الإنشاء الفارغ الذي يصدعون به رأس الأمة ليل نهار.
في هذا الأسبوع الثالث من يوليو 2009م فجعتنا الأنباء بمزيد من الإذلال والمهانة لأمتنا وشعوبها، من جانب الغزاة اليهود النازيين القتلة الذين تناسوا تمامًا أن هناك عالمًا إسلاميًّا وشعوبًا تنتسب إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن هناك حقوقًا يجب أن يسلموا بها لهذا العالم وتلك الشعوب، بل تمادوا وتمردوا على من صنعوهم وأمدوهم- وما زالوا- بقطعة الخبز وقطعة السلاح، فراحوا يعبرون بصلافة ووقاحة عن إرادة استعلائية إجرامية لا تستجيب لأي منطق، اللهم إلا منطق القوة الذي يبدو أنه لم يعد له وجود في أي مكان في العالم غير فلسطين المحتلة؟!.
وسوف أذكر بعض ملامح الإذلال، ومعالم المهانة التي صعقتنا على مدى هذا الأسبوع؛ لعل النخوة أو المروءة أو الرجولة تتحرك في دماء بعض العرب المسلمين، داخل فلسطين أو خارجها:
أولاً: أصدر وزير التعليم النازي اليهودي في فلسطين المحتلة قرارًا يلغي استخدام كلمة "النكبة" في مناهج التعليم بالنسبة لعرب 1948م، والمقصود ألا يتذكروا الجريمة اليهودية النازية باغتصاب فلسطين وسرقة أرضها وتشريد أهلها.
ثانيًا: إعداد قانون في الكنيست النازي اليهودي لتمليك أراضي الفلسطينيين المهجرين أو المشردين باسم التصرف في أراضي "إسرائيل"، ولتكون ملكًا أبديًا وقانونيًّا لمن يستأجرون هذه الأرض من جانب ما يسمى بـ(دائرة أراضي "إسرائيل")؛ تمهيدًا لتهويد الجليل والنقب تمامًا.
ثالثًا: اقتطاع جزء من مقبرة باب الرحمة الملاصق للمسجد الأقصى المبارك، وإقامة حديقة عامة للغزاة النازيين اليهود في إطار تهويد المدينة المقدسة.
رابعًا: إطلاق دعوات يهودية عبر الإعلانات والشبكة الضوئية لإقامة الصلوات والشعائر التلمودية في ساحة المسجد الأقصى؛ من أجل بناء الهيكل الثالث على أطلال الحرم القدسي.
خامسًا: البدء في تنفيذ قرار وزير الإسكان النازي اليهودي بتغيير الأسماء العبرية في فلسطين على 2500 مكان وطريق ومؤسسة.. وإلغاء اللغة العربية تمامًا، ولم يتوقف الأمر عند فلسطين 48، بل وصل إلى المدينة المقدسة، ففي منطقة مدخل سلوان على بعد أمتار من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، أطلق اسم شارع "معاليه دافيد" على شارع وادي حلوة بسلوان، و"جاي هينوم" على شارع "وادي الربابة"، وأعلنت المؤسسة الصهيونية عن تغيير جميع لافتات الشوارع في البلدة القديمة.
سادسًا: أعلن الغزاة النازيون القتلة أنهم سيقيمون حيًّا يهوديًّا جديدًا في منطقة الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وعندما رفض الغرب وأمريكا وروسيا هذا الأمر؛ فإن الرد النازي اليهودي بلغ حضيض الصلافة والعنجهية والغطرسة، ورفض رئيس الوزراء النازي اليهودي ووزراؤه مطلب الدول التي صنعتهم وأمدتهم بالمعونات الاقتصادية والعسكرية والخبرات العلمية والتقنية، فقد قال الإرهابي داني أيالون مثلاً: إننا نتحرك وفق مصالحنا، ولن نستجيب لأحد أيًّا كان، إننا لسنا تابعين لأحد!!.
والأكثر وقاحة وغطرسة ما قاله الحاخام اليهودي الأكبر شلومو عمار تعقيبًا على مطالبة أمريكا بوقف الاستيطان في الشيخ جراح: إن أمريكا تخالف تعاليم التوراة حين تقف في طريق بناء المغتصبات.
وكتب الحاخام في رسالة موجهة إلى مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى إن "التوراة تطلب من الشعب اليهودي العيش في "إسرائيل" بينما تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا لمنع اليهود من أن يعيشوا ويبنوا منازلهم في أجزاء كبيرة من أرض "إسرائيل" بحدودها التوراتية.
وأضاف إن "الأمريكيين يريدون إقامة دولة (فلسطينية) يحظر على اليهود العيش فيها، بل ويريدون حتى منع التوسع الطبيعي للمستوطنات اليهودية".
ودعا الحاخام اليهود في الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذهم "ليتمكن اليهود من الإقامة في كل مكان من الكيان النازي الغازي؛ بناءً على تعاليم التوراة، و"الهالاخا" (التعاليم الدينية اليهودية المتشددة).
ولم يتوقف الأمر عند الحاخام النازي، بل تعداه إلى نفر من القادة النازيين اليهود، فقد قال إيلي يشاي وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء: "إن دولته ليست تابعة لدولة أخرى في العالم، من حق حكومة ودولة الكيان النازي اليهودي البناء في كل أنحاء البلاد، حين تكون مشاريع مماثلة قد حصلت على كل التراخيص القانونية".
صحف (جيروزاليم بوست) و(معاريف) و(هاآرتس) العبرية، نقلت تصريحات الوزير دان ميريدور التي طالب فيها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة وقف الضغوط التي تمارسها على حكومة تل أبيب لتجميد بناء المشروعات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية.
ويقيم نحو 190 ألف غازٍ يهودي في عشرات الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية؛ حيث يقطن 270 ألف فلسطيني.
هذا الإذلال الذي يوجع القلب، وذلك الامتهان الذي يؤذي الشعور؛ يصبان في خانة الاستسلام الذي رفع رايته العرب والمسلمون؛ حيث تركوا المجال للغزاة القتلة، كي يفعلوا ما يشاءون دون خوف من عقاب أو قانون، وكلما أمعنوا في إذلال الأمة وإهانتها تقدَّم القادة والحكام العرب بالمزيد من التنازلات، والمجرمون النازيون القتلة لايعبأون ولا يهتمون، بل يطالبون بالمزيد، حتى صرنا قصعة الأمم، كما تنبأ البشير النذير عليه الصلاة والسلام.
ومع ذلك؛ فإن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، وخاصة حين تستيقظ الأمة على صوت الآية الكريمة: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ﴾ (الحج: من الآية 78).

محنة العطش.. ونظرية المؤامرة!! ـ د . حلمي محمد القاعود

تبيع الحكومة المصرية كل شيء في مصر إرضاءً للسادة أصحاب صندوق النقد الدولي، وتشجيعًا للسادة رجال القروض الذين يقومون بعمل مشروعات هامشية وثانوية وغير مفيدة للشعب، ثم يهربون إلى الخارج بمعظم ما أخذوه ونهبوه، أو يُهَيمِنُون على المشروعات الأساسية والأولية التي يحتاجها الناس، فَيَحتكرُونها، ويبيعونها بأسعارٍ فوق طاقة العامة، ويحصدون من ورائها أرباحًا فاحشةً حرامًا، تذهب مع غيرها إلى بنوك الغرب الاستعماري معبود السلطة وسيِّدها المُقدَّس!



مِحنَةُ العطش التي ظهرت معالمها وأعراضها مؤخرًا بعد قيام "أهل البُرُلُّس" بقطع الطريق الدولي واحتجاز المسافرين قرابة نصف يوم، ونقلت أجهزة الإعلام العالمية صراع الجراكن والجرادل والصفائح بحثًا عن مياه الشرب، بدلاً من مياه المصارف والمجاري والمستنقعات الآسِنة!! لم تتحرك نخوة المُتسلطين على البلاد والعباد كي يجدوا حلاًّ كريمًا لمواطنيهم المفترضين، أورعاياهم المفروضين، وللأسف كان تفسير بعض المسئولين للمأساة التي أدْمَت قلوب الشعب كله بأن مِحْنَة العطش مجرد "مؤامرة!!".









إن السلطة البوليسية الفاشيِّة التي تُهدر أموال الشعب البائس في الإنفاق على الأبواق المأجورة، والترويج لحملات منع ختان الإناث ومؤتمرات المرأة التي يوحي بها الغرب الصليبي الاستعماري، وإقراض رجال النَّصب والنَّهب والفساد والإفساد.. تستطيع أن تُطهِّر النيل من التلوث الذي يصنعه الفاسدون المفسدون، وتستطيع أن تُغيِّر شبكات المياه المُتهالكة والمواسير التَّالفة والأحواض غير الصالحة.. وتستطيع أن تترفَّق في ثمن الفواتير التي يدفعها المواطن المقهور، ويستمتع بعائدها أساطين الفساد في شركات المياه، ممن يَحتَمون بالحيتان الكبيرة، لدرجة أن أي رئيس شركة مياه في إحدى المحافظات يقبض آخر كل شهر- كما يُقال- ربع مليون جنيه!! بل إن العامل العادي في أي شركة مياه صار مرتبه وحوافزه يفوق مرتب أستاذ الجامعة الذي يُنفق على مظهره وبحوثه وأسرته، بل إن مكافأة نهاية الخدمة لهذا العامل تفوق مكافأة أي أستاذ جامعي قضى سنوات عمره في البحث والدراسة، حتى ضاع بصره بين الأوراق والمخطوطات والمعامل وشبكة المعلومات (الإنترنت)!




يا عم قوم روح ..! ـ د . حلمي محمد القاعود

صارت برامج الرغي الليلي التلفزيونية وسيلة من وسائل الزراية بعلماء الإسلام والمدافعين عنه ، وصارت استضافتهم في هذه البرامج حيلة من حيل النخب الثقافية الفاسدة ، لتشويه صورة هؤلاء العلماء وإهانتهم ، وتقديمهم للناس في صورة الساذج العبيط الأهبل الذي لا يستطيع الصمود أمام عباقرة الفكر وقادة الأدب في مصر المحروسة ، وخاصة إذا كانوا من أهل الحظيرة الثقافية .. .! ولأن علماء الإسلام ودعاته والمدافعين عنه يملكون العفة ويلتزمون الأدب ، ويترفعون عن الصغائر ، فهم لن يردوا على همجية مثقفي الحظيرة وبلطجتهم وسوقيتهم الفاقعة ، وقل لي بالله ماذا يفعل واحد مثل الشيخ البري في مواجهة من يقول له على مسمع ومرأى من ملايين المشاهدين : يا عم قوم روح ..؟؟ وهي أخف الجمل والكلمات الساقطة المهينة التي تلفظ بها هذا المخلوق في مواجهة الشيخ الطيب.. بينما زميله الحظائري الآخر الجالس في الأستوديو ينهر الشيخ بفظاظة ليسكته ويلهيه ويربكه متهما إياه بالتكفير وإخراج الشيوعيين ومثقفي الحظيرة من الملة .. والست المذيعة المهذبة (!) تبدو معجبة بالمثقف الحظائري ، في الوقت الذي تقاطع فيه الشيخ والمتداخلين المؤيدين له بغلظة وفظاظة ، وكلما بدا أن متحدثا إسلاميا يوشك على توضيح فكرته تقطع عليه الحديث ، وكأن اللعبة مرتبة ومتفق عليها بين من يقدمون البرنامج وبين خدم السلطة البوليسية الفاشية الذين يدافعون عنها وعن الوزير الذي ضل فكره وساء عمله وخاب سعيه!
الموضوع المطروح للمناقشة هو حصول شخص من الحظيرة الثقافية على أعلى جوائز الدولة المصرية في الاجتماع نظير كتاباته عن الإسلام ، وهي كتابات لا ترقى إلى مستوى البحث العلمي ولا تستخدم أدواته ولا مصادره الموثوقة ، وهي في مجملها ترديد مشوه لمقولات بعض المستشرقين عن الإسلام ونبيه - صلى الله عليه وسلم - تنقصها الدقة ويغذيها التعصب الصليبي الاستعماري وتهدف في نهاية المطاف إلى تصوير الإسلام بوصفه دينا موضوعا ومزيفا وضعه محمد – صلى الله عليه وسلم – وجده عبد المطلب ، واحتذي في صياغته اليهود ..إلخ .
ولكن أهل الحظيرة الثقافية الذين يناقشون الموضوع استطاعوا بتكتيكهم الشيوعي أن ينحرفوا بالمناقشة إلى : مدى شرعية جبهة علماء الأزهر التي ينتمي إليها الشيخ البري – ليس من حق جبهة علماء الأزهر أن تناقش موضوع الفساد الثقافي الذي عبر عن نفسه بمنح أحد مخلوقات الحظيرة الثقافية جائزة الدولة التقديرية – اتهام الشيخ البري والجبهة والمدافعين عن الإسلام بتكفير مثقفي الحظيرة – طرح سؤال : من جعلكم أيها الإسلاميون وكلاء عن الله ؟ - دعونا نتناقش أيها الإسلاميون وردوا على ما يكتب عن الإسلام في كتب !
وأبسط متابع يعلم جيدا أن هذه المحاور ليست في الموضوع وأن من حق المسلمين وغيرهم في هذا الوطن أن يناقشوا الفساد الثقافي والانحراف في مسيرة السلطة الثقافية وأن يدافعوا عن الإسلام بوصفه المجال الحضاري والعقدي للأمة ، وأن تكفير الناس أكذوبة اخترعها خدام النظام من مثقفي الحظيرة للتشهير بالإسلام والمسلمين، حتى لو تبنت عملية التكفير جماعة محدودة هنا أو هناك .. فمثل هذه الجماعات موجودة في المسيحية واليهودية جميعا ، ولم يتهم أحد المسيحيين جميعا أو اليهود جميعا بأنهم يكفرون الناس ، ثم إن هناك كتبا علمية وكتابات موضوعية عديدة ناقشت المخلوق المزور وكشفت زيف مؤلفاته وتهافت أفكاره !
مما يؤكد الانحراف بالنقاش عن طبيعته التي تتناول الفساد الثقافي ، ورغبة السلطة البوليسية الفاشية في إثبات الولاء للمؤسسة الاستعمارية الصليبية أنها ضد الإسلام وترحب بالملحدين الذين يطعنونه ويدعون أنه دين كذب واختلاق ، أن هناك نية مبيتة للتشهير بالإسلام والإسلاميين وتحدي الإرادة الشعبية ، وسلبها أعز ما تملك وهو دينها الإسلام ، مما يفرض على الأمة جميعا وليس جمعية علماء الأزهر ، أن تنهض للدفاع عن هذا الدين ، وتستبسل في هذا الدفاع ، ولا تستسلم أمام غوغائية أجهزة الدعاية الرسمية أو غير الرسمية التي يهيمن عليها مثقفو الحظيرة والمرتزقة والمنافقون والذين لا ينطقون إلا وفق ما يشير به صاحب الأجهزة الدعائية أو المهيمن عليها ..
إن الحملة الشرسة ضد الإسلام لا تقتصر على التحدي بمنح الجوائز لمن حادوا الله ورسوله ، ولكنها تتمثل في تحد آخر جديد ، تقوم به مكتبة الإسكندرية مع المركز القومي للترجمة ؛ في استضافة المعادين للإسلام للحديث عما يسمى آلية الرقابة وحرية التعبير في العالم العربي ، والمدعوون جميعا من الكتاب والفنانين الذين صادموا مشاعر المسلمين بأعمالهم وكتاباتهم ومواقفهم المهينة للإسلام والمشوهة له ، وهم الذي عاقبت بعضهم المحاكم وأدانتهم قضائيا ، وتأمل هذه الأسماء لترى إلى أي مدي تحاول السلطة الثقافية الفاسدة أن تجرح مشاعر المسلمين في فجاجة صارخة ، مع أن المسلمين هم الذين يدفعون ويمولون نشاطات أمثال هذه المؤسسات:
إدوار الخراط ، عبده وازن ، حيدر حيدر ، حلمي سالم ،مرسيل خليفة ، ليلى لقمان ، موسي حوامده ، عماد الحاج ، سامية محرز ، إلياس فركوح ، مجد حيدر ، خالد المعالي ، نجاد البرعي ، فيصل خريش ، وبالطبع يقود الندوة السيدان إسماعيل سراج الدين وجابر عصفور ،وتركز على مناقشة قضايا الرقابة على الأعمال الأدبية والفنية ، وقضايا المصادرة بين القانون والإعلام .
بالطبع لا يوجد كاتب إسلامي أو مثقف إسلامي في هذه الندوة المفتعلة ، ولا يوجد طرف من الأطراف التي أضيرت بسبب جريمة السيد حيدر حيدر ، النصيري الشيوعي المتعصب ، أعني الذين أغلقت صحيفتهم وحزبهم بسببها : جريدة الشعب وحزب العمل المصري الذي أسسه ورأسه المجاهد الراحل إبراهيم شكري ، مع أن الجريدة حصلت على أربعة عشر حكما قضائيا نهائيا بأحقيتها في الصدور …!
إذا حرية التعبير التي يقصدها القوم في مكتبة الإسكندرية والمركز القومي للترجمة هي حرية إهانة الإسلام في بلد الإسلام وتحدي المسلمين في رابعة النهار ! وهو ما حدث بالفعل حيث أبلى المتحدثون في الندوة بلاء غير حسن في هجاء الإسلام ، والمطالبة بفصل الدين عن الدولة ، لدرجة المطالبة بمنع قراءة آيات القرآن الكريم في طابور الصباح بالمدارس .. إلى هذا الحد يريدون إخراجنا من الملة ؟!! وإذا عرفنا أن مكتبة الإسكندرية تمثل فرعا من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية في مصر ، ولا تستضيف في الغالب إلا كل حاقد على الإسلام ومخاصم له ( اقرءوا قائمة الضيوف والمشاركين في أنشطتها منذ نشأتها ) ، أدركنا أن منح الجوائز لمخلوق لا يجيد إلا الشتائم والسب والقذف بلغة يعف عنها السوقة أمر ثانوي ، أمام مخطط عدواني ومجرم ضد الأمة وثقافتها الحقيقية .. أو قل الإسلام !
والسؤال الآن ما العمل ؟
اللجوء إلى القانون دفاعا عن الإسلام ضد المجلس الأعلى للثقافة مانح الجوائز ، والمركز القومي للترجمة الذي تحول إلى بؤرة تطبيع مع العدو النازي اليهودي ، ومكتبة الإسكندرية التي تحولت إلى فرع من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية وصارت مصطبة لخصوم الإسلام والمسلمين .
يجب الانتصار في كل الأحوال بفضل الله على دعاة استئصال الإسلام ، ولو كانت السلطة البوليسية الفاشية وراءهم بجبروتها وعصاها الغليظة ، فإيماننا يجب أن يكون أقوى منهم ومن السلطة جميعا !



حرية إهانة الإسلام ! ـ د. حلمي محمد القاعود

قبل مدة أصدرت مجموعة ممن احتكروا تسمية أنفسهم بالمثقفين العرب بياناً وقعوا عليه بمناسبة مرور ستين عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .. كما وقع على البيان ثلاث وثلاثون منظمة عربية وحقوقية ، في ورشة عمل باسم : الدين وحرية التعبير في العالم العربي ، انعقدت بالعاصمة الفرنسية باريس أوائل ديسمبر 2008م.
انتقد البيان تفشى حالات القمع لحرية التعبير في البلاد العربية ، بسبب ما أسماه المحاكمة الدينية للرأي والتعبير والإبداع ، لدرجة وصفها البيان بـ ” غير المسبوقة ” في الفترات الأخيرة ، مشيراً إلى أنها طالت أسماء من كل المجالات في أغلب البلدان العربية .
وذكرت جريدة ” المصري اليوم : 5/12/2008م ” ، أن الموقعين على البيان ، طالبوا المؤسسات والتيارات الدينية والرسمية وغير الرسمية في البلاد العربية ، بتنحية المنظور الديني في النظر إلى التعبير الفكري والأكاديمي والأدبي والفني ، لأن الوصاية باسم الدين على حرية الفكر والأدب تسيء إلى الحرية والدين معاً ، وتقمع اجتهاد المفكرين وتكبح خيال المبدعين ، وتعطل طاقات الأمة الساعية إلى التقدم .
أبرز الذين وقعوا على البيان من الأدباء الطائفيين الشعوبيين ، أو الشيوعيين المرتزقة ، أو الماسون المتصهينين . أما المنظمات الحقوقية فهي مدعومة من الغرب الاستعماري ماليا ومعنويا كما هو معلوم بالضرورة ، ويلاحظ أن مكان ” الورشة ” هو باريس عاصمة فرنسا الاستعمارية منطلق الحروب الصليبية ضد الإسلام قديماً وحديثاً .
يتحدث البيان عن المحاكمة الدينية للرأي والتعبير والإبداع ، والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية ، والمنظور الديني في الفكر والعلم والأدب والفن . بالطبع فإن البيان لا يقصد ديناً آخر غير الإسلام ، لسبب بسيط وهو أنه لا يستطيع الإشارة من قريب أو بعيد إلى أديان أخرى سماوية أو وضعية ، لأنه لو فعل فلن يكون للموقعين على البيان وجود أدبي أو معنوي ، فضلاً عن العقاب الذي يوقعه أصحاب هذه الديانات بمن يقترب من عقائدهم وتشريعاتهم ! وعلى سبيل المثال ، اسألوا عمن يشير إلى المحرقة اليهودية مجرد إشارة بالتساؤل ماذا يفعلون له ، وماذا يكون مصيره ؟
ثم إن البيان يتحدث عما يسميه المحاكمات الدينية ، وكان المتوقع أن يتناول المحاكمات البوليسية أو العسكرية التي لا تقبل نقضاً ولا إبراماً ، وهى محاكمات شائعة في العالم العربي وملموسة ، ويستشعرها الناس في كل مكان ، ويتضرر بسببها عشرات الأسر نتيجة غياب عائليهم أو ذويهم وراء القضبان ، ويفترض أن يهتز بسببها المثقفون ، وينتفضون ويغضبون ويثورون ، ويدعون الناس إلى الغضب والثورة ورفض هذه المحاكمات البوليسية أو العسكرية بكل السبل والوسائل . ولكن الإصرار على إدانة ما يُسمى ” المحاكمات الدينية ” التي لا وجود لها في حقيقة الأمر إلا في خيال الموقعين على بيان باريس يجعل من الأمر لغزاً يحتاج إلى حلّ ، وإن كان هناك من لا يعده كذلك ، ويراه عدواناً رخيصاً على الحرية والإسلام جميعاً ! لأن القرآن الكريم أورد مقولات إبليس وفرعون وآخرين ضد الذات الإلهية والأنبياء والتوحيد والبعث في آيات يتعبّد بها المسلمون ، دون أن تحذف أو تخبأ ، أو يفرض عليها حظر ، ولكن هناك ردّ عليها وتفنيد لها ، ونسف لمنطقها المتهافت فأي ادعاء أثيم يدعيه أهل البيان العلمانيون الكارهون للإسلام ؟
إن القضايا التي حوكم بسببها بعض المنتسبين إلى عالم الكتابة ، لم تكن في المحاكم الدينية التي يخلو منها العالم العربي والإسلامي ولكنها كانت في محاكم عادية تحكم في الجنح والجنايات ، وأحكامها تجرى وفقاً لقانون وضعي ليس إسلامياً .. فالحديث عن المحاكم الدينية نوع من الادعاء والكذب والتحامل على الدين الإسلامي وحده ، لأن موقعي البيان – أكرر – لا يستطيعون الاقتراب من دين آخر ، وإلا كان عقابهم مثلاً يجوب البلدان !
إن الإسلام لا يعرف المؤسسات الدينية ولا التيارات الدينية . إنه يعرف المؤسسات أو التيارات الإسلامية العلمية والثقافية ، لا حصانة لها ، ولا كهنوت بها ، ولا عصمة لأحد فيها .هم علماء أو طلاب يبحثون عن الحقيقة ، ويخضعون لمنهج العلم الذي توارثوه وعرفوه ، وعملوا على الاجتهاد فيه وفق أسس منهجية وشروط توثيقية ، فلا صكوك حرمان ولا صكوك غفران في الإسلام .
واضح أن البيان يسعى لترهيب الرأي العام الإسلامي حتى لا يتصدى للمحاولات التي يمارسها العلمانيون من طائفيين وشيوعيين وماسون وأشباههم ، لتحويل بلادنا إلى ذيل تابع للغرب في صورته الرديئة المتخلفة ، وليس في صورته القوية الجسور .
إنهم يعملون على تجريد الإسلام من قيمه العليا ، ومثله الرفيعة ، وإحلال القيم الوثنية والمثل المتدنية ، وإقناع المسلمين بعدم صلاحية الإسلام للحياة ويروجون لما يسمونه التنوير بمفهومه الغربي الاستعماري المعادى للتوحيد والوحي في مقابل المفهوم الإسلامي الذي يسمونه بالظلام أو الظلامية ، ويجاهرون بأنهم في معركة يخوضونها ، ويجب أن ينتصروا فيها ، وينتصر التنوير ضد الظلام .
إنهم يعتدون على ثوابت الإسلام ومقدساته ، ويزعمون أن ذلك حرية فكر وحق تعبير ويرون أن من يناقشهم متخلف ورجعى وجامد وظلامي ، وأن من يحتكم إلى القضاء متأسلم عميل ومأجور لحساب الوهابيين والسلفيين والإرهابيين ، ولا يكتفون بهذا بل يستنكرون منهج الحسبة الإسلامية ، التي تترجم عمليا الدعوة إلى المعروف والنهى عن المنكر ، امتثالاً لقوله تعالى ” وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” ( آل عمران : 104 ) .
إن الحملة الشيطانية ضد الحسبة تنّكر للدين الحنيف ومنهجه في تطهير المجتمع من التلوث الفكري والسلوكي والعقدي والخلقي والسياسي والاقتصادي . لقد نجح هؤلاء العلمانيون من خلال خدمتهم للسلطات البوليسية والعسكرية الفاشية في إهانة الإسلام وتحقيره باسم حرية التعبير ، ونجحوا في بعض البلاد العربية في إلغاء مبدأ الحسبة وقصره على النيابة العامة ، وشككوا في قيم الإسلام وحسبوها عاجزة عن تحقيق الحرية والشورى والعدل والمواطنة والمساواة ، فأشاعوا أن تعاليم الإسلام طائفية ، وتكره الآخر ، وتقوم على التمييز ، وضد الإبداع ، والتفكير ، والتقدم !
إن بيان السادة المثقفين العلمانيين هو ” إهانة ” للإسلام بكل المقاييس ، ودعوة للاجتراء على عقائده وقيمه دون مسوغ من العقل والنقل ، بل دعوة إلى خلع الإسلام من الدساتير والقوانين العربية حيث يطالب البيان بصراحة فاقعة بتنقية الدساتير والتشريعات والقوانين في العالم العربي من كل ما يكبح حرية الرأي والاعتقاد والإبداع ، والمقصود بذلك دون مواربة هو إسلامية الدولة ومصدر التشريع الإسلامي ، وهو أمر لا يحدث أبداً لا في الدول الغربية الاستعمارية الصليبية ، ولا الإمارة النازية اليهودية الغاصبة في فلسطين .. لا أحد هناك من مثقفين وغيرهم يدعو إلى التنصل من دين الدولة أو مذهبها الديني بحجة تنقية الدساتير والقوانين من كوابح الرأي والفكر .
بيان المثقفين العلمانيين وصمة عار في تاريخهم الموالى للاستبداد والحكومات البوليسية والعسكرية ، فضلاً عن كونه إهانة للإسلام .
هامش :
يوسف سيدهم يقود التمرد الطائفي في جريدة وطني الطائفية ، وقد فضحه مجلس حقوق الإنسان الذي يرأسه بطرس الحفيد ، وذلك حين أعاد نشر خبر قديم حول تمرد طائفي في قرية بمها ، ليشعل نار المتمردين في الخارج . سيدهم مشغول ببناء الكنائس مع إصراره على بناء كنيسة أمام كل مسجد حتى تتحقق المواطنة ! ألا أحد هناك يقول ليوسف : أعرض عن هذا ، وكن مصريا يعيش هموم مصر ؟a