12 فبراير 2011

المماطلة و التسويف

http://www.nooralhudanote.com/wp-content/uploads/Hourglass.jpg 

هل تقضي الكثير من الوقت في مهام صغيرة تافهة ؟ 

هل تمتليء أدراج مكتبك بملفات تنتظر من يرتبها منذ مدة ؟

هل تبدأ في أداء المشاريع قرب أو بعد مرور موعد تسليمها ؟

إذا كنت من هؤلاء فأنت من المماطلين أومن إعتاد على ممارسة المماطلة

و لكن لا تقلق فلدي لك خبر سار وآخر سيء

أما السيء فأنت ممن يستسلمون بسهولة للضغوط و أما السّار فأنت تسعى نحو الكمال

ولابد لعلاج ذلك أن يعترف الشخص أنه مماطل أولا ثم يبدأ في التعامل مع حلول للمشكلة

وتذكر أنه ليس هناك من يماطل في كل شيء إذ أننا جميعنا لدينا جوانب مشرقة في حياتنا لا نمارس فيها المماطلة فلا تدع نوبات المماطلة تقلل من قيمتك

أو تقديرك وإحترامك لذاتك ..

تقول الدراسات أن المماطلة تؤثر على أصحاب النفوذ ورجال الأعمال وربات البيوت والمتقاعدين والطلاب

وقد قدر ويليام نوس أن 90% من طلاب الكليات مماطلين مزمنين , كما لاحظ أن هؤلاء الطلاب غالبا ما ينتهي بهم الأمر بالرسوب في الكلية ثم إدارة شركات كبيرة فيما بعد !!

إن مشكلة المماطلة تبدأ عندما تشعر بصعوبة إحدى المهام الموكلة إليك أو عدم ملاءمتها لك أو كرهك لأدائها فعندها يجب أن تعترف بمماطلتك وتبدأ بالتعامل مع المشكلة

وتذكر : أن ما نحب أن نفعله نجد الوقت لنفعله

هناك عدة طرق للتعامل مع المماطلة سأذكر لك أجملها وأسهلها ويمكنك اختيار بعض منها أو جميعها دون ترتيب :

* صحح النية من العمل واجعلها لله خالصة

* حدد الجزء الذي تماطل فيه في المهمة إذ ستفاجأ بأنه جزء محدد لا المهمة بأكملها

*إبحث عن المعنى الأكبر للمهمة : ونذكر قصة لعامل البناء الذي كان يعمل بسعادة غامرة فلما سئل عن السبب قال : إن العمال الآخرين يضعون الطوب على الأرض أما أنا اساعد في بناء دار عبادة للاحتفاء بعظمة الله

* تخيل نفسك وأنت تنجح وعش واسمع وشاهد كل التفاصيل في خيالك وهو أسلوب قوي

* فكر في نجاحاتك السابقة

* إنجز أعمالك بطرق مختلفة

* إستخدم حوارا إبداعيا مع نفسك : فبدلا من أن تقول : لا يمكنني تحمل هذا قل : أقبل بهذا التحدي

وبدلا من قول لا أستطيع قل : لقد قمت بأصعب من هذا من قبل

* إستعرض أهدافك الداعمة والمحفزة

* عش في بيئتك المفضلة : فمثلا إن كنت تؤجل المذاكرة للامتحان فهييء حجرتك المفضلة وأريكتك المفضة ثم إبدأ مباشرة

* إتبع أسلوب الأربع دقائق الإبداعي وهو أن تتعهد لنفسك بأنك ستبدأ العمل أو المذاكرة لأربع دقائق فقط ثم بعدها إن شئت توقفت وإن شئت تابعت

* إستخدم الروائح المحببة إليك قبل البدء

* إستمع إلى ما يحفزك ويلائمك من إصدارات تنمية الذات

* ضع خطة لسير العمل

* تعامل مع الأجزاء الصعبة أولا

* قم بخطوة واحدة صغيرة

* إتخذ شركاء لك في طريقك نحو النجاح

* فوض العمل لشخص آخر : إذ ليس من البطولة أن تقوم بجميع الأعباء طوال الوقت وحدك فكر فيمن يمكنك أن توكل إليه بعض أو كل المهمة التي تماطل فيها

* إحسب تكاليف المماطلة : فالخوف من الخسارة قد يكون حافزا كبيرا لك

* خذ قسطا من الراحة والنوم والطعام الصحي

* الإستغفار والدعاء: إذ قد يكون السبب كثرة الذنوب وعدم وجود هدف حقيقي فبالدعاء والإنابة تتهذب نفسك وتشعر بإرشاد الله عز وجل لك

* ساعد غيرك ممن يحتاج إلى معونة مادية أو معنوية فبذلك تبرم عقدا مع المعونة الإلهية فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

ولا محالة أن من سلك الطريق وصل .. وقد يكون الطريق أسهل مما تصورت

فما عليك سوى البدء

 

إعداد : هنيدة أحمد شفي

سلطان الاباريــق


يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الاشراف على الأباريق لحمام عمومي، والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته ثم يرجع الابريق الى صاحبنا، الذي يقوم باعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.
في إحدى المرات جاء شخص وكان مستعجلا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة اليه فرجع الرجل على مضض، وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق سأل مسؤول الأباريق:
لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق،
فقال مسؤول الأباريق بتعجب: إذن ما عملي هنا؟!
إن مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج الى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!

إن سلطان الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في الوزارات أو في المؤسسات أو في الجامعات أو المدارس أو في المطارات، بل لعلك تجده في كل مكان تحتك فيه مع الناس!

ألم يحدث معك، وأنت تقوم بانهاء معاملة تخصك، أن تتعطل معاملتك لا لسبب الا لأنك واجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك:
اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين،
ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج الا لمراجعة سريعة منه
ثم يحيلك الى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته الا اذا تكدست عنده المعاملات وتجمع حوله المراجعون.. انه سلطان الأباريق يبعث من جديد!

إنها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله!

إن ثقافة سلطان الأباريق تنسحب أيضا على المدراء والوكلاء والوزراء..
تجدها في مبادئهم حيث إنهم يؤمنون بالتجهم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتها لكي يوهموك بأنهم مهمون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم!!
Error! Filename not specified.Error! Filename not specified.Error! Filename not specified.
ولقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: 
(( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)).
ولكنك تستغرب من ميل الناس إلى الشدة والى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة، ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء!

إنها دعوة لتبسيط الأمور لا تعقيدها ولتسهيل الإجراءات لا تشديدها وللرفق بالناس لا أن نشق عليهم، ولكم نحن بحاجة للتخلص من عقلية
سلطان الأباريق
( وما أكثرهم في هذا الزمان( ،

متـعة التحـفيـز

قبل البدء أحب أن أذكركم  بأن هناك روابط رائعة تحفزنا نحو القيام بشيء ما و منها رائحة القهوة

التي تشعل روح النشاط لديّ و لدى العديد و تحفزني للإنجاز خاصة قهوة الصباح و الآن بسم الله نبدأ   

يحكى أن شاباً ذهب إلى السيرك فرأى الفيل مربوط بسلسلة و كان بإمكان الفيل

التخلص منها بكل سهولة و لكن الفيل مطيع جدا و يمشي في حدود

معينة و بهدوء شديد دون أي محاولات منه للهرب رغم ضخامة جسمه

فسأل المدرب الفيل لماذا لا يهرب ؟

فأجاب بأن الفيلة عندما تأتي لأول مرة للسيرك و هي صغيرة نربطها بحبل

في قدميها بحيث لا تستطيع أن تهرب أو تذهب بعيداً و على مر السنوات يكبر الفيل

و هو معتقد بأن الحبل هذا الذي تراه هو الحبل الذي كان مربوط به

حينما كان صغيراً و في هذه الحالة لا تبدر منه أي محاولات للهرب و الابتعاد .

و هذا الكلام ينطبق على الكثيرين الذين يعتقدون أنهم لا يؤمنون بقدراتهم

بسبب اعتقادهم أنهم لا يملكون تلك القدرات تجاه عمل ما

فكم منا تعوقه معتقدات قديمة لا تخدمنا الآن

كم منا تجنب عمل شيء جديد بسبب معتقد ما يحده أو يعوقه ؟

لقد قيل دائماً أن ما تعتقده بيقين يمكنك تحقيقه

فلا تكن فريسة لمحطموا الأحلام و تحمل مسئولية حياتك 

* * *

كما يحكى أن شاباً ذهب لأحد الحكماء ليتعلم منه …

و سأله: هل تستطيع أن تذكر لي ما هو سر النجاح ؟

فرد عليه الحكيم بهدوء و قال له: سر النجاح هو الدوافع

فسأله الشاب: و من أين تأتي هذه الدوافع ؟

فرد عليه الحكيم : من رغباتك المشتعلة

و باستغراب سأله الشاب: و كيف يكون عندنا رغبات مشتعلة ؟

و هنا استأذن الحكيم لعدة دقائق و عاد ومعه وعاء كبير مليء بالماء

و سأل الشاب: هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة ؟

فأجابه بلهفة: طبعاً

فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء و ينظر فيه ، و نظر الشاب إلى الماء عن قرب و فجأة ضغط

الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب و وضعها داخل وعاء الماء ، و مرت عدة ثوان و لم يتحرك الشاب ،

ثم بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء ، و لما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص

نفسه و أخرج رأسه من الماء ثم نظر إلى الحكيم ،

و سأله بغضب: ما هذا الذي فعلته ؟

فردّ و هو ما زال محتفظا بهدوئه و ابتسامته سائلا:

ما الذي تعلمته من هذه التجربة ؟

قال الشاب: لم أتعلم شيئا!!

فنظر إليه الحكيم قائلا:

لا يا بني لقد تعلمت الكثير ، ففي خلال الثواني الأولى أردت أن تخلص نفسك

من الماء و لكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك ، و بعد ذلك كنت دائما راغبا

في تخليص نفسك فبدأت في التحرك و المقاومة و لكن ببطء حيث أن دوافعك

لم تكن قد وصلت بعد لأعلى درجاتها.. و أخيراً وعندما شارفت على الغرق أصبحت عندك الرغبة

المشتعلة لتخليص نفسك ،

و عندئذ فقط أنت نجحت لأنه لم تكن هناك أي قوة في استطاعتها أن توقفك.

ثم أضاف الحكيم الذي لم تفارقه ابتسامته الهادئة:

عندما يكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح فلن يستطيع أحد إيقافك… 

من كلتا القصتين يتجلى لنا أن المحرك الأول وراء أي فعل هو الاعتقاد الداخلي

و القدرات الداخلية داخل الإنسان .

الاعتقاد كما يذكر الدكتور إبراهيم فقي هو :البرمجة الراسخة لما تعنيه الأشياء وكل ما تدركه

النفس…وهو السبب في كل ما يحدث لك.

مثلا :اعتقاد أنك ترتاح بالسجائر…أو اعتقاد أن نجاحك محدود…

فالاعتقاد يولد الفعل والفعل يولد الاعتقاد ويقويه..

والاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا وهو أهم خطوة في

طريق النجاح وهناك حكمة تقول:

لكي ننجح لا بد أولاً أن نؤمن بأننا نستطيع النجاح

إذن لا بد أن نؤمن بقدراتنا الداخلية …

يقول وليام جيمس عالم النفس الشهير

كلنا نملك مصادر لا نحلم بها , لو نستطيع أن نأخذ صورة أشعة روحية لأنفسنا سنجد طاقات و إمكانات

هائلة و كامنة داخلنا , و ستذهل عندما ترى الصورة الشاملة وقتها ستدنو من الشخص الذي يمكن أن

تكونه و ستقول إن خصائص النجاح المتميزة هذه تنتمي لشخص حقق إنجازات متميزة لا لشخص

مغمور .

 

 

كما أن الدراسات تشير إلى أن 85 % من قدراتنا غير ظاهرة

و 15% فقط هي التي تظهر لنا  تماما مثل الجبل الجليدي

الذي يبقى معظمه مغموراً تحت سطح الماء و جزء بسيط فقط يظهر فوق السطح

 و لكن السؤال كيف نكتشفها ؟  

لكي تكتشفها عليك بالتغيير … كيف ؟ 

سأجيبك … 

 أن تعمل شيئاً جديداً … غير من روتينك اليومي … جرب أي شيء جديد لم تعتاد على ممارسته و متى

شعرت بميولك لهذا الشيء الجديد لاحظ مدى قدرتك فيه وإمكانياتك التي تحتاج إلى تفعيل

فقط تفاعل معها لتمنحك النجاح .. فقط تحرك نحو التغيير …

نحو التجديد لتكتشف ما لديك من ملكات و قدرات 

يقول رونالد اسبورت إذا لم تحاول أن تفعل شيئاً أبعد مما قد أتقنته.. فأنك لا تتقدم أبدا .  

و لكي نتقدم لابد من التحفيز و سنتحدث هنا عن التحفيز الداخلي 

 ما هو التحفيز Self motivation ؟ ومن أين جاءت هذه الكلمة ؟ 

يقول الدكتور إبراهيم فقي : 

 التحفيز  :  كلمة يونانية الاصل تعني (ليحرك) .. 

وقاموس وبستر يعرف التحفيز على أنه فعل أو قول شي يدفع شخصا 

لأن يحدث فعلا. 

وباللغة الانجليزية فأن كلمة تحفيز فعل يصدر عن حافز .. 

يقول الدكتور / دينيس والتي مؤلف كتاب (التحفيز من الناحية النفسية ) :

إن التحفيز يصدر عن رغبة ,فعندما تكون لديك رغبة قوية لتحقيق هدف معين أو عندما يواجهك نوع

من التحدي بينما تريد أن تحدث تغييرا نحو مستوى أفضل فانك تكون محفزا  

وفي مثل هذه الحالة عندما تكون في قمة التحفيز ,فانك تسعى نحو تحقيق هدفك  

ولا يثبط من همتك أي عوائق أو إخفاقات ..

و في بحث أجرته كلية التربية بجامعة الملك سعود

التحفيز : يطلق على التحريك للأمام ، وهو عبارة عن كل قول أو فعل أو إشارة تدفع الإنسان إلى سلوك

أفضل أو تعمل على استمراره فيه . والتحفيز ينمى الدافعية ويقود إليها ، إلا أن التحفيز يأتي من

الخارج فإن وجدت الدافعية من الداخل التقيا في المعنى ، وإن عدمت صار التحفيز هو الحث من

الآخرين على أن يقوم الفرد بالسلوك المطلوب . 

و في دورة للمدرب زراق العصيمي  يقول :

التحفيز الذاتي :

يقصد به شحن و تقوية مشاعرك و أحاسيسك الداخلية التي تقودك إلى تحقيق أهدافك

أو تسهل عليك القيام بها . 

و تعريفي للتحفيز :

هو طاقة مشتعلة تنبع من رغبة صادقة أو حاجة ماسة تدفعك لتحريك قدراتك وإمكانياتك

لإنجاز مهمة ما في سبيل تحقيق غاية و هدف .

^

^

أهمية التحفيز :

1-   تجديد الحيوية و النشاط

2-   إشعال روح الحماس و المبادرة بالأعمال

3-   مضاعفة المجهود و سرعة الإنجاز

4-   الشعور بأهمية العمل المنجز

5-   الحفاظ على المستوى المطلوب و الاستمرارية في علو الهمة .

 

نورالهدى عبدالعزيز التركستاني

05 فبراير 2011

الوظيفة عبودية القرن العشرين


يسكن دبي منذ أكثر من عام إلا أن شقته الجميلة التي تطل على البحر لا تحوي غير سرير صغير (مؤقت) فقط في الغرفة التي ينام فيها ، وهي الغرفة الوحيدة التي يعرفها ، أما باقي البيت فلم يجد الوقت الكافي لاستكشافه بعد.

عندما سألته عن سبب ذلك قال لي إنه لم يستطع أن يتفق مع شركة الأثاث - الذي دفع قيمته قبل أكثر من عام - على وقت مناسب ليوصلوا له الأثاث إلى البيت ، فعمله يفرض عليه أن يكون متواجداً في المكتب طوال النهار... وطوال الليل أحياناً.

أمثاله كثر ممن يظنون أن العمل الشاق والمنهك هو وسام يعلقه الموظف على صدره ، أو ميدالية ذهبية يفوز بها الموظف الذي لا يعلم أنه يعيش تماماً مثلما كان العبيد يعيشون أيام الفراعنة ..

فعلى الرغم من

أن كل من شارك في بناء الأهرامات كان يجب عليه أن يشعر بالعز والفخر لأنه كان يبني أعظم بناء في تاريخ البشرية إلا أنه في كل الحالات كان يعلم أنه عبد ليس إلا.

كلما عدت من العمل متأخراً - لأنني أحد هؤلاء العبيد أيضاً - يقول لي ابني سعيد : "بابا لا تذهب إلى المكتب مرة أخرى"

وكلما أتذكر كلماته وأنا في عملي أوقن أنني أغتال أجمل أيام عمري وعمره معاً.

يقضي الموظف منا معظم حياته في الوظيفة إلا أن ذلك قلّما يؤثر إيجاباً على حياته ..

فما هي حقيقة العمل ؟

والأهم من ذلك ما هي حقيقة الحياة ؟

معظم الذين يعيشون الوظيفة يشربون قهوة سوداء (دون سكر) كل صباح ، ليس لأنهم مرضى بالسكري بل لأنهم يعلمون أنهم سيصابون به حتماً في يوم ما ... يشربونها سوداء لينعشوا ذاكرتهم التي خانتهم عندما حاولوا أن يتذكروا من هم أو بالأحرى ما هم .. يفتخرون بأنهم يتحدثون الإنجليزية .. والإنجليزية فقط ، وإذا استرقت النظر إلى ملاحظاتهم التي يدوّنونها خلال الاجتماعات الطويلة تجدها بالإنجليزية أيضاً ، حالهم في ذلك حال الغراب الذي حاول أن يقلد مشية العصفور فلم يفلح ، وعندما أراد أن يعود غراباً لم يفلح أيضاً ..

عندما دخلت التكنولوجيا حياة الإنسان تفاءل الجميع بها وراهن الخبراء أنها ستكون الأداة التي تنقل الإنسان من الشقاء إلى السعادة ، وأن كل شيء سيكون ممكناً (بضغطة زر ) ..إلا أن أحداً لم يتوقع أن تسيطر هذه الأزرار على حياتنا وعلى موتنا أيضاً ..

أصبح الموظف الناجح محكوماً عليه بحمل أجهزة الاتصال المباشر بالبريد الإلكتروني
.... ( Black Berry)..

وإذا ما سافر فإنه مجبر (اختيارياً) على التأكد من أن غرفته بها خط للاتصال بالإنترنت ، بل إن البعض لا يسافر على طائرة إلا إذا كان بها اتصال بالإنترنت ...

ومن ملامح هؤلاء أنهم يجلسون في مكاتبهم حتى بعد انتهاء الوقت الرسمي للعمل لا لشيء إلا لأنهم يشعرون أنه ليس هناك مكان آخر يذهبون إليه ، ولو استطاعوا لاستأجروا غرفاً مجاورة تماماً لمكاتبهم حتى لا يفارقوها يوماً..

عانيت قبل فترة من اختلال في ضغط الدم ، فكان يهبط فجأة ومن ثم يعود للصعود المفاجئ تماماً كسوق الأسهم إلا أنني كنت أخسر في كلتا الحالتين ..

فعند الهبوط كنت أشعر بأن روحي تخرج من جسدي وعند الارتفاع كان جسدي يرتعش وكأن أحداً قد أوصله بتيار الكهرباء.. ركبت الريح على الفور وتوجهت إلى سنغافورة للعلاج - تأكدت قبل الحجز أن غرفة الفندق بها خط إنترنت - وبعد الفحوصات قال لي الطبيب إن جسمي سليم وليس به شيء ومشكلتي هي في عملي وقال أيضاً :

"إذا كنت تعمل لكي تعيش فاعلم أنك تعمل لتموت "

ونصحني بقراءة بعض الكتب المتعلقة بإدارة ضغوطات العمل ..

لكل منا أسبابه الخاصة التي تدفعه إلى الاستماتة في العمل ، و في دراسة قام بها مركز دراسات "موازنة الحياة مع العمل" الأمريكي تبين أن هناك خمسة أسباب لذلك :

أولها : أن يكون لدى الإنسان تحدٍ في عمله يريد أن يتغلب عليه ..

وثانيها : أن يكون عمله مصدر إلهامه وحماسه في الحياة . 


وثالثها : أن تكون العوائد المادية من عمله عالية جداً أو مرضية ..


ورابعها : أن يحب الموظف زملاءه حباً جماً لدرجة أنه لا يستطيع أن يفارقهم ساعة . 


وآخرها : هو تحقيق الموظف لذاته من خلال إنجازه لمسؤوليات العمل ..

وأياً كانت هذه الأسباب فإنها تؤدي إلى (اشتراكية الوظيفة) أي إشراك الحياة في الوظيفة وسيطرة الأخيرة على جميع جوانب الإنسان ..


إن الهدف الحقيقي من الحياة - في رأيي - هو السعادة ..


فحتى عبادتنا لله سبحانه وتعالى تنبع من شعورنا بالرضى النفسي تجاه أنفسنا عندما نقوم بذلك ، فنحن نعبده لندخل الجنة وبالتالي لتحقيق السعادة ، ونؤدي فرائضه لنشعر بالطمأنينة والراحة النفسية ولنعقد سلاماً داخلياً مع نفوسنا.. أي لنحقق السعادة .


وإذا كان كل شيء نقوم به في حياتنا هدفه تحقيق السعادة فلماذا إذن نستميت في أعمالنا التي (يخيّل) لنا أنها ستسعدنا في يوم ما وهي تزيدنا شقاءً يوماً بعد يوم؟


كلما أتذكر هذه الحقيقة أقول في نفسي :

"سأجلس مع أبنائي وأتفرغ لهم أكثر عندما أحصل على ترقية" وها أنا حصلت على مجموعة من الترقيات ولم يزدني هذا إلا بعداً عن أسرتي وعائلتي... وعن نفسي أيضاً فبت لا أعرف من أنا ولا ما أريد أن أحققه في حياتي القصيرة .


قبل عدة سنوات قامت شركة
 IBM
بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لطرح برامج توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته، وكان أحد هذه البرامج هو العمل بالإنجاز أو مؤشرات الأداء وليس بالحضور إلى مكاتب المؤسسة ، فلا يهم المؤسسة إن كان الموظف على مكتبه في الوقت المحدد أم لا وكل ما يهمها هو أن ينجز عمله في الوقت المحدد حتى أصبح أكثر من 40% من موظفي
 IBM
يعملون اليوم خارج مكاتب الشركة ، سواءً من منازلهم أو من مقاهي الإنترنت أو أي مكان في الدنيا .


أما شركة
 AmericanCentury Investments
فلقد خصصت ميزانية لشراء أدوات للرياضة المنزلية لكل موظف - دون استثناء - ليستطيع الموظف أن يحافظ على لياقته البدنية وبالتالي يعيش بصحة جيدة ، وكلتا هاتين الشركتين تقولان إن إنتاجيتهما ارتفعت بعد تطبيق هذه البرامج التي تسعى لطرح توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته .


إذا كنت ممن يطيلون الجلوس في مكاتبهم بعد العمل فأنت عبد جديد ..

وإذا كنت حين تضع رأسك على وسادتك تفكر بأحداث يومك في العمل فأنت عبد جديد ...
وإذا كان أعز أصدقائك هو أحد زملائك في العمل فأنت لا شك عبد جديد..


الفرق بين العبيد الجدد والعبيد القدماء


أن القدماء كانوا مرغمين على طاعة أسيادهم وتنفيذ أوامرهم ...

أما العبيد الجدد فإنهم يظنون أنهم مرغمون على تنفيذ أوامر أسيادهم (مديريهم) إلا أنهم في الواقع ليسوا إلا عبيداً لهذه الفكرة فقط، ...وهم أيضاً عبيد لأوهامهم التي تقول لهم إنهم سيكونون يوماً ما عبيداً أفضل !!!

إرحل كزين العابدين ..... فاروق جويدة

إرحل كزين العابدين وما نراه أضل منك
إرحل وحزبك في يديك
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك
إرحل فإني ما ارى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر اما تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
إرحل وحزبك في يديك
إرحل بحزب إمتطى الشعب العظيم
وعثى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك
ارحل وفشلك في يديك
إرحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك
فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك
مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك
كم من شباب عاطل او غارق في بحر فقر وهو يلعن والديك
كم من نساء عذبت بوحيدها او زوجها تدعو عليك
إرحل وابنك في يديك
إرحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح
لا تعتقد وطنا تورثه لذاك الابن يقبل او يبيح
البشر ضاقت من وجودك. هل لإبنك تستريح؟
هذي نهايتك الحزينة هل بقى شىء لديك
ارحل وعارك أي عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ.. للموتى..
وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ.. للقفارْ؟!
لعيونِ طفلٍ
مات في عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!
لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا
فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار
لمواكبٍ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!
لمن يكون الاعتذار؟
**
ارحل وعارك في يديكْ
لا شيء يبكي في رحيلك..
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ
لا شيء يبدو في وجودك نافعا
فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..
مالي أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..
مالي أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
ماذا تركتَ الآن في ارض الكنانة من دليل؟
غير دمع في مآقي الناس يأبى ان يسيلْ
صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..
بؤسُ أطفالٍ صغارٍ
أمهات في الثرى الدامي
صراخٌ.. أو عويلْ..
طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ
عن بيتٍ توارى
يسأل الأطلالَ في فزعٍ
ولا يجدُ الدليلْ
سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ
هل تُرى شاهدتَ يوما..
غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!
الآن ترحلُ عن ثرى الوادي
تحمل عارك المسكونَ
بالحزب المزيفِ
حلمَكَ الواهي الهزيلْ..
***
ارحلْ وعارُكَ في يديكْ
هذي سفينَتك الكئيبةُ
في سوادِ الليل تبحر في الضياع
لا أمانَ.. ولا شراعْ
تمضي وحيدا في خريف العمرِ
لا عرش لديكَ.. ولا متاعْ
لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ
لا سندا.. ولا أتباعْ
كلُّ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..
بعد أن سقط القناعْ
البلد في عينيكَ كان مغارة للنهب.
والدنيا قطيعٌ من رعاعْ
الأفق يهربُ والسفينةُ تختفي
بين العواصفِ.. والقلاعْ
هذا ضميرُ الشعب يصرخُ
والشموعُ السودُ تلهثُ
خلفَ قافلةِ الوداعْ
والدهر يروي قصةَ السلطانِ
يكذبُ.. ثم يكذبُ.. ثم يكذبُ
ثم يحترفُ التنطُّعَ.. والبلادةَ والخداعْ
هذا مصيرُ الحاكمِ الكذابِ
موتٌ.. أو سقوطٌ.. أو ضياعْ
***
ما عاد يُجِدي..
أن تُعيدَ عقاربَ الساعاتِ..
يوما للوراءْ
أو تطلبَ الصفحَ الجميلَ..
وأنت تُخفي من حياتكَ صفحةً سوداءْ
هذا كتابك في يديكَ
فكيف تحلم أن ترى..
عند النهايةِ صفحةً بيضاءْ؟
الأمسُ ماتَ..
ولن تعيدَك للهدايةِ توبةٌ عرجاءْ
وإذا اغتسلتَ من الذنوبِ
فكيف تنجو من دماء الأبرياءْ
وإذا برئتَ من الدماءِ..
فلن تُبَرئَكَ السماءْ
لو سالَ دمعك ألفَ عامٍ
لن يطهرَكَ البكاءْ
كل الذي في مصر
يلعنُ وجهكَ المرسومَ
من جوع الصغارِ وقهرة الاباء
أخطأتَ حين ظننتَ يوما
أن في التاريخ أمجادا
لبعضِ الأغنياءْ الاغبياء
***
ارحلْ وعاركَ في يديكْ
ما عاد يُجدي
أن يفيقَ ضميركَ المهزومُ
أن تبدي أمامَ الناسِ شيئا من ندمْ
فيداكَ غارقتانِ في سلب ونهب ونهم
ووجه الكونِ أطلالٌ.. وطفل جائعٌ
من ألفِ عامٍ لم ينمْ
جثثٌ النخيل على الضفافِ
وقد تبدل حالُها
واستسلمتْ للموتِ حزنا.. والعدمْ
شطآن نيل كيف شردها الخرابُ
ومات في أحشائها أحلى نغمْ
وطنٌ عريق كان أرضا للبطولةِ..
صار مأوىً للرممْ!
الآن يروي الهاربونَ من الجحيمِ
حكايةَ الذئبِ الذي أكل الغنمْ:
كان الجميع مكبلا من أمنه
وتضخمت في حزبه تلك القوافل
كل قافلةٍ يزينها صنمْ
يقضون نصفَ الليلِ في وكرِ البغايا..
يشربونَ الوهمَ في سفحِ الهرمْ
الذئب طافَ على الشواطئ
أسكرته روائحُ الزمنِ اللقيطِ
لأمةٍ عرجاء قالوا إنها كانت -وربِّ الناس-
من خير الأممْ..
يحكون كيف تفرعنَ الذئبُ القبيحُ
فغاصَ في دم القناة..
وهام في ارض تباع..
وعَاثَ فيهم وانتقمْ
سجنَ الصغارَ مع الكبارِ..
وطاردَ الأحياءَ والموتَى
وأفتى الناسَ زورا في الحرمْ
قد أفسدَ الذئبُ اللئيمُ
طبائعَ الأيام فينا.. والذممْ
الأمةُ الخرساءُ تركع دائما
للغاصبين.. لكل أفاق حكمْ
لم يبق شيء للقطيعِ
سوى الضلالة.. والكآبةِ.. والسأمْ
أطفالُ بلدي يرسمونَ على
ثراها ألفَ وجهٍ للرحيلِ..
وألفَ وجهٍ للألمْ
الموتُ حاصرهم فناموا في القبورِ
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوتَ الحقِ فيهم لم ينمْ
يحكون عن ذئبٍ حقيرٍ
أطلقَ الفئرانَ ليلا في المدينةِ
ثم أسكره الفساد
مضى سعيدا.. وابتسمْ..
في صمتها تنعى المدينةُ
أمةً غرقتْ مع الطوفانِ
واستلقت سنينا في العدمْ
يحكون عن زمنِ النطاعةِ
عن خيولٍ خانها الفرسانُ
عن وطنٍ تآكل وانهزمْ
والراكعون على الكراسي
يضحكون مع النهاية..
لا ضميرَ.. ولا حياءَ.. ولا ندمْ
الذئب يجلسُ خلف قلعته المهيبةِ
يجمع الحراسَ فيها.. والخدمْ
ويطلُ من عينيه ضوءٌ شاحبٌ
ويرى الفضاء مشانقا
سوداءَ تصفعُ كل جلادٍ ظلمْ
والأمةُ الخرساءُ
تروي قصةَ الذئبِ الذي
خدعَ القطيعَ..
ومارسَ الفحشاءَ.. واغتصبَ الغنمْ
******
الآن إرحل غيرَ مأسوفٍ عليكْ
في موكبِ التاريخِ
سوفِ يطلُ وجهك
بين تجارِ الفساد وعصبةِ الطغيانْ
ارحل وسافرْ..
في كهوفِ الصمتِ والنسيانْ
فالأرضُ تنزع من ثراها
كلَّ سلطان تجبر.. كلَّ وغْدٍ خانْ
الآن تسكر.. والنبيذ الأسود الملعونُ
من دمع الضحايا.. من دم الجوعانْ
سيطل وجهك دائما
في ساحةِ الفقر الجبانْ
وترى النهايةَ رحلةً سوداءَ
سطرها جنونُ الجشعِ.. والعدوانْ
في كل عصر سوف تبدو قصةً
مجهولةَ العنوانْ
في كل عهدٍ سوف تبدو صورةً
للزيفِ.. والتضليلِ.. والبهتانْ
في كل عصرٍ سوف يبدو
وجهك الموصومُ بالكذبِ الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفرانْ
قُلْ لي بربكَ..
كيف تنجو الآن من هذا الهوانْ؟!
ما أسوأَ الإنسانَ..
حين يبيع سرَّ اللّه للشيطانْ
***
ارحلْ و حزبك في يديك وخذ وليدك ذلك الظمآن
لقصرك العالي بيوم ايها السلطان
سيزورك القتلى بلا استئذانْ
وترى الجياع الراحلينَ
شريط أحزانٍ على الجدرانْ
يتدفقونَ من النوافذِ.. من حقولِ الموتِ
أفواجا على الميدانْ
يتسللونَ من الحدائقِ.. والمخابئ
من جُحُورِ الأرضِ كالطوفانْ
وترى بقاياهمْ بكل مكانْ
ستدور وحدك في جنونٍ
تسألُ الناسَ الأمانْ
أين المفر وكل ما في الأرضِ حولكَ
يُعلن العصيانْ؟!
والآن لا جيش.. ولا بطش.. ولا سلطانْ
وتعود تسأل عن رجالك: أين راحوا؟
كيف فر الأهلُ.. والأصحابُ.. والجيرانْ؟
يرتد صوتُ الشعب يجتاح المدينَةَ
لم يَعُدْ أحدٌ من الأعوانْ
هربوا جميعا..
بعد أن سرقوا المزادَ.. وكان ما قد كانْ!
ستُطِلُّ خلف الأفق قافلةٌ من الأحزانْ
أطلالُ بلدتنا الحزينةِ
صرخةُ امرأةٍ تقاومُ خسةَ السجانْ
صوتُ الشهيدِ على ضفاف قناتنا..
يقرأ سورةَ الرحمنْ
وعلى امتدادِ الأفقِ
مئذنةُ بلونِ الفجرِ
في شوقٍ تعانق مريم العذراءَ
يرتفع الأذانْ
الوافدونَ أمامَ بيتكَ
يرفعون رءوسهم
وتُطل أيديهم من الأكفانْ
مازلتَ تسأل عن ديانتهم
وأين الشيخُ.. والقديسُ.. والرهبانْ؟
هذي أياديهم تصافحُ بعضَها
وتعود ترفُع رايةَ العصيانْ
يتظاهرُ الشرقى.. والغربي
والقبطي والنوبى
ضد مفاسد الشيطانْ
حين استوى في الأرض خلقُ اللّه
كان العدل صوتَ اللّه في الأديان
فتوحدت في كل شيء صورةُ الإيمانْ
وأضاءت الدنيا بنور الحق
في التوراةٍ.. والإنجيلِ.. والقرآنْ
اللّه جل جلاله.. في كل شيء
كرم الإنسانْ
لا فرقَ في لونٍ.. ولا دينٍ
ولا لغةٍ.. ولا أوطانْ
الشمسُ والقمر البديعُ
على سماء الحب يلتقيانْ
العدلُ والحقُ المثابر
والضميرُ.. هدى لكل زمانْ
كل الذي في الكون يقرأ

نشيد إسلمي يا مصر...مصطفي صادق الرافعي

سْلَمِي يا مِصْرُ إنِّنَى الفدا ذِى يَدِى إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا

أبدًا لنْ تَسْتَكِينى أبدا إنَّنى أَرْجُو مع اليومِ غَدَا

وَمَعى قلبى وعَزْمى للجِهَاد ولِقَلْبِى أنتِ بعدَ الدِّينِ دِيْن

لكِ يا مِصْرُ السلامة وسَلامًا يا بلادي

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى

واسْلَمِى في كُلِّ حين

أنا مِصْرِيٌّ بنانى من بنى هرمَ الدَّهرِ الذي أَعْيا الفنا

وَقْفَةُ الأهرامِ فيما بَيْنَنَا لِصُلُوفِ الدَّهرِ وَقْفَتى أنا

في دِفَاعِى وجِهَادِى للبلاد لا أَمِيلُ لا أَمَّلُّ لا أَلِيْن

لكِ يا مصرُ السَّلامة وسَلامًا يا بلادى

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى

واسْلَمِى في كُلِّ حين

وَيْكَ يا مَنْ رَامَ تَقْييدَ الفَلَك أىُّ نَجْمٍ في السَّما يَخْضَعُ لَك

وطنُ الْحُرِّ سَمًا لا تُمْتَلَك والفتى الحرُّ بِأُفْقِهِ مَلَك

لا عَدَا يا أرضَ مِصْرٍ بِكى عَاد إنَّنا دُونَ حِمَاكِى أجمعين

لكِ يا مصرُ السَّلامة وسلامًا يا بلادى

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى

واسْلَمِى في كُلِّ حين

للعُلا أبناءَ مِصْرٍ للعُلا وبِمِصْرٍ شَرِّفُوا المستقبلا

وَفِدًا لِمِصْرِنا الدُّنيا فلا نَضَعَ الأَوْطَانَ إِلا أَوْلا

جَانِبى الأَيْسَرُ قَلْبُه الفُؤَاد وبِلادِى هِيَ لِى قَلْبِى اليَمِين

لكِ يا مصرُ السَّلامة وسلامًا يا بلادى

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى

واسْلَمِى في كُلِّ حين