30 ديسمبر 2009

يا عم قوم روح ..! ـ د . حلمي محمد القاعود

صارت برامج الرغي الليلي التلفزيونية وسيلة من وسائل الزراية بعلماء الإسلام والمدافعين عنه ، وصارت استضافتهم في هذه البرامج حيلة من حيل النخب الثقافية الفاسدة ، لتشويه صورة هؤلاء العلماء وإهانتهم ، وتقديمهم للناس في صورة الساذج العبيط الأهبل الذي لا يستطيع الصمود أمام عباقرة الفكر وقادة الأدب في مصر المحروسة ، وخاصة إذا كانوا من أهل الحظيرة الثقافية .. .! ولأن علماء الإسلام ودعاته والمدافعين عنه يملكون العفة ويلتزمون الأدب ، ويترفعون عن الصغائر ، فهم لن يردوا على همجية مثقفي الحظيرة وبلطجتهم وسوقيتهم الفاقعة ، وقل لي بالله ماذا يفعل واحد مثل الشيخ البري في مواجهة من يقول له على مسمع ومرأى من ملايين المشاهدين : يا عم قوم روح ..؟؟ وهي أخف الجمل والكلمات الساقطة المهينة التي تلفظ بها هذا المخلوق في مواجهة الشيخ الطيب.. بينما زميله الحظائري الآخر الجالس في الأستوديو ينهر الشيخ بفظاظة ليسكته ويلهيه ويربكه متهما إياه بالتكفير وإخراج الشيوعيين ومثقفي الحظيرة من الملة .. والست المذيعة المهذبة (!) تبدو معجبة بالمثقف الحظائري ، في الوقت الذي تقاطع فيه الشيخ والمتداخلين المؤيدين له بغلظة وفظاظة ، وكلما بدا أن متحدثا إسلاميا يوشك على توضيح فكرته تقطع عليه الحديث ، وكأن اللعبة مرتبة ومتفق عليها بين من يقدمون البرنامج وبين خدم السلطة البوليسية الفاشية الذين يدافعون عنها وعن الوزير الذي ضل فكره وساء عمله وخاب سعيه!
الموضوع المطروح للمناقشة هو حصول شخص من الحظيرة الثقافية على أعلى جوائز الدولة المصرية في الاجتماع نظير كتاباته عن الإسلام ، وهي كتابات لا ترقى إلى مستوى البحث العلمي ولا تستخدم أدواته ولا مصادره الموثوقة ، وهي في مجملها ترديد مشوه لمقولات بعض المستشرقين عن الإسلام ونبيه - صلى الله عليه وسلم - تنقصها الدقة ويغذيها التعصب الصليبي الاستعماري وتهدف في نهاية المطاف إلى تصوير الإسلام بوصفه دينا موضوعا ومزيفا وضعه محمد – صلى الله عليه وسلم – وجده عبد المطلب ، واحتذي في صياغته اليهود ..إلخ .
ولكن أهل الحظيرة الثقافية الذين يناقشون الموضوع استطاعوا بتكتيكهم الشيوعي أن ينحرفوا بالمناقشة إلى : مدى شرعية جبهة علماء الأزهر التي ينتمي إليها الشيخ البري – ليس من حق جبهة علماء الأزهر أن تناقش موضوع الفساد الثقافي الذي عبر عن نفسه بمنح أحد مخلوقات الحظيرة الثقافية جائزة الدولة التقديرية – اتهام الشيخ البري والجبهة والمدافعين عن الإسلام بتكفير مثقفي الحظيرة – طرح سؤال : من جعلكم أيها الإسلاميون وكلاء عن الله ؟ - دعونا نتناقش أيها الإسلاميون وردوا على ما يكتب عن الإسلام في كتب !
وأبسط متابع يعلم جيدا أن هذه المحاور ليست في الموضوع وأن من حق المسلمين وغيرهم في هذا الوطن أن يناقشوا الفساد الثقافي والانحراف في مسيرة السلطة الثقافية وأن يدافعوا عن الإسلام بوصفه المجال الحضاري والعقدي للأمة ، وأن تكفير الناس أكذوبة اخترعها خدام النظام من مثقفي الحظيرة للتشهير بالإسلام والمسلمين، حتى لو تبنت عملية التكفير جماعة محدودة هنا أو هناك .. فمثل هذه الجماعات موجودة في المسيحية واليهودية جميعا ، ولم يتهم أحد المسيحيين جميعا أو اليهود جميعا بأنهم يكفرون الناس ، ثم إن هناك كتبا علمية وكتابات موضوعية عديدة ناقشت المخلوق المزور وكشفت زيف مؤلفاته وتهافت أفكاره !
مما يؤكد الانحراف بالنقاش عن طبيعته التي تتناول الفساد الثقافي ، ورغبة السلطة البوليسية الفاشية في إثبات الولاء للمؤسسة الاستعمارية الصليبية أنها ضد الإسلام وترحب بالملحدين الذين يطعنونه ويدعون أنه دين كذب واختلاق ، أن هناك نية مبيتة للتشهير بالإسلام والإسلاميين وتحدي الإرادة الشعبية ، وسلبها أعز ما تملك وهو دينها الإسلام ، مما يفرض على الأمة جميعا وليس جمعية علماء الأزهر ، أن تنهض للدفاع عن هذا الدين ، وتستبسل في هذا الدفاع ، ولا تستسلم أمام غوغائية أجهزة الدعاية الرسمية أو غير الرسمية التي يهيمن عليها مثقفو الحظيرة والمرتزقة والمنافقون والذين لا ينطقون إلا وفق ما يشير به صاحب الأجهزة الدعائية أو المهيمن عليها ..
إن الحملة الشرسة ضد الإسلام لا تقتصر على التحدي بمنح الجوائز لمن حادوا الله ورسوله ، ولكنها تتمثل في تحد آخر جديد ، تقوم به مكتبة الإسكندرية مع المركز القومي للترجمة ؛ في استضافة المعادين للإسلام للحديث عما يسمى آلية الرقابة وحرية التعبير في العالم العربي ، والمدعوون جميعا من الكتاب والفنانين الذين صادموا مشاعر المسلمين بأعمالهم وكتاباتهم ومواقفهم المهينة للإسلام والمشوهة له ، وهم الذي عاقبت بعضهم المحاكم وأدانتهم قضائيا ، وتأمل هذه الأسماء لترى إلى أي مدي تحاول السلطة الثقافية الفاسدة أن تجرح مشاعر المسلمين في فجاجة صارخة ، مع أن المسلمين هم الذين يدفعون ويمولون نشاطات أمثال هذه المؤسسات:
إدوار الخراط ، عبده وازن ، حيدر حيدر ، حلمي سالم ،مرسيل خليفة ، ليلى لقمان ، موسي حوامده ، عماد الحاج ، سامية محرز ، إلياس فركوح ، مجد حيدر ، خالد المعالي ، نجاد البرعي ، فيصل خريش ، وبالطبع يقود الندوة السيدان إسماعيل سراج الدين وجابر عصفور ،وتركز على مناقشة قضايا الرقابة على الأعمال الأدبية والفنية ، وقضايا المصادرة بين القانون والإعلام .
بالطبع لا يوجد كاتب إسلامي أو مثقف إسلامي في هذه الندوة المفتعلة ، ولا يوجد طرف من الأطراف التي أضيرت بسبب جريمة السيد حيدر حيدر ، النصيري الشيوعي المتعصب ، أعني الذين أغلقت صحيفتهم وحزبهم بسببها : جريدة الشعب وحزب العمل المصري الذي أسسه ورأسه المجاهد الراحل إبراهيم شكري ، مع أن الجريدة حصلت على أربعة عشر حكما قضائيا نهائيا بأحقيتها في الصدور …!
إذا حرية التعبير التي يقصدها القوم في مكتبة الإسكندرية والمركز القومي للترجمة هي حرية إهانة الإسلام في بلد الإسلام وتحدي المسلمين في رابعة النهار ! وهو ما حدث بالفعل حيث أبلى المتحدثون في الندوة بلاء غير حسن في هجاء الإسلام ، والمطالبة بفصل الدين عن الدولة ، لدرجة المطالبة بمنع قراءة آيات القرآن الكريم في طابور الصباح بالمدارس .. إلى هذا الحد يريدون إخراجنا من الملة ؟!! وإذا عرفنا أن مكتبة الإسكندرية تمثل فرعا من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية في مصر ، ولا تستضيف في الغالب إلا كل حاقد على الإسلام ومخاصم له ( اقرءوا قائمة الضيوف والمشاركين في أنشطتها منذ نشأتها ) ، أدركنا أن منح الجوائز لمخلوق لا يجيد إلا الشتائم والسب والقذف بلغة يعف عنها السوقة أمر ثانوي ، أمام مخطط عدواني ومجرم ضد الأمة وثقافتها الحقيقية .. أو قل الإسلام !
والسؤال الآن ما العمل ؟
اللجوء إلى القانون دفاعا عن الإسلام ضد المجلس الأعلى للثقافة مانح الجوائز ، والمركز القومي للترجمة الذي تحول إلى بؤرة تطبيع مع العدو النازي اليهودي ، ومكتبة الإسكندرية التي تحولت إلى فرع من فروع المؤسسة الاستعمارية الصليبية وصارت مصطبة لخصوم الإسلام والمسلمين .
يجب الانتصار في كل الأحوال بفضل الله على دعاة استئصال الإسلام ، ولو كانت السلطة البوليسية الفاشية وراءهم بجبروتها وعصاها الغليظة ، فإيماننا يجب أن يكون أقوى منهم ومن السلطة جميعا !



ليست هناك تعليقات: