26 ديسمبر 2009

سقوط القارونية الأمريكية د.محمد عمارة

فور سقوط الشيوعية وأحزابها وحكوماتها ومعسكرها الاشتراكي سنة1991 م أعلن اليمين الديني الأمريكي والمحافظون الجدد وأقطاب وقساوسة المسيحية الصهيونية عن انفراد أمريكا بالسيادة المطلقة على العالم، وتفردها بالحاكمية في البشر أجمعين
ولقد انبرى فلاسفة اليمين الديني الأمريكي للتنظير لهذا الإعلان ففوكوياما قد أعلن أن الرأسمالية الليبرالية في نهاية التاريخ وأنها على الشاطئ الذي يجب أن تتطلع للوصول إليه كل الأمم والشعوب والفلسفات والحضارات.
و”هانتنجتون” قد أعلن أن سبب سيادة أمريكا وليبراليتها هو الصراع والصدام لقهر واحتواء كل الحضارات وان البداية في هذا الصراع ستكون مع الحضارة الإسلامية ثم مع الحضارة الصينية ـالكونفشيوسيةـ وبعد الفراغ من هزيمة هاتين الحضارتين واحتوائهما ينعطف الغرب بقيادة أمريكا لاحتواء الحضارات الأخرى اليابانية والهندية والأرثوذكسية والأفريقية التي حيدها أبان الصراع والصدام مع المسلمين والصينيين لتنفرد أمريكا والغرب بالسيادة والحاكمية على البشرية جمعاء
ولقد صاحب هذا التنظير الفلسفي إعلان الإدارة الأمريكية مع الاحتفال بالألفية الثالثة لظهور المسيحية إن القرن الواحد والعشرين هو قرن الإمبريالية الأمريكية ،هكذا بصراحة بل بوقاحة لا لف فيها ولا دوران.
وكانت أحوال الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 م هي الفرصة السانحة لوضع هذه الفلسفات وهذه الإعلانات في الممارسة والتطبيق أي البدء بالصراع والصدام مع الحضارة الإسلامية كمدخل لاحتواء كل الحضارات.
فبعد أربعة أيام من 11 سبتمبر وقبل بدء التحقيق في هذا الحدث أعلن الرئيس بوش الصغير في 16 سبتمبر حملة صليبية على العالم الإسلامي وفى الشهر التالي أكتوبر سنة2001 م غزت أمريكا أفغانستان ثم جرت معها الحلف الأطلنطي إلى هناك .
وفى مارس سنة 2003 غزت أمريكا العراق ومع إسقاط بغداد بدا وكأن الحلم الأمريكي المجنون قد انتصر وتحقق على أرض الممارسة والتطبيق ولقد أعلن الساسة الأمريكيون ـ ساسة اليمين الديني والمحافظون الجدد والمسيحية الصهيونيةـ أن أبواب التاريخ قد فتحت على مصراعيها أمام القار ونية الأمريكية لتزداد صعودا في الغنى والثراء وذلك بعد السيطرة على منابع النفط حول بحر قزوين وفى الشرق الأوسط الذي آراءه جديدا تتمدد فيه الصهيونية على حساب العروبة والإسلام
كما أعلنوا بلسان وزير الدفاع يومئذ “رونالد رامسفيلد” عن أن الفرعونية الأمريكية قادرة على المحاربة في ثلاث جبهات في وقت واحد ومن ثم دعموا الغزو الأثيوبى للصومال سنة2005 م لضمان السيطرة على بحر البترول الأفريقي الذي تعوم فوقه دول الحزام الإسلامي الممتد من شرق أفريقيا إلى غربها.
هكذا بدا المشهد .. مشهد جنون القوة الأمريكية الذي مثلته الإدارة البوشية الأمريكية غداة إسقاط كابول وبغداد ومقديشو … فالفرعونية الأمريكية تحارب على ثلاث جبهات … والقار ونية الأمريكية تسيطر على مخزون البترول العالمي في النظام العالمي ويمنع ظهور رأى قطب جديد ينافسها في التحكم بعالم القرن الواحد والعشرين، لكن رعاة البقر الذين أصيبوا بجنون البقر ،الذين لا تاريخ لهم قد غفلوا عما تخبئه لهم السنة الحاكمة على مر التاريخ.

ليست هناك تعليقات: