اطلعت على قضية حصلت لطفل في الخامسة من عمره فارق أبوه أمه، وتزوج امرأة أخرى ثم تسلط هذا الأب الظالم على الابن، فعذبه سوء العذاب، وجلده ونكل به، وتركه جلدا على عظم، دخل عليه مرة وهو نائم مع إخوانه من أبيه فسحبه برجله حتى أخرجه من غرفة النوم، وترك في جسمه كدمات وآثارا مبكية، وضج الجيران بالتنكيل على هذا الأب القاسي الفظ الغليظ، وكلمت هيئة حقوق الإنسان بالرياض فوعدوا خيرا، وأخشى أن ينتقل هذا الطفل إلى الآخرة قبل أن يبتوا في الموضوع، وداخلنا في قناة «اقرأ» الفضائية في برنامج «السلام عليكم» امرأة أبكت المشاهدين لما وصفت حالها مع زوجها، فقام هذا الزوج العتل الجافي المارد بتعذيبها، وكسر يدها مرة من المرات، ومرة جرها من شعر رأسها حتى أخرجها من البيت، ومرة أخرجها من المنـزل وأغلق الباب وتركها ليلة كاملة في الشارع، وحكم القضاء عندنا مشكورا بإعدام جبار عنيد عذب ابنته الطفلة الصغيرة حتى ماتت، وتفنن أب ظالم في تعذيب ابنه حتى علقه ليلة من الليالي برجليه منكوسا بسقف الغرفة حتى الصباح! وأعرف قصصا لأناس يدعون الإسلام ويتشدقون بالفضائل وهم وحوش في صورة بشر، نكلوا بأبنائهم وبناتهم وعذبوا زوجاتهم، وقد طُمست معالم إنسانيتهم، وذهبت الرحمة من قلوبهم، وتحول الواحد منهم إلى وحش كاسر، لا يردعه دين ولا يحميه خلق، ولم يجد من لم يكسر شوكته ويوقفه عند حده؛ لأن هذه القضايا في الغالب لا ترفع للقضاء ولا تعرض على السلطة، وجزاء هؤلاء الجبابرة الأوغاد أن يسحبوا إلى المحاكم مقيدين بالسلاسل حتى ينالوا الجزاء الرادع، وبسبب هؤلاء المردة العتاة القساة الجفاة يمنع القطر من السماء، وتجدب الأرض، وتموت البهائم، وتذبل الأشجار، وفي حديث قدسي يقول الله عز وجل عن الظلمة: «وعزتي وجلالي لولا شيوخ ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لخسفت بكم الأرض خسفا»، متى تأخذ العدالة مجراها لتأخذ هذه الوحوش البشرية؟ متى نشاهد السياط الشرعية تهوي على ظهور هؤلاء الجبناء القتلة المتلاعبين بالدين والقيم؟ هل يعقل أن يوجد في العالم من يعذب طفله في الخامسة من عمره إلى درجة الموت؟ إن البهائم تحنو على أولادها، إن الناقة تحن إلى حوارها، وإن البقرة تحنو على عجلها، وإن الحمامة تشفق على فراخها، لكن الذئاب البشرية والنمور الكاسرة من بني الإنسان سلبت من قلوبهم كل آثار الرحمة والشفقة والحنان فتحولوا إلى نقمة على أهلهم وذويهم والمجتمع بأسره، وهؤلاء الأشرار ينبغي أن تردعهم القوة العادلة وأن تطالهم السلطة الشرعية فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وهذا عمر بن الخطاب ـ الفاروق ـ تدخل أكثر من مرة مع أطفال مضطهدين وضعفاء مقهورين ومساكين مظلومين، فأنزل العقاب بالظلمة، وخوفهم بعدله وكسر عنفوانهم بهيبته؛ لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، بل تطور الحال ببعض هؤلاء الفجرة إلى ضرب وتعذيب آبائهم وأمهاتهم، ومنهم من قتل أباه وجلد أمه وخرج من إنسانيته، وتبرأت منه الفضيلة، وفارقته الرحمة، وحرم التوفيق، وحل به الخذلان مع غضب الله، يا مسلمون نحن بحاجة ماسة لوقفة صادقة مع المظلومين والمضطهدين خاصة من صنف النساء والأطفال الذين لا يملكون حولا ولا قوة وإنما يدافع أحدهم بدمعه وزفراته وحسراته وآهاته، وويل لهؤلاء الظلمة من يوم عظيم ينتظرهم، حيث لا حاكم إلا الله، ولا قاضي إلا الله ولا محاسب إلا الله: إذا جار الوزير وكاتباه وقاضي الأرض أجحف في القضاء فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق