نحن بحاجة لجامعة الحياة الزوجية، يُدَرَّس فيها فن تعامل الزوج مع الزوجة، والزوجة مع الزوج، وتُدَرَّس مواد عن الحياة الزوجية، وأساليب التعايش الأسري، يقوم بتدريس هذه المواد معلمون ومعلمات عندهم خبرة واسعة وتجربة طويلة في حسن العشرة، ولديهم التخصص في حل المشكلات الزوجية، وتكون هناك دورات للشباب والشابات قبل الزواج؛ حتى يتعلم الجميع الحياة الزوجية الراشدة على نور من هدى الإسلام، والتجارب الصحيحة الناضجة في هذا الباب، حينها لا يتزوج الفتى والفتاة إلا بعد معرفة تامة بكيفية التعامل، واحترام المشاعر، وأداء الحقوق، حينها تنتهي غالب مشكلاتنا الأسرية، ومآسينا الاجتماعية؛ كقضية الطلاق والهجر والشقاق والغضب وإهمال الأبناء وسوء التربية ونحوها من المعضلات. قرأت كتبا غربية في هذا الباب فإذا كثير من أفكارها موجود عندنا في ديننا الحنيف، لكنها لا تُفَعَّل لدينا في حياتنا، وبقيت رهينة الكتب، فحصل عندنا عنف اجتماعي وأسري، وقسوة وتنافر في الحياة الزوجية، تنتهي بالفراق والطلاق وتهديم الأسرة وضياع الأبناء، وإبطال مشروع الزواج وهدم مقاصد البيت في الإسلام، ووعظ الناس وعظاً شفوياً لا يكفي في تطبيقهم وامتثالهم للأفكار الراشدة والعلوم النافعة؛ بل ينبغي أن يكون هناك تدريب عملي وتطبيق ميداني، مثل من يأخذ دورات في الخطابة والإدارة والتجارة. وفي كتاب (قوة الصبر) للكاتبة (أم جيه رايان) ذكرت أن مجموعة من الطلاب متوسطي الذكاء تدربوا على الصبر، ومجموعة أخرى عباقرة لم يتلقوا تدريباً على الصبر، ثم تزوج الجميع فوجد أن نسبة الطلاق عند من تَدرَّب على الصبر نسبة ضئيلة، أما عند العباقرة الذين لا يملكون صبراً فقد ارتفعت النسبة إلى خمسين في المائة، نحن نحتاج إلى تمارين في الحياة الزوجية قبل الزواج حتى نأتي إلى بيت الزوجية ونحن على أتم الاستعداد للتعامل مع الأحداث الطارئة فيه. ليس الزواج مشروع بناء فيلا ولا شراء سيارة، ولا العمل في مزرعة، إنما الزواج قضية إنسانية، وعبادة ربانية، ومهمة كبرى؛ لأن فيه تكوين أسرة، وبناء جيل، وعمارة أرض، يوجد لدي رسائل جمعتها من الندوات والمحاضرات والقنوات الفضائية والإنترنت لشباب طلقوا زوجاتهم لأسباب تافهة سخيفة، ثم ندموا وتحسروا، ولو أنهم عرفوا الحياة وتعلموا فن التعامل مع الزوجة لما أقدموا على هذا القرار السيئ، نريد من جامعة الحياة الزوجية أن تجمع لنا نصوص الوحي، وتجارب الأمم، ومعارف الإنسانية في هذا الباب، ويقوم الأساتذة بتدريسها للطلاب والطالبات وامتحانهم في هذا الباب. إن الدابة لا تعلف في أسفل العقبة، وإنما تعلف قبل أيام، وإن الحياة الزوجية لا تصلح للأوغاد الأغمار قليلي التجربة ناقصي العلم والعقل؛ لأن بعضهم يعيش في مثاليات وخيالات فيشترط شروطاً في زوجته لا توجد في فاطمة بنت سعيد بن المسبب، ولا في سكينة بنت الحسين، ولا في زبيدة زوجة هارون الرشيد! وتجده هو أحمق من هبنقه، وأبخل من مادر، وأجبن من أبي حية النميري، وأبشع منظراً من الجاحظ، لماذا لا نعيش بشريتنا وواقعنا ونعترف بأخطائنا ونبدأ بإصلاح أنفسنا، ونعلم أن زكاة الغنم الأجرب إنما هي بشاة جرباء منها، وكما قال ابن الوردي:
كلُّ أهلِ العصرِ غمرٌ وأنا منهمُ فاتركْ تفاصيلَ الجملْ وإذا فتحتنا جامعة الحياة الزوجية فسوف ننهي 70% من حالات الطلاق، والمشكلات الأسرية، وسوف نقفل ملفات السب والشتم واللعن والضرب والصياح والنواح والضجيج والصجيج في البيت، وسوف نأتي إلى الحياة الأسرية وعندنا علم نتعامل به، ودربه نواجه بها الأخطار، ومعرفة عميقة نتصرف بها أمام أحداث البيت، مشكلتنا أننا نتعلم فن الطبخ والنفخ، والتزلج على الثلج، وصيد الأرانب والحمام، وجمع الطوابع والمراسلة، ولكننا لا نتعلم قضية كبرى اسمها الحياة الزوجية.
عن موقع جريدة الشرق الاوسط
كلُّ أهلِ العصرِ غمرٌ وأنا منهمُ فاتركْ تفاصيلَ الجملْ وإذا فتحتنا جامعة الحياة الزوجية فسوف ننهي 70% من حالات الطلاق، والمشكلات الأسرية، وسوف نقفل ملفات السب والشتم واللعن والضرب والصياح والنواح والضجيج والصجيج في البيت، وسوف نأتي إلى الحياة الأسرية وعندنا علم نتعامل به، ودربه نواجه بها الأخطار، ومعرفة عميقة نتصرف بها أمام أحداث البيت، مشكلتنا أننا نتعلم فن الطبخ والنفخ، والتزلج على الثلج، وصيد الأرانب والحمام، وجمع الطوابع والمراسلة، ولكننا لا نتعلم قضية كبرى اسمها الحياة الزوجية.
عن موقع جريدة الشرق الاوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق