‏إظهار الرسائل ذات التسميات د.مصطفى محمود. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات د.مصطفى محمود. إظهار كافة الرسائل

13 يوليو 2011

العذاب ليس له طبقة - د.مصطفى محمود


الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن المدن الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
.
 
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
 
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و أغلق عليك بابك و ابكى على خطيئتك.
 

17 يونيو 2011

الاسلام ما هو..؟

ما هو أكثر شيء يسعدك في هذه الدنيا ..؟

المال .. الجاه .. النساء .. الحب .. الشهرة .. السلطة .. تصفيق الآخرين
إذا كنت جعلت سعادتك في هذه الأشياء فقد استودعت قلبك الأيدي التي تخون و تغدر و أتمنت عليها الشفاه التي تنافق و تتلون....

إذا جعلت من المال مصدر سعادتك فقد جعلتها في ما لا يدوم فالمال ينفد و بورصة الذهب و الدولار لا تثبت على حال.


و إذا جعلت سعادتك في الجاه و السلطان .. فالسلطان كما علمنا التاريخ كالأسد أنت اليوم راكبه و غدا أنت مأكوله.
 

و إذا جعلت سعادتك في تصفيق الآخرين فالآخرين يغيرون آراءهم كل يوم لقد وضعت كل رصيدك في بنك القلق و ألقيت بنفسك إلى عالم الوحشة و الغربة و استضفت راحة بالك على الأرصفة .. و نزلت في فنادق قطاع الطرق .. و لن يهدأ لك بال و لن تعرف طعم الراحة و لن تعرف أمنا و لا أمانا ، و لن تذوق للطمأنينة طعما حتى آخر يوم في حياتك ، لأنك أعطيت أثمن ما تملك .. أعطيت روحك لعالم الفرقة و الشتات ، و رهنت همك و اهتمامك بعائد اللحظة ، و علقت قلبك بكل ما هو عابر زائل متقلب ، و أسلمت وجدانك ينهشه وحش الوقت .

و إذا جعلت سعادتك في حب امرأة .. فأين هي المرأة التي لم تتغير ؟ و أين هو القلب الذي لم يتقلب ؟ أين نجد هذا القلب إلا في الخيال في دواوين الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون و الذين هم في كل واد يهيمون .

سبعون ألف نبي في تقدير بعض العارفين عبروا هذه الأرض و بلغوا أقوامهم نفس الشيء و أعادوا عليهم نفس الدرس و رددوا نفس الكلمات .
و الناس مازالوا على حالهم لا يرى الواحد منهم أبعد من لحظته .
مازالوا على جاهليتهم الأولى يتدافعون بالمناكب على نفس الخسائس يرون حاصد الموت يحصد الرقاب من حولهم و لا يعتبرون
بل هم اليوم أكثر نهما و أكثر تهالكا و أكثر تهافتا على اللاشيء و يقول لهم القرآن :     (( و في أنفسكم أفلا تبصرون ))

و في أنفسهم و أقرب إليهم من حبل الوريد ، غاية الغايات و منتهى الأرب ، و قبلة المقاصد و مهوى الأفئدة و متعلق جميع المعارف .. الحق بذاته .. الله سبحانه و تعالى بنوره الأقدس .
الرحاب الأبهى و شميم الجنة و رفيف الملائكة في نفوسهم .. أقرب إليهم من حبل الوريد .. أقرب إلى الواحد منهم من نطقه

إلى هذا المدى من القرب .. و إلى هذا المدى من اللطف .. يبلغ إيناس الرب لعبده .. و لا غرابة .. ألا تصير النفس الإنسانية قابلة لتجليات الأسماء الإلهية فيصبح الواحد منا رءوفا رحيما ودودا كريما حليما عفوا سميعا بصيرا عليما

إلى هذ المدى يستوي الرحمن على عرش سماوتنا الداخلية ، و يكاشفنا بأنه أقرب إلينا من حبل الوريد .. و هو من هو .. جامع الكمالات على إطلاقها .. ثم نتولى عنه معرضين نتدافع بالأكتاف و نتسابق بالمناكب خلف كل زائل و تافه

و نتكلم عن الحب .. و في عمق نفوسنا من هو أولى بالحب كل الحب .. بل واهب الحب لكل محب و محبوب و سر الحب في كل محب و محبوب .. بل عين القيمة في كل ما هو قيم .. و عين الجمال في كل جميل .
و نتولى معرضين نجري خلف بريق اللحظات و نتشتت و نتوزع و تتجاذبنا الغوايات و نتمزق إلى شتات و نموت في وحشة و غربة و محصولنا مما جمعناه صفر

و الله أقام شريعته غيرة علينا و على ما أودع فينا من روحه و رحمة بنا حتى لا نضيع ، و الشيطان يحاول أن يحجبنا عن هذا الثراء الداخلي حسدا و حقدا على ما فضلنا الله به .. و نحن نختار صحبة العدو على الصديق .. و نستمع إلى العدو و لا نلتفت إلى الصديق ، و نلازم العدو و نهجر الصديق
و ما أكثر ما قتل الأقوام من أنبيائهم و أهل الغفلة من شهدائهم
و عالمنا اليوم أشد في جاهليته و أعتى في ماديته من كل ما مضى من عوالم 

(( و في أنفسكم أفلا تبصرون ))
في داخلنا الشاطئ و المرساة و بر الأمان .
سند الضمان فينا و لسنا في حاجة إلى التأمين على حياتنا في بنك خارجي لا داعي لكل هذا اللهاث المجنون على الجمع و التملك و الاكتناز .. فلن نزداد بذلك أمنا
لا داعي لكل هذا السباق و القتل على السلطة فلن نزداد بذلك قوة

اطمئن قلبا أيها المؤمن و أعرض عن هذه الغابة التي يتعارك فيها الكل بالمخلب و الناب ، قل كلمتك و الزم معرفتك و اعمل على شاكلتك ، و خض البحر فلن تبتل و اعبر أرض الغربة و الوحشة فلن تستوحش فلست وحدك فالله معك .. و أينما كنت فهو معك

لا تقف مع الواقفين أمام فاترينة المال و الجاه و النساء الباهرات و الحب و الشهوة و السلطة و سائر غوايات الدنيا .
فأنت غني بما في داخلك عن كل هذا

لا يكن مبلغ همك أن تحب هذه و تلك ، و إنما ليكن همك مجموعا على الله إلهك ، محبوبا لك مطلقا و دائما و أبدا .
و حسبك من المرأة التي تختارها المودة و الرحمة و حسن المعاشرة
تعلق القلب لا يصح إلا لواحد ، و انشغال الهمة لا يجوز إلا لواحد هو الله وحده جامع الكمالات .

إنما جعل عرش القلب ليستوي الرب عليه وحده و ليس لهذه المرأة أو تلك .. الصبابة لا تليق بالعارف الكامل .. و بهو الملك حق للملك وحده و ليس لأي عابر سبيل ، و الله هو أغنى الشركاء عن الشرك .. و حق على من عرفه حق معرفته ألا يعبد غيره
ألست تقطعه فيصلك ، و تكفره فيرزقك ، و تعصيه فيغفر لك ، و تهجره فيتودد إليك .. و هو من هو المتعال ذو الجلال و الجمال .. فأين هو من هذه و تلك .. ألا يكفيك أن بابه مفتوح أبدا و عفوه مناد عليك دائما ؟
ألا يحرك ذلك كوامن الشوق فيك ؟
ألا يثير فيك من الوجد ما لا تثيره هذه و تلك من أشباح ترابية فانية ؟
ألا تعود فتنظر حولك ببصيرة .. و تنظر في داخلك بإلهام .. قبل أن يجرفك التيار إلى عالم الوحشة و إلى البحر الطام الذي يتخبطه الشيطان من المس ؟
ألا تغريك هذه الكلمات بلحظة تأمل و بوقفة مع النفس تعيد فيها النظر

01 أكتوبر 2010

العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الحي الراقي الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و السيد أو الرئيس أو الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق. 
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و أمتاراً من الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
 فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.

29 ديسمبر 2009

الاولون والاخرون - د..مصطفى محمود

كان للاسلام في الماضي حضور في سياسه الدوله وفي حياه الفرد وفي معني كلمه عروبه وفي الامه العربيه كلها من المحيط الي الخليج‏..‏ وكانت الشريعه الاسلاميه هي عين القانون السائد وكانت هي التي تحكم حركه المسلم في كل الاقطار الاسلاميه في زمان الخلافه‏..‏ ولكن الاستعمار الفرنسي والانجليزي والامريكي الذي بدا يحكم اخيرا سلوك الافراد من خلال الاقتصاد الحر والعولمه تدخل في صياغه حياه المسلمين والاخوه المسيحيين علي اتساع رقعه الشرق الاوسط والشمال الافريقي والعالم كله‏..‏ وتراجع الاسلام وتراجعت معه المسيحيه الاصوليه في تقهقر منتظم خطوه بعد خطوه لتكتفي بحضور محدود في الكنيسه والمسجد ومنبر رمزي في الازهر والفاتيكان‏..‏ وانسحبت المرجعيه الدينيه الي قران محفوظ يتلي واناجيل مدونه يقدسها المسلمون والنصاري‏..‏ في بحر طام من العلمانيه المتحرره من كل الشرائع المتحلله من الاخلاق‏..‏ في شبه اجماع علي التحرر من كل المقدسات والحياه في وثنيه جديده بلا اصنام‏..‏ معبودها الوحيد‏..‏ هوي النفس ولذاتها ومشتهيات الجسد ورغائبه‏..‏ وضمير جديد لا يخشي الا القانون المدني الوضعي ولا يحسب حسابا لاي سلطه سوي سلطه الشرطه وضباط الامن‏..‏ وفيما عدا ذلك‏..‏ الدنيا لك تغترف منها كما تشائ‏.‏
وفي هذا البحر الطام تراجع الاسلام الي رقعه صغيره هي مساحه السجاده والي مخبا مستور هو القلب‏..‏ لمن كان له قلب والقي السمع وهو شهيد‏.‏
وفي قلوب هذه القله المباركه يسكن الاسلام الحقيقي التي بلغها الاعلام الالهي كاملا غير منقوص‏..‏ والله وحده يعلم تعدادها‏..‏ هل هي بضعه ملايين‏..‏ او اقل‏..‏ او اكثر‏.‏؟
وكم من هولائ اشتمل ايمانه القلب والقالب وسكن الوجدان والبنيان ؟؟ وكم منهم وقف ايمانه عند حدود القلب وقصر عن شمول الجوارح‏..‏ وكم منهم اكتفي باللسان وبالاسلام الشفوي وبشهاده لا اله الا الله
يقول ربنا عن المومنين‏..‏ وقليل ماهم
وسيظل هذا القول نافذا الي يوم القيامه‏..‏
لقد بدا الاسلام غريبا
وسيعود غريبا
ونحن الان في زمان هذه الغربه‏..‏ رغم كثره المساجد وجلبه الميكروفونات وضجيج المنابر وندائات الماذن‏..‏ وهروله المصلين‏..‏ وصراخ المتشددين‏..‏ فهم الي الان قليلون‏.‏
وهم يزدادون قله‏..‏ يوما بعد يوم‏..‏ رغم ان المسلمين يزدادون كثره في العدد والمطحنه الامريكيه تطحن من النفوس مايقبل الطحن
والمطحنه الدنيويه تذرو الباقي هبائ
والارحام تدفع
والارض تبلع‏..‏
والتاريخ ماض لا يلوي علي شيئ
هل تكون للاسلام عوده ؟؟
سوال يلح علي ذهني دواما
ربما بعد كوارث اخر الزمان حينما تزول طواغيت الدنيا
والله يختار الاصلح دائما
والنظام عند الله افضل من اللا نظام ولو كان علي راسه طاغوت‏..‏
فالفوضي شر مطلق وخراب مطلق
والله قد يترك العولمه بشرورها لانها شكل من اشكال النظام‏..‏ والنظام افضل من الفوضي‏..‏ والعلمانيه تسمح للمومن بان يومن في مواجهه اغلبيه تخالفه طالما انه يحتفظ بايمانه لنفسه ولا يتدخل في اختيارات الاخرين‏..‏ ولا يكره احدا‏..‏ وهذا لن ينقض قانون الابتلائ الكوني وسيظل المومن قادرا علي اختيار الايمان‏..‏ وفي ناموس الله وسنته الا يكره احدا علي عبادته‏.‏
ويقول ربنا عن المومنين ثله من الاولين وقليل من الاخرين اي ان الكثره من المومنين كانت للاولين‏..‏ اما الاخرون المومنون فسيكونون قله في اخر الزمان‏..‏ لان الحريات العلمانيه لن تشجع علي ايمان المومن وان كانت لن تمنعه من اختيار الايمان اذا اراد‏.‏
والله وحده يعلم كيف سيكون حال الاخرين‏..‏
ونحن ولاشك في ظروف افضل من ظروف هولائ الاخرين في اخر الزمن وفي ختام ايام الدنيا‏.‏
ولم تبلغ الروح الحلقوم بعد
ومازلنا نقول لا اله الا الله بالفم المليان ومازال يقوم بحق هذه الشهاده القادرون عليها‏..‏ وفي اقصي الارض في بلاد الشيشان من يقاتل دونها وان عدم النصير‏.‏
ومازال للطامعين في جنه الله فرصه‏..‏ لم تات بعد العلامات الكبري للساعه‏..‏ ولم تغلق ابواب التوبه‏..‏
سبحوا ربكم واعبدوه يااخوه وانتم في عافيه فلا احد يعلم متي تفاجئنا النهايه
ولا تقولوا مع الشاعر الجالس علي مائده الشراب
دعنا نعش يوما وفي العمر فسحه
وربك غفار وربكم اكرم
فلا احد يدري متي تطول هذه الفسحه‏..‏ وهل نجد فيها فسحه فعلا لنعود الي الله والي انفسنا‏..‏ ام تفجانا الزلزله فتموت في فمنا الكلمات ويطبق علينا صمت القبور‏.‏
وقصه صراع الايمان والكفر علي هذه الارض التي انتهت بغلبه الكفر وشيوع الماديه والالحاد‏..‏ هي قصه غلبه المصالح الدنيويه العاجله علي انسان قصير النظر متعجل بطبعه‏.‏
خلق الانسان من عجل‏(37‏ ـ الانبيائ‏)‏ هكذا يقول ربنا‏.‏
وهذا هو الامتحان الصعب الذي طرح علي الانسان من البدايه‏..‏ لان الله كان يريد لفردوسه الصفوه وكان يريد استخلاص هذه الصفوه من الخبث الكثير‏..‏ وكان يعلم ان اكثر الناس لا يفقهون وان اكثر الناس لا يعقلون‏..‏ وان اكثرهم كالانعام بل هم اضل‏..‏ ومع ذلك اقتضت رحمته ان يعطي الجميع فرصه متساويه وان تصل كلماته وكتبه وهديه والهامه الي الجميع‏.‏
وقد وصلت كلماته وكتبه عبر الرسل والانبيائ وعبر العلمائ وعبر المطابع وعبر اجهزه الراديو والتليفزيون والانترنت بجميع اللغات وساهمت مخترعات الكفره في نشرها باكثر مما ساهمت وسائل المومنين‏.‏
واوحي الله الينا من خلال عقولنا وضمائرنا ونفوسنا وارواحنا ومن خلال ملائكته‏.‏
واقتضت عداله الامتحان ان يطلق علينا شياطينه حتي يبلغنا وسواس ابالسته مع خواطر ملائكته من جميع الجهات لنختار علي علم وعلي بينه ونفعل مايحلو لنا بعد عزم ومراوده وتدبر وتفكر‏..‏ وليجد كل منا بغيته‏..‏ الذي اراد ان يقتل واستولي عليه شيطانه تركه الله ليقتل‏..‏ والذي اراد ان يسرق واستولي عليه طمعه تركه الله ليسرق والذين اقاموا المذابح للشعوب تركوا ليباشروا الذبح علي راحتهم والظالمون ظلموا والجبارون تجبروا والسفاحون سفحوا والعلمائ عكفوا في محاريب العلم والفنانون سبحوا في سموات الالهام‏.‏
واهل الخير والصالحون والمفكرون والبنائون هواه الجمال فتح لهم ربنا كنوز الهامه والاوليائ والصوفيون تنزل عليهم بانواره‏.‏
يقول القران عن رب العزه في سوره ابراهيم
واتاكم من كل ماسالتموه‏(34‏ ـ ابراهيم‏)‏
اختار لنا ربنا من كل بستان الزهره التي تناسب سولنا والفكره التي تناسب استعدادنا وطبيعتنا‏.‏
والله مخرج ماكنتم تكتمون‏(72‏ ـ البقره‏)‏
اخرج الله منا مانكتم من مواهب ومانخفي من اطماع ومانضمر من نيات وخفايا‏..‏ لنتعرف علي فضله والهامه وهباته‏..‏ وايضا لنتعرف علي شرورنا واثامنا وخطايانا‏..‏ ولنكون علي بينه من انفسنا ومن اعمالنا‏.‏
وماجري لنا وماجري علينا يوكد ان هناك بعثا وان هناك مسائله وان هناك وقفه وان هناك خاتمه بدونها تبدو حياتنا عبثيه وتبدو دنيانا مصادفات عشوائيه بلا سياق وبلا نتيجه‏.‏
البعث حقيقه‏..‏ بدونها تفتقر الحكايه الي المعني
وكفه الحياه بدون البعث ساقطه
والبعث سوف يعيد الكفه الي اعتدالها وسوف يكشف لنا المعني والعبره والغايه من كل ماحدث‏,‏ فلسنا مسرح عرائس نتحرك بالخيوط وينتهي العرض باسدال ستار‏..‏ وماكان ربنا يلهو‏..‏ تعالي ربنا سبحانه عن ذلك علوا كبيرا‏..‏
بل هناك معني وغايه من كل ماحدث
وسوف يلقي كل مجرم جزائه‏.‏
فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعه ايهم اشد علي الرحمن عتيا ثم لنحن اعلم بالذين هم اولي بها صليا وان منكم الا واردها كان علي ربك حتما مقضيا‏(‏ مريم‏68‏ ـ‏71)‏
سيوتي بنا جميعا في مشهد رهيب جامع ليوقف بنا في حلقه حول الجحيم لنراها راي العين‏,‏ ثم ينزع من كل شيعه ايهم اشد اجراما ويلقي به في سعيرها‏..‏
وهذا هو مشهد الورود الجامع المذكور في القران‏..‏ ثم يحتم القران بلا لبس او ابهام مجيئ ذلك اليوم كان علي ربك حتما مقضيا‏(‏ مريم‏71)‏
لا كلام عن عذاب نفسي او رمزي بل هو القائ في النار ومباشره للجحيم‏.‏
وسوف يكون لنا اجسام من نوع اخر تتحمل اهوال السعير‏..‏ وسوف يتكلم اهل النار وهم في النار ويتحاورون ويتلاعنون‏..‏ كلما دخلت امه لعنت اختها‏(38‏ ـ الاعراف‏)‏ انها ابدان من نوع اخر‏.‏
وسوف يكون لنا في النار حياه وطعام وشراب فياكل اهلها الزقوم ويشربون المائ الحميم
والجنه خلود ولا موت والنار خلود ولا موت
يقول ربنا عن اهل النار واهل الجنه فمنهم شقي وسعيد‏(104‏ ـ هود‏)‏
فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها مادامت السموات والارض الا ماشائ ربك‏(105‏ ـ‏106‏ ـ هود‏)‏
واستثنائ المشيئه هنا لا يعلم معناه الا الله
اما الذين سعدوا ففي الجنه خالدين فيها مادامت السموات والارض الا ماشائ ربك عطائ غير مجذوذ‏(‏ هود ـ‏108)‏
واستثنائ المشيئه هنا لا يعني الاخراج من الجنه فالعطائ غير مجذوذ اي غير منقطع‏..‏ وربما كانت المشيئه تعني الخروج من الجنه الي جنات اخري وسماوات وحيوات متنوعه بلا انتهائ
والاخره عوالم من الاسرار يبوح القران عنها بمقدار‏.‏
ولا يصح ان نقرا ماجائ في القران بشان الاخره كما نقرا روايه خياليه او اسطوره من اساطير الف ليله‏..‏ فالقران دقيق وهو حق مطلق وصدق مطلق‏..‏ والله يتحدث عن واقع سيقع حتما وعقلنا المحدود يفهم علي قدر استطاعته دون تاويل‏..‏ فنحن هنا امام القادر بلا حدود‏..‏
والعاقل من يرتدع ويلزم حدوده دون جدل فالفارق كبير بين رب يتكلم وانسان يتكلم‏..‏ والبون شاسع بين نص بشري ونص الهي‏..‏ وبين قران محكم يتحدي ربنا بكلماته العلمائ والبلغائ‏..‏ وبين كلام مرسل ياتينا عفو الخاطر في صوره مقال او روايه‏.‏
يقول ربنا لنبيه
انا سنلقي عليك قولا ثقيلا‏(5‏ ـ المزمل‏)‏
فهو ليس اي قول‏..‏ بل هو القول الثقيل
ولو انزلنا هذا القران علي جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشيه الله‏(‏ الحشر ـ‏21)‏
الجبال تتصدع من الخشيه اذا نزل عليها هذا القول‏.‏
ان القول الثقيل ليس تعبيرا مجازيا‏..‏ وانما هو امر ثقيل لا تحتمله الجبال وعبر كلمات القران تصلنا رساله يتصدع لها القلب وهو يصغي
وهذا شعور يعرفه كل مومن‏.‏
ان مباشره الكلمه القرانيه للقلب هي التي صنعت هذا الدين وهي التي اطلقت الاولين من المسلمين كالزوابع في كل ارجائ الارض‏..‏ يفتحون اقطارها يحملون معهم شعله التوحيد اينما ساروا‏.‏
كم من الاميال قطع عقبه بن نافع علي فرسه من جبال مكه الشهبائ الي اقصي الشمال الافريقي في الصحرائ الليبيه الجردائ
انها روايه من روايات الفروسيه العجيبه تخطف القلب
وكيف انطفا سراج القلب وتفرقت الامه اشتاتا لا تجتمع علي كلمه
تلك روايه الاولين والاخرين عبر قرن من الزمان‏..‏ هل تكون لهذه البطولات عوده؟‏!!‏
ذلك سوال يجيب عنه التاريخ
ولا اري لهذه الصحوه بوادر‏..‏
بل اري سحبا منذره
الا ان يشائ ربي امرا‏.‏ا؟‏!!‏
ايعجز مثل هذا المالك ان يقيم العدل في مملكته وان يستاصل الشر وان يعيد كفه الميزان الي استوائها؟‏!‏
ما لكم كيف تحكمون‏..‏؟
ان ساعه اليد في معصمك لاتخطيئ‏..‏
فكيف يجوز الخطا علي صانع الموازين والمواقيت كلها‏,‏ وعلي مالك الاكوان الذي خلق الزمن الكوني كله؟‏!‏
لقد وعدنا الله ياساده ولن يخلف الله وعده‏..‏
ولا تسالوني كيف‏..‏
ولا تسالوني متي‏..‏ فان غدا لناظره قريب‏..‏
واني لواثق من ربي ثقتي بوجودي واكبر‏..‏

أشد الناس عداوة- د..مصطفى محمود

ذكرت صحيفه فريميا الروسيه ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلي الموساد يعاون روسيا في قتالها مع ثوار الداغستان المسلمين في شمال القوقاز‏,‏ وان اسرائيل تعهدت بتقديم مساعدات لوجستيه ومعلوماتيه وعسكريه للمقاتلين الروس في حربهم للمتمردين المسلمين‏.‏
ونذكر جيدا ايام مذابح المسلمين في البوسنه ان المدد الصهيوني بالمال والخبره العسكريه والعتاد لم يتخلف عن مسانده السفاح كارادتش والجزار ملادتش في عمليات القتل والاغتصاب وحفر المقابر الجماعيه للالوف‏..‏ وفي المذابح الاخيره في كوسوفا كانت الخبره الاسرائيليه تعمل يدا بيد مع المجرمين الصرب امثال مومير تالتش في استئصال شافه الوجود الاسلامي من اخر معقل له في اوروبا‏..‏ وحيثما كانت هناك حرب مع المسلمين‏,‏ كنا نجد الصهيونيه باموالها وخيلها ورجالها في طليعه المساهمين‏..‏ وصدق الله العظيم لتجدن اشد الناس عداوه للذين امنوا اليهود والذين اشركوا‏(‏ المائده‏82).‏
ان الله المطلع علي قلوب خلقه‏..‏ وعلي السر واخفي‏..‏ اي علي اخفي ما يخفيه هولائ الناس في قلوبهم‏..‏ يقول انهم يضمرون لنا الد الخصام ويبطنون اشد العداوه‏.‏
وهذا كلام الله الذي خلقهم وليس كلامنا‏..‏
وماذا كان عقاب الله علي هذه العداوه؟‏!!‏
لقد كان العقاب من جنس العمل‏..‏ عاقبهم علي العداوه بالعداوه وعلي البغضائ بالبغضائ‏..‏ فقال عز من قائل‏:‏
والقينا بينهم العداوه والبغضائ الي يوم القيامه‏,‏ كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله ويسعون في الارض فسادا والله لايحب المفسدين‏(‏ المائده‏64).‏
فتركهم فريسه سهله للاضطهاد والتعذيب ايام النازيه‏..‏ وتخلي عنهم وتركهم لنفوسهم الاماره والي ان تقوم القيامه لايبقي لهم صديق وينقلب عليهم كل من يحالفهم فلا امان لهم ولا امان معهم‏..‏ وفي النهايه ينقلب عليهم الحليف الامريكي حينما يكتشف سوئ طويتهم‏..‏
ويتخلي عنهم الكل فينفرد بهم اعداوهم‏..‏
وهذه طبيعتهم التي يستحيل معها اي تطبيع‏..‏
واي تطبيع مع هذه الطبيعه هو تطبيع ضد نواميس الطبيعه ذاتها‏..‏ فكيف تصاحب الغدر وكيف تطمئن الي الخديعه‏..‏
والذين يسالون‏..‏ كيف ينتصر المسلمون علي اسرائيل وهم بهذه الحال من التفرق لاتجتمع لهم كلمه ولا يجتمع لهم عزم‏..‏ وما هذا الانتصار الذي يتكلم عنه القران الكريم والذي يدخل فيه المسلمون القدس كما دخلوها اول مره ويدمروا كل ما بنت اسرائيل وكل ما عمرت‏..‏ كيف يحدث هذا وهم الاضعف سلاحا والاضعف ناصرا؟‏!‏
وانا اسال‏:‏ وماذا يتبقي من اسرائيل اذا تخلت عنها امريكا؟‏!!‏ سوي الرعب والفزع وسوئ المصير‏..‏
اننا نعيش علي ارض تدور‏..‏ ولا شيئ فيها يبقي علي حاله‏..‏ ان الله يتكلم في القران بعلمه الشامل ويري بمنظور الزمن كله من مبدا الازل الي منتهي الابد‏.‏
ونحن ننظر من منظور اللحظه المحدوده التي نعيشها‏,‏ ولا نري الا برهه قصيره من بضعه ايام او شهور‏,‏ ولا نشهد الا هذا الحبل الذي يضيق شيئا فشيئا علي رقابنا‏..‏ والقلوب المومنه هي وحدها التي تدرك ان الله قادر علي كل شيئ‏,‏ وانه فعال لما يريد‏..‏
وقد غاب عنا الايمان واغفلناه من الحساب وهو قادر علي صنع المعجزات‏..‏ والله نسيناه ولم نشهد الا زنزانه الواقع والحركه المحدوده التي نتحرك فيها‏..‏ ولم نعد نذكر من الدين الا الطقوس والشعائر واللحي والمسابح ورحلات العمره‏..‏
واختلت في نظرنا الموازين واضطربت الاحكام‏..‏ والواقع امامنا يقدم لنا مشهدا بليغا يوقظ الموتي من قبورهم‏..‏
الشيشان تنتصر علي روسيا وهم الاقل عددا والاقل سلاحا‏..‏ بما لايقاس‏..‏ والتكنولوجيا المتقدمه بلا حيله امام الشجاعه والايمان والاراده الصلبه والثبات علي الحق‏..‏
وثوار الداغستان في التحام اسطوري في حرب جبال وعره مع الدبابات الروسيه‏..‏ والدبابات تتراجع ويسقط من القتلي الروس اضعاف مايسقط من قتلي الثوار‏.‏
ونري الكثره عاجزه مشلوله امام القله المومنه‏..‏
والصواريخ عاجزه امام القنابل اليدويه‏..‏
والمدافع عاجزه امام الرشاشات البدائيه‏..‏
ولو ان هولائ الثوار حاربوا بمنطق الحسابات الواقعيه لما حاربوا‏..‏ ولو انهم حسبوا كم عدد الشعب الروسي وكم عدد مقاتليهم لما اطلقوا رصاصه‏.‏ ولكن الايمان له حساب اخر في الحروب‏..‏ الله وحده هو الذي يضع مقداره وهو الناصر حينما يشائ باهون الاسباب‏..‏
وهذا الحس الغيبي امر جوهري في الدين‏..‏ بل هو جوهر الدين كله‏..‏ ولهذا جعله الله اول صفات المتقين‏..‏
الم‏,‏ ذلك الكتاب لاريب فيه هدي للمتقين‏,‏ الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاه ومما رزقناهم ينفقون‏(‏ البقره‏1‏ ـ‏2‏ ـ‏3)..‏ فجعل الايمان بالغيب مقدما علي الصلاه وعلي الانفاق‏..‏ وذلك لان الغيب هو جوهر الدين‏..‏ فالله غيب والاخره غيب والحساب غيب والجنه غيب والنار غيب والملائكه غيب والشيطان غيب والجن غيب والسموات السبع غيب والعرش غيب والكرسي غيب وما بعد الموت غيب‏,‏ وما قبل الميلاد غيب والقيامه غيب‏..‏ ومعظم مشاهد القران العظيمه غيبيات‏..‏ وهذه الغيبيات هي الطاقه التي تشحن القلب وتوقظ الوجدان وتثير العقل وتشعل الخيال وتصنع جمله المشاعر والاشواق المحفزه التي نسميها الايمان والحنين الذي يعمر القلب ويملا الوجدان‏.‏
واهل الحسابات العقليه مثل التجار ورجال الاعمال واصحاب البنوك والمرابين والصيارفه هم اهل الواقع واهل الدنيا وشواغلهم هي كل مايدور حول المنافع والمصالح والمكاسب والخسائر الماديه البحته‏.‏
ولاحظ لهم في هذا الجانب الغيبي بحكم تعلقهم بالمحسوس والملموس والواقعي‏..‏ وكلما غرقوا في هذا الملموس والمحسوس كلما ابتعدوا عن الدين وغيبياته وكلما امتلكتهم الدنيا بزخرفها واسعبدتهم بوعودها وخلبتهم ببريقها‏..‏
وللدنيا عشاق بالفطره‏..‏ وهكذا ولدوا‏..‏
وللغيب عشاق بالفطره‏..‏ وهكذا ولدوا‏..‏
وكان هذا العشق من كل منا اختيارا منذ الازل‏..‏
لم يكرهنا ربنا علي شيئ ولم يخلقنا علي فطره مضاده لمزاجنا الاصلي‏..‏ بل خلقنا علي وفق اختيارنا‏..‏ الذي احب الدنيا خلقه للدنيا واعطاه الدنيا‏..‏ والذي شغف بالاخره خلقه للاخره وهياه للاخره‏..‏ يقول الشيخ الاكبر ابن عربي في التفاته ملهمه‏..‏ ان الله يقول لاهل النار في الاخره‏..‏ ماحكمنا عليكم ولكن هكذا كنتم‏..‏ اي انكم كنتم من الازل من اهل النار بحكم اختياركم فما اكرهناكم علي شيئ بل يسرنا لكل منكم اختياره‏..‏ يسرناكم للعسري لانكم اخترتموها من البدايه‏..‏ ولو اخترتم اليسري ليسرناكم لها‏..‏ ولكن هواكم كان في هذه المشقه من اول الامر‏..‏
وهذا المشهد القديم في الازل لايصل اليه الا العارفون الاكابر من امثال ابن عربي‏.‏
وتقوم فلسفه ابن عربي كلها علي هذا الاساس‏..‏ علي اساس ان الانسان حر مختار ومسئول عن اختياره وان قضائ الله عدل كله‏..‏
وقد اختار الله لكل منا الجسم والصلاحيات الجسمانيه التي تلائم نفسه وهواياته‏..‏ وكان هذا شانه تعالي مع كل مخلوق‏,‏ فخلق ابليس من نار لان النار تلائم الكبر والعلو‏(‏ النار كلما اشتعلت تعلو وترتفع‏)‏ وفي النار الحراره والاندفاع والحده التي في الشيطان‏..‏ وخلق للمغني عاشق الغنائ الحنجره التي تطاوع مهاراته‏..‏ ولهاوي الرياضه العضلات التي تلائم رياضاته‏..‏
كان هناك دائما ذلك التطابق المذهل بين الجسم والوظائف المنتظره منه في اطار الانشطه التي سوف يختارها صاحب هذا الجسم‏..‏ ولم يكن هذا التطابق مصادفه‏,‏ بل تقديرا وتدبيرا مقصودا من الخالق جل شانه‏..‏ وهذه صوره اخري من صور العدل في التمكين والعدل في التيسير مصداقا للحديث النبوي‏:‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له‏..‏
هل اي واحد منا له حنجره مغني الاوبرا؟؟
استحاله‏..‏ وانما هي خلق خاص اختص الله به امثال دومنجو وبافاروتي‏..‏ لان الله قد علم ان كلا منهما قد اختار لنفسه هذا الغنائ الاوبرالي الذي سوف يحتاج الي هذه الضخامه في الصوت والرنين المدوي في الصدي‏..‏ ومثل هذا الادائ سوف يحتاج الي تجويف صدري ضخم مثل الطبله ليكون هذا الرنين المدوي‏..‏ وهذه الفحوله في الصوت‏..‏ هي الموهبه الخارقه التي سوف يصفق لها الملايين‏..‏ ان كل مرحله في الخلق تمت بتدبير وعلم وحكمه‏..‏ ومواهبنا كانت اختيارات لنا من البدايه يسرها الله بكرمه وحكمته‏..‏
لقد ابدع الله خطه خاصه لكل مخلوق خلقه تطابق الوظائف التي سوف يختارها هذا المخلوق لنفسه‏..‏ فهو خلق علي مقتضي علم سابق وعلي مقتضي عدل كامل وتدبير محكم لا مكان فيه لاي مصادفه او عشوائيه‏..‏ وهو خلق علي مقتضي الصوره الباطنيه للنفس‏..‏ تكامل مذهل لايملك الانسان الا ان يهتف مسبحا‏..‏ تعاليت ياربنا وتقدست‏..‏
هذا الحوت الذي يتهادي سابحا في الاعماق‏..‏ وقد خلقه الله في هيئه اشبه بالغواصه وصوره في صوره انسيابيه مذهله ليطابق مقتضيات وظيفته‏!!‏
وهذا النسر وهذا الصقر‏..‏ وهذا النمر‏..‏ وهذا الاسد‏..‏ وهذا الفيل‏..‏ وهذا الديناصور‏..‏
وهذا المتحف الطبيعي البديع المذهل الذي لاتتكرر فيه الصوره الواحده مرتين‏..‏ وانما انت حيثما وجهت نظرك رايت ابداعا متصلا يفوق الخيال‏..‏
كيف تتصور بعد كل هذا ان الله سوف يضيعك وانت ارفع مخلوقاته واعظم مصنوعاته شانا‏..‏ وانت المستخلف منه علي رعايه كل هذا؟‏!‏
كيف تتصور ان يفلت ظالم بجريمته؟
كيف تتصور ان يفلت مذنب دون عقاب؟
وكيف تتصور ان يتساوي عند الله محسن ومسيئ؟
وكيف يمكن ان يذهب كل هذا الخلق والابداع هبائ؟
بل اكاد اري في هذا الخلق قرانا اخر‏..‏
واكاد اطالع كلما وجهت بصري ايات وسورا كامله ونماذج من الاعجاز والاتقان‏..‏ واعلم الان علم اليقين ان الله لن يضيعنا‏..‏
واننا سوف ندخل القدس كما دخلناها اول مره كما قال ربنا‏..‏
لاتسالوني كيف؟‏..‏
انظروا حولكم وانظروا داخل نفوسكم‏..‏ وانظروا في هذا المتحف المذهل‏..‏ تاملوا هذا الاعجاز وستعلمون كيف‏..‏
انظروا في السموات السبع فوقكم وفي النجوم بلا عدد وبعضها اكبر من شمسنا بملايين المرات‏..‏ وفي المجرات المعلقه في الفضائ تسبح في مداراتها منذ اباد من الزمن قبل ادم‏..‏
هذا الملك الممتد في الزمان والمكان بلا حدود‏..‏ فماذا يكون شان المالك الذي يدبر كل هذ

الاصنام الجديدة - د..مصطفى محمود

لكل زمن معبوداته واصنامه والهته‏..‏ في مصر في الزمن القديم كان رع وامون وحورس‏..‏ وفي الجزيره العربيه قبل الاسلام‏..‏ كانت اللات والعزي ومناه‏..‏ وفي فلسطين‏..‏ بعل‏..‏ ثم جاء زماننا وزمان الاستعمار ومعه طاغوت الراسماليه‏..‏ ثم جائت امريكا ومعها‏..‏ العولمه‏..‏ والنظام ا لعالمي الجديد‏..‏ واقتصاد السوق‏..‏ وصندوق النقد الدولي‏..‏ وهي الهه اخر الزمان واحدث ابداعات العقل الاستعماري للسيطره علي ثروات المنطقه وخيراتها‏..‏ هذه المره مصوغه في صياغات عقلانيه تناسب عصر الحداثه وزمان الكومبيوتر‏..‏ ولكنها نفس القوالب‏..‏ ونفس الاسباب التي يستهوون بها العقل‏..‏ ونفس المنطق الذي يلتمسون به الاقناع باستخدام مفردات العصر ورموزه يساعدهم في ذلك اعلام مفترس يدخل كل بيت وفضائيات تقتحم اي حدود بلا استئذان وصحف تعمل في خدمتهم ليل نهار‏.‏
وتري المثقف يضع ساقا علي ساق ويتحدث عن خفايا العولمه واسرارها ولا اسرار هناك فهي لا تعني سوي الامركه والسيطره الامريكيه في عصر التكتلات الكبري وانطواء الضعفاء تحت جناح الاقوياء وتاكل الارض التي يقفون عليها واسلامهم مقدراتهم للاله الامريكي الجديد‏..‏ وباللغه الصحفيه‏..‏ الراعي الامريكي‏..‏ نوع جديد من العبوديه في قالب مهذب ولطيف‏.‏
وقد شاهدنا كيف ثار العمال في سياتل علي هذه العبوديه الجديده وامطروا رجالها بالحجاره وكيف هدموا المعبد العولمي علي من فيه‏..‏ وكيف جائ هذا الرد فوريا وصاعقا‏..‏ وشاهدنا مظاهرات واشنطن منذ ايام وهتاف الفقراء باسقاط‏200‏ مليار دولار ديون‏41‏ دوله فقيره‏.‏
وما يحدث هو تخطيط امريكي شكلا ولكنه صهيوني حقيقه‏..‏ وما امريكا سوي الاداه الظاهره‏..‏ ولكن الايدي في داخل القفاز صهيونيه والفكر صهيوني‏.‏
والذين اقاموا هذا المعبد العولمي ووضعوا طقوسه وتراتيله هم اليهود الذين وضعوا هذا المصطلح‏(‏ النظام العالمي الجديد‏
هم اليهود‏(‏ عصابه روتشيلد‏)‏ وهم الذين صكوا هذا الاسم علي ظهر ورقه الدولار‏..‏ من قبل ان يعلنه بوش بعد غزو العراق‏..‏ وبوش نفسه احد رجالهم
والتامر علي العالم مبيت من مئات السنين
واذا قلبت ورقه الدولار الواحد علي ظهرها فسوف تري الهرم والعين الماسونيه وكلمه النظام العالمي الجديد باللاتينيه تحت قاعده الهرم
والسياده علي العالم من خلال السيطره علي الاقتصاد والتحكم في خيرات الشعوب ونهب ثرواتها هو تخطيط قديم رسمه اليهود الكبار اصحاب البروتوكولات والمصطلحات الجديده مثل العولمه واقتصاد السوق وصندوق النقد الدولي والنظام العالمي الجديد هي اسماء الاوثان الجديده‏..‏ والاصنام التي سوف يحرق لها البخور وتقدم القرابين‏.‏
والقرابين هي الشعوب الفقيره في افريقيا واسيا‏..‏ وهم العمال والكادحون باللقمه في كل مكان‏.‏
والبند الثاني في البروتوكولات‏..‏ كان اغراق العالم في الفساد وشغل العبيد في شهواتهم حتي لا يفيقوا وحتي لا ينتبهوا الي ما يراد بهم وفضائيات اوروبا التي تذيع العمليه الجنسيه بتفاصيلها وتبثها بالصوت والصوره والالوان علي شباب العالم شاهد علي ما اقول‏.‏
وطوفان المخدرات وعصابات دعاره الاطفال‏..‏ وشبكات الانترنت التي تعرض الاطفال عرايا ليختار الزبون ما يريد‏..‏ والنوافذ المتخصصه التي يدخل اليها هواه العلاقات الجنسيه ليختار كل شاب الخليله التي تلائم مزاجه‏..‏ بما يشمل التليفونات والعناوين‏..‏ وضمان السريه والكتمان‏.‏
لقد جعلوا من العلم في اعلي صوره قوادا‏..‏ هكذا في فجور صريح‏.‏
هل هذه عولمه بمعني توحيد العالم والارتقائ به‏..‏ ام هي عولمه بهدف افساد العالم وتدميره؟
هل هي عولمه بمعني توعيه الشباب ام هي عولمه بمعني التامر عليه؟
انهم يقولون‏..‏ اننا نقدم كل شيئ‏..‏ الدعاره‏..‏ والتجاره‏..‏ والعلوم المتخصصه‏..‏ والفلسفه‏..‏ والسياسه‏..‏ والاخلاق‏..‏ حتي القران وتفسيره‏..‏ والاحاديث النبويه ورواتها‏..‏ حتي اذان الصلاه ومواعيدها‏..‏ فما ذنبنا اذا ترك الشباب كل هذه المائده العامره بالتقوي وبالعلوم الجاده‏..‏ واختار لنفسه سهرات الطبل والزمر والهلس‏..‏ انه فاسد بطبيعته‏..‏ وبدون الانترنت سوف يلجا الي هذه السهرات‏..‏ نحن لم نضلل هذا الشباب بل فضحناه‏.‏
وهو نفس منطق القائلين‏..‏ وهل اخطانا اننا وجدنا حمارا فركبناه‏..‏ وهل يصلح الحمار الا للركوب‏..‏ وهم بهذا ينكرون التخطيط الماكر من البدايه‏..‏ التخطيط لاستغلال الضعفاء..‏ ونصب الشراك والفخاخ للايقاع بالضحايا‏..‏
ان ما تبطن النفوس هو الموضوع‏..‏ والنوايا هي لباب الامر‏..‏ والله من اجل هذه النوايا خلق الجنه والجحيم‏..‏ ولن يستطيع احد ان يخدع الخالق الذي خلق الدنيا ومفاتنها لاختبار القلوب وبواطنها‏.‏
اننا لا ننكر انهم اذكياء وربما عباقره‏..‏
وكذلك الابالسه لهم ذكاوهم‏..‏ ولكن اي ذكائ هو؟‏!!..‏ انه ذكاء شرير‏..‏ ولن يستطيع احد في النهايه ان يمكر برب الكون وخالقه العليم بالخفايا والنوايا والبواطن الذي احاط بكل شيئ رحمه وعلما‏..‏
والقيامه والحساب موعدهم‏..‏ ولهم يوم لن يخلفوه
وحقيقه الامر انهم لا يومنون باخره ولا بقيامه ولا باله خالق عليم قدير‏..‏
ولهذا اقاموا انفسهم الهه وحكاما وخططوا للسياده علي الكون ونهب ثرواته وافساد شبابه‏.‏
ورسموا وخططوا كل شيئ بعنايه ومهاره
واختاروا اغني واقوي دوله لتكون ظهيرهم‏..‏
ورسموا علي الصين لتكون حليفا احتياطيا‏..‏ وسربوا اليها بعض الاسرار واحتجت امريكا وهددت وتوعدت وسجنت الجاسوس بولار الذي سرب الاسرار الي الصين‏..‏ ولم تطلقه الي الان رغم الشفاعات والضغوط والوساطات وعادت اسرائيل تغازل الصين بصفقه طائرات الاواكس وعادت امريكا للتحذير‏.‏
ومن الواضح ان اسرائيل تريد ان تضم الكبار لصفها وان تضمن لنفسها مصادر متعدده للقوه‏.‏
ومن الواضح ان لها اطماعا ولها تخطيطا بعيدا وانها ترسم للسياده علي العالم بالفعل‏.‏

فهل تنجح‏..‏؟‏!!‏
انها روايه خطيره سوف نشهد فصولها من كراسي اعلي التياترو مع رواد الدرجه الثالثه من الشعوب الفقيره‏.‏
ومعنا كل الشعوب الناميه ومعنا كل الدول الكبري شهود هذه الروايه العظمي في تجمع تاريخي لم يحدث من قبل في اكبر عرض لاحداث نهايه الصراع الذي بداته اسرائيل منذ قرون‏..‏ كيف يتطور‏..‏ وكيف ينتهي‏..‏ واي نهايه سوف يختارها الله لهذا الصراع الدامي؟‏!!‏ ومن سيكون ابطاله ومن سيكون وقوده‏..‏؟‏!!‏
اخيرا‏..‏ سوف تاتي الاجابه
وسوف نعرف كل شيئ‏..‏

العصابه - د..مصطفى محمود

في وثيقه موتمر السكان‏,‏ وفي تعريف الغرب للصحه الجنسيه ما يستحق ان نقف عنده‏..‏ تقول الوثيقه‏.‏ الجنس كالغذاء والاشباع الجنسي كاشباع الجوع حق للجميع ازواجا وغير ازواج فتيانا وفتيات‏,‏ وعلي جميع الدول ان تسعي لتوفيره في موعد اقصاه عام الفين وخمسه عشر‏(2015)‏ والمقصود طبعا اسقاطه من قائمه المحرمات واشاعته للجميع‏,‏ كحق اولي من حقوق الانسان فلا يقتصر هذا الحق علي المتزوجين‏,‏ وانما يصبح عاما مشاعا للكل وانما ياتي الحجر في الوثيقه علي الزواج المبكر الذي تنص الوثيقه علي منعه وذلك بتوفير البديل باشاعه الاشباع الجنسي لكل مراهق ومراهقه‏,‏ وعلي الموسسات الدينيه ووسائل الاعلام والمدارس وعلي العائله في محيطها المحدود حمايه هذا الحق والتمكين له واشاعته‏.‏
ونعلم جميعا ان موتمر السكان كان اول منبر تكشف فيه العولمه عن وجهها الخبيث ونياتها‏..‏ وكان التبرير المعلن هو مواجهه الانفجار السكاني‏,‏ وعدم كفايه الموارد لاطعام الافواه التي تتضاعف عددا كل سنه‏..‏ ولهذا كان الكلام عن اباحه الاجهاض وتحريم الزواج المبكر وفتح باب المجتمع للمراه العامله والنص علي مسئوليه الازواج في الاعمال المنزليه وشغل البيت ورعايه الاطفال والغاء قوانين الشريعه التي تقف في وجه هذا التطوير‏,‏ وتعديل المواريث‏,‏ بحيث يتساوي نصيب المراه والرجل في الميراث بدعوي المساواه والمحافظه علي حقوق المراه‏.‏
وجائت موجه الفضائيات لتشيع العري وتذيع العمليه الجنسيه والفحش المعلن طول الليل لتوكد هذا الاتجاه وترسخ هذه الموجه الانحلاليه في العالم كله شرقه وغربه‏,‏ وتكشف الاغراض الخبيثه من وراء الخطه التي تدعي الحرص علي اطعام الافواه الجائعه‏.‏
وجائت قوانين الجات لتحرير التجاره الخارجيه من جميع الرسوم الجمركيه‏,‏ وتوحيد الاسواق ودمج الشركات في موسسات عملاقه لتكون الضربه الاخيره القاضيه لاقتصاد الدول الصغري‏,‏ وبسقوط الحمايه الجمركيه سقط الحصن الاخير الذي كانت الدول الصغري تحمي به انتاجها وصناعاتها واصبحت عاريه مكشوفه امام الانتاج المكتسح‏,‏ والعملاق للدول الكبري وغول الاستعمار الذي لا يرحم وجاءت الشركات الكبري والموسسات متعدده الجنسيات التي اصبح بامكانها احتكار الانتاج والتحكم في الاسعار والتسويق والتجاره علي المستوي العالمي لتنفرد بالسيطره علي اقتصاد العالم كله‏..‏ وبعكس الحجه التي كانوا يتذرعون بها‏...‏ انهم جائوا للقضاء علي الاحتكار‏...‏ ظهر انهم ما جائوا الا ليحققوا لانفسهم ولفريقهم اعلي واسوا احتكار يقضون به علي انتاج الدول الضعيفه واسواقها في قضمه واحده ولا يبقون لها الا الفتات‏.‏
وانفجرت ثوره العبيد في سياتل‏..‏ واعقبتها المظاهرات الكاسحه في موتمر التجاره والتنميه اونكتاد الذي عقد اخيرا في تايلاند‏..‏ وكانت المظاهرات تهتف بالغاء الجات‏..‏ وبالغائ المنظمه الدوليه من اساسها وبسقوط العولمه التي تدعو الي ترسيخ الظلم والاستعباد في العالم كله
الان اتضح انها لم تكن عولمه بمعني الدعوه الي عالم واحد تتساوي فيه الحقوق والواجبات‏...‏ وانما كانت دعوه الي غابه يوكل فيها الضعفاء وينفرد فيها الاقوياء بالحكم‏,‏ وبالسيطره والقهر والاستغلال دون ان يستطيع الضعيف ان يصرخ او يتالم او يرفع صوته‏,‏ وقد بدا التحايل من البدايه‏....‏ حينما صور لنا الكبار ان الزواج وكثره الانجاب وراء الانفجار السكاني‏,‏ وان هذا سوف يودي الي عدم كفايه الموارد لاطعام الافواه التي تتضاعف عددا كل يوم‏..‏ وان الرزق لن يكفي لسد حاجه البشر‏...‏ وانه لابد من تحديد النسل وتشجيع الانحلال والعلاقات الحره لعلاج المشكله التي تتفاقم يوما بعد يوم‏..‏ وكانهم هم الرازق الوحيد للبشر والمسئولين عن تدبير الاقوات‏.‏
نسوا تماما ان الله الذي خلق الارض وما عليها وخلق الكون كله من قبل ان يولدوا‏..‏ كان وسيظل هو الرزاق الوحيد‏..‏ وان اجيالهم ستنتهي وتفني‏,‏ كما جائت وستاتي اجيال اخري واخري يرزقها الرب الذي خلقها او ياخذها بذنوبها اذا اراد‏...‏ وان عولمه هولاء العلماء مجرد فقاعه من الكلام الفارغ سوف تنفجر الي لا شئ‏...‏ واذا اراد الله ان يجوعوا ويموتوا جوعا برغم كل هذه الفلسفه فسوف يجوعون ويموتون جوعا برغم العولمه‏.‏
وكم من عطشان مات عطشا وحوله براميل الماء بلا عدد‏..‏ لان جسمه فقد القدره علي الاستفاده من الماء‏...‏ ولن ينفعه الماء ولو شرب المحيط‏,‏ عدم الايمان‏..‏ والكفر الكامل الشامل‏..‏ والغرور بعلمهم المحدود‏..‏ والرغبه في السياده علي الدنيا والتحكم في الخلق والسيطره المطلقه علي الارض‏..‏ والطمع الاعمي الذي يطمس علي القلب ويسد منافذ العقل‏..‏ كان السبب‏...‏ وكان الامتحان الذي سقطوا فيه كلهم‏..‏ لقد ظنوا انهم اصبحوا صناع كل شئ وانهم الاوصياء علي الدنيا
الم يصنعوا الاقمار ويلقوا بها في الفضاء لترسل وتستقبل وتصور وتسجل وتاتي بالاعاجيب؟‏.‏
الم يحصلوا علي الطاقه من ضوئ الشمس‏,‏ ومن باطن الارض‏,‏ ومن قلب المفاعل الذري‏,‏ ومن حركه الهواء وشلالات الماء الم يجوبوا البحر والبر والفضائ وينزلوا علي القمر الم يهدموا هيروشيما بقنبله واحده ويسووها بالارض ويمسحوها من الدنيا؟‏!‏
اليست وشنطن الان هي ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد والجالس في البيت الابيض هو فرعون ذو الاوتاد؟‏.‏
الم يذكر القران عاوا الاولي؟‏.‏
وكانما يشير من طرف خفي الي عاد ثانيه في الطريق
واختار لفظ عاد رمزا لشئ يعود وهذا هو القران العجيب باشاراته وايمائاته الخفيه وموتمر السكان جائ ليعدل شرائع رب العالمين وليحل ما حرم الله وليحرم ما احل علي لسان كل انبيائه‏..‏ ليس في القران وحده بل في جميع كتبه المقدسه‏...‏ فيشيع الفاحشه في العالم‏,‏ ويجعل من الاشباع الجنسي حقا من حقوق الانسان بلا ضوابط‏,‏ وبلا شروط ويحرم الزواج المبكر خوفا من كثره النسل‏,‏ ويحلل الزنا والبغاء والعلاقات الجنسيه الحره ويبيح الاجهاض بل يامر به لان الرزق في الارض لم يعد يكفي سكانها ثم يصك مصطلحا جديدا يسميه العولمه يخضع لقداستها كل شئ ويطيعها كل البشر من كل الدول‏,‏ وكل الجنسيات‏...‏ ويدعي ان طاعتها هي الحلال ومخالفتها هي الحرام بعينه‏.‏
وما يجري في العالم في حقيقه الامر ليس عولمه‏..‏ وانما عصابه صهيونيه تحرك العالم من دهاليز البيت الابيض وتدفع بامريكا‏,‏ وبالعالم الي هوه من الدمار الكامل الشامل‏,‏ والي خراب غير مسبوق وكارثه فلكيه بكل المقاييس‏...‏ ونشر الانحلال في العالم وافساد شبابه هو فلسفه هذه العصابه وتدبيرها‏,‏ وهذه العصابه هي التي تتحكم في الانتخابات الامريكيه‏,‏ وتاتي بالجالس علي عرش البيت الابيض كل مره‏...‏ وهي التي تخطط له كيف يفكر‏..‏ ومن ورائها نخبه مختاره من رجال الكونجرس هم مجلس الشوري من حوله يهمسون في اذنه ويقترحون عليه ويفكرون له ويصححون المسار كلما خرج عن الخط المرسوم‏.‏
وامريكا الان اقوي دوله واغني دوله‏...‏
والدولار اقوي عمله
والاقتصاد الامريكي هو الحاكم‏,‏ فلا غرابه ان يكون الجالس علي عرش البيت الابيض هو صاحب الصولجان ولكن هل هو الحاكم حقا‏...‏ وصاحب الامر حقا؟ ام ان الايدي التي تمسك بالدفه هي التي تحرك الدفه‏,‏ وهي ليست دائما يديه والعقول التي تقترح عليه بالافكار وتحذره من المخاطر ليست دائما افكاره‏..‏ وانما هي عقول دهاقنه الصهيونيه من حوله؟‏.‏
انظروا في مصلحه من يصدر القرار‏...‏؟؟ تعلمون من كان ورائه وامريكا لا تتحرك دائما لمصالحها بل في اكثر الاحوال لمصلحه اسرائيل وهي تدخل في حقول الغام من اجل العزيزه اسرائيل‏,‏ وهي تخطو علي الشوك من اجلها‏,‏ وهي تخسر كل المنطقه العربيه من اجلها‏.‏
وهي تواجه احتجاج اوروبا والعالم من اجلها‏,‏ واسرائيل تبيع طائرات الاواكس للصين وفيها اسرار لا تحب امريكا ان تذاع‏...‏ ومع ذلك تبتلع امريكا الشوكه المولمه وتسامحها‏,‏ تلازم عجيب ووحده اعجب وكان هذا الدويتو من اسرائيل وامريكا توئمان ملتصقان موت احدهما هو موت الاخر وحياه احدهما هي حياه الاخر هل يمكن ان يحدث هذا في الواقع‏,‏ كما يحدث في الاساطير؟‏.‏
لقد حدث هذا في الزمن القديم‏..‏ حينما انتهي اليهود في مصر بنهايه الهكسوس وانقلب عليهم المصريون يعاقبونهم لخيانتهم للدوله التي اضافتهم
وحدث في بابل بنهايه الحكم الذي كان يحتضنهم وبقدوم بختنصر الذي استاصل شافتهم وشردهم في احداث السبي البابلي‏.‏ وحدث في المانيا بقدوم هتلر وما فعله بهم الحكم النازي لتامركم علي الاقتصاد الالماني‏,‏ وهم الان في المحضن الامريكي الوثير
وامريكا تستعملهم علي العالم‏,‏ وتستغل دهائهم ومكرهم‏,‏ وهم يستعملونها لاغراضهم‏.‏ ولن يكون الختام افراحا ومحافل واعيادا وتورته‏..‏ وسنه حلوه يا جميل‏..‏ وانما اهوال لا تخطر علي البال‏..‏ فكشف الحساب هذه المره طويل‏..‏ بطول القرن العشرين كله‏..‏ والضحايا بلا عدد بطول وبعرض العالم‏....‏ وهذا الفكر الصهيوني يقود العالم الي نهايته‏..‏ والطمع شريعته‏..‏ والاستغلال سنته‏....‏ والفساد وسيلته الي تخدير العالم وتغييب حواسه وتضييع شبابه والسطو علي ثرواته ونهب خيراته والتحكم في القيادات التي تحكمه بالتجسس والتخابر وبالغوايه وبالمال وبالارهاب‏..‏ وليس صحيحا ان هدفهم القدس وغايتهم المسجد الاقصي وحلمهم جبل صهيون‏...‏ فلن تسلم لهم تلك الاهداف الا اذا وقع العالم كله في شباكهم‏.‏ وتخطيطهم هذه المره ينظر الي بعيد‏.‏
وبركوبهم الثور الامريكي امتدت ابصارهم الي بعيد الي اقصي العالم اليسوا هم المختارين من الله‏...‏ فليكن ملك العالم كله لهم ولتكن مقاليده في ايديهم‏.‏ الي هذا المدي تمتد اطماعهم وتتحدث بروتوكولاتهم‏,‏ وهم الان يكتفون بالتسلل ورائ الكواليس وتحريك الرووس الكبيره وغوايه الرووس الصغيره‏..‏ والتاثير في صناع القرار وهم يعملون في الظلام‏..‏ وهكذا كان دابهم من الف عام‏...‏ وتقول الاخبار القادمه من امريكا انهم يحركون‏70%‏ من مافيا المخدرات في القاره الامريكيه‏,‏ وانهم يمتلكون اقوي دور الصحف واقوي دور الاعلام ويسيطرون علي بورصات المال والاسهم والسندات ويهيمنون علي الصناعات الكبري والشركات العالميه متعدده الجنسيات‏.‏
ويمكرون ويمكر الله‏..‏ ولا اتعجل الحوادث‏,‏ فالسنوات حبلي‏..‏
والله وحده يعلم متي‏...‏ وكيف‏..‏ واين تسير الامور؟‏.‏
وهو الذي يحكم من حيث يظنون ونظن انهم هم الذين يحكمون
انما الغيب لله
قال لي صاحبي‏...‏ الا تبالغ في هذه القوه التي اضفيتها علي الصهاينه وهذا الخلق التامري الذي‏,‏ وصفتهم به‏..‏ سيقولون وقع صاحبكم العربي في هذه الهيافه والسطحيه التي يدمغ فيها كل حدث بانه موامره‏..‏ قلت له هذه مقالتهم دائما لابعادنا عن عورتهم وعن الخلق الذميم الذي يعلمونه في انفسهم‏..‏ وهل كانت حياتهم بطول التاريخ الا مسلسلا تامريا وحلقات من الغدر من ايام الهكسوس الي ايام السبي البابلي الي ايام معركه الاحزاب الي ايام خيبر الي اكذوبه الهولوكوست وافران الغاز والسته ملايين يهودي الذين هلكوا في المحرقه‏..‏ ولم يكن مجموع اليهود في المانيا باسرها يصل ايامها الي الثلاثه ملايين‏..‏ وكانت غرف الغاز لقتل القمل والحشرات‏..‏ واخترعوا القوانين التي تحاكم كل من يكذب هذه الخرافه‏..‏ وسمحوا لك ان تكفر بالله وتكذبه‏,‏ ولم يسمحوا لك ان تكذبهم‏.‏
ان سيطره اللوبي اليهودي علي امريكا حقيقه وتامرهم حقيقه وغدرهم حقيقه‏...‏ وهم يشربون انخاب نصرهم اليوم‏..‏ وهم في سكره ولكن‏..‏ كالعاده‏...‏ اليوم سكره‏..‏ وغدا عبره‏..‏ وتلك الايام نداولها بين الناس‏.‏
انها ايام الله يا صاحبي‏...‏
وسوف تراها بعينيك اذا طال بك العمر‏..‏ فعمر الظلم ساعه‏..‏ وعدل الله الي قيام الساعه‏.‏
وقل انتظروا‏..‏ انا منتظرون‏.‏____

إحياء الوقت‏..‏ وليس قتل الوقت - د..مصطفى محمود

بينما كنت اتنقل بين الفضائيات اتفرج علي عروض الازياء لاحظت ان هذه العروض التي يفترض انها تعرض موديلات وانواعا مختلفه من الازياء‏,‏ اصبحت لاتعرض ازياء او ملابس‏,‏ ولكنها تعرض انواعا مختلفه من خلع الملابس‏..‏ حتي الدانتيل الخفيف الذي يسترون به الصدر حرص مصممو الازياء علي ان يبدي تفاصيل النهود العاريه من خلف الشيفون الشفاف‏..‏ اما الظهور فعاريه كلها الي الهانش‏,‏ تستوي في ذلك الفضائيات العربيه والفضائيات الاجنبيه‏..‏ فهموم فناني الازياء واحده في الحالين‏,‏ تتسابق طوال الوقت في خلع الازياء عن لابسيها‏,‏ وفي تعريه ما امر الله بستره‏..‏ وفي تحدي اعراف واداب كل الاديان في كل زمان وفي كل مكان‏.‏
وبقدر ماتفضح العورات في الفضائيات بقدر ما تحجب الحقائق في الاخبار وتزيف المظالم في السياسات ولا تجد الشعوب المظلومه من يدافع عن حقوقها‏,‏ بمثل ما يجد الظالمون من يروج لظلمهم‏..‏ وبقدر مكانه كل دوله وبقدر طغيانها‏,‏ بقدر ما تجد محترفي التجميل الذين يجملون ظلمها ويبررون عدوانها‏..‏ ودائما امريكا عندها مايبرر افعالها‏,‏ ودائما العراق ترتكب ما يبرر تجويعها وافقارها حتي الموت‏..‏ فهي مثال للاجرام المطلق‏..‏ وهي يجب أن تدفع ثمن اجرامها‏!!‏
ولا أحد يروي لنا كيف أرسلت امريكا سفيرتها ابريل جلاسبي لتغري صدام العراق بغزو الكويت ولتطمئن صدام بان امريكا سوف تغمض العين عما سوف يفعله‏..‏ فابريل جلاسبي إختفت بقدره قادر ولم يظهر لها أثر بعد ذلك‏,‏ وأغلقت ملفات الجريمه الامريكيه بالشمع الاحمر‏..‏ ولن تفتح الا يوم القيامه‏.‏
وهذه هي الدنيا‏..‏ يهرب فيها المجرم بجريمته‏,‏ ويفر فيها السارق بغنيمته‏..‏ والغنيمه هذه المره هي مخزون العراق من البترول‏,‏ تشتريه امريكا بابخس الاسعار‏..‏ وتقبل العراق الايدي والاقدام ليمنحها مجلس الامن الحق في بيع بعض ما تملك من هذا البترول‏..‏ وأطفال العراق يموتون‏..‏ والعرب لاتجتمع لهم كلمه‏..‏ والتليفزيونات العربيه في مهرجانات متواصله وطبل وزمر ومسابقات وعروض ازياء ومسلسلات‏..‏ والترفيه عن المشاهد العربي هو الهدف الاول‏..‏ وقتل الوقت هو المقصود طول الوقت‏..‏ ثم لا يبقي لنا وقت‏..‏ فالوقت هو العمر‏..‏ وما يمضي من العمر لا يعود‏.‏
وأنا أفهم أن يكون الترفيه هو خمسه في المائه من وقت هذه التليفزيونات‏..‏ والباقي علما وثقافه وسياحه في عجائب الفضاء والمجرات وعوالم الذره وعجائب التكنولوجيا ومعجزه الكمبيوتر ونقدا سياسيا بناء‏,‏ وبحوثا اجتماعيه وفكرا وفنا ودينا‏..‏ أما أن يكون الترفيه بهذا الحجم الغالب المكتسح فهو أمر غريب‏!!‏
وهل دفع العرب ملايين الدولارات في هذه البرامج والفضائيات من اجل الطبل والزمر؟‏!‏
اننا نطبل ونزمر من الاف السنين دون أن ندفع دولارا واحدا‏..‏ وبضاعه الترفيه ما اكثرها‏..‏ ومشاكلنا ما اكثرها‏..‏
وامراضنا ما اكثرها‏..‏ وما أحوجنا إلي العلم‏..‏ وما أحوجنا إلي الجديه في تناول هذه الامراض وهذه المشاكل‏.‏
وفضائيه الـ
‏Discovery
الامريكيه مثال لما يمكن لثقافه علميه بحته ان تفعله وكيف تغطي اربعا وعشرين ساعه من البث المستمر‏..‏ في تشويق مستمر وتثقيف مستمر دون املال‏..‏ ورأيناها تتجول بين موضوعات التاريخ والبيولوجيا والتطور والجغرافيا والاثار والجريمه والطب الشرعي والفلك والمجرات والفضاء‏.‏
ويمكن ان نشتري بعض افلام هذه الفضائيه ونبثها عندنا‏..‏
والمكتبه العالميه غنيه بالاف الافلام القيمه‏..‏
ومصر معين لا ينضب‏..‏
وكل افلامالـ
‏Discovery
عن الاثار من متاحفنا ومن اثارنا ومن مقابر رمسيس وتوت عنخ امون وحتشبسوت وغيرها‏..‏
إن زرع الاقمار الفضائيه المصريه في الفضاء خطوه عظيمه‏..‏ وهي تجاره كبيره ومصدر دخل في حد ذاتها‏..‏ ولكن يجب أن يعقبها تطوير اعلامي يواكب امكانياتها‏..‏ ويواكب احتياجات مصر كمجتمع يتطور وينفتح علي عالم متغير بلا حدود وعلوم تتسع وتتنوع بلا نهايه‏..‏
والانترنت مثال اخر لعمليه غزو عالمي قامت به امريكا وعلماوها بقدره وجداره لاحتواء العالم كله‏..‏ بكل ما فيه‏..‏ من امكانيات للتجاره والاثاره والدعايه السياسيه والاتصالات والمعلوماتيه‏..‏ وإنشاء جامعه شامله متاحه ومفتوحه طوال الساعات الأربع والعشرين في تبادل وتوصيل ونقل وشرح الجديد في كل فروع العلم والمعرفه‏.‏
الانترنت ثوره حقيقيه قلبت كل الموازين واتاحت العلوم والمعارف باعجاز وفوريه لكل طالب علم يملك كمبيوتر وخط تليفون‏.‏
وما نراه منها هو مجرد بدايه‏..‏
ولكنها سوف تقلب كل الموازين‏..‏ وسوف تفتح بابا لمستقبل متطور لا حدود لتطوره في خيره وفي شره علي حد سواء‏..‏
وقد رأينا بعض هذه الشرور فيما تتيحه الانترنت لمستخدميها من هواه الدعاره‏..‏ في تسهيل الاتصالات بمن تريد وقتما تريد‏..‏ وتوصيل الرغبات المتبادله بالصوت والصوره العاريه لهواه الانحراف في فوريه وكفائه‏.‏
ولكن هكذا الدواء فيه السم وفيه البلسم الشافي‏..‏
والله خلق الافيون وخلق مواصفات الافيون‏..‏ واستعمله الطبيب لفائده مرضاه كما استعمله المدمن لتدمير نفسه‏..‏ وهي كارثه في نفس الوقت‏..‏
وهي عقاقيركما تستخدمها‏..‏ تنفع بها نفسك‏..‏
وإذا شئت استعملتها لتدمر بها حياتك‏..‏
وهذا شان كل شيئ‏..‏ حتي الاكل العادي‏..‏
الم يقل ربنا في شانه‏:‏ كلوا واشربوا ولا تسرفوا؟‏..‏
فالاكل يمكن أن يتحول الي سم قتال يودي الي السمنه المفرطه وامراض القلب والسكر وامراض الشرايين‏..‏ ويمكن بالاعتدال ان يكون زادا وعتادا لمشقات الحياه ووسيله الي حياه سعيده وعمر مديد‏.‏
وهكذا الانترنت بمزاياها وعيوبها‏..‏
وهكذا الدنيا بحلوها ومرها‏..‏
ولا تستطيع ان تغلق عليك بابك‏..‏
ولا يستطيع احد ان يغلق عليه بابه‏..‏
فلابد من الانفتاح علي العالم وعلي الجديد فيه كل وقت‏.‏
والبلاد العربيه تملك في يدها ثروه هائله من الادوات الاعلاميه‏..‏ ولكن للاسف الشديد لايظهر لهذه القوه الاعلاميه أثر سياسي يذكر في معركتها مع اسرائيل‏.‏
واسرائيل تحسن الاستفاده بالاوراق القليله التي في يدها ولا تكف عن الادعاء بانها واحه الديمقراطيه الوحيده في الشرق الاوسط‏,‏ وتحاول بهذا ان تغطي علي حقيقه انها مستنقع العدوان الوحيد في المنطقه‏..‏ وهي تسمي عدوانها علي القدس واحتلالها المستوطنات انه ميراث الهي‏..‏ وهي تحاول ان تخلق من اساطير الهولوكست والمحارق الخرافيه وغرف الغازات والسته ملايين قتيل ذريعه لتركيع المانيا واثاره عطف اوروبا واستغلال الحليف الامريكي واستعطاف العالم بسلسله من الاكاذيب المختلقه‏.‏
اين كان الاعلام العربي في المواجهات الحاسمه بين جارودي وبين يهود فرنسا؟‏..‏ اين كانت الفضائيات العربيه في المحاكمه المثيره والحوار المتفجر بين جارودي وبين قضاته؟‏..‏ كان الاعلام هامشيا وكان في بعض هذه المواجهات غائبا بالكليه‏.‏
إن اسرائيل تقيم الدنيا وتقعدها بالكلام‏..‏ مجرد الكلام‏..‏ باساطير خرافيه وتهم كاذبه‏..‏ ونحن نملك الوقائع الدمويه التي تدين اسرائيل ونعيش التاريخ الدموي الذي يدين اسرائيل‏..‏ وعلي ارض سيناء سقط شهداونا وهم مقيدو الايدي والارجل برصاص اسرائيل الجبان‏..‏ وتخضبت الرمال بدمائهم‏,‏ واعترفت القيادات الاسرائيليه التي امرت بقتلهم غدرا‏..‏
ماذا يفعلون هم لقتيل واحد؟‏..‏ وماذا نفعل نحن للمئات من قتلانا؟‏!‏
ونحن نملك ادوات الكلام‏..‏ ونملك الصوت الاعلي‏..‏ ونملك الحق‏..‏ ونملك التعداد الاكبر‏..‏ ونملك التاريخ الاوثق‏..‏ ونملك الوعد الالهي في القران‏..‏
وهم يقولون ان الله وعدهم في التوراه‏..‏ حسنا‏..‏ سوف نري‏..‏
ونحب ان نري اعلامنا في المعركه‏..‏ وان تتابع فضائياتنا اكاذيبهم خطوه بخطوه‏..‏
ان باراك يرفع رايات السلام ويضرب لبنان بالصواريخ‏..‏ وهذا سلامهم‏..‏ ويلومون علينا عدم التطبيع‏..‏
عن اي تطبيع يتكلمون؟‏!..‏ وابجديه السلام لا وجود لها عندهم‏..‏ والوفاء باي وعد امر غير وارد في سياساتهم‏..‏
حوار طويل نحب ان نراه بالصوت والصوره في اخبارنا حتي نكسب العالم في صفنا‏..‏ هل رايتم ماذا فعلت الـ
‏C.N.N
في حرب الخليج؟
هذا هو الاعلام وهذه هي خطورته في زماننا‏..‏
ونحن نملك ادوات هذا الاعلام‏..‏ وقد قطعنا شوطا بزرع قمرنا الصناعي في الفضاء‏..‏ وبقي ان يتكلم هذا القمر بلغتنا ويدافع عن قضايانا ويبلغ رسالتنا للعالم‏..‏ ولا يضيع الوقت في ترفيه وتسليه تقوم بها عشرات المحطات الاخري بالنيابه عنه‏..‏ وقتل الوقت لم يعد هدفا بل هو اخر ما يفكر فيه عقلاء هذا الزمان‏..‏ اذا كانوا حقا من العقلاء‏..‏
انما يتسابق حكماء هذا الزمان في شيئ واحد هو احياء وقتهم بما ينفع ويفيد‏..‏

أنشودة حب للذي خلق -د.مصطفى محمود

سمعتهم يتحدثون عن الحب..
و يغنون للحب..
و يحلمون بالحب..

و يتكلمون عن الشفاه و الخدود و النهود، و يرتلون التسابيح في جمال لبنى، و يركعون على أعتاب لمياء، و يسجدون في محراب ليلى.

فلمّا حدثتهم عنك يا إلهي أشاحوا بوجوههم عني، و كأني أزعجتهم من حلم.
و ما دروا أنهم ما سجدوا إلا في محرابك، و ما سبّحوا إلا لجمالك، و ما ركعوا إلا لك، و إن جهلوك و أنكروك و كفروا بك.. فما ظهرت المحاسن إلا عنك، و لا بدت الجميلات إلا بجمالك، و ما سحرتهم العيون إلا بسرّك، و ما أذهلهم بالحق إلا وجهك.. فما ثم إلا وجهك.. تقدس وجهك عن الأسماء.

و من هي ليلى، و لبنى، و سعدى، و لمياء ؟؟!

إن هي إلا أسماء نقشتها رياحك على بحرك، و غداً تنقش لنا أسماء أخرى و أخرى.. و كلها إلى زوال، و أنت أبداً إلى بقاء يا بحر الجمال و المحبة.. و الذين عرفوك و عبدوك و أحبوك، و غرقوا فيك وحدك قد أحبوا الحب الجميع المجتمع و رشفوا من البحر كله، و سبحوا في الباقي، و اعتصموا بالحي و سجدوا للحق، و ركعوا للموجود أبداً و دائماً سبحانك يا من له الحب كله..

حدّثتهم عنك يا إلهي و هم منك و إليك، فما عقلوا عني، و حجبتهم نفوسهم عن نفسك، و أعماهم ختم اللحظات التي ختمتَ بها على قلوبهم عن سرّ أبدك.. فعجلوا إلى نزوة اللحظة.. و ما عجلوا إلا إلى العدم..

و لو كشفتَ لهم النقاب لوجدوا الأبد مطلا بعينيه من وراء اللحظات، و لرأوا جنتك تتألق من خلف السراب و لأنشدوا لوجهك مع العارفين المغرمين..

فما ثم إلا معناك..
و ما ثم إلا وجهك..

أنتَ سبحانك النور الذي تنوّرت به كل المظاهر، و لو اكتمل بصر الرائي ما رأى إلا نورك.. و لما زاغت منه العين في الخصور، و الصدور و النهود و القدود و الخدود.. و لما رأى فيها إلا نوافذ، و مشارف إقلاع يطير منها إليك.. و لما وقف عندها يلثمها، كما يلثم الوثني نحاس الأضرحة، و يسكب دمع العدم ليشربه العدم..

صدق من قال بحبك..
و كذب من قال بحب سواك..
و كذبته روحه يوم القيامة..

و ندمت يداه و قدماه فما زرع إلا الهواء.. و ما حصد إلا الهواء.. و ما تنوّر إلا بالظلمة.. و ما تبرّد إلا بالنار..

سيدي.. مولاي.. مليكي..

ما بيدي شيء..
ما بملكي شيء..
ما بوسعي شيء..
إلا ما أردت و أودعت و استودعت..
إليك أرد كل الودائع، لأستثمرها عندك في خزينة كرمك..
إليك أرد أبدع ما أبدع قلمي فهو جميلك.. و إليك أرد علمي و عملي، و اسمي و رسمي فهو عطاؤك، و إليك أسلم روحي و قلبي و نفسي و جسدي فالكل من خلقك..

ثم أسلم لك اختياري..
ثم أسلم لك سرّي..
ثم أسلم لك حقيقتي.. و هي أنا..
و حسبي أنت..

زكني يارب، و طهرني بإلهامك و رضاك لأكون يوم القيامة من أهلك، و خاصتك و خلانك.. لأكون كاتبك في الآخرة.. كما جعلتني كاتبك في الدنيا.. و لأكون خادمك، و كاتم سرّك و حامل أختامك، و عبدك المقرب المتحبب إليك بتضحية نفسه.

المصدر : كتاب (( عصر القرود ))
للدكتور مصطفى محمود

مسرح العرائس - د..مصطفى محمود


أشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك.
سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح.
جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض.

خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة.
استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر..
رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق.

عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات.. عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته.
و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان من الجذور.

تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني.. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم.. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا.. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم.
و سمعت في قلبي صراخا يناديك.
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان.. لبيك عبدي..
و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك.
و اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية.
و عاد اللا شيء إلى اللا شيء.

و عدت أنا إليك.
لا إله إلا أنت.
سبحانك
و لا موجود سواك
القرب منك يضيف.
و البعد عنك يسلب.
لأنك وحدك الإيجاب المطلق.
و كل ما سواك سلب مطلق.

علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ.. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة.. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري.. أما كفاك ما عانيت يا عبدي.
أما اتعظت.. أما اعتبرت.. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تستقر خطاك على الطريق.

فأقول باكيا.
سبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك.
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين.
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل.
شفيعي إليك صدقي.
و عذري إليك حبي للحق.
و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير.
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة.
و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات.
و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة.

ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي.
إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك.

رب لا أشكو و لكن أرجو.
أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني.
أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض.

من كتاب : أناشيد الإثم والبراءة


التقدم إلى الخلف - د..مصطفى محمود

حينما اكتشف الرجل الأوروبي البخار و الكهرباء، و صنع الصلب و القطارات و الطائرات، و أضاء المدن فأحال ظلامها نهاراً امتلأ شعوراً بالسعادة و العظمة.

و حينما وضع قدمه في أفريقيا السوداء نظر إليها نظرة السيد إلى ملايين العبيد المتخلفين المتأخرين، المتبربرين المتوحشين. و شعر بأن عليه واجب الأخذ بيد هؤلاء الحيوانات إلى نور المعرفة و العلم و الوصايا العشر.

و بين زنوج عراة حفاة وقف المبشر الأوروبي في ثياب نظيفة يقول لكل واحد:
لا تسرق..
و نظر كل عريان بجواره يتساءل: نسرق ماذا؟
لا أحد يملك حتى خرقة على جسده، و الطير يمرح على الشجر لمن يصطاده، و الأرض مجاناً لمن يزرعها، و الفاكهة دانية لمن يقطفها..
نسرق ماذا و لماذا؟

أسهل على الجمل أن يدخل ثقب إبرة من أن يدخل الغني جنة الله.

و لكن من هو الغني؟
الذي يملك.. الذي عنده نقود أكثر.. الذي عنده سندات و عقارات أكثر.
و لكن ليس بيننا من يملك أكثر و لا من يملك أقل. و لا نعرف ملكية. و لا نعرف نقوداً. و ليس بيننا من يملك سندات و عقارات.
هذا عين التأخر و البربرية و الوحشية!
سوف يصك لكم الرجل الأوروبي النقود. سوف يجعل بعضكم فقراء و بعضكم أغنياء. سوف يجعل بعضكم يملك و بعضكم لا يملك. و هكذا تنشأ بينكم الأحقاد فتعرفون معنى الوصايا العشر.
و لكن ما بال الرجل الأوروبي نفسه لا يعمل بالوصايا العشر؟
لماذا يسرق خيرات الغابة و يشحنها في البواخر المتراصة على الشاطئ إلى بلاده؟ لماذا يقتل العبيد بالسخرة في المناجم؟ لماذا يتزوج واحدة و يزني بألف. و لماذا يكذب على نفسه و علينا و على الله؟!

و ظلت الحياة تسير في رتابة بين المتوحشين المتبربرين تحصدهم الأمراض، و تتحالف عليهم الملاريا و الحمى الصفراء، و الحيات و الأفاعي، و رصاص المستعمرين.
و تولى الرجل الأوروبي مهمة قتل نفسه في حربين عالميتين.
و تولى حصاد المدينة التي أقامها. كلما بنى هدم، و كلما أقام حطم.

و لكن الأدوات في يديه ظلت تتقدم من طائرات إلى صواريخ، و من كهرباء إلى ذرة.
و ها هو ذا اليوم قد امتلأ شعوراً بالثقة، و قد ازداد تأكيداً أنه أصبح السيد بالفعل.
سيد من؟!!
سيد على الطبيعة و عبد لنفسه!
و هو يزداد عبودية لهذه النفس كل يوم.
تستهويه البضائع الاستهلاكية في الفاترينات، و تستعبده الثلاجة و الغسالة و العربة البويك، و الريكوردر، و الترانزيستور.
و سيطرة البضائع الاستهلاكية و الترف الشخصي تفرض نفسها على بلد رأسمالي كأمريكا كما تفرض نفسها على بلد اشتراكي كروسيا.

و من أجل مزيد من الترف و البضائع الاستهلاكية لكل فرد، و من أجل السيطرة و التحكم في الآخرين سوف تقوم حرب ثالثة، فلم تعد المسألة مسألة مذاهب. و إنما حقيقة المسألة أن الإنسان لم يتقدم و إنما تأخر. و هو كل يوم يتأخر.

الأدوات في يديه هي التي تقدمت و تحول هو من صانعها إلى خادمها ثم إلى عبدها.
لكن كل هذه البضائع الاستهلاكية ليست أكثر من لعب أطفال في فاترينة، و كل ما أحرزه الإنسان من تقدم هو تقدم شكلي.

و الإنسان في أثينا، منذ أكثر من ألفي سنة، أيام سقراط و أفلاطون و أرسطو كان أكثر تقدماً. و كان يعرف طريقه الصحيح إلى التقدم بالفعل. كان يبحث كيف يعرف نفسه، و كيف يتخلص من عبوديتها، و كيف يحقق الحرية، و كيف يحقق العدالة، و كيف يصل إلى معرفة الله. و كان كل واحد يناقش الآخر في حرية.

أما اليوم فكل واحد يطلق على الآخر الرصاص.
و لا أحد يفكر كيف يعرف نفسه، و لكن كيف يشبع نهم تلك النفس الجشعة بلا حدود.
و النفس تدفن شيئاً فشيئاً تحت ركام البضائع الاستهلاكية، يخنقها طمعها اللانهائي.

نحن نتأخر.

الأدوات في أيدينا تنمو في القوة باطراد حسابي كما تنمو الأموال تلقائياً في البنوك.
و لكن التقدم ليس أن تنمو الأدوات، و إنما أن ينمو الإنسان.
ليس أن يسيطر الإنسان على الآخرين، و إنما أن يسيطر على نفسه، على غضبه.
ليس أن يمتلك الإنسان القوة، بل أن يمتلك الرحمة.
ليس أن يفرض الشرق مذهبه على الغرب، و لا أن يفرض الغرب مذهبه على الشرق، و إنما أن ترحب الصدور ليقول كل واحد كلمته.

صحيح أننا الآن نركب صواريخ و نسير بسرعة، و لكن إلى وراء، و إلى تحت، و إلى خلف، و إلى دغل كثيف نعود فيه حيوانات أكثر افتراساً من كل الحيوانات.. حيوانات مخالبها ذرية و أنيابها نووية. مسوخ اختل فيها التوازن فأصبحت لها أبدان هائلة، و قلوب ضئيلة، و أرواح هزيلة.

الجنس البشري الآن هو الديناصور الجديد الذي سوف ينقرض.
و اقرأوا التاريخ لتعرفوا كيف كان على الأرض منذ ملايين السنين حيوان هائل ضخم كالجبل، يحكم جميع الحيوانات، اسمه الديناصور، ثم انقرض و هلك. و السبب أنه كان قوياً جداُ و مغفلا.



من كتاب : الشيطان يحكم

الواقع الكذاب - د..مصطفى محمود

ما نراه في الواقع ليس دائما هو الحقيقة..
حتى ما نراه رأي العين و نلمسه لمس اليد..
فنحن نرى الشمس بأعيننا تدور كل يوم حول الأرض، و مع ذلك فالحقيقة أن العكس هو الصحيح، و الأرض هي التي تدور حول الشمس.
و نحن نرى القمر في السماء أكبر الكواكب حجما، مع أنه أصغرها حجما.
و نحن نلمس الحديد فنشعر بأنه صلب متدامج، مع أنه في الحقيقة عبارة عن ذرات منثورة في فراغ مخلخل، و بين الذرة و الذرة كما بين نجوم السماء بعدا.. و ما يخيل لنا باللمس أنه صلابة و تدامج هو في الحقيقة قوى الجذب المغناطيسي الكهربائي بين الذرة و الذرة.. نحن نلمس القوانين بأصابعنا و ليس الحديد.

و نحن ننظر إلى السماء على أنها فوق، و الأرض على أنها تحت، مع أنه لا يوجد فوق و لا تحت.. و السماء تحيط بالأرض من كل جوانبها.
و الهرم بالنسبة لنا شيء لا يمكن اختراقه، مع أنه بالنسبة للأشعة الكونية شفاف كلوح الزجاج، ترى من خلاله و تنفذ من خلاله.
و صقيع القطبين الذي نظن أنه غاية في البرودة هو بالنسبة لبرودة أعماق الفضاء جحيم ملتهب.

و في الحقائق الإنسانية تكذب علينا العين و اللسان و الأذن أكثر و أكثر.. فالقبلة التي تصورناها في البداية مشروع حب نكتشف في النهاية أنها كانت مشروع سرقة.
و جريمة القتل التي أحس الجميع بأنها ذروة الكراهية يكتشف الجميع أنها ذروة الحب.
و ما قد يبدو للزوج أنه خيانة من زوجته لفرط إحساسها بجمالها قد يكون الدافع الحقيقي له هو إحساس الزوجة بقبحها و شعورها بالنقص، تحاول الخلاص منه باستدراج إعجاب الرجال، و الانتقال من خيانة إلى أخرى.
و ما تكتب عنه الجرائد بالإجماع على أنه بطولة قد يعلم البطل نفسه أنه كان انتحارا.

و في الحقائق الاجتماعية تتعقد الأمور أكثر، و يغرق الحق في شبكة من التزييف تشترك فيها كل الإرادات، و يصبح الحكم على الأمور بظاهرها سذاجة لا حد لها.

و في الحقائق التاريخية يكتب المؤرخون في كل عصر و من ورائهم السلطة، و تكتب أقلامهم ما يريد الأقوياء أن يقولوا.

و ما أصعب الوصول إلى الحقيقة..

إن الوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى حقيقة أكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذتك.. بل إن الوصول إلى أبعد نجم في متاهات الفضاء أسهل من الوصول إلى حقيقة ما يهمس في قلب امرأة على بعد شبر منك.
بل إن عقولنا تزين علينا حتى عواطفنا نفسها، فنظن أن حب المجد يدفعنا و الحقيقة أنه الغرور و حب الذات.. و نظن أن العدالة هي التي تدفعنا إلى القسوة في حين أن الذي يدفعنا هو الحسد و الحقد.

من الذي يستطيع أن يقول.. لقد أدركت الحقيقة؟
من الذي يجرؤ أن يدعي أنه عرف نفسه؟
ليس من باب التواضع أن نقول.. الله أعلم.
و إنما هي الحقيقة الوحيدة الأكيدة في الدنيا.. إننا نجهل كل الجهل حتى ما يجري تحت أسماعنا و أبصارنا.

و برغم جهلنا يتعصب كل فريق لرأي.. و قد تصور كل واحد أنه امتلك الحق، فراح ينصب المشانق و المحارق للآخرين.
و لو أدركنا جهلنا و قدرنا لانفتح باب الرحمة و الحب في قلوبنا، و لأصبحت الحياة على الأرض جديرة بأن نحياها.

متى نعرف أننا لا نعرف؟!