من النظريات التي انطلقت من الرؤية المادية للكون والتاريخ والحياة:
1- الشيوعية في الاقتصاد والثروات والمال وأسسها الفلسفية في التفسير المادي للحياة والتاريخ..
2- الدروانية والتي فسرت نشأة الحياة بالتخلق الذاتي والتطور الطبيعي وفق مبدأ الصراع فكانت ركيزة من ركائز إنكار الفلسفة الإيمانية للخلق والكون والحياة..
ولقد كان القرن العشرين هو عصر العلو وأيضا الانهيار لهاتين النظريتين الماديتين الغربيتين وإذا كانت جهود الفلسفة والاجتماع قد وفقت في ترويج هذه النظريات وإشاعتها فان جهود جبارة قد بذلت لمواجهة فتنة هذه النظريات ولقد كان لعلماء الدين من كل الديانات دور بارز وملحوظ في التصدي لهاتين النظريتين..
ولقد كان للإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت (1310-1383/1893-1963) دور بارز في هذا الميدان فلقد أفتى بمادية الشيوعية وكفرها ..وقال:
“لو كانت الشيوعية مذهبا اقتصاديا لا يمس الإيمان ولا يهتك حرمته ولا يفتن الناس في تدينهم بأصول التعاليم الإلهية لأمكن ألا نقول بعداوتها للإسلام ولا بعداوة الاسلام لها..
أما واقعها كما ينقل عن مخترعيها ويقرأ في كتبها أنها لا تؤمن إلا بالمادة وأنها تنكر الألوهية والوحي والبعث وأنها تقتحم في سبيل ماديتها كل ما قدسه القرآن وقدسته الشرائع السماوية من حرمات العقيدة والعبادة والمال والأعمال والروابط الجنسية الشرعية وما إلى ذلك من أسس الإسلام وسائر الأديان السماوية عدوا لها عداوة لا هوادة فيها”
أما الدروانية ..فلقد قال عنها الشيخ شلتوت:
” فهذه النظرية التي تقول بتطور الإنسان عن نوع أخر من الحيوانات بطريق النشوء والارتقاء نظرية لم يرفضها رجال الدين تزمتا ولا تعسفا وإنما رفضوها على أساس من الدين ونصوصه الواضحة وعلى أساس من قراءة الدين في رفض ما لم يدل عليه برهان أو يشهد بصحته حس ولا تجربة.
ولقد جاء صريحا في القرآن الكريم التحدث عن خلق الإنسان وتحدث عن خلق الإنسان الأول ومما كان وتحدث عن خلق أبنائه ومما كانوا وكيف كانوا ” ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون” الحجر26
“فلينظر الإنسان مما خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب “الطارق 5/7 فهذا ونحوه خبر الله الصادق الذي قامت على صدقه المعجزات يحدث بأن الإنسان خلق نوعا مستقلا وليس بتطور عن نوع أخر من أنواع الحيوانات أيا كان ذلك النوع وكيفما كان التشابه بينه وبين الإنسان وبعض الخصائص وبعض الأوضاع الجسمية.
والمسألة تعد مسألة غيبية لا يتناولها الحس ولا محل فيها لتجربة وليس ثمة مقدمات عقلية يصل بها العقل إلى معرفة واقعها ومثل هذه المسألة من المسائل التي ينحصر مصدر العلم بها في خصوص الخبر الصادق المؤيد بالمعجزات الواصل إلى الناس من عالم الغيب ومكون الأنواع والمخلوقات وقد نفى القرآن أن يكون مبدأ الخلق عامة مما يعلمه الإنسان بنفسه (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) الكهف 51، فهذا هو السند القوي الذي يعتمد عليه رجال الدين في رفض نظرية التطور الفردي..”
إنه نموذج على دور الفكر والشجاعة الفكرية في هزيمة النظريات المادية التي فتنت قطاعات واسعة من الناس في القرن العشرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق