المصريون
ماذا يجرى فى مصر ؟ أتلك هى مصر الكنانة ؟ أهذى هى مصر التى ذُكرت فى القرآن الكريم ؟ ماذا أصاب المصريون ؟ مالى أرى الناس فى مصر فى اسوأ عهودهم على الإطلاق ؟ أهى العدوى من نظام حكم فاشى يتوارى جانبه نظام هتلر خجلا ؟ تنظر لوجه الناس فترى ملامح مكفهرة وسحن كئيبة ووجوه شاحبة وجباه منكسرة .. جمع غفير يتلاطم فى بعضه ، حياتهم مكررة ومملة لا يوجد فيها جديد ، كأنهم يحسبون الأيام والليالى ليرحلوا عن هذه الدنيا !
لقد نخر سوس النظام الحاكم فى عظام المصريين على مدار ثمان وعشرين سنة ، فجعل منهم مجرد هياكل لا معنى لها .. وانتقل السوس الناخر من العظام إلى التفكير كنت أمازح أحد البائعين ( المطحونين ) : ما رأيك فى حسنى مبارك ؟!
ونظر لى بارتياب كأننى ضابط أو مخبر وأجاب : كفاية يابيه إنه حاكم 80 مليون ، ده الواحد فى بيته مبيعرفش يحكم خمسة أو أربعة !!
أذهلنى جواب البائع والذى ينم عن مدى الفكر الذى انتشر فى عهد مبارك ..
من قال أن مبارك يحكم 80 مليون ؟
الحكم مسئولية وليس طشة ملوخية ! وتكليف وليس تشريف !
مبارك لايحكم سوى مجموعة من المليونيرات أفسدوا البلد وسرطنوا أجساد المصريين ورفعوا الأسعار وسعوا فى الأرض مفسدين ..
مبارك ترك ال 80 مليون يتقاتلون ويتصارعون ويسرقون وينهبون ويرتشون ويُرشون ويُعذبون ويُسجنون وتُفعل بهم الأفاعيل .. فهل هذا هو الحكم ؟!
مبارك ترك البلد وسن شريعة الكرباج لتعمل فى جميع أنحاء البلاد .. انتقل بعيداً عن الناس وذهب إلى شرم الشيخ حيث الهدوء والراحة والحرس والخدم والحشم والماء المثلج والكافيار والجمبرى والقصور واللنشات المائية ولعبة الاسكواش و ......
ترك المصريون فى الغلاء والنار والدروس الخصوصية والزحام وعوادم السيارات وحوادث القطارات وغرق العبارات والسحل والجلد والنفخ والاغتصاب فى السجون المصرية .
ترك المصريون يتعرضون للإرهاب من قبل وزارة الداخلية ، أعاد مصر لعهود الاستعباد والاستخراب ( يطلقون عليه الاستعمار ) ترك المصريون يموتون قهراً وكمداً ومرضاً ويأساً وعطشاً .
ترك المصريون وسط الصرف الصحى وانقطاع مياه الشرب ترك المصريون وسط الحشيش والبانجو والدخان الأزرق وضحكات العوالم والغوازى والراقصات والغانيات للدرجة التى جعلت من ( فيفى عبده ) تعين وكلاء النيابة وضباط الشرطة !
ترك الجمل بما حمل ، وذهب بعيداً عن الناس ولسان حاله يقول : أنتم عبيدى وأنا سيدكم أفعل بكم الأفاعيل فلا تعترضوا أو تردوا ولكن كونوا عبيداً مخلصين لسيدكم وراعيكم الذى يسوقكم .
لقد استخدم مبارك مع المصريين جميع أنواع الذل والقهر لاعتقاده أنهم عبيد عنده ، وظل يُجرب فيهم شتى أنواع الإذلالات طوال سنوات حكمه البليد الكالح .
بالأمس شبه القريب كنا ننام ونصحو على حملات تنظيم الأسرة وتحديد النسل وإعلانات الأب ذو الطفلين والآخر ذو العشر أطفال ، وفيلم أفواه وأرانب لفاتن حمامة والذى صُنع خصيصاً من أجل تحديد النسل ، وظلت الصحافة تكتب وتناشد الآباء بعدم الإنجاب ، وتم توزيع الواقى الذكرى و " اللولب " على العيادات الطبية ، من أجل تحديد النسل ، وتم استدراج الأزهر لهذا المسلسل الماسخ ، فصدرت فتاوى تستنكر إنجاب الرجل الفقير ، واشتط بعض المنافقين من شيوخ السلطان فأفتوا بتحريم إنجاب أكثر من اثنين !
فى تلك الفترة التى كانت منذ منتصف الثمانينيات وحتى أواخر التسعينيات كان النظام يروج لمشكلة تحديد النسل وأنه بدون حلها فمصر ستذهب إلى الجحيم وإلى المجهول وينتظرها مستقبل غامض و .... و ......
كانت حقبة كالحة وباردة وسمجة ، وفجأة توقفت تلك الحملة المنظمة والممنهجة ضد تحديد النسل ، وكأن النظام قد أعطى للمصريين الضوء الأخضر ليزيدوا من عددهم ! والحقيقة أن النظام الفاشى وجد صعوبة فى إقناع الناس بالتخلى عن الإنجاب – وهو غريزة طبيعية من أجل استمرار الحياة – فعمل على تعقيم المصريين وقتلهم بالبطئ ، فقام بنشر المبيدات المسرطنة التى أهلكت الناس ودمرت حياتهم تماماً ، وانتشرت الأوبئة بطريقة غير مسبوقة ، خاصة مرض الفيروس " سى " الكبدى الوبائى ، وتم رفع الأسعار وتلويث المياه ، وتلويث الدماء ، والغرق فى العبارات ، والموت فى القطارات والطائرات ...
وكأنهم يقولون للناس نحن سنحدد لكم النسل بالنيابة عنكم ولكن على طريقتنا الخاصة !
ومن تحديد النسل إلى العيش فى الوهم والأحلام ، فأحد إنجازات مبارك أنه جعل الناس تعيش فى الأوهام والأحلام بل والانجذاب لكل شاذ وغريب وتافه ..
أشاعوا أنه مات ( أغسطس 2007م ) وغادر الدنيا وذهب للعالم الآخر ، وصدق الناس واعتبروه دليلاً على حب الله لهم أن خلصهم منه ورحمهم من عذابهم وهم نيام فى بيوتهم !!
وكأن الله يُكافئ الكسالى والنيام والعائشين فى الأوهام والأحلام وأنصار مقولة " أنا عايز أربى عيالى " و " خليك جنب الحيط " و " اشمعنى أنا " .... إلخ ويخرج مبارك علناً وكأنه يقول للناس : لن أرحل بل أنتم سترحلون جميعكم ، أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ؟!
يبقى سؤال : هل استطاع مبارك أن يؤثر فى المصريين عن طريق إذلالهم وكسر أنوفهم للدرجة التى تجعلههم ينتظرون إشاعة – أى إشاعة - تنفس عنهم إذلال 28 سنة ؟ الجواب : ربما !
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق