01 يناير 2010

استفزاز رجال الأعمال...مصطفي بكري

 
استفزاز رجال الأعمال - فضيحة يحيي الكومي وخلود العنزي
مصطفي بكري
بقلم: مصطفي بكري
رجل أعمال شهير،‮ ‬حقق ثروة كبيرة يتحدث بلغة المليارات،‮ ‬يمتلك الأراضي والمنتجعات،‮ ‬ويترأس ويمتلك شركة خاصة للبترول،‮ ‬كان يترأس حتي وقت قريب رئاسة مجلس إدارة النادي الإسماعيلي،‮ ‬ثم دخل إلي قائمة المرشحين لرئاسة نادي الشمس مؤخرًا،‮ ‬حمل شعار جئت لأنقذ النادي من التحرش والمخدرات‮..‬
إنه المهندس يحيي أحمد السيد الكومي الذي لم يتعد عمره ‮٦٥ ‬عامًا بعد ويترأس مجلس إدارة الشركة المصرية العربية للتجارة والتوكيلات‮ '‬يحيي الكومي وشركاه‮' ‬ومقرها ‮٧٢ ‬ش عبدالحميد بدوي بمصر الجديدة ومهمتها العمل في مجال الغاز والبترول برأسمال ‮٠٠٥ ‬مليون دولار والمدفوع ‮٠٠١ ‬مليون دولار منذ نحو أربعة أشهر بالتمام والكمال،‮ ‬تعرف علي سيدة سعودية تدعي‮ '‬خلود مليح العنزي‮' ٤٣ ‬سنة تتميز بقسط وافر من الجمال،‮ ‬وتمتلك ثروة مالية كبيرة وهي إحدي طليقات الأمير ..........الوليد بن طلال‮.‬
نشأت بينهما علاقة صداقة وحب من طرف المهندس يحيي الكومي،‮ ‬واستغلال من الطرف الآخر،‮ ‬تعددت المقابلات واللقاءات،‮ ‬بدأت تتردد عليه في منطقة مارينا،‮ ‬في القصور ارقام ‮١‬،‮ ٢‬،‮ ٣‬،‮ ٤‬،‮ ٥‬،‮ ‬في منطقة‮ '‬فينسيا ‮٣٢' ‬خلال أشهر الصيف الماضي‮.‬
ومن مارينا إلي قصره الفاخر بجوار الريف الأوربي بطريق مصر - إسكندرية الصحراوي،‮ ‬كانت اللقاءات تتم بشكل منتظم ومستمر‮.‬
وخلال زيارتها إليه في قصوره المختلفة كانت السيدة خلود العنزي تصطحب معها‮: ‬البودي جارد،‮ ‬والخادمة،‮ ‬وسائقها الخاص‮.‬
وكان هو أيضًا يذهب إليها في مسكنها الفاخر في البرج رقم ‮٣ ‬ش ابن كثير بالطابق الخامس عشر،‮ ‬كانت اللقاءات لا تتوقف،‮ ‬وكان الرجل يبدي اهتمامًا‮ ‬غير عادي بهذه السيدة التي جذبت انتباهه وحازت علي ثقته وأصبحت بالنسبة له وكأنها الملاذ من كل الدنيا‮.‬
كان يسر إليها بكل اسراره ومشاكله،‮ ‬وكانت هي تلاعبه بكلامها المعسول،‮ ‬فقد حددت لنفسها هدفًا منذ البداية‮:‬،‮ ‬كيف استطيع السيطرة واحقق الاستحواذ علي أكبر قدر من الأموال والعقارات؟‮.‬
ونجحت في فترة زمنية محدودة في تحقيق أهدافها،‮ ‬فتنازل لها طواعية بمحض إرادته من خلال إجراءات تمت مع بنك الإسكان والتعمير بمنتجع مارينا أقر فيها بتقاضيه ثمن القصور الخمسة ورغم أنه زعم في بلاغه المقدم بعد بأن قيمتها خمسون مليون جنيه،‮ ‬إلا أن الجهات المعنية قدرت قيمة هذه القصور بنحو ‮٠٨ ‬مليون جنيه،‮ ‬أحضر لها هدايا‮ ‬غالية الثمن،‮ ‬كانت عبارة عن عشر ساعات من الألماظ ماركة‮ '‬فرانك موللر‮' ‬بأسعار تصل من مليون إلي ‮٢ ‬مليون جنيه للساعة الواحدة قدم لها حزاماً‮ ‬ألمانياً‮ ‬حريمي يوضع علي وسط الجسد بقيمة ‮٣ ‬ملايين جنيه،‮ ‬وقد أهداه لها بمناسبة عيد ميلادها الأخير‮.‬
كان يغدق عليها بلا حساب،‮ ‬طلباتها مجابة،‮ ‬الأموال تسيل في يديها كالأنهار،‮ ‬الهدايا التي تطلبها تذهب إلي منزلها ربما قبل أن تصل إليه مفارقة قصوره الأسطورية‮.‬
لقد راهن عليها بكل ما يملك من مال،‮ ‬ويبدو أن السيدة السعودية لم تكن هينة،‮ ‬لقد أدركت نقاط ضعفه منذ البداية،‮ ‬وراحت تلاعبه بطريقتها،‮ ‬ولم يكن أمامه سوي أن يستجيب لطلباتها ويدفع لها بالمزيد من الأموال‮.. ‬لقد قيل إن جملة ما حصلت عليه منه تحديدًا يتعدي الـ ‮٠٥١ ‬مليون جنيه من أموال سائلة وهدايا وقصور،‮ ‬غير أنه حاول التقليل من المبلغ‮ ‬وحصره في حوالي ‮٠٠١ ‬مليون جنيه‮.‬
ومنذ عدة اسابيع ذهب إليها في شقتها بعد أن رفضت الذهاب إليه في قصره الكائن بطريق مصر - الإسكندرية الصحراوي،‮ ‬دق جرس الباب،‮ ‬لكنها رفضت أن تفتح له باب شقتها وطلبت من حراسها طرده والتنبيه عليه بعدم التردد عليها مرة أخري‮.‬
جن جنونه وراح يهذي بكلمات ساخطة،‮ ‬كانت‮ ‬غضبته شديدة،‮ ‬هدد،‮ ‬وتوعد،‮ ‬ولم يجد أمامه سوي أن يطالبها بما حصلت عليه‮ ‬غير أنها لم تعره اهتمامًا‮.‬
حاول معها كثيرًا،‮ ‬وعدها بالمزيد،‮ ‬إن تراجعت وأعادت حبال الوصل معه مرة أخري،‮ ‬غير أنها كانت قد قررت عدم الاستجابة له بأي حال من الأحوال،‮ ‬فجن جنونه،‮ ‬وقرر في ساعة‮ ‬غضب أن يتقدم ببلاغين‮: ‬الأول بمديرية أمن ‮٦ ‬أكتوبر والثاني بمديرية أمن الجيزة اتهم فيهما السيدة السعودية بالاستيلاء علي ‮٠٥ ‬مليون جنيه قيمة القصور الخمسة ومبالغ‮ ‬مالية أخري تصل جميعها إلي ‮٠٠١ ‬مليون جنيه‮.‬
وعندما علمت السيدة السعودية بمضمون البلاغين قامت هي الأخري بتقديم بلاغ‮ ‬ضد المهندس يحيي الكومي اتهمته فيه بالتهديد بالايذاء،‮ ‬نافية ادعاءاته بالاستيلاء علي أمواله وقصوره‮.‬
وبدأت الجهات المعنية تحرياتها،‮ ‬ففي مديرية أمن ‮٦ ‬اكتوبر عقد اللواء اسامة المراسي مساعد الوزير ومدير أمن المحافظة اجتماعًا بالقيادات الأمنية طالب فيه بسرعة التحري عن الواقعة،‮ ‬وبدأ فريق البحث بإشراف اللواء أحمد عبدالعال مدير مباحث ‮٦ ‬أكتوبر وضم العميدين جمال عبدالباري رئيس فرع البحث الجنائي بوسط اكتوبر ومحمد أبوزيد رئيس المباحث والمقدم أحمد قابيل رئيس مباحث الشيخ زايد في إجراء التحريات اللازمة‮.‬
وفي الجيزة اشرف اللواء محسن حفظي مساعد الوزير ومدير الأمن علي تشكيل فريق البحث بإشراف اللواء كمال الدالي مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة لإجراء التحريات اللازمة،‮ ‬فجاءت النتائج متطابقة‮.‬
وبعد الاستماع إلي أقوال الشاكي المهندس يحيي الكومي،‮ ‬تمت إحالة الأمر إلي نيابة جنوب الجيزة برئاسة المستشار حمادة الصاوي المحامي العام لنيابة جنوب الجيزة الذي استمع إلي أقوال يحيي الكومي كما طالب باستدعاء السيدة السعودية خلود العنزي والسائق والسفرجي وإحدي العاملات وعدد من رجال الحرس الذين يقومون بحراستها،‮ ‬كما تم استدعاء طاقم الحراسة الخاص برجل الأعمال‮.‬
وكان رجل الأعمال يحيي الكومي قد قال في التحقيقات إن السيدة السعودية نصبت عليه،‮ ‬وأنها حصلت منه علي خمس فيلات بمارينا تقدر قيمتها بـ ‮٠٥ ‬مليون جنيه دون أن تعطيه ثمنها‮.‬
وعندما سأله المحقق‮: ‬ولماذا لم تستلم قيمتها؟ قال إنها كانت قد وعدته بمنحه قيمة الفيلات قبيل تسجيلها بالشهر العقاري،‮ ‬إلا أنها لم تف بوعدها،‮ ‬وبعد تسجيلها بالشهر العقاري ادعت أنها ملكية خاصة لها،‮ ‬وأنها سددت له قيمتها،‮ ‬وأنه ليس له أي حقوق لديها‮.‬
وعندما سأله المحقق عن أسباب منحها هذه الفيلات دون أن يحصل منها علي أي ضمانات،‮ ‬قال إنه كان يثق فيها لكنها‮ ‬غدرت به‮.‬
هذه هي باختصار تفاصيل القصة التي سوف تشغل الرأي العام خلال الأيام المقبلة لأنها تعيد إلي الأذهان دور النساء في حياة رجال الأعمال وبعثرة ملايين الجنيهات عليهن بلا حساب‮.‬
لقد كثر الحديث في الصحف والجلسات الخاصة عن شخصية يحيي الكومي،‮ ‬وكيف امتلك المليارات في فترة زمنية محدودة،‮ ‬وكان الناس يتساءلون دومًا‮: ‬من أين كل هذه الأموال في تلك السنوات،‮ ‬لشاب لم يبلغ‮ ‬من العمر بعد ‮٦٥ ‬عامًا؟‮!‬
صفقات وأراض وشركات تعمل في مجالات البترول والغاز والمقاولات‮. ‬ومع تردد الأنباء حول وقائع الفضيحة المدوية،‮ ‬راح المهندس يحيي الكومي يجري اتصالات بعدد من الصحف لضمان النشر لصالحه إن كان هناك بد من النشر‮.‬
كان يريد أن يساعده الإعلام في إظهاره بصورة الضحية،‮ ‬حتي يتمكن من إثارة الرأي العام ضد السيدة السعودية،‮ ‬ويضمن تأديبها وحبسها بتهمة النصب،‮ ‬غير أن التحريات أثبتت أنه تنازل لها بمحض إرادته عن جميع الهدايا والقصور التي منحها إياها‮.‬
لقد استطاع فريق البحث في كل من ‮٦ ‬أكتوبر والجيزة أن يجري تحريات واسعة شملت مناطق مارينا والطريق الصحراوي وشارع ابن كثير في الجيزة‮.‬
تم الاستماع إلي أقوال الكثيرين من المقربين والعاملين مع الطرفين وامتدت التحريات إلي الجيران والاصدقاء‮..‬
تم إعداد ملف عن السيدة السعودية وعلاقاتها في مصر وأسباب طلاقها من الأمير الوليد بن طلال،‮ ‬كما تم رصد ظروف تعرف المهندس يحيي الحكومي بها،‮ ‬وكيف كان يغدق عليها الأموال بطريقة دفعتها إلي طلب المزيد منه حتي عندما حققت الهدف والمراد قررت طرده من جنتها الموعودة‮.‬
إنها قضية تثير تساؤلات عديدة،‮ ‬وتدفع إلي مراجعة سجلات هؤلاء الذين امتلكوا ثروات ضخمة في سنوات معدودة عبر طرق عديدة،‮ ‬تستحق أن تفحص وأن يدقق فيها،‮ ‬خاصة أن مئات الملايين لم تعد لها قيمة في نظر الاغنياء الجدد في مصر‮.‬
لقد عرف عن المهندس يحيي الكومي انه يصرف أمواله بلا حساب،‮ ‬ويقدم الهدايا بالمليونية ويشتري النفوس والاقلام الضعيفة وهو يدفع في سبيل ذلك ملايين الجنيهات ليضمن وضع الجميع داخل قفصه،‮ ‬ويغلق الحملات الصحفية التي تبدأ بفتح ملفاته ثم سرعان ما يذهب ليعلن ذلك أمام اصدقائه في السر والعلن‮.‬
إنه يعتبر أن المال سلاح فتاك،‮ ‬يخرس الألسنة،‮ ‬ويقصف الاقلام،‮ ‬ويشتري أصحاب النفوس الضعيفة،‮ ‬ويركع الجميع تحت قدميه‮..‬
ولأنه يجد من يستجيب،‮ ‬فقد مضي في طريقه لا يبالي أحدًا،‮ ‬فكل شيء له سعره،‮ ‬وهكذا ظن في علاقته مع طليقة الأمير الوليد بن طلال‮.‬
لكنه وجد نفسه فجأة مضحوكًا عليه،‮ ‬فبعد أن حصلت السيدة السعودية علي ما تريد قررت وقفه عند حده وعدم الرد علي هاتفه وطرده من أمام منزلها بالجيزة،‮ ‬فثار ثورة كبيرة،‮ ‬وراح يحول القضية من صداقة‮ ‬غير معلنة إلي فضيحة كبري،‮ ‬يتهم فيها السيدة السعودية بالنصب والابتزاز‮.‬
إن هذه النماذج تسيء إلي صورة رجال الأعمال وتشوه سمعتهم،‮ ‬وتقدمهم في صورة من ينثرون ملايينهم تحت أقدام السيدات فيزيدون من احتقان المجتمع ضدهم،‮ ‬ويقوون شوكة خصومهم،‮ ‬ويؤكدون مجددًا الصورة الذهنية التي أصبحت لصيقة بعقول الناس،‮ ‬ورغم أن في أوساط رجال الأعمال شرفاء كثيرين لكن هذه الممارسات حتمًا ستطال هذا المجتمع الذي ظهر بقوة بعد سياسة الانفتاح الاقتصادي في عام ‮٤٧٩١‬،‮ ‬غير أن نمو هذه الظاهرة وصعودها وامتلاكها للسلطة والنفوذ تزايد خلال الحقبة الأخيرة وتحديدًا حقبة التسعينيات وما تلاها‮..‬
وآه لو فكر يحيي الكومي وغيره من رجال الأعمال في صرف ولو جزءاً‮ ‬محدوداً‮ ‬من مئات الملايين التي تصرف تحت أقدام النساء ألا يعلم أن في مصر ملايين الفقراء الذين يتسولون لقمة العيش؟‮! ‬ألا يدرك أن الـ ‮٠٥١ ‬مليون جنيه التي دفعها للسيدة السعودية أو ضحكت عليه فيها،‮ ‬كان يمكن لها أن تطور ثلاث أو أربع مناطق عشوائية،‮ ‬يكون حسابه عند الله فيها لو فعل؟‮!‬
ألا يعرف يحيي الكومي وأمثاله أن الناس تئن من أوضاعها الاجتماعية المزرية وأن مثل هذا السلوك يدفعها إلي مزيد من الاستفزاز ويزيد من سخطها علي الأوضاع الاجتماعية في البلد؟‮!‬
ألم يسمع أن عدد من هم تحت خط الفقر في مصر يتراوح بين ‮٢٤ ‬و‮٢٥‬٪‮ ‬من السكان وأن هؤلاء أعيتهم الحاجة وسادهم شعور كبير بالإحباط؟‮! ‬ألم يعلم أن هناك ملايين الشباب العاطلين عن العمل،‮ ‬وأنه لو فكر أن يمنح كل شاب مبلغ‮ 300 ‬جنيه لمدة سنة لاستطاع أن يسعد عشرات الألوف من الشباب؟‮! ‬لماذا لم يفكر في دفع ولو جزءاً‮ ‬من هذه المبالغ‮ ‬لهؤلاء الذين وصلوا إلي مرحلة اليأس ولم يجدوا أمامهم سوي الانتحار سبيلاً؟‮! ‬ماذا لو تبرع بها لمستشفي السرطان؟ أو ماذا لو بني بها عدداً‮ ‬من المستشفيات والمراكز الطبية في القري والنجوع والكفور؟‮!.. ‬في كل الأحوال فما جري هو فضيحة بمعني الكلمة بغض النظر عن جميع الادعاءات‮.‬
إن السؤال الذي يطرح نفسه‮: ‬هل ستأخذ القضية مداها،‮ ‬وتكشف تفاصيلها الكاملة اسوة بما جري مع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي أم أنه سيجري إغلاق الملف سريعًا،‮ ‬إما بالتصالح بين يحيي الكومي والسيدة خلود العنزي أو بإغلاقها لعدم كفاية الأدلة؟‮!‬
وسواء استمرت القضية أو أغلقت فالرصاصة قد انطلقت من فوهة المسدس ولن يستطيع أحد أن يحول دون دويها وإصابتها للهدف‮.








__,_._,___

ليست هناك تعليقات: