25 ديسمبر 2009

هل يحل للحاكم العربي ما لا يحق لله سبحانه وتعالى ؟

عدنان الروسان-كاتب صحافي -عمان


إن براهين إثبات تخلف النظام السياسي العربي وإعاقته العقلية أكثر من أن تحصر في مقام واحد ، والذين ما يزالون يقفون مدافعين عن الزعيم الخالد والزعيم الأوحد ، والشيخ العود ، والرئيس الذي نجح ثلاثين سنة في الانتخابات الرئاسية التي كان يخوضها لوحده ولما خاضها غيره ضده سجن وعذب واتهم بالجنون والتزوير وكأن الرئيس لم يزور إرادة الشعب طول العمر .

الحاكم العربي لا يريد دولة مؤسسات ولا دولة قانون ، يريد الدولة مزرعة يتصرف هو بكل ما فيها ومن فيها بواسطة حاشيته التي تحيط به فتنهب وتسرق ثروات الشعب ثم يقوم الحاكم بالتصدق على ذلك الفقير ببطانية أو بعلبة سمن أو شوال من الدقيق بعد أن ينقش عليه شعار الحاكم وشعار جامعة الدول العربية وشعار محفل الحاشية كلها ، حتى "يزور" المواطن الفقير في كل لقمة ويتذكر أن لقمة الخبز هي منحة من الحاكم وليس حقا له ولأبنائه .
الحاكم العربي يحق له مالا يحق للأنبياء والمرسلين والصالحين والملائكة أجمعين ، وما لا يحق للرؤساء في الغرب والزعماء في الشرق وما لا يحق لبابا الفاتيكان وما لا يحق للدالاي لاما وما لا يحق حتى لله سبحانه وتعالى ..وهذا ليس كفرا بل إقرار بحقيقة واقعة واضحة كرسها الحاكم وصارت من أهم مكونات النظام الرسمي العربي ، فقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما ، بينما حلل الحاكم العربي الظلم لنفسه وملأ البلاد والعباد ظلما وتجبرا.

الحاكم العربي دائما على حق ، حينما يقول لنا أن إسرائيل دولة عدوة فهو على حق و علينا أن نصدقه وأن نصفق كلما اعدم جاسوس يعمل لصالح إسرائيل ، وأن نرسل انفسنا وأبنائنا ليموتوا في حرب ضد اسرائيل وحينما يقول لنا ان فلسطين مقدسة وعربية وانها لنا فعلينا ان نصدقه وهو على حق ايضا ، ، ثم حينما يقول الحاكم ان اسرائيل دولة صديقة فهو على حق وعلينا أن نصدقه وعلينا أن نبصم على أن كل من يضر بأمن اسرائيل يضر بالأمن القومي العربي ، وحينما يقول الحاكم أن فلسطين ليست عربية بل هي أرض اسرائيل فهو على حق و لا بد من أن نصدقه ايضا فهو يعرف اكثر مما نعرف وهو يعرف مصلحتنا أكثر منا ، ورغم تغيير رأيه في إسرائيل من عدو الى صديق إلا انه كان على حق وما يزال على حق ، ولو رغب أن يعيد إسرائيل الى خانة الأعداء يوم غد فسنصدقه بالطبع فهو لا ينطق على الهوى ، إن هو إلا وحي يوحي.

الحاكم العربي صنيع نفسه ، وله من الصفات ما يتشابه بها مع الذات الإلهية في كثير من الوجوه ، ولا يمكن نقده أو نقضه وهو خارج كل أطر المحاسبة والمراقبة ، يمكنه أن يأخذ من موازنة الدولة ما يريد ، ومن مداخيل النفط ما يشاء ومن جيوب المواطنين ما يجده بل إن المواطنين الفقراء يحاسبون ويسجنون في كثير من الأحيان إذا لم يكونوا يملكون من المال ما يجب أن يدفعوه لخزينة الحاكم ، حتى يغطي مصاريف حياته وأسفاره وهداياه ومشاوير الشوبينغ في هاهنا وهاهناك .
يجب أن تكون مع الحاكم حتى تكون مواطنا صالحا ، ويجب أن تقبل بأي شيء يرمى إليك ، وتأخذه كالكلب الوفي وتدمع عيناك من الفرح لأن الشيخ أكرمك ، وبالطبع فإن كلب الشيخ شيخ أيضا في العرف العربي ، ولا يمكن أن يتطاول أحد على الذات السنية للحاكم العربي ، صحافي تطاول على الله وشتم الرسول صلى الله عليه وسلم فحكم بالسجن 13 يوما وعفا عنه الحاكم ، ورجل تطاول على الحاكم العربي فسجن 3 سنوات و جلد على قفاه حتى أتاه اليقين .
لقد ضاقت الدنيا بوجوهنا ، فضنك الحياة لا يطاق بينما بعض حاشية الحاكم تتنعم بالأموال كما تتنعم الأنعام في مرج أخضر ، ونواب الأمة ينجحون بالتزوير وبالرشاوى ، وبعد ذلك يمنحون من الدولة أي منا الأموال والعطايا ، وإذا تجاوز المواطن العربي السرعة المحددة لسيارته على الطريق ذاق الويلات على أيدي شرطي صغير ، بينما مافيات تتاجر بالمخدرات وسرقة السيارات ، ونهب الثروات لا يقوى الحاكم العربي على المساس بها لأنه لا يريد أن يثير القبائل والعشائر فيترك صعاليك العرب يفتكون بما تبقى من كرامة الوطن والمواطن العربي.

لقد طالت حالة الظلم التي تعم بين الناس ولا بوادر لحل مرتقب لها ، فالمواطن العربي مازال يعيش أجواء الأمل والترقب التي وعده بها الحاكم العربي ، سمنا وعسلا يعقب الانتهاء من الحروب ، والآن لا حروب وما زلنا نشتري أسلحة ولا ندري لمن ولماذا ، والوقت يمر بحيث أن الجيل الأول مات وهو ينتظر والجيل الثاني مات وهو ينتظر والجيل الثالث على حافة الموت وهو ينتظر ، أما آن لهذا الفارس العربي أن يترجل عن الصليب الذي صلب عليه أما آن الوقت ليتغير شيء؟؟!!!
لا عدالة اجتماعية ، و لا إحساس بالمسؤولية ، ومحافل الشر التي تعيث فسادا باسم الحاكم العربي تفتك بنا ، وتسمم أيامنا وتسود ليالينا ، يكتب أحدهم قصيدة مديح فينال عليها ما لم ينله أبو النواس من هارون الرشيد ، ويقدم آخر نصف عمره ونصف روحه للوطن فلا يذكره الوطن ولو بعزيمة على منسف أو كبسة ، كيتيم على مأدبة لئيم ، ويبقى قادة الفكر أولئك الذين لا يفكرون ، وقادة السياسة أولئك الذين لا يقرؤون ، وقادة الرأي من لا رأي لهم ، وقادة الأحزاب من لا يفرقون بين الحزب وخيمة الشيخ المليئة بالخروب والزبيب والقهوة والأراجيل .

لا يسمع الحاكم ما يقال ولا يقرأ ما يكتب ، يسمعه ويقرؤه من وكله ليقرأ ويسمع ، وليس من مصلحة الأخير أن ينغص على الحاكم وقته بانتقاد أو كلام قد يكون له مردود سيئ على عضو الحاشية الذي صار سياجا يحمي الحاكم من المواطنين ويبعد المواطنين عن الحاكم .
بلاوي الحاكم العربي وبطانته كثير جدا ، وقد يعلم وقد لا يعلم ولكننا سنكتب ولو كنا كمن يرقص في العتمة ، سنكتب من أجل أولادنا وأولاد الحاكم العربي ، ومن أجل الوطن ومن أجل المستقبل ومن أجل الله الذي لا تضيع عنده الأعمال.

ليست هناك تعليقات: