سألني أحد الشباب, عن كتاب «السِّر» من تأليف الاسترالية « روندا بايرن»؛ فأحوجني إلى شرائه وقراءته، وصَحبتُه في بعض سفري، فرأيت نظرية تقوم على تحفيز كوامن النّفس للتفاؤل والعمل, والثقة بأن ما يريده المرء أو يحاوله ممكن، بل هو واقع لا محالة، متى قاله المرء بلسانه، واعتقده بجنانه، ورفعَ الأفكار السوداوية المتشائمة.
وأن على الإنسان أن يكرّس ذهنه وفكره لما يريد وما يحب أن يكون، وليس على ما يكره أو ما يحاذر ويخشى.
وذكرني هذا بكلمة للإمام ابن القيم, في مدارجه ؛ يقول فيها: « لو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه, وكان مأمورا بإزالته لأزاله». وذكرني أيضاً بكلمة المصلح الأمريكي «مارتن لوثر كينغ» الذي كان يقول:
أنا لدي حلم « آي هاف دريم»، ولم يقل: أنا لدي مشكلة.
نعم ! كان هناك مشكلة ولا تزال، بيد أننا إذا دخلنا الحياة من بوابة المشكلات؛ دخلناها من أضيق أبوابها.
وجدت فكرة الكتاب في الأصل فكرة بحاجة إلى أن نُرسّخها في ضمائرنا, بعيداً عن الجدل حولها، حتى لا يخبو وهجُها ولا تنطفئ روحُها، نفعل ذلك لأن هذه الفكرة هي أحد المحفّزات الحقيقية للعمل والإنجاز والصبر.
وجدت أن مئات النصوص والكلمات التي أوردتها المؤلفة وعلّقت عليها، وهي تدور حول تفصيلات الفكرة وقوانينها؛ لا تكاد تخرج في مؤداها عن مضمون حديثين أو ثلاثة، أحدها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في رواية عن ربه جل وتعالى, في الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى » كما في البخاري ومسلم, وفي لفظ: «فَلْيَظُنَّ بِى مَا شَاءَ». كما عند الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وفي لفظ «إِنْ ظَنَّ بِي خَيْراً فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شّرًّا فَلَهُ». و هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
إن الظن هنا يشمل الدنيا والآخرة, وحسن الظن من حسن العمل، وحين نذهب إلى ترسيخ فكرة ؛ علينا ألا نُوغل في حكحكتها، أو نفرط في افتراض ضوابط واستثناءات؛ لأنها تبهت أو تموت.
وإذا استقرت الفكرة سهل بعدُ تعديلها وتصويبها.
والثاني: قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ»، وهو حديث لا بأس بإسناده, رواه أحمد والترمذي والحاكم.
والمعنى أن يدعو العبد وهو موقن بأن الله سيجيبه، وليس على سبيل التجريب أو الشك أو التردد.
وكان عمر -رضي الله عنه - يقول: إني لا أحمل هم الإجابة, ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن معه الإجابة.
وأرى هذه الكلمة من إلهامات الفقيه المحدَّث العظيم عمر -رضي الله عنه-، وكأن مقصوده ليس مجرد التلفظ بألفاظ الدعاء، وإن كان هذا حسناً، وصاحبه مأجور، بل ما هو أبعد من ذلك من استجماع القلب والفكر على الثقة بالله , وصدق وعده في الكتاب الكريم (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر/60] (أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل/62] (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة/186].
إن النظرة السوداوية كفيلة بسجن صاحبها في قبو مظلم مكثّف الرطوبة، فاسد الهواء، يذكرك بالقبر الذي وصفه بدر السيّاب
بقوله:
أُمّاهُ لَيْتَكِ لَمْ تَغِيبِي تَحْتَ سَقْفٍ مِن حجَارْ
لاَ بَابَ فِيهِ لِكَي أَدُقَّ, وَلاَ نَوَافِذَ فِي الْجِدَارْ!
وكأنه استعجل الموت قبل أوانه، ولا غرابة أن تجد ضحايا التشاؤم والانعزالية والانغلاق النفسي؛ يرددون عبارات الحنين إلى الرحيل دون مناسبة، بل وينتقدون من يحاول حرمانهم من هذه المتعة الوحيدة المتبقية لهم في الحياة، إن صح أنهم أحياء! وفي الحديث: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» رواه الترمذي وأحمد والحاكم. وفي آخر: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْراً»، رواه مسلم.
والحياة نعمة امتنّ الله بها على الأحياء، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ من نومه شكر الله, وقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». كما في الصحيحين, وقال أيضاً: «الحمدُ لله الذي ردَّ على رُوحِي وعافاني في جسدي وأَذِنَ لي بذكرِهِ»، رواه النسائي وابن السني.
إن الاتصال بهدي الأنبياء ليس زاداً على الآخرة فحسب، بل هو زاد إلى الحياة الطيبة في دار الدنيا كذلك.
وأن على الإنسان أن يكرّس ذهنه وفكره لما يريد وما يحب أن يكون، وليس على ما يكره أو ما يحاذر ويخشى.
وذكرني هذا بكلمة للإمام ابن القيم, في مدارجه ؛ يقول فيها: « لو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه, وكان مأمورا بإزالته لأزاله». وذكرني أيضاً بكلمة المصلح الأمريكي «مارتن لوثر كينغ» الذي كان يقول:
أنا لدي حلم « آي هاف دريم»، ولم يقل: أنا لدي مشكلة.
نعم ! كان هناك مشكلة ولا تزال، بيد أننا إذا دخلنا الحياة من بوابة المشكلات؛ دخلناها من أضيق أبوابها.
وجدت فكرة الكتاب في الأصل فكرة بحاجة إلى أن نُرسّخها في ضمائرنا, بعيداً عن الجدل حولها، حتى لا يخبو وهجُها ولا تنطفئ روحُها، نفعل ذلك لأن هذه الفكرة هي أحد المحفّزات الحقيقية للعمل والإنجاز والصبر.
وجدت أن مئات النصوص والكلمات التي أوردتها المؤلفة وعلّقت عليها، وهي تدور حول تفصيلات الفكرة وقوانينها؛ لا تكاد تخرج في مؤداها عن مضمون حديثين أو ثلاثة، أحدها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في رواية عن ربه جل وتعالى, في الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى » كما في البخاري ومسلم, وفي لفظ: «فَلْيَظُنَّ بِى مَا شَاءَ». كما عند الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وفي لفظ «إِنْ ظَنَّ بِي خَيْراً فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شّرًّا فَلَهُ». و هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
إن الظن هنا يشمل الدنيا والآخرة, وحسن الظن من حسن العمل، وحين نذهب إلى ترسيخ فكرة ؛ علينا ألا نُوغل في حكحكتها، أو نفرط في افتراض ضوابط واستثناءات؛ لأنها تبهت أو تموت.
وإذا استقرت الفكرة سهل بعدُ تعديلها وتصويبها.
والثاني: قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ»، وهو حديث لا بأس بإسناده, رواه أحمد والترمذي والحاكم.
والمعنى أن يدعو العبد وهو موقن بأن الله سيجيبه، وليس على سبيل التجريب أو الشك أو التردد.
وكان عمر -رضي الله عنه - يقول: إني لا أحمل هم الإجابة, ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن معه الإجابة.
وأرى هذه الكلمة من إلهامات الفقيه المحدَّث العظيم عمر -رضي الله عنه-، وكأن مقصوده ليس مجرد التلفظ بألفاظ الدعاء، وإن كان هذا حسناً، وصاحبه مأجور، بل ما هو أبعد من ذلك من استجماع القلب والفكر على الثقة بالله , وصدق وعده في الكتاب الكريم (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر/60] (أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل/62] (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة/186].
إن النظرة السوداوية كفيلة بسجن صاحبها في قبو مظلم مكثّف الرطوبة، فاسد الهواء، يذكرك بالقبر الذي وصفه بدر السيّاب
بقوله:
أُمّاهُ لَيْتَكِ لَمْ تَغِيبِي تَحْتَ سَقْفٍ مِن حجَارْ
لاَ بَابَ فِيهِ لِكَي أَدُقَّ, وَلاَ نَوَافِذَ فِي الْجِدَارْ!
وكأنه استعجل الموت قبل أوانه، ولا غرابة أن تجد ضحايا التشاؤم والانعزالية والانغلاق النفسي؛ يرددون عبارات الحنين إلى الرحيل دون مناسبة، بل وينتقدون من يحاول حرمانهم من هذه المتعة الوحيدة المتبقية لهم في الحياة، إن صح أنهم أحياء! وفي الحديث: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» رواه الترمذي وأحمد والحاكم. وفي آخر: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْراً»، رواه مسلم.
والحياة نعمة امتنّ الله بها على الأحياء، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ من نومه شكر الله, وقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». كما في الصحيحين, وقال أيضاً: «الحمدُ لله الذي ردَّ على رُوحِي وعافاني في جسدي وأَذِنَ لي بذكرِهِ»، رواه النسائي وابن السني.
إن الاتصال بهدي الأنبياء ليس زاداً على الآخرة فحسب، بل هو زاد إلى الحياة الطيبة في دار الدنيا كذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق