|
بعض أنوع الغراب وهو يحمل أكله بمنقاره |
وبعد سردنا لهده الحقائق العلمية، سنتطرق إلى ما ذكره القرآن الكريم عن هده القدرة الهائلة للطير مستشهدين بالآية الكريمة محور هدا البحث:
الإعجاز العلمي :
منطق الطير ( الهدهد كمثال)
يقول الله تعالى في كتابه الكريم " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ " النمل الآية 17
سنحاول أن نستشهد بالقصة التي ضربها الله لنا "قصة الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام، لنحاول أن نكتشف بعض الحقائق العلمية لهذا المنطق الرائع الذي يتميز به عموم الطير.
يقول الله تعالى في كتابه المبين " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) " الآيات 20 – 26 من سورة النمل .
سنحاول أن نفصل عبر هده الآيات الكريمات، ومن خلال قصة وحوار الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام، ما يتمتع به هذا الطير من تفكير كبير ومنطق مدهش ورائع:
* " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) " الآية 21 من سورة النمل .
القصة تبدأ كما يشرحها بعض المفسرون لهذه الآية الكريمة، حيث روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتم بناء بيت المقدس تجهز للحج فوافى الحرم وأقام بها ما شاء ثم توجه إلى اليمن فخرج من مكة صباحا فوافى صنعاء ظهيرة فأعجبته نزاهة أرضها فنزل بها ثم لم يجد الماء - وكان الهدهد رائده لأنه يحسن طلب الماء - فتفقده لذلك فلم يجده إذ حلق حين نزل سليمان فرأى هدهدا واقعا فانحط إليه فتواصفا وطار معه لينظر ما وصف له ثم رجع بعد العصر، وحكا ما حكا ولعل في عجائب قدرة الله وما خص به خاصة عباده أشياء أعظم من ذلك يستكبر ها من يعرفها ويستنكرها من ينكرها .
ثم يبدأ حوار الهدهد مع سيدنا سليمان فور رجوعه من مهمته، وسنحاول أن نقسم هذا الحوار وما جاء في هده الآيات الكريمات وفق طريقة تفكير الهدهد لاستخراج المحاور الرئيسية لهذا المنطق العجيب:
* " فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ " الآية 22 من سورة النمل
لقد أرجع بعض المفسرون وهم الأغلب المكوث للهدهد، أي الهدهد لم يغب كثيرا وسرعان ما عاد من مهمته،وجمهور آخر من المفسرون يرجعونها إلى سيدنا سليمان أي بقي سيدنا سليمان عليه السلام بعد التفقد والوعيد غير طويل أي غير وقت طويل ، ونرجح القول الأول لأن الهدهد ذهب دون أن يخبر سيدنا سليمان فكان يستعجل مهمته التي تطوع لأدائها حتى لا ينال العقاب، وأيضا ترجيح القول الأول لما نعرف من سرعة حركة الطيور وبالأخص أننا هنا نبرهن على أن الطير شديد الذكاء شديد الفطنة واليقظة.
وتحتوي هده الآية على عنصرين قويين من عناصر الحوار يوضحان قوة هذا المنطق، وتتمثل في الجزأين من الآية
الكريمة:
- الجزء الأول "فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ"
- الجزء الثاني " وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "
وسنحاول أن نوضح ما يحتويه هذين الجزأين من عناصر قوة هذا المنطق:
1/ " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ" تشتمل هده العبارة الأولى في حوار الهدهد من الذكاء والفطنة وسرعة البديهة ما نفق أمامه منبهرين، ولكي نوضح روعة هذا الإعجاز وهذه البديهة سأضرب مثالا بسيطا من واقعنا :
مثلا صاحب محل أرسل خادما له في مهمة لشراء بعض الأغراض الخاصة بالعمل فتأخر الخادم كثيرا في مهمته لأنه عثر على أشياء وبضائع فريدة أراد اكتشافها، فغضب صاحب المحل غضبا شديدا ووعد ان يعاقب و يطرد هذا الخادم فور رجوعه، ففي رأيكم كيف سيبدأ هذا الخادم حواره لكي يهدئ من روع وغضب صاحب المحل ويضمن عدم طرده من الوهلة الأولى ؟!!!
من وجهة نظري المتواضعة سيبدأ هذا الخادم مباشرة بلب الموضوع وطرح سبب التأخير دون أي مقدمات أو أي تشويق مسبق، تشويق أو عبارة محكمة تهدئ من روع وغضب صاحب المحل قبل شرح الموضوع والدخول في التفاصيل .
وفعلا طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص، وقلت لهم تصوروا أنكم في مكان هذا الخادم فكيف ستبدءون حواركم مع صاحب المحل؟؟
فكان رد الأغلبية سنشرح تفاصيل الغياب، إلا شخصين من المجموعة قالت: قبل الدخول في التفاصيل لابد من إيجاد عبارة تكون بمثابة مقدمة تشويقية ومفتاح ايجابي يكون ذا أهمية كبرى لصاحب المحل، فقلت مثل ماذا ؟؟ قالوا مثل عبارة " لقد اكتشفنا عروضا لا تتخيلها لصالح المحل " فمثل هذه العبارة في أول الحوار كفيلة بتغيير كل الحوار لأنها نقطة محورية في صميم إهتمام صاحب العمل .
وهدا ما فعله الهدهد في حواره مع سيدنا سليمان عليه السلام، فسيدنا سليمان كان في شدة الغضب على الهدهد لأنه لم يجده وغاب دون إعلامه، فوعد أن يقتله أو يعذبنه او يأته بحجة وبينة و بِبُرْهَانٍ بَيِّن ظَاهِر عَلَى تغيبه، والهدهد يعلم هذا ويعرف ما هي الحجة التي يستطيع بها النجاة من العقاب، وهي إظهار خبر لم يستطع سيدنا سليمان، مع ما وهبه الله من علم وقدرة ومعرفة، الاطلاع عليه والإحاطة به، خبر يكون في صميم اهتمام سيدنا سليمان،وسيدنا سلميان إهتمامه ورسالته الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة إلى الكل، إلى كل من لا يوحد الله، وهذا ما فعله الهدهد بقوله في الآية الكريمة " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ " عبارة تعتبر كمقدمة جد تشويقية وجد وقوية، تحتوي على 3 عناصر من القوة :
- قوة الحجة
-الثقة في النفس مع التحدي
- وعنصر التشويق
ومن اللطائف العلمية في هذه الآية الكريمة وقول الهدهد " " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ "، أن الله تعالى خص الطيور علاوة على خاصية الطيران التي تأهلهم لمعرفة كل المحيط بهم، فان العلماء اكتشفوا أن الطيور تتمتع بحواس جد متطورة على باقي الحواس، وهي حاسة السمع والبصر، وهده الخاصية تأهلهم لمعرفة أدق التفاصيل والمعلومات، أما حاسة الذوق والشم فهي جد متأخرة،وبدائية بالنسبة لباقي الحواس....ولله في خلقه شؤون !!!.
ونمضي في إكمال حوار الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام من نفس الآية الكريمة :
2/ " وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "، يحتوي هذا الجزء من الحوار إعجازين في منطق الهدهد، الأول كما ذكرنا في تعريفنا لمصطلح '' منطق '' وهو فن التفكير الذي يرمي إلى تمييز الصواب من الخطأ ليقود إلى اليقين، ونحن نلاحظ أن الهدهد إستعمل في حواره نفس كلمةيقين، وهذا يقودنا إلى تأكيد ما اكتشفه العلم الحديث حاليا من حقائق علمية، وأن القرآن الكريم كان سباقا لهذه الحقائق المبهرة بآلاف السنين .
أما الإعجاز الثاني فهو بدء الهدهد بالتعريف بمكان الخبر حتى يزيد من قوة حجة وبينته، ويكون تحليله وحواره منسق وواضح ومتقن، فتصوروا معي أنكم التقيتم صديقا وبدأ يحدثكم عن خبر دون أن يذكر أولا مكان الخبر، فكيف ستكون ردة فعلكم ؟ ستقولون له للتو ومع بعض الضجر يا أخي '" أخبرنا أولا في أي مكان حصل هذا '' فالبدء بشرح تفاصيل أي خبر دون أن نذكر أولا مكان هدا الخبر يعتبر نقصا قبيحا وعيبا في فنون الحوار، وحسن عناصر الحوار من حسن ذكاء الشخص وبديهته، فأي بديهة وذكاء ومنطق يتمتع بها هذا الطير و الطير عموما اكتشفناه في هدا الإعجاز العلمي المذهل !!!.
ثم نكمل تحليل عناصر هدا الحوار المذهل للهدهد مع سيدنا سليمان في الآية التي تليها :
* " إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ" الاية 23 من سورة النمل
في هذه الآية الكريمة يكمل الهدهد حواره المنطقي المذهل مع سيدنا سليمان، وتحتوي هذه الآية الكريمة على 3 عناصر قوية من إعجاز هذا المنطق وهذا الحوار، وقوة هذا الإعجاز تتمثل في تنظيم عناصر هذه المعلومات والأخبار حسب درجة أهميتها
وأولويتها، نوضحها كالتالي:
1/ " إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ " أول خبر استطلعه الهدهد هو الحكم، من حاكم هذا البلد ' سبأ' لأن هدف المهمة التي تطوع لها هي اكتشاف أقوام وبلاد أخرى لا توحد الله تعالى، وأول ما يجب البحث فيه هو من حاكم ذلك البلد وجنسه .
2/ " وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ " بعد معرفة جنس الحاكم، الخبر الثاني الذي بحث فيه الهدهد هو معرفة نفوذ هدا الحاكم
أي الملكة '' ملكة سبأ '' كما توضح الآية الكريمة، وكما ذكر المفسرون في تفسير هده الآية الكريمة " كل شيء يحتاجه
الْمَلِك الْمُتَمَكِّن من آلة وعدة وقوة ونفوذ " .
والإعجاز العلمي الذي نريد توضيحه في هذه الآية، أن الهدهد أعطى الأولوية للبحث واﻹستقصاء عن نفوذ هذه الملكة
أولا، وذلك قبل معرفة قوتها الشخصية كما سنوضحه في الجزء الثالث من هذه الآية الكريمة بقول الهدهد " وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ " 3/ " وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ"قال بعض المفسرون في شرح هذه الآية الكريمة، العرش معناه السرير وهو من الهيبة ورتبة السلطان، ونقول إن هده الآية الكريمة توصف القوة والجاه الشخصي لهذه الملكة، ومدى رتبة ملكها وجاهها التي يرمز إليها بذلك العرش العظيم الذي تمتلكه .
والاعجاز المطروح لماذا بحث الهدهد أولا في نفوذ هده الملكة قبل البحث والتقصي عن جاهها الشخصي ؟؟ فمن وجهة نظركم ما هو الأهم والأقوى '' جاه الإنسان الشخصي أم نفوذه ؟؟؟ '' ما هو الشيء الأكثر تأثيرا في هتين الحالتين ؟؟
بطبيعة الحال نفوذ الشخص، فكم من شخص يملك مالا وجاها عظيما ولكن لا نفوذ له، وكم نرى من فقير غير وجه الإنسانية سواء بما وهبه الله من علم وفكر أو بصيرة..وكم نرى من غني لم بعد يذكر ولا تأثير له سوى في ما يملك من جاه ومال يذهب بعد ذهابه وموته،إذن معيار القوة الأولى تتمثل في ما يملك الإنسان من نفوذ وليس في ما يملك من جاه.
ولعل قصة قارون في القرآن الكريم خير دليل على ذلك ..بأن معيار القوة ليست بالجاه وإنما بما يملك ذلك الشخص من نفوذ.
ولهذا نجد أن الهدهد أعطى الأولوية القصوى في البحث عن نفوذ تلك الملكة قبل جاهها ..فيا له من منطق رائع لا يضاهيه أي منطق .
ونكمل باقي حوار الهدهد مع سيدنا سليمان مما جاء في الآيات الكريمات من سورة النمل :
* "وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ"
الآية 24 من سورة النمل .
بعد أن أنم الهدهد بحثه في معرفة جنس الحاكم لذلك البلد ' بلد سبأ ' وبعد بحثه في نفوذ الملكة وجاهها،انتقل الهدهد في البحث عن أخلاق هده البلد وديانة ملكتها وقومها .
ونلاحظ أن الهدهد بحث أولا في ديانة الملكة وما تعبد بقوله " وَجَدْتُهَا " ثم بعد ذلك نظر في ديانة قومها بقوله في نفس الآية الكريمة "وَقَوْمَهَا" .
والسؤال المطروح هنا أيضا، لماذا أعطى الهدهد الأسبقية في البحث عن عقيدة الملكة قبل البحث في عقيدة قومها !!؟ والجواب المدهش لهذا المنطق الرائع، وهو إن كانت الملكة مسلمة وعلى الحق فبالتالي شعبها سيكون كذلك تابع لحكم ملكته، أما في حين العكس سينطلق الهدهد في البحث في قومها لعله يجد من يعبد ويوحد الله خفية دون أن تشعر به الملكة وأعوانها،ولكن الهدهد وجد أن كل قومها على نفس ديانتها وذلك بقوله في الآية الكريمة " وَقَوْمَهَا" .
ثم ينطلق الهدهد في تحليل هذا الضلال في الشرك بالله وعبادة الشمس من دون الله عز وجل، وتزين الشيطان لهم لأعمالهم وصدهم عن طريق التوحيد، فكما شرحنا بتعريفنا للمنطق أن الطير باستطاعته أن يميز الصواب من الخطأ ليقود إلى البرهنة كما سنرى في تتمة هده الآيات الكريمات.
* " أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" الاية 25 من سورة النمل
هنا يبدأ الهدهد بتحليل كل الأمور وتمييز الصواب من الخطأ ويقوم بتنظيم البرهنة ليقود بها إلى اليقين،
ففي الآيات السابقة وصف الهدهد قدرة هذه الملكة ونفوذها بقوله " " وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ " ، وفي هذه الاية الأخيرة قام الهدهد بتمييز الصواب من الخطأ وقارن بين هذا وذاك ليقود إلى اليقين التام، فإذا كانت الملكة تملك ذلك النفوذ بمقياس دنيوي، وسجدوا للشمس من دون الله، فالله أحق بالعبادة لأنه هو صاحب الملك العظيم ويعلم كل المخبوء في السموات والأرض، من غيث في السماء ونبات في الأرض ونحو ذلك، ويعلم كل السر من أمور خلقه،وبهذه البرهنة يكون الهدهد قد أعطى الحجج القوية على وحدانية الله تعالى جل جلاله .
ثم يمضي في إعطاء المزيد من البراهين من خلال الآية الأخيرة في هذه القصة الرائعة – قصة سيدنا سليمان مع الهدهد
وهذا الحوار وهذا المنطق الرائع :
* " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " الآية 26 من سورة النمل
يقول المفسرين في تفسير هده الآية الكريمة " يَعْنِي بِذَلِكَ : مَالِك الْعَرْش الْعَظِيم الَّذِي كُلّ عَرْش , وَإِنْ عَظُمَ , فَدُونه , لَا يُشْبِههُ عَرْش مَلِكَة سَبَإ وَلَا غَيْره،و اسْتِئْنَاف جُمْلَة ثَنَاء مُشْتَمِل عَلَى عَرْش الرَّحْمَن فِي مُقَابَلَة عَرْش بِلْقِيس وَبَيْنهمَا بَوْن عَظِيم "، وَقَوْله : { اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , لَا مَعْبُود سِوَاهُ تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة , فَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة , وَأَفْرِدُوهُ بِالطَّاعَةِ , وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " .
فبعد أن وصف الهدهد عرش تلك الملكة أعطى البرهان أن الله تعالى هو مالك العرش العظيم الذي لا يشبهه أي عرش ولوعظم، وحتى و إن كان عرش ملكة سبأ فماذا يمثل هذا العرش أمام عرش الرحمن !!!...
أما البرهان الآخر هو العبودية لله وحده لأنه لا تصلح العبودية إلا لله، فكيف يعبد قوم سبأ الشمس من دون الله، والله عز وجل هو صاحب الملك وهو صاحب العرش العظيم.
كانت هذه بعض الحقائق العلمية التي سخرنا الله تعالى لمعرفتها، لنكشف النقاب عن بعض أسرار هذا المنطق العجيب ' منطق الطير ' مبرهنين بأن القرآن الكريم كان سباقا وسيبقى سباقا للكشف عن كل هذه الحقائق العلمية ، لأنه كلام الحق عز وجل، الله الذي لا اله إلا هو خالق وموجد كل هذه الحقائق، وخالق وموجد كل ما في هذا الكون الواسع، صاحب الملك وصاحب العرش العظيم .
والحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق