13 أكتوبر 2010

حقائق جمع القرآن الكريم

في كتاب السيوطي (849 ـ 911هـ ـ 1425 ـ 1505م) "الإتقان في علوم القرآن" جمع للروايات المترادفة والمتواترة عن المراحل التي مر بها التدوين والجمع للقرآن الكريم..
وفي هذه الروايات نقرأ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه السورة ذات العدد، فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب (من كتاب الوحي البالغ عددهم ثمانية وعشرين كاتبا) ـ فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا."
ونقرأ ـ كذلك ـ أن الرقاع التي دُوّن فيها القرآن قد جُمعت بإشارة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ..


 وبعبارة الحاكم النيسابوري (321 ـ 405هـ ـ 933 ـ 1014م) في (المستدرك) ـ : فلقد تم "تأليف ما نزل الآيات المتفرقة في سورها وجمعا فيها بإشارة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ".


ونقرأ ـ عن الجمع الذي تم في عهد أبي بكر الصديق ـ أنه كان جمعًا لما كان مكتوبًا في أدوات الكتابة المختلفة ـ ومنها جريد النخل ـ في الصحف، لتكوّن "المصحف"..


وبعبارة "الحارث المحاسبي" (165 ـ 243هـ ـ 781 ـ 857م) في كتابه (فهم السنن) ـ : "فإن كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقًا في الرقاع والأكتاف والعُسُف ـ (جريد النخل) ـ ..


فأمر الصديق ـ رضي الله عنه ـ بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعًا..


أي جُمع في الصحف، وكان ذلك بمنزله أوراق وجدت في بيت النبوة فيها القرآن منتشرًا، فجمعها جامع، وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء".


أما ما صُنع على عهد عثمان بن عفان، فكان جمع الأمة على قراءة القرآن وفق اللهجة القرشية التي نزل بها، وذلك بعد توحد القبائل في أمة وشيوع لهجة قريش فيها، وزوال الضرورة التي رخصت قراءة بعض الحروف وفق اللهجات القبلية المتعددة..


أي أن عثمان جمع الأمة على حرف واحد..


ولم يكن الجامع للقرآن الكريم..


وبعبارة الحارث المحاسبي: "إن المشهور عند الناس أن جامع القرآن هو عثمان، وهو ليس كذلك،


 إنما حَمَل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد..


فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن..


لقد أمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بنسخ القرآن في المصاحف.. قائلا لهم: اكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم..


وبعبارة ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 هـ ـ 1373 ـ 1449م): إن ذلك كان سنة 25هـ.. اقتصر التدوين ـ في المصاحف التي وزعت على الأنصار ـ على لغة قريش ـ التي نزل بها ـ بدل قراءته بلغة غيرهم، لأن الحاجة إلى ذلك قد انتهت، فاقتصر على لغة واحدة.


وبعبارة القاضي أبو بكر ـ في (الانتصار) ـ : فإن عثمان لم يقصد ما قصده أبو بكر في جمع القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمع الناس على القراءة الثابتة المعروفة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ


وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ، ولا تأويل أٌثبت مع التنزيل".


تلك هي حقائق جمع القرآن الكريم.. كما جاء في مصادر علوم القرآن..


لقد جُمع ـ أولاً ـ جمعًا إلهيًا، بين يدي النبي ـ عندما راجعه معه جبريل ـ


ودون نصه مرتبًا في أدوات التدوين المتاحة..


ثم جُمع في الصحف ـ خاصة ـ بشاهدي الحفظ والتدوين بين يدي النبي، على عهد أبي بكر الصديق، فكونت صحائفه "المصحف الشريف"..


ثم جمع عثمان الأمة على حرف واحد هو لهجة قريش التي نزل بها، بعد توحد القبائل في أمة، وتوحد لهجتها.. ومن ثم زالت الحاجة إلى المدونات باللهجات المختلفة، والتي وضع فيها أصحابها الكلمات المفسرة..


وذلك حتى لا يختلط "التأويل" بالتنزيل بمرور الزمن ..

ليست هناك تعليقات: