بلا شك أننا جميعا نستمتع كثيراً ونحن نتصفح هذا الموقع الحافل والمميز بكل منتدياته والتي نجد بها كل ما يبحث عنه أي متصفح ، ومن هنا حرصت دائما على تنويع المواضيع، بكل أشكالها وألونها وشاركت في مواضيع الصغير قبل الكبير والجدي والهزلي والترفيهي وغيرها ، وفي هذا الموضوع أرجأت أن أنزل موضوع سوف يكون صورة من ورقة عمل قدمتها و وداولناها في أحد الندوات التي شاركت بها مؤخرا.ولما لهذا الموضوع من أهمية كبرى وددت أن أشارك بها أيضا أخواني وأخواتي في هذا المنتدى.، وإن كان الموضوع طويل ومللتموه، أبشروا بسعدكم فيه موضوع أخر الليلة بحول الله عنوانه " من كل فن قــــــــطره" وهذا الموضوع سوف يكون مفتوح لسعة الصدر والترويح عن النفس، أما الآن إليكم الموضوع.
الرقابة الذاتية
Self Censorship
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أنه لمن دواعي سروري كما أنه لشرف لي أن أشارك أساتذتي وزملائي في هذ الندوة المباركة حول الرقابة والمتابعة بصفة عامة وإبداء وجهات النظر واستعراض خبراتنا وطرح بعض الاقتراحات في هذا الخصوص لتطوير وتنمية هذا الجزء والعنصر الهام ،هذا ولقد أرجأت بأن تكون ورقة العمل التي سوف أشارك بها اليوم عن:"الرقابة الذانية" حيث أرى من وجهة نظري أنها تمثل الركيزة الأولى التي يجب أن ننميها ليس فقط بأنفسنا ولكن كذلك في أطفالنا ، وبلا شك أن هذا الموضوع قد أشبع من قبل العديد من الأساتذة الكرام وكتب عن ذلك الكثير من المؤلفات ولكن لكل شخص وجهة نظره و فلسفته الخاصة حول هذا الجانب،وحقيقة أنني استعنت بالكثير من المراجع والمواقع وقد حاولت تلخيص هذا الجانب بقدر ما أستطيع.
ولعل ماأستهل به هذه الورقة قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } سورة النساء.
ويقول أيضا {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} سورة التوبة.،
وكذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } سورة الأنفال.
ولعلي أكتفي بهذا القدر من الآيات المحكمات في كتابه العزيز،ومما تقدم نجد أن الله سبحانه وتعالى لم يترك لنا لا شاردة ولا واردة ولا سلوك أو حقوق أو واجبات أوغير ذلك إلا وبينها وفصلها لنا.
ومن هنا وقبيل أن نسترسل في الموضوع دعنا نعرف تعريف الرقابة في اللغة ،فالرقيب هو الحارس والحافظ وإصطلاحا تعني ضبط النفس " Self Censorship" وهو مفهوم جاء به الأسلام قبل كل التشريعات والسياسات والنظم.
وبمفهوم أخر فالرقابة الذاتية هي الفصل بين الأيمان والنفاق وبين التقوى والرياء وفي حين أدرك الأنسان ذلك فالرقابة هنا بلا شك سوف تكون الحصن المنيع لعدم الوقوع فيما يخالف الله والدين والشرع والقوانين والأخلاق وفي حين عدم وجود ذلك حتما سوف تؤدي لعدم الخوف من الله وبالتالي إنعدام مراقبة الذات ومن ثما التمرد على الأنظمة والقوانين وغير ذلك، وبذلك فالرقابة الذاتية ليست لجام أو قيد بل هي الحصن المنيع بعد الله سبحانه وتعلى.
ومما تقدم أعلاه نجد أن الله هو الرقيب أولا ومن ثم يأتي دور الأنسان فهو الرقيب على نفسه، وبعد ذلك يأتي دور الأخرين فهم من يراقب كل منهم الأخر كما استشهدت بالآية الكريمة أنفا {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}،وبذلك أرى أن الرقابة الذاتية واجب على كل مسلم ومسلمة ويجب أن ينمى هذا السلوك التربوي لدى أطفالنا منذ نعومة أظافرهم،وحيث أن موضوعنا اليوم يتحدث ويناقش الرقابة في مجال العمل كذلك أن موضوع تنمية الرقابة الذاتية لدى الأطفال موضوع طويل جدا ويحتاج أيضا لمتخصصين لذا سوف تقتصر مشاركتنا على هذه الفئة المعنية في هذه الندوة والتي على مستوى العمل والموظفين والرقابة الذاتية ليست بالأمر الهين وتحتاج إلى وقت طويل لتنميتها خاصة وللأسف في مجتمعنا العربي كما لا يجب أن نستكين إليها فقط.
ومن واقع خبرتي في مجال العمل الإداري لما يربو على خمسة وعشرون سنة، وعملت مع عدة قطاعات مختلفة وشركات أجنبية وجدت أن من مقومات تنمية الرقابة الذاتية والتي طبقتها ولله الحمد منها على سبيل المثال لا الحصر الأتي:
أولا : دعنا نتأمل هذا الحديث الشريف، ما روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: أي فلان، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه" (رواه البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي).
فلذا قبل أن ننمي الرقابة الذاتية لدى من نرأسهم يجب أن ننمي ذلك لدينا أولا ونكون المثال والقدوة لهم، فلا ندقق عليهم بالحضور والانصراف ونحن من يأتي بعدهم وينصرف قبلهم، لا نطلب منهم إنجاز أي عمل في وقت معين ونحن يأخذ العمل منا أضعاف ما طلبنا منهم، كأن نركن وتكدس المعاملات على أسطح مكاتبنا.
ثانيا: توزيع المهام والمسؤوليات وأجعل كل موظف مسئول بما يختص في عمله ويجب أن يكون دورك فقط الأشراف والتوجيه، وأن لا تتدخل في عمله أو تتخطاه لمن هو يرأس،وأن تمنحه الصلاحيات وتحمله المسؤوليات ونتائج العمل سواء كانت إيجابية أو سلبية.
ثالثا: أن لا يكون للإدارة المركزية عنوان في سياستك الإدارية على الإطلاق وتتخذ من منهج المشاركة في اتخاذ القرار أسلوب لك بحيث لا تتخذ قرار قبل أن تشارك من ترأس كل بما يخصه، طبعا هنالك استثناءات في الحالات الطارئة والتي يجيب أن يتخذ بها قرار فوري، وهذه الميزة قل من يجيدها.
رابعا: أعمل بمبدأ الثواب والعقاب، كأن على سبيل المثال حينما ينجز أحد الموظفين عمل ماء ومميز أو قبل موعده بأن يتم تقدير ذلك بعدة طرق كأبسطها خطاب شكر ومنحه إجازة على الأقل نصف يوم أو يوم ، إعفاء الموظف الدقيق في الحضور والانصراف من التوقيع في سجل الحضور والغياب والمعمول به في الغالب من القطاعات وأحرص على عمل برنامج الموظف المثالي شهريا وتكريمه بشهادة شكر وهدية مادية مهما كان ثمنها بسيط وهكذا .
خامسا:عدم التفرقة أو المحاباة لموظف دون الأخر،وكن دقيقا في تقييم أداؤهم السنوي وبناء عليه يكرم من تفوق في التقييم ويمنح بذلك وسام أو مشابهه،أو كالزيادة السنوية خاصة في القطاع الخاص والتي تعتبر من أنجع الطرق والتي تتم بناء على التقييم السنوي من 1% إلى 5% .
سادسا: أحرص على منح الدورات التدريبية على رأس العمل بصفة مستمرة وبالذات التدريب الإداري الخاص بالتحمل والصبر في العمل والخاص كذلك بالالتزامات إزاء العهود والمواثيق،ومثل هذه الدورات تنمي ضبط النفس والتركيز على العمل المراد تنفيذه،وتنمي الشعور بقوة ذاتيه لدى الموظف، ومنح المتفوقين دورات تخصصية خارج العمل، وأعمل على برنامج تأهيلي لترقية الموظفين وإحلالهم بمن يليهم وهذا مما يعطي الطمأنيينة والأخلاص ورفع مستوى الطموح لدى الموظفين وبالتالي الأنعكاس الأيجابي على تحفيز ورفع مستوى الرقابة الذاته لدى للموظفين.
لعلي أكتفي بهذا القدر وأفسح المجال لأساتذتي وزملائي بالتعليق والمشاركة، ولكن أسمحوا لي بأن أختم بحكايتان :
الأولى: يحكى أن طالبا عربي مسلم كان يدرس في أحد الدول الغربية وفي أحد الامتحانات، قام البروفسور بتوزيع ورقة الأسئلة على الطلبة ومن ثم قال: بعد الانتهاء من الإجابة أحضروا إجابتكم إلى مكتبي، وخرج وأغلق الباب خلفه، ويقول الطالب العربي المسلم كل هم بالحل، وأنا كذلك، ولكن حينما وصلت للسؤال الرابع والخامس لم أعرف الإجابة، وكان ملخص المادة في دفتر أحتفظ به في درجي، فألتفت يمينا وشمالا ووجت أن كل منكب على ورقة إجابته، يقول ثم نظرت في كل الاتجاهات لعل هنالك كمرة مراقبة أو غير ذلك فلم أرى شيء، فجلست حائرا ولم يبقى من الوقت إلا دقائق، ثم نظرت مرة أخرى لزملائي الطلبة فلم يبقى إلا أنا وطالب أخر، فلم أتردد بفتح الملخص ونسخ الإجابة منه وبعد ما فرغت أشرت لزميلي الأجنبي والذي قد يكون مسيحيا أو يهودي وعرضت عليه المساعدة، فأومأ برأسه بالرفض، يقول حينها خجلت من نفسي واستحقرتها، وبعد أن قدمنا الأوراق اتجهت للذي عرضت عليه المساعدة ورفض، فقال لي بازدراء،لن أستحق النجاح مالم أكن ملم به.
الثانية : يحكى أن صاحبةُ روضةِ أعدة لعبة وهي أن طلبت من الأولاد أن يختفي كل واحد عن الأنظار حتى لا يُرى من طرف الآخرين . اختفى الكل إلا واحدا لم يختف . قالت له المرأة " لمَ لم تختفِ أنتَ ؟" , فقال " كلما أردتُ أن أختفي وجدتُ عينَ الله تراني وهنا الأحسان "والإحسان هو قمة الإيمان . قال رسول الله وهو يشرح معنى الإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
وبهذه المنهجية والسلوك الديني الجميل فمن أيقن بأن الله يراه وعمل بذلك حتما سوف يتمتع بحصانة الرقابة الذاتيه.
أسال الله لي ولكم الهداية والتوفيق والسداد وأن ينفع بما تحدثنا به وتداولناه في هذه الندوة.
الرقابة الذاتية
Self Censorship
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أنه لمن دواعي سروري كما أنه لشرف لي أن أشارك أساتذتي وزملائي في هذ الندوة المباركة حول الرقابة والمتابعة بصفة عامة وإبداء وجهات النظر واستعراض خبراتنا وطرح بعض الاقتراحات في هذا الخصوص لتطوير وتنمية هذا الجزء والعنصر الهام ،هذا ولقد أرجأت بأن تكون ورقة العمل التي سوف أشارك بها اليوم عن:"الرقابة الذانية" حيث أرى من وجهة نظري أنها تمثل الركيزة الأولى التي يجب أن ننميها ليس فقط بأنفسنا ولكن كذلك في أطفالنا ، وبلا شك أن هذا الموضوع قد أشبع من قبل العديد من الأساتذة الكرام وكتب عن ذلك الكثير من المؤلفات ولكن لكل شخص وجهة نظره و فلسفته الخاصة حول هذا الجانب،وحقيقة أنني استعنت بالكثير من المراجع والمواقع وقد حاولت تلخيص هذا الجانب بقدر ما أستطيع.
ولعل ماأستهل به هذه الورقة قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } سورة النساء.
ويقول أيضا {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} سورة التوبة.،
وكذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } سورة الأنفال.
ولعلي أكتفي بهذا القدر من الآيات المحكمات في كتابه العزيز،ومما تقدم نجد أن الله سبحانه وتعالى لم يترك لنا لا شاردة ولا واردة ولا سلوك أو حقوق أو واجبات أوغير ذلك إلا وبينها وفصلها لنا.
ومن هنا وقبيل أن نسترسل في الموضوع دعنا نعرف تعريف الرقابة في اللغة ،فالرقيب هو الحارس والحافظ وإصطلاحا تعني ضبط النفس " Self Censorship" وهو مفهوم جاء به الأسلام قبل كل التشريعات والسياسات والنظم.
وبمفهوم أخر فالرقابة الذاتية هي الفصل بين الأيمان والنفاق وبين التقوى والرياء وفي حين أدرك الأنسان ذلك فالرقابة هنا بلا شك سوف تكون الحصن المنيع لعدم الوقوع فيما يخالف الله والدين والشرع والقوانين والأخلاق وفي حين عدم وجود ذلك حتما سوف تؤدي لعدم الخوف من الله وبالتالي إنعدام مراقبة الذات ومن ثما التمرد على الأنظمة والقوانين وغير ذلك، وبذلك فالرقابة الذاتية ليست لجام أو قيد بل هي الحصن المنيع بعد الله سبحانه وتعلى.
ومما تقدم أعلاه نجد أن الله هو الرقيب أولا ومن ثم يأتي دور الأنسان فهو الرقيب على نفسه، وبعد ذلك يأتي دور الأخرين فهم من يراقب كل منهم الأخر كما استشهدت بالآية الكريمة أنفا {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}،وبذلك أرى أن الرقابة الذاتية واجب على كل مسلم ومسلمة ويجب أن ينمى هذا السلوك التربوي لدى أطفالنا منذ نعومة أظافرهم،وحيث أن موضوعنا اليوم يتحدث ويناقش الرقابة في مجال العمل كذلك أن موضوع تنمية الرقابة الذاتية لدى الأطفال موضوع طويل جدا ويحتاج أيضا لمتخصصين لذا سوف تقتصر مشاركتنا على هذه الفئة المعنية في هذه الندوة والتي على مستوى العمل والموظفين والرقابة الذاتية ليست بالأمر الهين وتحتاج إلى وقت طويل لتنميتها خاصة وللأسف في مجتمعنا العربي كما لا يجب أن نستكين إليها فقط.
ومن واقع خبرتي في مجال العمل الإداري لما يربو على خمسة وعشرون سنة، وعملت مع عدة قطاعات مختلفة وشركات أجنبية وجدت أن من مقومات تنمية الرقابة الذاتية والتي طبقتها ولله الحمد منها على سبيل المثال لا الحصر الأتي:
أولا : دعنا نتأمل هذا الحديث الشريف، ما روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: أي فلان، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه" (رواه البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي).
فلذا قبل أن ننمي الرقابة الذاتية لدى من نرأسهم يجب أن ننمي ذلك لدينا أولا ونكون المثال والقدوة لهم، فلا ندقق عليهم بالحضور والانصراف ونحن من يأتي بعدهم وينصرف قبلهم، لا نطلب منهم إنجاز أي عمل في وقت معين ونحن يأخذ العمل منا أضعاف ما طلبنا منهم، كأن نركن وتكدس المعاملات على أسطح مكاتبنا.
ثانيا: توزيع المهام والمسؤوليات وأجعل كل موظف مسئول بما يختص في عمله ويجب أن يكون دورك فقط الأشراف والتوجيه، وأن لا تتدخل في عمله أو تتخطاه لمن هو يرأس،وأن تمنحه الصلاحيات وتحمله المسؤوليات ونتائج العمل سواء كانت إيجابية أو سلبية.
ثالثا: أن لا يكون للإدارة المركزية عنوان في سياستك الإدارية على الإطلاق وتتخذ من منهج المشاركة في اتخاذ القرار أسلوب لك بحيث لا تتخذ قرار قبل أن تشارك من ترأس كل بما يخصه، طبعا هنالك استثناءات في الحالات الطارئة والتي يجيب أن يتخذ بها قرار فوري، وهذه الميزة قل من يجيدها.
رابعا: أعمل بمبدأ الثواب والعقاب، كأن على سبيل المثال حينما ينجز أحد الموظفين عمل ماء ومميز أو قبل موعده بأن يتم تقدير ذلك بعدة طرق كأبسطها خطاب شكر ومنحه إجازة على الأقل نصف يوم أو يوم ، إعفاء الموظف الدقيق في الحضور والانصراف من التوقيع في سجل الحضور والغياب والمعمول به في الغالب من القطاعات وأحرص على عمل برنامج الموظف المثالي شهريا وتكريمه بشهادة شكر وهدية مادية مهما كان ثمنها بسيط وهكذا .
خامسا:عدم التفرقة أو المحاباة لموظف دون الأخر،وكن دقيقا في تقييم أداؤهم السنوي وبناء عليه يكرم من تفوق في التقييم ويمنح بذلك وسام أو مشابهه،أو كالزيادة السنوية خاصة في القطاع الخاص والتي تعتبر من أنجع الطرق والتي تتم بناء على التقييم السنوي من 1% إلى 5% .
سادسا: أحرص على منح الدورات التدريبية على رأس العمل بصفة مستمرة وبالذات التدريب الإداري الخاص بالتحمل والصبر في العمل والخاص كذلك بالالتزامات إزاء العهود والمواثيق،ومثل هذه الدورات تنمي ضبط النفس والتركيز على العمل المراد تنفيذه،وتنمي الشعور بقوة ذاتيه لدى الموظف، ومنح المتفوقين دورات تخصصية خارج العمل، وأعمل على برنامج تأهيلي لترقية الموظفين وإحلالهم بمن يليهم وهذا مما يعطي الطمأنيينة والأخلاص ورفع مستوى الطموح لدى الموظفين وبالتالي الأنعكاس الأيجابي على تحفيز ورفع مستوى الرقابة الذاته لدى للموظفين.
لعلي أكتفي بهذا القدر وأفسح المجال لأساتذتي وزملائي بالتعليق والمشاركة، ولكن أسمحوا لي بأن أختم بحكايتان :
الأولى: يحكى أن طالبا عربي مسلم كان يدرس في أحد الدول الغربية وفي أحد الامتحانات، قام البروفسور بتوزيع ورقة الأسئلة على الطلبة ومن ثم قال: بعد الانتهاء من الإجابة أحضروا إجابتكم إلى مكتبي، وخرج وأغلق الباب خلفه، ويقول الطالب العربي المسلم كل هم بالحل، وأنا كذلك، ولكن حينما وصلت للسؤال الرابع والخامس لم أعرف الإجابة، وكان ملخص المادة في دفتر أحتفظ به في درجي، فألتفت يمينا وشمالا ووجت أن كل منكب على ورقة إجابته، يقول ثم نظرت في كل الاتجاهات لعل هنالك كمرة مراقبة أو غير ذلك فلم أرى شيء، فجلست حائرا ولم يبقى من الوقت إلا دقائق، ثم نظرت مرة أخرى لزملائي الطلبة فلم يبقى إلا أنا وطالب أخر، فلم أتردد بفتح الملخص ونسخ الإجابة منه وبعد ما فرغت أشرت لزميلي الأجنبي والذي قد يكون مسيحيا أو يهودي وعرضت عليه المساعدة، فأومأ برأسه بالرفض، يقول حينها خجلت من نفسي واستحقرتها، وبعد أن قدمنا الأوراق اتجهت للذي عرضت عليه المساعدة ورفض، فقال لي بازدراء،لن أستحق النجاح مالم أكن ملم به.
الثانية : يحكى أن صاحبةُ روضةِ أعدة لعبة وهي أن طلبت من الأولاد أن يختفي كل واحد عن الأنظار حتى لا يُرى من طرف الآخرين . اختفى الكل إلا واحدا لم يختف . قالت له المرأة " لمَ لم تختفِ أنتَ ؟" , فقال " كلما أردتُ أن أختفي وجدتُ عينَ الله تراني وهنا الأحسان "والإحسان هو قمة الإيمان . قال رسول الله وهو يشرح معنى الإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
وبهذه المنهجية والسلوك الديني الجميل فمن أيقن بأن الله يراه وعمل بذلك حتما سوف يتمتع بحصانة الرقابة الذاتيه.
أسال الله لي ولكم الهداية والتوفيق والسداد وأن ينفع بما تحدثنا به وتداولناه في هذه الندوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق