17 يونيو 2011

الاسلام ما هو..؟

ما هو أكثر شيء يسعدك في هذه الدنيا ..؟

المال .. الجاه .. النساء .. الحب .. الشهرة .. السلطة .. تصفيق الآخرين
إذا كنت جعلت سعادتك في هذه الأشياء فقد استودعت قلبك الأيدي التي تخون و تغدر و أتمنت عليها الشفاه التي تنافق و تتلون....

إذا جعلت من المال مصدر سعادتك فقد جعلتها في ما لا يدوم فالمال ينفد و بورصة الذهب و الدولار لا تثبت على حال.


و إذا جعلت سعادتك في الجاه و السلطان .. فالسلطان كما علمنا التاريخ كالأسد أنت اليوم راكبه و غدا أنت مأكوله.
 

و إذا جعلت سعادتك في تصفيق الآخرين فالآخرين يغيرون آراءهم كل يوم لقد وضعت كل رصيدك في بنك القلق و ألقيت بنفسك إلى عالم الوحشة و الغربة و استضفت راحة بالك على الأرصفة .. و نزلت في فنادق قطاع الطرق .. و لن يهدأ لك بال و لن تعرف طعم الراحة و لن تعرف أمنا و لا أمانا ، و لن تذوق للطمأنينة طعما حتى آخر يوم في حياتك ، لأنك أعطيت أثمن ما تملك .. أعطيت روحك لعالم الفرقة و الشتات ، و رهنت همك و اهتمامك بعائد اللحظة ، و علقت قلبك بكل ما هو عابر زائل متقلب ، و أسلمت وجدانك ينهشه وحش الوقت .

و إذا جعلت سعادتك في حب امرأة .. فأين هي المرأة التي لم تتغير ؟ و أين هو القلب الذي لم يتقلب ؟ أين نجد هذا القلب إلا في الخيال في دواوين الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون و الذين هم في كل واد يهيمون .

سبعون ألف نبي في تقدير بعض العارفين عبروا هذه الأرض و بلغوا أقوامهم نفس الشيء و أعادوا عليهم نفس الدرس و رددوا نفس الكلمات .
و الناس مازالوا على حالهم لا يرى الواحد منهم أبعد من لحظته .
مازالوا على جاهليتهم الأولى يتدافعون بالمناكب على نفس الخسائس يرون حاصد الموت يحصد الرقاب من حولهم و لا يعتبرون
بل هم اليوم أكثر نهما و أكثر تهالكا و أكثر تهافتا على اللاشيء و يقول لهم القرآن :     (( و في أنفسكم أفلا تبصرون ))

و في أنفسهم و أقرب إليهم من حبل الوريد ، غاية الغايات و منتهى الأرب ، و قبلة المقاصد و مهوى الأفئدة و متعلق جميع المعارف .. الحق بذاته .. الله سبحانه و تعالى بنوره الأقدس .
الرحاب الأبهى و شميم الجنة و رفيف الملائكة في نفوسهم .. أقرب إليهم من حبل الوريد .. أقرب إلى الواحد منهم من نطقه

إلى هذا المدى من القرب .. و إلى هذا المدى من اللطف .. يبلغ إيناس الرب لعبده .. و لا غرابة .. ألا تصير النفس الإنسانية قابلة لتجليات الأسماء الإلهية فيصبح الواحد منا رءوفا رحيما ودودا كريما حليما عفوا سميعا بصيرا عليما

إلى هذ المدى يستوي الرحمن على عرش سماوتنا الداخلية ، و يكاشفنا بأنه أقرب إلينا من حبل الوريد .. و هو من هو .. جامع الكمالات على إطلاقها .. ثم نتولى عنه معرضين نتدافع بالأكتاف و نتسابق بالمناكب خلف كل زائل و تافه

و نتكلم عن الحب .. و في عمق نفوسنا من هو أولى بالحب كل الحب .. بل واهب الحب لكل محب و محبوب و سر الحب في كل محب و محبوب .. بل عين القيمة في كل ما هو قيم .. و عين الجمال في كل جميل .
و نتولى معرضين نجري خلف بريق اللحظات و نتشتت و نتوزع و تتجاذبنا الغوايات و نتمزق إلى شتات و نموت في وحشة و غربة و محصولنا مما جمعناه صفر

و الله أقام شريعته غيرة علينا و على ما أودع فينا من روحه و رحمة بنا حتى لا نضيع ، و الشيطان يحاول أن يحجبنا عن هذا الثراء الداخلي حسدا و حقدا على ما فضلنا الله به .. و نحن نختار صحبة العدو على الصديق .. و نستمع إلى العدو و لا نلتفت إلى الصديق ، و نلازم العدو و نهجر الصديق
و ما أكثر ما قتل الأقوام من أنبيائهم و أهل الغفلة من شهدائهم
و عالمنا اليوم أشد في جاهليته و أعتى في ماديته من كل ما مضى من عوالم 

(( و في أنفسكم أفلا تبصرون ))
في داخلنا الشاطئ و المرساة و بر الأمان .
سند الضمان فينا و لسنا في حاجة إلى التأمين على حياتنا في بنك خارجي لا داعي لكل هذا اللهاث المجنون على الجمع و التملك و الاكتناز .. فلن نزداد بذلك أمنا
لا داعي لكل هذا السباق و القتل على السلطة فلن نزداد بذلك قوة

اطمئن قلبا أيها المؤمن و أعرض عن هذه الغابة التي يتعارك فيها الكل بالمخلب و الناب ، قل كلمتك و الزم معرفتك و اعمل على شاكلتك ، و خض البحر فلن تبتل و اعبر أرض الغربة و الوحشة فلن تستوحش فلست وحدك فالله معك .. و أينما كنت فهو معك

لا تقف مع الواقفين أمام فاترينة المال و الجاه و النساء الباهرات و الحب و الشهوة و السلطة و سائر غوايات الدنيا .
فأنت غني بما في داخلك عن كل هذا

لا يكن مبلغ همك أن تحب هذه و تلك ، و إنما ليكن همك مجموعا على الله إلهك ، محبوبا لك مطلقا و دائما و أبدا .
و حسبك من المرأة التي تختارها المودة و الرحمة و حسن المعاشرة
تعلق القلب لا يصح إلا لواحد ، و انشغال الهمة لا يجوز إلا لواحد هو الله وحده جامع الكمالات .

إنما جعل عرش القلب ليستوي الرب عليه وحده و ليس لهذه المرأة أو تلك .. الصبابة لا تليق بالعارف الكامل .. و بهو الملك حق للملك وحده و ليس لأي عابر سبيل ، و الله هو أغنى الشركاء عن الشرك .. و حق على من عرفه حق معرفته ألا يعبد غيره
ألست تقطعه فيصلك ، و تكفره فيرزقك ، و تعصيه فيغفر لك ، و تهجره فيتودد إليك .. و هو من هو المتعال ذو الجلال و الجمال .. فأين هو من هذه و تلك .. ألا يكفيك أن بابه مفتوح أبدا و عفوه مناد عليك دائما ؟
ألا يحرك ذلك كوامن الشوق فيك ؟
ألا يثير فيك من الوجد ما لا تثيره هذه و تلك من أشباح ترابية فانية ؟
ألا تعود فتنظر حولك ببصيرة .. و تنظر في داخلك بإلهام .. قبل أن يجرفك التيار إلى عالم الوحشة و إلى البحر الطام الذي يتخبطه الشيطان من المس ؟
ألا تغريك هذه الكلمات بلحظة تأمل و بوقفة مع النفس تعيد فيها النظر