أن في استطاعتنا جميعا أن نتحمل المصاعب والمآسي .بل أن نتغلب
عليها.فإننا نملك من القوى الذاتية ما ينصرنا على هذه المصائب,ولو أننا أحسنا
استخدام تلك القوى
كان((يوت تاركينجتون))يقول دائما:أن في استطاعتي أن احتمل كل ما تبتليني به الحياة
من المصائب, إلا شيئا واحدا هو العمى).. ثم في ذات
يوم وكان تاركينجتون قد بلغ الستين من عمره, أطرق برأسه يتأمل السجادة
المفروشة على أرض غرفته, فشاهد ألوانها وزخرفتها تختلط بعضها ببعض فلا
يستبين منها شيئا. وقصد إلى أخصائي في أمراض العيون, وهنالك فوجيء بالحقيقة
البشعة:أنه على وشك أن يصاب بالعمى, فقد فقدت إحدى عينيه البصر,
والثانية بسبيل أن تتبعها!..إذن فقد تحقق الشيء الوحيد الذي كان يرهبه,
ويقول أنه لا يقوى على احتماله
فترى كيف استجاب تاركينجتون لهذه المصيبة الفادحة, هل أحس أن
نهايته قد حانت؟ كلا ! فإنه, لفرط دهشته قد أحس بالسرور ! نعم السرور !
بل اتخذ من هذه المصيبة مسلأة, ومادة للدعاية. فعندما كان يمر أهل بيته أمامه
كان يراهم كأطياف غير متميزة أو كقبضات من ضباب ..فإذا مر أمام عينيه
أضخم هذه الأطباق هتف متهللا
(مرحبا! هذا ولا شك هو جدي ! أنني
أعجب إلى أين يقصد في هذا الصباح الجميل!))
فبالله كيف يقهر القدر روحا مثل هذه ؟ الجواب : أن روحا كهذه لا
تقهر!ثم عندما خيم الظلام الشامل على بصر تاركينجتون قال : (لقد وجدت
أن في وسع الإنسان أن يتقبل العمى , كما يتقبل أية مصيبة سواه , ولو أنني
فقدت حواسي الخمس جميعا , لواصلت الحياة داخل عقلي , فنحن إنما نرى
بالعقل ونحيا به ,سواء أدركنا هذه الحقيقة , أم لم ندركها ))
وقد أجرى تاركينجتون اثنتي عشرة عملية جراحية في عينيه في خلال سنة
واحدة, على أمل أن يرتد إليه بصره. وفي كل هذه العمليات الجراحية كان يخدر
تخديرا((موضعيا)) . فهل تراه ثار ونقم ؟ كلا ! فقد كان يعلم أن هذا شيئا لا بد
منه , وكل ما فعله ليخفف عن نفسه عناء الألم هو أن يشارك الاخرين الامهم
ومتاعبهم ,فقد رفض أن يوضع في غرفة مستقلة بالمستشفى , وأصر على أن يرقد
في ((عنبر )) فسيح يحفل بالمرضى الذين يعانون مثل الأمه, وجعل يحاول التخفيف
عنهم . وعندما كانت تجري له أحدى العمليات الجراحية , كان يحاول أن يصور
لنفسه- وهو يشعر بكل ما يجري في عينيه – كم هو محظوظ ! كان يقول ) ما
أعجب الطب الذي وسعه أن يعالج شيئا دقيقا حساسا كالعين الإنسانية ! )) .
وخليق بالإنسان العادي أن تتهاوى أعصابه لو أنه امتثل لاثنتي عشرة
عملية جراحية في عينيه , فضلا عن فقد البصر ولكن تاركينجتون كان يقول:
((أنني لا أستبدل بهذه التجربة التي مرت بي تجربة أسعد وأهنا )) . فقد علمته هذه
التجربة أنه ليس ثمة شيء يصعب على الإنسان احتماله والصبر عليه , وعلمته – كما
علمت الشاعر الإنجليزي الأعمى ((جون ملتون)) من قلبه –أنه ليس من البؤس
أن تكون فاقد البصر, ولكن من البؤس أن لا تستطيع احتمال فقد البصر
قالت((مرجريت فوللر)) , إحدى زعيمات زعيمات النهضة النسائية في
(( نيوانجلند )) , ذات مرة ))أنني أرضى بكل صروف الدهر)) . وعندما سمع
الكاتب الانجليزي (( توماس كاريل)) بقولها هذا , علق عليه قائلا . ((ان هذا والله
هو خير ما تفعله )) نعم ! ووالله إن خير ما نفعله أنت وأنا هو أن نمتثل لما ليس منه بد.
ومهما عارضنا واعترضنا , وثرنا ونقمنا , فلن يغير هذا شيئا مما ليس منه
بد , وأنا أقول ذلك عن خبرة وتجربة . فقد رفضت ذات مرة أن أقبل أمرا محتما
واجهني , وكنت ولا محالة إذا ذاك أحمق فاعترضت , وثرت , وغضبت , وحولت
وأعرف رجلا من ((انديانا)) , يدعى ((ه.ج. انجلرت )) السبب الأول في بقائه
إلى الان على قيد الحياة إلى وقوفه على هذا السر . فمنذ عشرة أعوام
خلت. مرض مستر انجلرت بالحمى القرمزية , فلما شفي منها أصيب بالتهاب في
الكلى , وقد جرب كل صنوف الأطباء , بل المشعوذين أيضا , فلم يجد عند أحد
منهم شفاء , ومنذ وقت قصير مضى , أصيب , فعلا عن هذا كله, بضغط
الدم, وذهب إلى الطبيب , فقال له أن ضغط الدم بلغ حدا من ارتفاع خطير
هو 214, وأنه يوالي الإرتفاع , فعليه – والحالة هذه- أن يتأهب لملاقات
الموت ! .
قال لي مستر انجلرت: وعدت إلى بيتي في ذلك اليوم , فتحققت من
أنني سددت أقساط التأمين على حياتي , ثم سألت الله العفو والمغفرة عما بدر
مني من ذنوب , واستغرقت في خواطري السوداء الكئيبة .
لقد أشقيت كل إنسان .. أشقيت زوجتي وأهلي , وغرقت أنا نفسي في))
بحر من الشقاء لا يسير له غور . وانقضى أسبوع , وأنا أختر خواطري الكئيبة,
وفجأة قلت لنفسي: أنك تتصرف كأحمق . أنك قد لا تموت قبل سنة مثلا ,
فلماذا لا تحاول أن تعيش ما بقي لك من عمر في سعادة ونعيم ؟ .
((وشددت كتفي , ورسمت إبتسامة على وجهي , وجعلت أتظاهر كما لو
كانت السعادة ملك يميني . وأعترف أنني صادفت بعض العناء اول الأمر ,في
اليوم بدأت أستشعر تحسنا في صحتي , واستمر التحسن.
((واليوم, وقد انقضت أشهر طوال على الموعد الذي كان ينبغي فيه أن
أوسد اللحد, أشعر بالسعادة , وبهجة الحياة فحسب, بل بالصحة والعافية))
أيضا, فقد شفيت من ضغط الدم وإني لأعلم شيئا واحدا على اليقين ,ذلك هو
نبوءة الطبيب لي بوفاة عاجلة كانت تتحقق فعلا , ولو أنني دأبت على التفكير في
الموت , واستسلمت للحزن والشقاء , ولكنني أتحت لجسدي فرصة الشفاء , بأن
غيرت أتجاهي الذهني من المرض إلى الصحة ! )) .
هل لي إذا أن أوجه سؤالا : إذا كان مجرد تكلف السعادة , والتفكير في
الصحة , في وسعه أن ينقذ حياة هذا الرجل , فلماذا نصبر , أنا وأنت , لحظة
واحدة على إنقباضنا , وأحزاننا ؟ لماذا نجعل أنفسنا, وكل من حولنا , أشقياء
محزونين , في حين أن في استطاعتنا اجتلاب السعادة بمجرد اصطناعها ؟
عليها.فإننا نملك من القوى الذاتية ما ينصرنا على هذه المصائب,ولو أننا أحسنا
استخدام تلك القوى
كان((يوت تاركينجتون))يقول دائما:أن في استطاعتي أن احتمل كل ما تبتليني به الحياة
من المصائب, إلا شيئا واحدا هو العمى).. ثم في ذات
يوم وكان تاركينجتون قد بلغ الستين من عمره, أطرق برأسه يتأمل السجادة
المفروشة على أرض غرفته, فشاهد ألوانها وزخرفتها تختلط بعضها ببعض فلا
يستبين منها شيئا. وقصد إلى أخصائي في أمراض العيون, وهنالك فوجيء بالحقيقة
البشعة:أنه على وشك أن يصاب بالعمى, فقد فقدت إحدى عينيه البصر,
والثانية بسبيل أن تتبعها!..إذن فقد تحقق الشيء الوحيد الذي كان يرهبه,
ويقول أنه لا يقوى على احتماله
فترى كيف استجاب تاركينجتون لهذه المصيبة الفادحة, هل أحس أن
نهايته قد حانت؟ كلا ! فإنه, لفرط دهشته قد أحس بالسرور ! نعم السرور !
بل اتخذ من هذه المصيبة مسلأة, ومادة للدعاية. فعندما كان يمر أهل بيته أمامه
كان يراهم كأطياف غير متميزة أو كقبضات من ضباب ..فإذا مر أمام عينيه
أضخم هذه الأطباق هتف متهللا
(مرحبا! هذا ولا شك هو جدي ! أنني
أعجب إلى أين يقصد في هذا الصباح الجميل!))
فبالله كيف يقهر القدر روحا مثل هذه ؟ الجواب : أن روحا كهذه لا
تقهر!ثم عندما خيم الظلام الشامل على بصر تاركينجتون قال : (لقد وجدت
أن في وسع الإنسان أن يتقبل العمى , كما يتقبل أية مصيبة سواه , ولو أنني
فقدت حواسي الخمس جميعا , لواصلت الحياة داخل عقلي , فنحن إنما نرى
بالعقل ونحيا به ,سواء أدركنا هذه الحقيقة , أم لم ندركها ))
وقد أجرى تاركينجتون اثنتي عشرة عملية جراحية في عينيه في خلال سنة
واحدة, على أمل أن يرتد إليه بصره. وفي كل هذه العمليات الجراحية كان يخدر
تخديرا((موضعيا)) . فهل تراه ثار ونقم ؟ كلا ! فقد كان يعلم أن هذا شيئا لا بد
منه , وكل ما فعله ليخفف عن نفسه عناء الألم هو أن يشارك الاخرين الامهم
ومتاعبهم ,فقد رفض أن يوضع في غرفة مستقلة بالمستشفى , وأصر على أن يرقد
في ((عنبر )) فسيح يحفل بالمرضى الذين يعانون مثل الأمه, وجعل يحاول التخفيف
عنهم . وعندما كانت تجري له أحدى العمليات الجراحية , كان يحاول أن يصور
لنفسه- وهو يشعر بكل ما يجري في عينيه – كم هو محظوظ ! كان يقول ) ما
أعجب الطب الذي وسعه أن يعالج شيئا دقيقا حساسا كالعين الإنسانية ! )) .
وخليق بالإنسان العادي أن تتهاوى أعصابه لو أنه امتثل لاثنتي عشرة
عملية جراحية في عينيه , فضلا عن فقد البصر ولكن تاركينجتون كان يقول:
((أنني لا أستبدل بهذه التجربة التي مرت بي تجربة أسعد وأهنا )) . فقد علمته هذه
التجربة أنه ليس ثمة شيء يصعب على الإنسان احتماله والصبر عليه , وعلمته – كما
علمت الشاعر الإنجليزي الأعمى ((جون ملتون)) من قلبه –أنه ليس من البؤس
أن تكون فاقد البصر, ولكن من البؤس أن لا تستطيع احتمال فقد البصر
قالت((مرجريت فوللر)) , إحدى زعيمات زعيمات النهضة النسائية في
(( نيوانجلند )) , ذات مرة ))أنني أرضى بكل صروف الدهر)) . وعندما سمع
الكاتب الانجليزي (( توماس كاريل)) بقولها هذا , علق عليه قائلا . ((ان هذا والله
هو خير ما تفعله )) نعم ! ووالله إن خير ما نفعله أنت وأنا هو أن نمتثل لما ليس منه بد.
ومهما عارضنا واعترضنا , وثرنا ونقمنا , فلن يغير هذا شيئا مما ليس منه
بد , وأنا أقول ذلك عن خبرة وتجربة . فقد رفضت ذات مرة أن أقبل أمرا محتما
واجهني , وكنت ولا محالة إذا ذاك أحمق فاعترضت , وثرت , وغضبت , وحولت
وأعرف رجلا من ((انديانا)) , يدعى ((ه.ج. انجلرت )) السبب الأول في بقائه
إلى الان على قيد الحياة إلى وقوفه على هذا السر . فمنذ عشرة أعوام
خلت. مرض مستر انجلرت بالحمى القرمزية , فلما شفي منها أصيب بالتهاب في
الكلى , وقد جرب كل صنوف الأطباء , بل المشعوذين أيضا , فلم يجد عند أحد
منهم شفاء , ومنذ وقت قصير مضى , أصيب , فعلا عن هذا كله, بضغط
الدم, وذهب إلى الطبيب , فقال له أن ضغط الدم بلغ حدا من ارتفاع خطير
هو 214, وأنه يوالي الإرتفاع , فعليه – والحالة هذه- أن يتأهب لملاقات
الموت ! .
قال لي مستر انجلرت: وعدت إلى بيتي في ذلك اليوم , فتحققت من
أنني سددت أقساط التأمين على حياتي , ثم سألت الله العفو والمغفرة عما بدر
مني من ذنوب , واستغرقت في خواطري السوداء الكئيبة .
لقد أشقيت كل إنسان .. أشقيت زوجتي وأهلي , وغرقت أنا نفسي في))
بحر من الشقاء لا يسير له غور . وانقضى أسبوع , وأنا أختر خواطري الكئيبة,
وفجأة قلت لنفسي: أنك تتصرف كأحمق . أنك قد لا تموت قبل سنة مثلا ,
فلماذا لا تحاول أن تعيش ما بقي لك من عمر في سعادة ونعيم ؟ .
((وشددت كتفي , ورسمت إبتسامة على وجهي , وجعلت أتظاهر كما لو
كانت السعادة ملك يميني . وأعترف أنني صادفت بعض العناء اول الأمر ,في
اليوم بدأت أستشعر تحسنا في صحتي , واستمر التحسن.
((واليوم, وقد انقضت أشهر طوال على الموعد الذي كان ينبغي فيه أن
أوسد اللحد, أشعر بالسعادة , وبهجة الحياة فحسب, بل بالصحة والعافية))
أيضا, فقد شفيت من ضغط الدم وإني لأعلم شيئا واحدا على اليقين ,ذلك هو
نبوءة الطبيب لي بوفاة عاجلة كانت تتحقق فعلا , ولو أنني دأبت على التفكير في
الموت , واستسلمت للحزن والشقاء , ولكنني أتحت لجسدي فرصة الشفاء , بأن
غيرت أتجاهي الذهني من المرض إلى الصحة ! )) .
هل لي إذا أن أوجه سؤالا : إذا كان مجرد تكلف السعادة , والتفكير في
الصحة , في وسعه أن ينقذ حياة هذا الرجل , فلماذا نصبر , أنا وأنت , لحظة
واحدة على إنقباضنا , وأحزاننا ؟ لماذا نجعل أنفسنا, وكل من حولنا , أشقياء
محزونين , في حين أن في استطاعتنا اجتلاب السعادة بمجرد اصطناعها ؟
..............................................................