نتابع معاً في بعض الأفكار التي تساعد الإنسان على تحديد أهدافه في جوانب حياته المختلفة:
1- حذار أن تعود نفسك على القيام بأعمال لا هدف لها.
2- عند تحديد الأهداف يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة ثم تحديد الأهداف على مقدارها فلا تكون الأهداف خيالية في طموحها بينما الإمكانات المعدة لها أو تلك التي يُمكن إعدادها متواضعة جداً أي أن يكون الهدف ممكن الحصول والتحقيق فمثلاً عندما تريد إقامة عمل تجاري يجب أن تنظر كم المال الذي يمكنك توفيرها لهذا العمل التجاري، ثم حدد حجم هذا العمل بناءاً على مقدار هذا المال.
أو عندما تريد البحث عن وظيفة فانظر ما هي الشهادة الدراسية التي تحملها والخبرات العملية التي تتمتع بها ثم على ضوء ذلك حدد نوعية ومرتبة الوظيفة التي تسعى لها.
وفي المقابل يجب الحذر من إهداء أو تجميد الموارد والإمكانات المتاحة والإنشغال بأهداف متواضعة جداً مع إمكان القيام بغيرها، فكلا الأمرين – التعلق بالأهداف الخيالية أو الإنشغال بالأهداف المتواضعة – مضيعة للوقت وإهدار للطاقات.
3- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه مناسباً للزمن الذين قدرته لإنجازه ؛ لأن من أخطر مقاتل الأهداف الجيدة عدم وجود الوقت الكافي لإنجازها كمن يريد أن يحصل على الشهادة الجامعية في تخصص الطب مثلاً خلال عام واحد بعد تخرجه من الثانوية.
ومن ذلك أيضاً من يسرف ويبذّر في إعطاء الأوقات الواسعة جداً للأهداف التي يُمكن إنجازها في أقل من ذلك كمن يُمكنه التخرج من الجامعة مثلاً خلال أربع سنوات ولكنه يماطل ويسوف ويتأخر فلا يحقق هذا الهدف إلا في ثمان سنوات !
والإحساس بقيمة الزمن وأهميته هو بداية تحريك النفوس وبعث الهمم لاستدراك الفائت أو اغتنام الحاضر والاستعداد للمستقبل، وليس هناك خسارة أشد من خسارة الوقت وهي خسارة لا يمكن تعويضها والزمن قيمة تتضاءل أمامها قيمة المال والدرهم والدينار في نظر أصحاب العقول الراجحة والبصائر النافذة.
4- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً مشروعاً فالأهداف الممكنة كثيرة ولا تضيق الحياة إلا على العاجزين ولم يعدم يونس عليه السلام عملاً، وهو في بطن الحوت إذ كان من المسبحين.
ولكن من الأهداف ما يجوز أن يتصدى الإنسان لتحقيقه وإنجازه ومنها ما لا يجوز له أن يسعى له أو يفكر فيه فكل سعي في الأرض للفساد والإفساد وإن كان هدفاً ممكناً وقد يعود على فاعله بلذة أو نفع عاجل لكنه في موازين الحق والهدى مردود وباطل، كما قال تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ ).
وهذا لا يتأتى إلا إذا عاش الإنسان في ظلال الإيمان وأنوار الوحي منطلقاً بجهده لعمارة الدنيا حتى ينال جزاء سعيه في الآخرة، أما القلب الذي لم يشرق عليه نور الرسالة المحمدية فهو قلب مظلم بوار والعياذ بالله ديدنه الفساد في الأرض وإن ظن أنه يحسن صنعاً.
فالسعي لكسب المال وتنمية الثروة للتمتع بطيبات الحياة والإنفاق في وجوه البر هدف ممكن لكل من بذل جهده في ذلك ولكن يُمكن أن يكون عن طريق مشروع في تجارة أو زارعة أو صناعة ، ويمكن أن يكون عن طريق الغش والرشوة والاحتيال والربا والمخدرات.
فالجميع جمع الثروة وحصَّل المال، لكن أين الثرى من الثريا، الأول جمع ماله من الحلال فهو سعادة له في الدنيا ونجاة له في الآخرة إن أحسن إنفاقه أيضاً، والآخر جمعه من الحرام فهو شقاء له في الدنيا وجحيم وعذاب في الآخرة.
ومثال آخر من يريد أن ينجح في الدراسة بالجد والاجتهاد والمثابرة والاعتماد على النفس بعد التوكل على الله ودعائه واللجوء إليه، في مقابله من يريد أن ينجح ولكن بالغش والاحتيال والاعتماد على زملائه، وشتان بين الصورتين.
5- يجب أن يكون الهدف محدداً واضحاً، لا غموض فيه ولا لبس ؛ لأن عدم تحديد الهدف أو عدم وضوحه يجعل الإنسان غير قادر على الوصول إلى ما يريد أو عدم معرفة ما يريد فمثلاً من يريد أن يتخرج من الجامعة لكنه لم يحدد أي تخصص يريد، ولا في أي جامعة ، ولا متى سيكون ذلك، فيكون هدفه غير محدد ويصعب عليه الوصل إليه.
وكمن يريد إيجاد بديل لعمله الوظيفي إذا تقاعد ويقف عند هذا فقط، أو يريد السفر فقط دون أن يحدد وجهته أو طبيعة العمل الذي يسعى لتحقيقه في سفره.
إذاً فلا بد من وضوح الهدف وتحديده بدقة حتى لا يختلط بغيره ويتعذر تحقيقه والسعي له.
ومن وضوح الهدف أن يكون إيجابياً لا سلبياً، أي أن تحدد ما تريده بوضوح، إذ إنّ من الأخطاء التي تقع فيها كثير من الناس عند سؤاله عن هدفه أنه يذكر لك ما لا يريده، أمّا ما يريده فهو غير واضح في ذهنه أو لم يفكر فيه أصلاً.
ومن وضوح الهدف أن تتخيل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنه منجز متحقق حاصل بين يديك.
المصدر:
حتى لا تكون كلاً الدكتور عوض بن محمد القرني
فقرة الاستفادة العظمى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
مما استفدته من هذا المقال وسأسعى إلى تحقيقه في حياتي:
- التأكد عند صياغة أهدافي في نواحي حياتي المختلفة من: مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة، المناسبة للزمن الذين قدرته لإنجازه، هدفاً مشروعاً، محدداً واضحاً
- الفرق بين التخطيط العفوي وبين التخطيط المرتكز على الأسس السليمة العلمية التي تضمن عدم إغفال أي من النقاط الهامة.
- ضرورة تخصيص وقتاً احتياطياً في الخطة تفادياً للطوارئ أو لسوء التقدير.
- سعيي للقيام بأهداف كبيرة مفيدة لا يبرر لي سلوك الطرق الملتوية في سبيل تحقيقها من الغش أو الاحتيال مهما كان ذلك صعباً ومهما وقع من حولي في هذا الفخ متذكراً قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"