12 مارس 2010

الحوار مع الأخر


خلق الله الخلق منذ البدء مختلفين فى أشياء عديدة مثل الشكل واللون
والحجم وتطور الأمر بعد هذا إلى الإختلاف فى الدين وكانت بداية وجود
الأخر هى عصيان إبليس لأمر الله ومنذ هذا التاريخ بدأت البشرية مرحلتها
الجديدة وحتى يوم القيامة إن شاء الله .
وسوف نتناول فى هذا الكتاب الجوانب التالية :
-القوانين العامة للأخر فى الإسلام .
-أحكام التعامل مع الأخر على أرض المسلمين .
-أحكام التعامل مع الأخر المعاهد على أرضه .
-أحكام التعامل مع الأخر المحارب .
-أحكام التعامل مع الأخر عامة .
-مجالات التعاون مع الأخر المعاهد.
والحمد لله وحده أولا وأخرا .
البداية:
بدأ وجود الأخر فى حياة المسلمين فى عهد آدم (ص)وهو فى الجنة حيث أمر
الله الملائكة بالسجود وهو طاعة أمره إقرارا بتميزه عليهم بالعلم فكانت
النتيجة استجابة الملائكة للأمر إلا إبليس الذى أبى واستكبر أى كان من
الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم فسجدوا إلا إبليس "وقال بسورة البقرة "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "وبهذا كان أول
الأخرين للمسلمين جنى اسمه إبليس وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "فسجدوا
إلا إبليس كان من الجن "وكان السبب فى رفض إبليس تكريم آدم (ص)هو ظنه أنه
خير منه والمراد أحسن منه لأن الله فى ظنه خلقه من النار التى هى أعظم
عنده من الطين الذى خلق آدم (ص)منه وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "قال
أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين "وهذا هو ما يسمى البغى أى
الظلم أى التكبر أى الكفر 000 إلخ تلك الألفاظ التى تعنى شىء واحد .
هو حب التميز على الغير للحصول على ما حرم الله بدعوى التميز .
وأخبر الله آدم بعد هذا بوجود أخر فى نفسه هو الشيطان أى القرين أى
الشهوات أى الهوى الضال عليه أن يعاديه فلا يطيعه أبدا وفى هذا قال تعالى
بسورة الأعراف "وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين "وقال بسورة طه"فقلنا
يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى "والأدلة على
أن المقصود بالشيطان هو القرين وليس إبليس ما يلى :
-أن الله طرد إبليس من الجنة بعد عصيانه فقال له كما بسورة الأعراف"فاهبط
منها فما يكون لك أن تتكبر فيها "وقال بسورة الحجر"فاخرج منها ".
-أن إبليس خرج من الجنة إلى النار بدليل قوله تعالى بسورة الحجر"فاخرج
منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين" فاللعنة هى العذاب
والرجيم هو المعذب وبدليل قوله بسورة الأعراف "اخرج منها مذءوما مدحورا
لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم جميعا "فالمذءوم المدحور هو المعذب فى
جهنم وبدليل قوله بسورة الأعراف"فاخرج إنك من الصاغرين "وهم المعذبين .
-أن الله لم يعبر فى أى سورة عن مخرج آدم(ص)من الجنة بلفظ إبليس وإنما
بلفظ الشيطان فى كل المواضع .
-أن قسم إبليس على إغواء أولاد آدم(ص)وهو فى النار كذب فهل يمكن أن نصدق
عدونا أول من كفر من خلق الله؟
وأخبر الله آدم(ص)أن البشرية سيكون بعضها لبعض عدو فى الأرض فى المستقبل
وهو ما حدث بالفعل فيما بعد مثل قتل الأخ الشرير للأخ الطيب وفى هذا قال
تعالى بسورة البقرة "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر
ومتاع إلى حين "والدليل على أن المقصود بالهبوط الأبوين قوله تعالى بسورة
طه"اهبطا منها جميعا "فهنا تعبير بالمثنى وكان هذا الإخبار هو إخبار
بوجود الأخر المختلف دينا من بنى البشر عن دين الأب المسلم .
من هو الأخر؟
الأخر فى الإسلام هو كل من يعتنق دين غير الإسلام سواء سماه الناس دينا
أو حكما أو عقيدة أو مذهب أو حضارة أو ثقافة أو عرفا أو تقليدا أو أى اسم
أخر والاسم الأشهر فى الإسلام لهم هو الكفار وقد قسم الله الذين كفروا
إلى قسمين :
1-أهل الشرك .
2- أهل الكتاب وسموا بهذا الاسم –مع أنهم مشركون يعبدون غير الله مثل
عيسى (ص)وعزرا(ص)- نسبة إلى وجود كتاب الله النازل على كل أمة منهم عندهم
فى عهد النبى (ص)محمد .
وقد ذكر هذا التقسيم فى عدة سور منها قوله تعالى بسورة البقرة :
"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير
"وقوله بسورة البينة :
"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم خالدين فيها ".
ومما ينبغى قوله أن كلمة الكفار تطلق على كل أصحاب الأديان بما فيهم
المسلمين فالمسلمين عند أهل الأديان الأخرى كفار بما يدينون به وقد
طالبنا الله بأن نكون كفار بطاغوتهم وهو أديانهم فقال بسورة البقرة "فمن
يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى "وسمى الله الكفار
المؤمنين بالباطل فقال بسورة النحل "أفبالباطل يؤمنون "ومن ثم فكلمة
الكفار وما ماثلها من كلمات تعنى نفس المعنى وهى شىء عادى يحدث من أهل كل
دين حتى وإن أعلن بعضهم غير هذا .
سنة الاختلاف :
إن الاختلاف بين البشر فى الدين وهو أن يعتقد كل فريق اعتقادات مخالفة
للفرق الأخرى شىء حتمى والسبب هو أن الله خلقهم ليستمر اختلافهم فى الدين
إلا من رحم الله وفى هذا قال تعالى بسورة هود:
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
ولذلك خلقهم ".
ومن ثم فالاختلاف مستمر ما استمرت البشرية لقوله "ولا يزالون مختلفين"وقد
عبر الله عن هذا بألفاظ أخرى تعنى نفس المعنى فقال بسورة الأعلى :
"إن سعيكم لشتى "فالسعى وهو أى عمل مبنى على الدين مختلف بين البشر ،وسبب
الاختلاف بين البشر فى الدين هو البغى أى الظلم وهو إرادة كل فريق أن
يتميز على الفرق الأخرى حيث تكون له حقوق أكبر وأعظم يفرضها بقوته وهذا
الاختلاف يحدث بعد معرفة الناس للعلم وهو البينات وهى أحكام الشريعة
الإلهية وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم
"وقال بسورة الشورى:
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ".
ونتيجة اختلاف البشرية فى الدين إما استمرار الاختلاف جدليا أى كلاميا
وإما تطوره لحرب تستخدم فيها الشتائم أو الشجار العادى أو الضرب بالسلاح
أو يستخدم كل هذا مع بعضه فتكون حربا شاملة .
ثبات أهل كل دين على دينهم :
إن كل أهل دين يعلنون تمسكهم أى عملهم بدينهم وهو مكانتهم أى ما لديهم من
الأحكام وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون :
"فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون"فكل حزب وهو أهل كل
دين فرحون أى مستمسكون بدينهم وهو ما لديهم وقد طالب الله رسوله (ص)أن
يقول للناس بعد أن علم تكذيبهم المستمر لدينه :
اعملوا على مكانتكم إنى عامل والمراد اثبتوا على دينكم إنى ثابت على دينى
وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل"وقال بسورة هود:
"وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون ".
وتكرر هذا المعنى بألفاظ أخرى فى سورة الكافرون حيث قال :
"قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد و لا
أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولى دين ".
الأخر يعلن أنه على الحق دوما :
إن أهل كل دين يعلنون أنهم على دين الحق وهو دين الله سواء سموه دين الله
أو العدل أو الحق وأما غيرهم فليسوا على شىء أى ليسوا على الحق فمثلا
اليهود أعلنوا أن النصارى ليسوا على شىء أى ليسوا على دين الله ومثلا
النصارى أعلنوا أن اليهود ليسوا على شىء أى حق ومثلا كل الفرق الأخرى
أعلنوا أن الأخرين ليسوا على الحق مثل ما قال اليهود والنصارى وفى هذا
قال تعالى بسورة البقرة :
"وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء
وهم يتلون كتاب الله كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ".
ومن هنا نعلم أن كل فريق يقول أنه على الحق وغيره على الباطل ،وقد ترتب
على هذه المقولة أن كل فريق أعلن أنه الفرقة الناجية أى الحسنة أى
العادلة والمراد الذى يدخل الجنة فاليهود أعلنوا أنهم أهل الجنة وحدهم
والنصارى أعلنوا أنهم أهل الجنة وحدهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ".
وقال أهل الشرك مثلهم أن لهم الحسنى وهى الجنة إن كان هناك أخرة وفى هذا
قال تعالى بسورة النحل:
"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار "وقال فى سورة
فصلت على لسان واحد منهم :
"وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
وهذا يعنى أن أهل كل دين يعلنون أنهم شعب الله المختار أى أحباء الله وقد
بين الله لنا أن اليهود والنصارى قالوا هذا فى قوله بسورة المائدة :
"وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه "وفى التوراة المحرفة نجد
فى سفر اللاويين :
"أنا الرب إلهكم الذى ميزكم من الشعوب "(20-24)وأيضا "قد ميزتكم من
الشعوب "(20-26).
ونجد هذا فى كل الأديان .
وقد حذر الله المسلمين من الأمانى وهى أقوالهم المماثلة لأقوال الناس دون
أن يعملوا الصالحات وهم مؤمنين فقال بسورة النساء :
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من
دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن
فأولئك يدخلون الجنة ".
ومن ثم لا يجب على المسلم أن يقول تلك المقولات أنه داخل الجنة وأنه حبيب
الله لأن الله نهاه عن تزكية نفسه فقال بسورة النجم :
"فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ".
والواجب على كل مسلم هو الإيمان بحكم الله والعمل الصالح كما قال بسورة
النساء وغيرها من السور .
مراد الأخر:
إن الأخر وهو متعدد لا يريد للمسلمين الخير وفى هذا قال تعالى فى سورة
البقرة
"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من
ربكم "وقال فى نفس السورة :
"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند
أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ".
وإذا كان الأخر لا يريد خيرا للمسلمين فهو لا يريد خيرا للأخر المخالف له
فى الدين من غير المسلمين وقد حفلت الأديان الأخرى بنظرة غير عادلة للأخر
فمثلا اليهودية تعامل الأجنبى معاملة غير معاملة اليهودى فتبيح الربا مع
الأجنبى ولا تبيح الربا مع اليهودى وفى هذا قال سفر التثنية :
"للأجنبى تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا "(23-20).
وفى الحرب تعامل الأخر معاملة وحشية بحيث لا تبقى ولا تذر حتى من ليس
إنسانا وفى هذا قال سفر التثنية :
"فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها
بحد السيف تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق المدينة بالنار وكل
أمتعتها "(13-16:15) وفى سفر العدد :
"فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة "(31-17).
ونجد التحيز لليهودى فى أقوال عديدة منها :
فى سفر الخروج "لا تشهد على قريبك شهادة زور ،لا تشته بيت قريبك ،لا تشته
امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك
"(20-17-16).
فى سفر اللاويين :" بالعدل تحكم لقريبك "(19-15).
كما نجد أن هدف القوم استعباد الأخرين حيث يقول سفر اللاويين :
"فمن الشعوب الذين حولكم منهم تقتنون عبيدا وإماء وأيضا من أبناء
المستوطنين النازلين عندكم "(25-45:44).
ونجد عدم عمل عهود مع الأخرين لعمل أى شىء من الظلم أو العدل فيهم وفى
هذا قال سفر الخروج :
"احترز من أن تقطع عهدا مع سكان الأرض التى أنت آت إليها لئلا يصيروا فخا
فى وسطك "(34-13:12)وقال "ولا تقطع معهم ولا مع آلهتهم عهدا
"(23-32) ،ونجد أيضا فى النصرانية نصوص مشابهة فالمسيح (ص)أتى حسب
الإنجيل المحرف للحرب مع الأخر وليس للسلام وأنه أتى لذبح كل الأعداء ومن
النصوص الدالة على هذا قول إنجيل متى :
"لا تظنوا أنى جئت لألقى سلاما على الأرض ما جئت لألقى سلاما بل سيفا
"(10-17:16)وقول إنجيل لوقا :
"أما أعدائى أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا
واذبحوهم قدامى "("19-27).وفى نفس الإنجيل :
"جئت لألقى نارا على الأرض فماذا أريد لو اضطرمت ولى صبغة أصطبغها وكيف
أنحصر حتى تكمل ؟ أتظنون أنى جئت لأعطى سلاما على الأرض؟كلا أقول لكم بل
انقساما "(12-51:49).
ونجد أن الأناجيل تصف الأخرين بأنهم كلاب وخنازير وأفاعى وحيات ففى سفر
متى نجد الأقوال التالية :
"لا تعطوا ما هو مقدس للكلاب ولا تطرحوا جواهركم أمام الخنازير "(7-6).
"يا أولاد الأفاعى كيف تقدرون وأنتم أشرار أن تتكلموا كلاما صالحا
"(12-34).
"فأجاب ليس من الصواب أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب فقالت صحيح يا سيد
ولكن الكلاب تأكل من الفتات الذى يسقط من موائد أربابها "(15-27:26)وهنا
فكرة العنصرية أى شعب الله المختار واضحة .
وإحقاقا للحق فإن فى اليهودية والنصرانية نصوص أخرى تبين وجوب العدل مع
الأخر مثل قول سفر التثنية :
"لا تظلم أجيرا مسكينا وفقيرا من اخوتك أو من الغرباء الذين فى أرضك فى
أبوابك "(24-14)ومثل قول سفر الخروج:
"لا تضطهد الغريب ولا تضايقه "(22-21)ومثل قول سفر اللاويين :
"وإذا نزل عندك غريب فى أرضكم فلا تظلموه كالوطنى منكم يكون لكم الغريب
النازل عندكم وتحبه كنفسك "(19-34:33)وأيضا :
"ومن قتل إنسانا يقتل حكم واحد يكون لكم الغريب كالوطنى "(24-22:21).
ومثل قول إنجيل متى :
"أحبوا أعداءكم ،باركوا لاعنيكم ،أحسنوا إلى مبغضيكم ،وصلوا لأجل الذين
يسيئون إليكم ويطردونكم "(5-45:44)ومثل قول رسالة مؤمنى كورنثوس الأولى
"وأما الأخرون فأقول لهم أنا وليس الرب إن كان لأخ زوجة غير مؤمنة وترتضى
أن تساكنه فلا يتركها وإن كان لامرأة زوج غير مؤمن ويرتضى أن يساكنها فلا
تتركه "(7-13:12).
ونجد القول الشعب المختار وغيره فى أحكام الأمم الأخرى حتى وإن أعلنوا
غير هذا فمثلا قوم نوح (ص)سموا المؤمنين الأراذل وهم الأوساخ والأوباش
فقالوا كما فى سورة هود:
"وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى "وفى سورة الشعراء :
"أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ".
فرح الأخر فى المخالف له :
إن الأخر يفرح إذا أصاب المسلمين أو الأخرين المخالفين له فى الدين السوء
وهو الضرر أيا كان نوعه وإذا أصابهم الخير وهو الحسنة يحزن ويستاء من ذلك
وفى هذا قال تعالى فى سورة آل عمران :
"إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ".
وقال فى سورة التوبة :
"إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل
ويتولوا وهم فرحون ".
الأخر خائن :
إن الأخرين وهم أصحاب الأديان الأخرى فى تعاملهم مع المسلمين لا يلتزمون
بالإل وهو الذمة أى ميثاق السلام بين الفريقين باستمرار وإنما هم
يلتزمون طالما أن ذلك فى مصلحتهم ومصلحتهم تكمن فى عدم التعرض للمسلمين
ما داموا يمتلكون أسباب القوة التى ترهبهم وفى خيانتهم قال تعالى بسورة
التوبة :
"لا يرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ".
وقال بسورة الممتحنة :
"إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتكم بالسوء
"وبسط اليد واللسان بالسوء هو خيانة العهد .
سبب عداوة الأخر لنا :
إن الأخر هو عدو لنا سواء كانت عداوته ظاهرة أو خفية وقد قال بعضهم فى
سببها :
"لقد أورثت ظروف الحياة القاسية احتمالات الإحساس بالخوف-من الحيوانات
والبشر الأخرين – أنظمة الإدراك لدى البشر بشكل جعل دفاعهم عن الذات
مشحونا بالعدوانية والغضب وشريعة الثأر وهى آليات تميز علاقة الفريسة
بالكواسر ومن هنا كانت استجابة هؤلاء –لأى حدث خارجى من ثقافة مختلفة-
تجرى ضمن عملية تشفيرية مزدوجة تعبر عن أحاسيسهم وعواطفهم وتنشىء واقعا
من المشاعر الضمنية البعيدة عن التعقل واقع تترجمه اللغة العدوانية للأخر
وتفسره الحواس العدوانية نحوه"(1)
ونلاحظ هنا أن سبب العدوانية هو الخوف من الأخر وهو كلام تخريفى فمن يخاف
من شىء يعمل على أن يرضى هذا الشىء وليس أن يهاجمه والسبب الحقيقى لعداء
الأمم لبعضها هو البغى وهو الظلم وهو إرادتها أن تأخذ حقوق الأمم الأخرى
لنفسها فتتمتع هى على حسابهم لأنها هى الأقوى وفى هذا قال تعالى بسورة
البقرة :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم ".
ولو فكرنا فى أى شىء يهتم به المحتل أو الغازى لوجدناه يهتم بالمال
الموجود فى الأرض المحتلة فيستولى عليه ويسيطر على المؤسسات الإقتصادية
ويجعلها مرتبطة باقتصاده حتى يأخذ خيرها ويهتم أيضا بدرجة أقل بنساء
الأرض المحتلة فيتخذ منهن إما مغتصبات أو خادمات أو داعرات .
أنواع الأخرين :
ينقسم الأخرون وهم الكافرون فى الإسلام إلى نوعين :
1-أهل العهد وهم الذين بينهم وبين المسلمين معاهدة أى ميثاق سلام وقد ورد
ذكرهم فى قوله تعالى فى سورة التوبة :
"براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين "وقوله بسورة
الأنفال :
(1)مجلة العربى الكويتية العدد 530 مقال حديث الشهر : سليمان إبراهيم
العسكرى ص12 نقلا عن إدوارد س ستيورات .
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق
"وقوله بسورة النساء:
"إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ".
وهؤلاء لا يقاتلون المسلمين ولا يخرجونهم من بلادهم ولا يظاهروا عليهم
غيرهم من الكفار وواجب المسلمين نحوهم هو البر بهم وهو القسط معهم أى
الإحسان إليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الممتحنة :
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن
تبروهم وتقسطوا إليهم
وينقسم أهل العهد إلى قسمين :
1-يعيش فى بلاد المسلمين ويسمون غالبا أهل الذمة .
2-يعيشون فى بلادهم.
الثانى :أهل الحرب وهم العدو الظاهر أى المعلن للحرب على المسلمين فهو
يقاتلهم أو يطردهم من ديارهم أو يساعد غيره من الكفار على طرد المسلمين
من ديارهم
وفيهم قال تعالى بسورة الممتحنة :
"إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا
على إخراجكم أن تولوهم "وقال فى نفس السورة :
"لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء ".
وواجب المسلمين نحوهم هو قتالهم لقوله تعالى فى سورة البقرة :
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ".
ونأتى إلى الحديث عن نقطة هامة بالنسبة إلى تقسيم الديار فقد قسمها
الفقهاء إلى دار الإسلام ودار العهد ودار الحرب وأضاف بعضهم دار البغى
وقد اعتبر البعض هذا التقسيم تقسيما غير شرعى فقال :
"وهذا التقسيم هو بحكم الواقع لا بحكم الشرع "(2) واعتبروا سببه هو تطور
العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم فقالوا :
"وهذا التقسيم مما أوجبه تطور العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم
"(3)فهو تقسيم اجتهادى من الفقهاء ليس عليه نصوص وإنما هو مستمد فى رأيهم
من الواقع وروح الشريعة ،كما قالوا:
"فالقواعد التى وضعها فقهاء الشريعة الإسلامية لتنظيم العلاقة بين
المسلمين وغيرهم وتقسيم العالم إلى دار حرب ودار سلم ودار مهادنة أو
موادعة كانت اجتهادا يوائم بين ما هو قائم فعلا وبين روح الشريعة "(4).
والحق هو أن هذا التقسيم عليه نصوص فى الوحى سنذكرها هنا وهى :
فى دار الإسلام وقد سماها الله الدار فى قوله بسورة الحشر :
"والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم " فهنا حديث عن دار المسلمين وهى
المأوى فى قوله تعالى بسورة الأنفال:
"واذكروا إذ أنتم مستضعفون فى الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فأواكم
وأيدكم بنصره".
فى دار الحرب التى يستولى عليها المسلمين من الغير مثل أهل الكتاب قال
تعالى فى سورة الحشر:
"هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر "لاحظ
كلمة ديارهم التى فيها الضمير عائد لأهل الكتاب مما يعنى أن الدار هى
دارهم وفيها قال تعالى بسورة الأحزاب:
"وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب
فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم "فالضمير فى
كلمات أرضهم وديارهم وصياصيهم عائد لأهل الكتاب مما يعنى أنها أرض حرب
وفى دار العهد أى الميثاق قال تعالى فى سورة النساء:
"ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم
ميثاق "فوجود حلقة وصل بين المسلمين والمواثقين وهم المعاهدين من
المنافقين تعنى أن للمعاهدين دارا يقوم الموصلين بالذهاب إليها ،وقد كانت
مكة دار عهد تم العهد فيها عند المسجد الحرام وفى هذا قال تعالى بسورة
التوبة :
"إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ".
والملاحظ هو أن الديار تتقلب أوضاعها فقد تكون دار حرب كما كانت مكة فى
البداية ثم أصبحت دار عهد كما فى سورة التوبة ثم أصبحت فى النهاية دار
إسلام مصداق لقوله تعالى بسورة الفتح:
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا".
وتعريف الديار الثلاث هو :
-دار الإسلام هى الدار التى تحكم بما أنزل الله فى الوحى لقوله تعالى
بسورة المائدة :
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
-دار العهد هى الدار التى بين أهلها وبين المسلمين ميثاق ينص على سلامة
أهل الدولتين فى الأخرى وعلى عدم الحرب بينها .
-دار الحرب هى الدار التى قاتل أهلها المسلمين أو طردوا أى أخرجوا
المسلمين من بيوتهم أو ظاهروا على إخراج المسلمين من ديارهم .
أحكام التعامل مع المعاهدين خارج الدولة الإسلامية:
إن أحكام تعامل المسلمين مع المعاهدين خارج الدولة الإسلامية تتمثل فيما
يلى:
1-إتمام العهد والمراد تنفيذ المسلمين نصوص الميثاق حتى مدته والمراد حتى
نهاية الزمن المنصوص عليه فى العهد سواء كان مقدرا بالسنوات أو كانت نقض
العهد وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة :
"إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم
أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ".
2- إذا انحرف المعاهدون عن الإستقامة وهى الوفاء بالعهد إلى نقض العهد
على المسلمين ألا يستقيموا معهم لأن الإستقامة وهى الوفاء بالعهد لابد أن
يكون من الطرفين لقوله تعالى فى سورة التوبة :
"إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ".
3-إذا طلب المسلمون فى أرض الدولة المعاهدة النصر من المسلمين فى أرض
الدولة الإسلامية على المعاهدين لا يتم نصرهم ما دام المعاهدون ملتزمون
بالعهد لم ينقضوه وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال :
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ".
4-على المسلمين إذا خافوا من المعاهدين الخيانة والمراد إذا خشوا من
المعاهدين الأذى بسبب ما عرفوه من خططهم للإعتداء على المسلمين فعليهم
النبذ على سواء وهو عمل خطة مضادة للقضاء على خطتهم وتنفيذها على الفور
متىبدءوا مصداق لقوله تعالى بسورة الأنفال :
"وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ".
5-أن المسلم المقتول خطأ إذا كان أهله من المعاهدين وجب على المسلمين دفع
ديته لأهله وهم ورثته من الكفار ويحرر القاتل رقبة مسلمة لقوله تعالى
بسورة النساء :"وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله
وتحرير رقبة مؤمنة ".
6-معاملة المعاهدين خارج أو داخل الدولة الإسلامية بالتى هى أحسن وهى
الحسنة والمراد البر بهم أى الإحسان إليهم لأن المعاملة الحسنة تذهب
العداوة وتحولها للولاء والصداقة وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت :
"ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا بينك وبينه عداوة
كأنه ولى حميم ".
أحكام التعامل مع المعاهدين على أرض الدولة الإسلامية:
إن الكفار الذين يعيشون على أرض الدولة الإسلامية هم أهل عهد ويتم
التعامل معهم على الأسس التالية :
1-الأحكام السارية عليهم فى أى تعامل مع المسلمين هى أحكام الإسلام لقوله
تعالى بسورة المائدة:
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وفى آية "الظالمون "وفى
آية ثالثة "الفاسقون "وهذا يعنى تطبيق العقوبات التى على المسلمين على
الأخرين إذا ارتكبوا نفس الجرائم حتى ولو كان دينهم لا يعتبرها جرائم
فمثلا من يشرب الخمر منهم ويضبط خارج نطاق بيته أو معبده أو معهده الدينى
يتم جلده حتى ولو كان دينه يعتبر الخمر حلالا ومثلا من يزنى منهم تطبق
عليه عقوبة الإسلام لسبب بسيط وهو أنه قد يزنى مع امرأة مسلمة أو رجل
مسلم وهو ما يسمى اللواط خطأ والملاحظ فى العقوبات فى الوحى هو أن الله
لم يحدد ديانة مرتكبى الجرائم هل هم مسلمين أو غير مسلمين فمثلا يقول
"السارق والسارقة "و"الزانية والزانى" فهو يحدد فقط معنى الجريمة ولا
يحدد ديانة مرتكبها مما يعنى وجوب تطبيق العقوبة على الكل لأن الله نهى
نبيه (ص)عن طاعة أهواء الأخرين وهى أحكامهم الضالة فقال بسورة المائدة :
" وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن
بعض ما أنزل إليك ".
وبين الله له أنه لو اتبع أهواءهم لكان ظالما كافرا فقال بسورة البقرة :
"ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ".
2-الأحكام السارية على المعاهدين وهم الذميين وبعضهم البعض هى ما اختاروه
لأنفسهم والمراد لمن على دينهم فإذا اختلفت الأديان فحكم الإسلام هو
السارى كما قلنا مسبقا وهذا الإختيار يحتمل اتفاقهم على تحكيم الإسلام
بينهم أو تحكيم دينهم وللمسلمين أن يحكموا بينهم أو يرفضوا الحكم بينهم
وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة مخيرا نبيه (ص)بين الحكم بينهم أو
الرفض :
"فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن
حكمت فاحكم بينهم بالقسط "وهو حكم الإسلام وفى تحكيم أديانهم قال تعالى
بسورة المائدة :
"وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله"و"وليحكم أهل الإنجيل بما
أنزل الله فيه ".
وفى حالة عدم اتفاقهم على تحكيم دينهم أو دين غيره واختلافهم اختلافا
يؤدى إلى اقتتالهم يتم تحكيم الإسلام بينهم منعا لاضطراب الأمن وحرصا على
أرواحهم وهى أنفسهم التى حرم الله قتلها إلا بالحق .
3-الجزية وهى مبلغ من المال يدفعه أهل الذمة الأغنياء _والغنى فى الإسلام
هو من زاد ماله عن نصاب الزكاة _وهم صاغرون والمراد خاضعون لحكم الله
وفيها قال تعالى فى سورة التوبة :
"حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون "ونلاحظ هنا أن العطاء يكون عن يد أى
قوة أى قدرة أى غنى ،وقد اختلف الناس فى سبب دفع أهل الذمة لها فمنهم من
قال :
"ومقابل دفع الجزية لا يكلف القادرون من أهل الكتاب أن يحملوا السلاح
ويدافعوا عن البلاد بل يقوم بذلك المسلمون فهى نظير اعفائهم من الواجب
الكبير "(5)وقال أخر :
"وليست الجزية لونا من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام وإنما هى
مقابل الحماية التى كفلها لهم المسلمون (6)وقال ثالث:
"والضريبة التى تقتضيها الدولة منهم هى الجزية ويعفى مقابلها من واجب
الدفاع ""(7)فالسبب هنا فى فرض الجزية هو دفاع المسلمين عن الذميين .
(5)الدعوة إلى الإسلام لتوماس أرنولد:ص79 .
(6)الإسلام فى قفص الإتهام:شوقى أبو خليل:ص149.
(7)الإسلام والسياسة : حسين فوزى النجارص256 .
وقال بعض أخر :
"غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة فى الغالب إذا ما قيست بما كانوا
يدفعونه سابقا فى مقابل حفظ الأمن بينهم "(8)فهنا السبب منعهم من إيذاء
بعضهم البعض .
وقال بعض ثالث:
"ويتمتعون بكل حقوق الحماية والرعاية فى مقابل فريضة مالية يسيرة لا تجب
على غير القادرين منهم وذلك العهد لغرض واحد وهو أن يأمن المسلمون هؤلاء
حتى لا يظاهروا غير المسلمين على المسلمين "(11) وهنا نلاحظ أن السبب هو
حماية المسلمين من أذى الذميين .
والحق هنا أن هذه الأسباب كلها باطلة فعدم دفاع أهل الذمة عن البلاد سببه
منع الله لهم من الإشتراك فى الجهاد لأنهم سيسببون خبال وهو هزيمة
المسلمين فى الحرب وإيقاعهم بين المسلمين ليتفرقوا شيعا وفى هذا قال
تعالى فى سورة التوبة :
"لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة "
وأما الأمن للطرفين فسببه العهد وهو الميثاق الذى هو معروف من البداية
أنه عهد أمان أى سلام بين الطرفين .
وأما السبب الحقيقى لفرض الجزية فيوضحه قول البعض :
"ينتفع أهل الكتاب الذميون بالمرافق العامة مع المسلمين كالقضاء والشرطة
والمرافق العامة كالطرقات والجسور ومشاريع الرى "وتحتاج إلى نفقات يدفع
المسلمون قسطها الأكبر ويسهم أهل الكتاب بالجزية فى تكاليف هذه
المرافق"(11)و"من الجدير بالذكر أن إلزام الذميين بدفع الجزية لم يقصد به
التمييز بين المسلم وغير المسلم وإنما قصد به تحقيق المساواة أمام
الأعباء المالية فما شرع إلزام الذميين بالجزية إلا ليقابل ويوازن إلزام
المسلمين بالزكاة "(11).
إذا الجزية سببها هو تحقيق المساواة بين المسلمين والذميين فيما يدفعون
من مال فليس عدلا أن يؤخذ مال المسلمين للإنفاق على مصالح المسلمين
والذميين معا ويبقى مال الذميين لهم وحدهم بينما يأخذ الفقراء والمساكين
وغير ذلك من أهل الذمة مال المسلمين.
4-أن المسلم المقتول خطأ إذا كانت عائلته من الكفار المعاهدين وجب على
المسلمين دفع ديته وهى جزء من ميراثه للذميين ويحرر القاتل رقبة مؤمنة
وفى هذا قال تعالى فى سورة النساء :
"وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة
مؤمنة " وهذا هو حكم الله فى القتل الخطأ.
5-يمارس المعاهدون أحكام دينهم فى بيوتهم ومصلياتهم وهى معابدهم ومعاهدهم
الدينية الخاصة بهم لتعلم دينهم وهذه الأماكن مسموح لهم فيها بتطبيق
دينهم وأما خارجها فالسارى عليهم هو أحكام الإسلام ومما ينبغى قوله أن
معابد الذميين إذا خالفت أحكام دينهم وجب على المسلمين أن يطلبوا منهم
إلغاء هذه المخالفات أو إعلان دين جديد يبيح لهم هذه المخالفات فمثلا
معابد النصارى بها تماثيل وصور لله وللمسيح (ص)وأمه(ص)والملائكة وهى
تخالف قول الأناجيل المحرفة فمثلا يقول سفر أعمال الرسل :
"فيجب ألا ننظر إلى الألوهية كأنها صنم من ذهب أو فضة أو حجر يستطيع
الإنسان أن ينحته أو يصوغه كما يتخيل"(17-29)وفى رسالة مؤمنى روما
الأولى :
"واستبدلوا بمجد الله الخالد تماثيل لصور الإنسان الفانى والطيور وذوات
الأربع والزواحف لذلك أسلمهم الله فى شهوات قلوبهم إلى النجاسة
"(1-24:23)ومن ثم يكون دور المسلمين بعد مطالبة القوم بإزالة المخالفات
إذا رفضوا إعلان دين جديد هو إزالة هذه المخالفات .
6-يكفل المسلمون للمعاهدين الحقوق التالية :
ملكية مسكن للحياة فيه لكل عائلة ،التعلم فى مدارس وكليات الدولة ،التوظف
وفيه يحرم المعاهد من العمل بوزارات الجهاد والقضاء وهيئة الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر ،مال للزواج ،الكساء ،الطعام والشراب ،الصلاة فى
المعبد ،التحاكم فى محاكم أهل دينه ،استعمال المؤسسات العامة فى قضاء
مصالحه ،العلاج عند المرض ،الإعانة عند الكوارث ،التغيب عن العمل عند
المرض أو الإحتفال بالأعياد دون قطع شىء من راتبه ،السفر للخارج .
7-إن بناء مصليات أى معابد لطوائف الكفر المعاهدين على أرض الدولة
الإسلامية مباح على أن يكون السبب هو زيادة عدد الطائفة فى البلدة المراد
البناء بها بما يجعل المعابد الحالية لا تتسع لهذه الأعداد ويتم بناء
المعبد على أساس استيعاب الزيادة المتوقعة خلال عشر سنوات وتقوم بالبناء
والصيانة الدورية للمعابد شركات المقاولات التابعة للدولة ويستثنى من
بناء معابد لطوائف الكفر مكة المكرمة وكل بلد لا يوجد بها كفار استثناء
مؤبدا .
وأما ما رواه البيهقى وضعفه عن ابن عباس وهو :
"لا خصاء فى الإسلام ولا كنيسة "وما ذكره الكمال بن الهمام فى فتح القدير
من قول منسوب للرسول (ص):
"لا تبنى كنيسة فى الإسلام ولا يبنى ما خرب منها "فهو حديث ضعيف فى سنده
سعيد بن سنان وهو غير ثقة ،بالإضافة إلى ضعف الحديثين سندا فإن علامة
الوضع ظاهرة فيهما وهى اختصاص الكنائس بالحديث دون غيرها من معابد الكفار
ومن المعلوم أن كلام الوحى يكون عام عندما يتحدث عن حكم ينطبق على كل أهل
الأديان لأن أرض المسلمين لا يعيش فيها نصارى فقط وإنما يهود ومجوس
وصابئة وهندوس وغيرهم
8-يحرم المعاهد فى الدولة الإسلامية من العمل فى الوظائف أى الأعمال
التالية:
-الجهاد لأن الله نص على أن المقاتلين من المؤمنين فقط فقال بسورة
التوبة :
"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى
سبيل الله " ونص على أن الكفار لو اشتركوا فى قتال العدو سيعملون على
خبالهم وهو هزيمتهم وعلى إيقاع الخلاف بين المؤمنين ووهى الفتنة المؤدية
للهزيمة وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة
"لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة " .
ومن هنا جاءت القولة "إنا لا نستعين بمشرك ".
-هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حيث نص الوحى على أن العاملين بها
من المؤمنين فقط بقوله"منكم"أى من المؤمنين فى قوله بسورة آل عمران :
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ".
-القضاء وهو الحكم فى المحاكم وفى هذا قال تعالى للمؤمنين فى سورة
النساء
"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "وقال بسورة المائدة :
"اعدلوا هو أقرب للتقوى "فالضمير فى حكمتم واعدلوا راجع إلى المسلمين
وحدهم ،كما أن الشريعة تخاطب المسلمين فى أحكامها وليس غيرهم .
-ولاية الأمر وهى ما يسمى مناصب الحكم حيث نص الوحى على كونهم من
المسلمين بقوله"منكم"فى قوله تعالى بسورة النساء :
"يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ".
والسبب هو أن الكفار لو تولوا مناصب الحكم لحكموا بغير حكم الله فزادوا
المسلمين خبالا أى ذلا وايذاء مصداق لقوله تعالى بسورة آل عمران :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ".
9-المعابد الوثنية على أرض المسلمين لا يجوز هدم ما فيها من تماثيل أو
إزالة ما بها من صور إذا كان دين أهلها ينص على وجودها ما داموا معاهدين
وعلى مؤسسات الدولة الإسلامية البنائية إحاطة هذه المعابد بسور يحجبها عن
عيون المسلمين المارين فى الطريق الذى تقع فيه والهدف من إقامة السور هو
ألا تسبب رؤيتها عند المسلم غضبا لله فيندفع إلى هدمها مخالفا بهذا العهد
بين المسلمين والمعاهدين .
10-المعاهد العابر ويقصد به المستجير بحماية المسلمين وهو ما يسمونه الآن
اللاجىء السياسى يجب على المسلمين حمايته فى فترة عبوره أى مروره بأرض
المسلمين بتوفير الأمن له من كل النواحى بشرط إبلاغه كلام الله فى هذه
الفترة وهو دعوته للإسلام ثم توصيله للمكان الذى يأمن فيه على نفسه خارج
أرض المسلمين وفى هذا قال تعالى فى سورة التوبة :
"وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه".
11-التعامل بين أفراد المسلمين وأفراد المعاهدين تعامل عادى فللمسلم أن
يأكل طعامهم المحلل له وللمعاهد أن يأكل طعام المسلمين وفى هذا قال تعالى
بسورة المائدة :
"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حللكم وطعامكم حل لهم
".
وللمسلم أن يضع ماله أمانة عند الذمى وسيرده له إذا طلبه مصداق لقوله
بسورة آل عمران :
"ومن أهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من ان تأمنه بدينار
لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ".
وللمسلم أن يحى الذمى أو يرد تحيته مصداق لقوله تعالى فى سورة النساء :
"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "وقوله بسورة الفرقان :
"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلام".
وللمسلم أن يجالسهم ويتكلم معهم إلا فى حالة واحدة وهى أن يتحدثوا مكذبين
كافرين بكلام الله فإن تركوا حديث الكفر له أن يعود لمجالستهم وفى هذا
قال تعالى فى سورة النساء :
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ فلا
تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره " .
وعلى المسلم أن يعامل والديه الكفار بالمعروف وهو الإحسان إليهما مع عدم
طاعتهم فى الإشراك بالله وفى هذا قال تعالى فى سورة لقمان :
"وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى
الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى ".
12-العدل عند الحكم فى أى قضية سواء كانت تخص المعاهدين مع بعضهم أو مع
المسلمين أو بين المسلمين وبعضهم ومن ثم لا يجب أن يدفع الشنئان وهو
الكراهية القاضى المسلم إلى ظلم المعاهدين وفى هذا قال تعالى فى سورة
المائدة
"ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
وقد قص القرآن علينا قصة المسلمين المرتدين عن إسلامهم الذين نسبوا تهمة
السرقة لمعاهد حتى أن الرسول (ص)صدقهم ودافع عنهم هو والمسلمين فأنزل
الله براءة المعاهد فى الوحى إحقاقا للحق وفى هذا قال تعالى فى سورة
النساء:
"ومن يكسب خطيئة إو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا
ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك".
13-زوجات المسلمين المرتدات الهاربات لأرض المعاهدين إذا رد المعاهدون
المهور التى معهن للمسلمين وجب على المسلمين رد مهور المعاهدات المهاجرات
لأرض المسلمين وإن لم يردها المعاهدون لا يردها المسلمون عقابا عادلا وفى
هذا قال تعالى بسورة الممتحنة :
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم
مثل ما أنفقوا ".
أحكام التعامل مع المحاربين :
إن الكفار المعاهدون المحاربون للمسلمين يتم التعامل معهم بناء على
الأحكام التالية :
1-إعداد المسلمين كل ما يستطيعون من قوة وهى كل أنواع القوة من رجال
وعتاد وسلاح وتموين واقتصاد وغيره والسبب هو إرهاب أى تخويف الأعداء
ظاهرين وخفيين حتى لا يقدموا على الإعتداء على المسلمين وفى هذا قال
تعالى فى سورة التوبة
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم
وأخرين من دونهم لا تعلمونهم ".
2-رد العدوان فى أسرع وقت ممكن وهو قتال العدو الذى يقاتلنا وفى هذا قال
تعالى فى سورة البقرة :
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "وقال :
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم " وقال فى سورة التوبة :
"وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ".
3-ليس من حق المسلمين أن يطلبوا السلام وهو الصلح من العدو أثناء الحرب
ما داموا هم الأعلون أى المنتصرون على عدوهم وفى هذا قال تعالى فى سورة
محمد:
"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون "وقال فى سورة آل عمران :
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ".
4- إن العدو المحارب إن جنح للسلم والمراد إن طلب من المسلمين وقف الحرب
بين الفريقين لعمل معاهدة سلام فيجب على المسلمين أن يجنحوا للسلام معه
والمراد أن يستجيبوا للطلب مملين شروطهم العادلة على العدو وفى هذا قال
تعالى فى سورة الأنفال :
"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ".
5-أسرى العدو عند المسلمين فيهم ثلاث أحكام:
-القتل وهذا يكون فى حالة ضعف الدولة الإسلامية وقتلهم هو إضعاف لقوة
العدو التى تزيد بعودة الأسرى ثم يعودون لحرب المسلمين وفى هذا قال تعالى
فى سورة الأنفال :
"ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض ".
-المن وهو إطلاق سراح الأسرى دون مقابل .
-الفداء وهو دفع العدو مقابل مالى مقابل إطلاق سراح الأسرى وهذا الحكم
والذى قبله يطبقان فى حالة قوة الدولة الإسلامية ولا يتم المن أو الفداء
إلا بعد انتهاء أوزار وهى أعمال الحرب بين الفريقين وفى هذا قال تعالى فى
سورة محمد :
"فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها".
6-على المسلم فى أرض المحاربين إخفاء إسلامه وإظهار الكفر وهو مطمئن
القلب بالإيمان لقوله تعالى فى سورة النحل :
"وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن
بالإيمان ".
فحكم التقية هنا يستعمل حتى يجد المسلم مخرجا له من أرض الحرب بالسفر إما
إلى بلاد المعاهدين ومنها لأرض المسلمين وإما إلى بلاد المسلمين مباشرة
إن استطاع.
7- الغنيمة المأخوذة من المحاربين تقسم كالتالى :
الخمس لله ورسوله (ص)وذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ،الأربع
أخماس للمجاهدين فى سبيل الله وفى هذا قال تعالى فى سورة الأنفال :
"واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل ".
8- الفىء وهو المال المأخوذ من المحاربين الذين فروا من الميدان ولم
يحاربوا المسلمين إطلاقا يوزع على كل من الله ورسوله (ص)وذى القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل ولا شىء للمجاهدين لأنهم لم يحاربوا أحدا
والسبب فى توزيعه على الأصناف المذكورة فى الآية هو ألا يزداد الغنى غنى
وإنما يتم عمل توازن مالى بين الناس وفى هذا قال تعالى فى سورة الحشر :
"ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله والرسول ولذى القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ".
9-المسلم المقتول خطأ وأهله من المحاربين للمسلمين ليس على قاتله المسلم
دفع دية لأهله لحربهم للمسلمين ومن ثم فالقريب المحارب لا يرث المسلم
القتيل والعقاب للقاتل هو تحرير رقبة مسلمة وفى هذا قال تعالى فى سورة
النساء:
"فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ".
10-الزوجات التى تهرب للكفار من المسلمين وهن المرتدات على المسلمين أن
يتعاملوا مع زوجات الكفار الهاربات وهن المهاجرات للمسلمين على أساس
المثل فإن دفع الكفار المهور التى هربت بها المرتدات للمسلمين وجب على
المسلمين رد مهور المهاجرات للكفار أزواجهم وإن لم يدفعوا لا يدفع
المسلمون شيئا لقوله تعالى فى سورة الممتحنة :
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم
مثل ما أنفقوا ".
11-وجوب الغلظة وهى الشدة فى حرب الكفار عن طريق قتلهم بضرب ما فوق
الأعناق وإما عن طريق جرحهم جروحا تخرجهم خروجا نهائيا من ميدان المعركة
بضرب أطرافهم التى فيها البنان وهو الأصابع حتى يعجزوا عن حمل السلاح
بالأيدى أو يعجزوا عن الحركة بالأرجل وفى هذا قال تعالى فى سورة التوبة :
"يا أيها الذين أمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة
"وقال فى سورة الأنفال :
"فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".
12-مباح فى الحرب إذا اقتضت الظروف تخريب المبانى مصداق لقوله تعالى فى
سورة الحشر :
"يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين " .
13- مباح فى الحرب إذا اقتضت الظروف إفساد الزروع والأشجار مصداق لقوله
تعالى فى سورة الحشر :
"ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله ".
والظروف القاضية بهذا التخريب والإفساد هى اختباء العدو فى تلك المبانى
والزروع والأشجار واستخدامه لها كأفخاخ أو دروع حامية له وهذا التخريب
والإفساد يعنى إباحة استخدام أى سلاح ومما ينبغى قوله أن ما يتحقق فيه
النصر بالسلاح الضعيف لا يستخدم فيه السلاح القوى إلا إذا بدأ العدو
باستخدام السلاح القوى مثل السلاح النووى أو الكيماوى ومن ثم على
المسلمين حيازة كافة أنواع الأسلحة لأن أى سلاح نتيجة استعماله هى القتل
غالبا ومن ثم فالكل يتساوى فى الإباحة فى الإستعمال وإلا داست علينا
الأمم الأخرى كما هو حادث الآن بسبب تصديق ما يسمى بالحكومات القائمة على
أرض المسلمين على معاهدات حظر الأسلحة النووية والكيماوية والجرثومية .
14-معابد المحاربين ليس لها حرمة فى الحرب إذا كانت تحتوى على تماثيل
وصور ومن ثم يجب هدم ما بها من تماثيل وصور كما فعل إبراهيم (ص)بتماثيل
قومه وفى هذا قال تعالى فى سورة الأنبياء:
"وتا الله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا
لهم".
وكما فعل موسى (ص)بتمثال السامرى العجل الذهبى وفيه قال تعالى فى سورة
طه:
"وانظر إلى إلهك الذى ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ولننسفنه فى اليم نسفا ".
وكما فعل النبى (ص)بالتماثيل والصور حول الكعبة بعد فتح مكة ،والسبب فى
إنتهاك حرمة المعابد هو إفهام العدو أنها لا تضر ولا تنفع وإلا كانت ردت
الأذى عن نفسها وهو جزء من انتهاك العدو لحرمات المسلمين ممثلة فى البدء
بالإعتداء عليهم وفى تعذيب المسلمين أو طردهم أو غير هذا .
15- الصلاة فى الحرب تكون فى أوقات توقف القتال وفيها ينقسم المجاهدون فى
كل موقع لفريقين :
الأول :يصلى وأسلحته معه والأخر يحرسهم ويدافع عنهم وبعد إنتهاء الصلاة
يتبادل الفريقان المواقع فالأول يحرس والثانى يصلى والسبب هو أن الكفار
يحبون أن يغفل المجاهدون عن سلاحهم ومتاعهم حتى يقضوا عليهم وفى حالة
وجود مطر أو أذى وهو المرض من جروح أو غيرها فيباح للمجاهدين وضع السلاح
بجانبهم مع بقاء الحذر وهو الحراسة عند الصلاة وفى هذا قال تعالى فى سورة
النساء :
"وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم
فإذا سجدوا فليكونوا من وراءكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك
وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم
فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم
مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم ".
المسلمون خارج الدولة الإسلامية :
إن وضع المسلمين الذين يعيشون فى الدول الإسلامية يتمثل فى التالى :
لا ولاية والمراد لا نصر لهم من الدولة الإسلامية ما داموا مقيمين فى أرض
الكفر فإن هاجروا للدولة الإسلامية فقد وجب نصرهم وفى هذا قال تعالى فى
سورة الأنفال:
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا ".
ويحق للمسلمين فى أرض الكفر الإستنصار بالمسلمين فى الدولة الإسلامية فى
الدولة الإسلامية فى الدين والمراد يحق لهم طلب أن يحارب المسلمون فى
الدولة الإسلامية من أجل إنقاذهم من إجبار الكافرين لهم على التخلى عن
الإسلام وساعتها يجب على مسلمى الدولة الإسلامية نصرهم إلا فى حالة واحدة
هى أن يكون الكفار مواثقين أى معاهدين للمسلمين ولم يوضع نص فى معاهدة
السلام يقضى بعدم إجبار المسلم على ترك دينه فى داخل الدولة المعاهدة
وأما إذا كان هناك نص فقد نقض القوم العهد ويستحقون الحرب وفى هذا قال
تعالى فى سورة الأنفال :
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ".
ومما ينبغى قوله أن أى عهد بين المسلمين وغيرهم يوضع فيه بند يكفل
للمسلمين فى أرض العهد حقوقهم وهى تملك المساكن والتوظف والعلاج والإعانة
وارتداء اللباس الإسلامى والتحاكم أمام محكمة إسلامية فى القضايا بين
المسلمين وعدم الإلتحاق بالجيش إذا حارب المسلمين والملكية الفردية إن
كان مسموحا بها وعدم الإكراه على ترك الإسلام .
وقد أباح الله للمسلمين فى أرض الدول الكافرة حق البقاء فيها أو الهجرة
إلى أرض الدولة الإسلامية وفى حالة وقوع ظلم على المسلمين لا يقدرون معه
على طلب النصر من الدولة الإسلامية لمنع الكفار إياهم من إبلاغه يجب
عليهم الهجرة للدولة الإسلامية إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا وإلا أصبحوا
كفارا يستحقون دخول النار وفى هذا قال تعالى فى سورة النساء :
"قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله
واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من
الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ".
والمسلمين فى أرض الكفر لهم الحق فى الهجرة إلى أرض الإسلام فى أى وقت
يريدون والهجرة سبب فى سعتهم وهى غناهم وفى هذا قال تعالى فى سورة
النساء :
"ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغما كثيرة وسعة ".
الأحكام العامة للتعامل مع الكفار معاهدين ومحاربين :
إن الأحكام العامة للتعامل مع الكفار معاهدين وأعداء هى :
1-الوليجة وهى البطانة التى تكتم أسرار الدولة الإسلامية تقتصر على
المسلمين فقط ولا يدخل فيها أى كافر وفى هذا قال تعالى فى سورة التوبة :
"ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا
المؤمنين وليجة "وقوله فى سورة آل عمران :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا
ما عنتم ".
2-لا استعانة بكافر فى حرب أعداء المسلمين من الكفار الأخرين فقد حذرنا
الله من أنهم سيعملون على إخبال أى هزيمة المسلمين وابتغاء الفتنة وهى
الوقيعة بين المسلمين ليهزموا وفى هذا قال تعالى فى سورة التوبة :
"لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم الفتنة ".
وطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لهم فى سورة التوبة :
"فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا ".
3-دعوة الكفار للإسلام بالموعظة الحسنة وهى الحكمة وهى التى هى أحسن
مصداق لقوله فى سورة النحل :
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ".
4-أن المسلم إذا جالس الكفار وسمع منهم كفر بآيات الله أى استهزاء بها
فعليه أن يترك مجلسهم فإن تحدثوا فى موضوع أخر أبيح له مجالستهم لقوله
تعالى فى سورة النساء
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها
فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد
بعد الذكرى مع القوم الظالمين ".
5-الكفار الذين يأتون لجدال المسلمين بعد تعريفهم بالإسلام على المسلمين
دعوتهم للمباهلة وهى أن يدعوا المسلمون والكفار أنفسهم وأولادهم وزوجاتهم
فى مكان ما ثم يبتهلوا أى يطلبوا من الله إنزال اللعنة على الفريق الضال
منهم وفى هذا قال تعالى فى سورة آل عمران :
"فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم
ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
".
6-على المسلمين قتال من يقاتلهم سواء أعداء أو معاهدين نقضوا العهد مصداق
لقوله تعالى فى سورة البقرة :
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ".
7-ألا يود أى ألا يحب المسلم الكفار حتى ولو كانوا من أقرب الناس له
وإنما عليه معاداتهم لأنهم يعادون الله ورسوله (ص)وفى هذا قال تعالى فى
سورة المجادلة :
"لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو
كان أباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ".
8-لا يدخل أى كافر البيت المقدس الحرام فى مكة وذلك لأن الله حرم هذا
بقوله فى سورة التوبة :
"إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ".
9-المسلم الجديد يطلق زوجته الكافرة إذا لم تسلم ويعطيها مهرها ونفقتها
والمسلمة الجديدة تفارق زوجها وتسلمه مهرها وإذا ارتدت مسلمة وهربت
للكفار وتزوجت منهم فعلى الكفار رد مهرها لزوجها المسلم وإذا أسلمت كافرة
وهاجرت للمسلمين وتزوجت منهم فعلى المسلمين رد مهرها لزوجها الكافر فإن
لم يرد الكفار المهور لا يرد المسلمون المهور لهم وفى هذا قال تعالى فى
سورة الممتحنة :
"ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم
الله يحكم بينكم والله عليم حكيم وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار
فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ".
10-لا إكراه فى الدين والمراد لا إجبار فى الإسلام لأحد على فعل شىء مثل
تغيير دينه للإسلام وفى هذا قال تعالى فى سورة البقرة :
"لا إكراه فى الدين ".
11-لا يسب المسلمون آلهة الكفار والسبب حتى لا يسبوا الله ردا منهم على
سب المسلمين للآلهة المزعومة وفى هذا قال تعالى فى سورة الأنعام :
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ".
12-أمر الله المسلمين ألا يتخذوا الكفار أولياء والمراد أحباب يتعاملون
معهم بالبر من دون المسلمين فقال فى سورة آل عمران :
"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ".
وقد بين الله لهم أن من يفعل ذلك وهو اتخاذ الكفار أحباب أى أولياء ليس
من الله فى شىء أى ليس مسلما على دين الله وفى هذا قال تعالى بنفس
السورة :
"ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء ".
واستثنى الله من الخروج من دينه من يوالى أى يحب الكفار وقد اتخذ منهم
التقاة وهى الحذر من خيانتهم وبين لهم أنه يكون مسلما فقال بنفس الآية :
"إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ".
وقد بين الله للمسلمين الكفار الذين يتعاملون معهم بالبر وهو القسط وهم
الذين لم يقاتلوا المسلمين ولم يخرجوهم أى ولم يطردوهم من ديارهم ولم
يظاهروا أى ولم يعينوا الكفار الأخرين عليهم لطردهم من ديارهم وفى هذا
قال تعالى فى سورة الممتحنة :
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن
تبروهم وتقسطوا إليهم ".
وأما الكفار الذين نهانا الله عن موالاتهم وهى التعامل معهم فهم من
يفعلون التالى :
قتال المسلمين وهو إيذاءهم بأى وسيلة لقتلهم أو جرحهم أو حملهم على ترك
دينهم،إخراج أهل الإسلام من بلادهم ،المظاهرة وهى مناصرة عدو أخر
للمسلمين على طرد المسلمين من بلادهم بأى وسيلة وفى هذا قال تعالى فى
سورة الممتحنة :
"إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا
على إخراجكم أن تولوهم ".
وقد بين الله لنا أسباب النهى عن موالاة هؤلاء وهى :
-اتخاذهم المسلمين أعداء لهم لو قدروا عليهم .
-مد أيديهم وألسنتهم بالسوء والمراد عملهم على إيذاء المسلمين بالفعل
والقول
-ودهم وهو حبهم لكفر المسلمين .
وفى هذا قال تعالى فى سورة الممتحنة :
"إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء
وودوا لو تكفرون ".
-أنهم لا يحبون المسلمين رغم حب المسلمين لهم وفى هذا قال تعالى فى سورة
آل عمران:
"ها أنتم هؤلاء تحبونهم ولا يحبونكم ".
وقد تكرر النهى الإلهى عن موالاة وهى حب أى مناصرة الكفار حتى ولو كانوا
أقارب لنا عدة مرات منها قوله تعالى فى سورة التوبة :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا أباءكم واخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر
على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون "وقوله فى سورة
الممتحنة :
"لا تتولوا قوما غضب الله عليهم "وقوله :
"لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء "وقوله فى سورة المجادلة :
"لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو
كانوا أباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ".
وقد بين الله لنا أن أسوتنا وهى قدوتنا الحسنة فى عداوة الكفار هى ما قال
إبراهيم (ص)والمؤمنين معه لقومهم :
إنا برءاؤا منكم أى إنا معتزلين لكم وللذى تطيعون من دون الله والمراد
إنا أعداء لكم ولآلهتكم ،كفرنا بكم أى كذبنا دينكم وبدا بيننا وبينكم
العداوة وهى البغضاء أى الكراهية ظاهرة حتى تصدقوا بدين الله وحده وفى
هذا قال تعالى فى سورة الممتحنة :
"قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا
برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم
العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ".
13-لا يجوز لأى مسلم الزواج من كافرة سواء كتابية أو مشركة لقوله تعالى
فى سورة الممتحنة :
"ولا تمسكوا بعصم الكوافر ".
وقد أمر الله فى أكثر من موضع بزواج المسلمات فقط فقال بسورة النور مثلا:
"وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم "فالضمير فى منكم
وعبادكم وإماءكم راجع إلى المسلمين والمسلمات وكلمة الصالحين تعنى
المسلمين ومن ثم فلا يجوز زواج العباد والإماء الكفار لقوله تعالى فى
سورة البقرة :
"ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا
تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ".
وأهل الكتاب مشركون لطاعتهم غير الله ومنه إدعاء عبادة خلق الله مثل عزرا
(ص)وعيسى (ص)ومريم (ص)والأحبار والرهبان والسبب فى تحريم الزواج المتبادل
يوضحه قوله تعالى فى آية البقرة السابقة :
"أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه "فالسبب هو
أن الزوج الأخر سيعمل على كفر المسلم أو المسلمة ومن ثم دخوله النار وأما
المسلم أو المسلمة فيعينون بعضهم على دخول الجنة .
ومما ينبغى قوله أن الله قد أباح زواج الكتابيات فى فترة سابقة لعدم وجود
مسلمات كافيات فى العدد للرجال المسلمين ثم نسخ الحكم بكل ما سبق من
آيات .
14-على المسلمين قصر الصلاة وهى إلغاءها إذا ضربوا والمراد سافروا فى
بلاد الأرض فخافوا أن يؤذيهم الكفار بسبب معرفة أنهم مسلمون يصلون وفى
هذا قال تعالى فى سورة النساء
"وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن
يفتنكم الذين كفروا ".
15-لا يجوز للمسلمين أن يستغفروا والمراد أن يطلبوا الغفران وهو ترك
العقاب من الله للكافرين حتى ولو كان الكفار أقارب لهم وفى هذا قال تعالى
فى سورة التوبة :
"ما كان للنبى والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من
بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ".
16- إبلاغ الكفار حدود ما أنزل الله على رسوله (ص)وهى أحكام الإسلام لا
يجب تكراره والإلحاح عليه طالما استمر الكفار فى كفرهم ونفاقهم لأنه لا
يجوز تعليم من لا يريد التعلم كما قال تعالى فى سورة التوبة :
"الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله
".
والسبب فى هذا النهى هو توفير جهد ومال ووقت المسلمين لهم فالتعليم وهو
التذكير يفيد المؤمنين فقط وفى هذا قال تعالى فى سورة الذاريات :
"وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ".
17- لا يجوز لمسلم أن يصلى على ميت من الكفار ولا أن يقوم عند قبره بعد
الدفن وفى هذا قال تعالى فى سورة التوبة :
"ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره "والسبب كما قال فى نفس
الآية :
"إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ".
18-على المسلمين إطعام والمراد الإنفاق على الأسير من كل النواحى من مأكل
ومشرب وكساء ودواء ومسكن وفيهم قال تعالى فى سورة الإنسان :
"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا
نريد منكم جزاء ولا شكورا "
مفاهيم خاطئة فى التعامل مع الكفار :
(1)فى بناء مساكن المعاهدين :
قيل "فالراجح عند هؤلاء الكتاب أن على الذميين الإمتناع عن التعلية على
المسلمين فى بناء المساكن "(11).
لا يوجد نص فى الوحى الإلهى يدل على وجوب امتناع الذميين عن التعلية على
المسلمين عند بناء المساكن والنصوص الواردة فى حقوق الجار تبين وجوب
مراعاة شعوره عند البناء فمثلا لا يعلى البانى مسكنه على مسكن جاره فيحجب
عنه الشمس ومن ثم فالواجب فى البناء هو أن تكون المبانى على ارتفاع واحد
لتحقيق شرط عدم حجب الشمس ولم تذكر النصوص شىء بخصوص أديان البناة وإنما
هى ذكرت حقوق الجيرة فقط ،أضف لهذا أن ما أخذناه عن الأخر فى البناء من
الدارات (الفيللات) والعمارات ذات الأدوار الكثيرة ذات الشرفات هو أمر
مخالف لأحكام الإسلام من جهة الأمن من الأخطار فأى قنبلة أو تفجير أو
زلزال يعنى ضحايا كثيرين بينما البيوت ذات الدورين أو الثلاثة على الأكثر
ضحاياها قلة ومن جهة رؤية المواجهين لما يحدث فى الشقق من خلال النوافذ
ذات الضلف والزجاج وأبواب الشرفات المفتوحة ورؤيتهم للعورات لأن أهل
الشقق خاصة النساء لا تتحشم فى بيوتها ويكن غالبا مكشوفات الشعر عاريات
الذراعين والصدر بالإضافة إلى ممارستهن أعمال تكشف عوراتهن أكثر مثل
المسح .
(2)الزى الخاص :
قيل "وأن عليهم الإلتزام بزى خاص يميزهم عن المسلمين "(11).
لا يوجد نص فى الوحى الإلهى يلزم الذميين بارتداء زى خاص يميزهم عن
المسلمين وإنما النصوص تدل على وجوب ارتداء كل الناس فى الدولة الإسلامية
لباس يغطى العورات فى الأماكن العامة بلا استثناء واللباس هو الجلباب
والخمار للمرأة وأى ثوب يغطى عورة الرجل ،أضف لهذا أن بعض أهل الذمة لهم
أديان تشترط عليهم ارتداء ما يغطى العورة مثل النصرانية ففى الرسالة
الأولى إلى مؤمنى كورنثوس قيل :
"فإذا كانت المرأة لا تغطى شعرها رأسها فليقص شعرها ولكن ما دام من العار
على المرأة أن تقص شعرها أو يحلق فلتغط شعرها "(11-6) ،أضف لهذا أن
المسلمين لو أرادوا أن يميزوا غيرهم عنهم لاشترطوا عليهم مثلا أشياء لا
تضايقهم مثل ارتداء النصارى للصلبان ووضع اليهود علامة الشمعدان السباعى
على جزء معين من ملابسهم ،ثم ما الهدف من الزى الخاص ؟هل هو جعل الذميين
فريسة للمستهزئين بهم من المسلمين أم جعلهم فريسة سهلة للقتل أم ألا
يخطىء المسلمون عند الزواج ؟بالطبع لا أحد يعرف من القوم جواب للسؤال إلا
وتكون إجابته شىء مخالف للإسلام .
(3)الأصوات الذمية :
قيل :"وعدم المبالغة فى إسماع أصوات النواقيس وتلاوة الكتب والطقوس
جهارا"(11).
لا يوجد نص يمنع الذميين من إسماع بعضهم أصوات النواقيس أو غيرها من
الآلات التى تدعوهم للصلاة أو لغيرها ولا يوجد نص يمنعهم من تلاوة كتبهم
والقيام بطقوسهم ما دام هذا فى حدود عدم إزعاج الغير بأصوات تؤذى آذانهم
وأما الإيذاء النفسى من سماع كتبهم فقد جعل الله منه مخرجا بعدم الجلوس
معهم وهو عدم التواجد معهم فى مكان الحديث فقال فى سورة النساء :
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ فلا
تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره ".
وقد بين الله للمسلمين أنهم سيسمعون هذا الأذى من الكتب وغيره من الذميين
والمحاربين فقال فى سورة آل عمران :
"لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن
الذين أشركوا أذى كثيرا "وقراءة كتبهم تدخل فى باب الجدل ،ويجب على
المسلمين الإعراض عن هذا الأذى وهو اللغو فيقولوا للأخرين :لنا أعمالنا
ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين كما جاء بقوله تعالى فى سورة
القصص :
"وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام
عليكم لا نبتغى الجاهلين ".
(4)الفطر فى رمضان أمام المسلمين :
غالبية المسلمين يعتبرون إفطار أهل الذمة أمامهم فى رمضان حراما لا ينبغى
لهم المجاهرة به وهو أمر يخالف الوحى الذى عرفنا أن الصيام مفروض على
المؤمنين فقط فى قوله بسورة البقرة :
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام " .
أضف لهذا أن المسلمين منهم مفطرين أمام المسلمين الأخرين وهم المرضى
والمسافرين ،وإن كان من المستحب لكل من الفريقين مراعاة شعور الفريق
الأخر فالذمى لا يظهر أكله أمام المسلمين والمسلم لا يظهر مثلا للنصرانى
الذمى ما يحرمه دينه من طعام فيه سمن أو غيره.
(5)إظهار العلامات المميزة :
يحرم البعض على أهل الذمة إظهار ما يسمى فى هذا العصر الرموز مثل الصليب
عند النصارى وعلامة التيكا عند الهندوس ،وليس لهذا التحريم أساس يعتمد
عليه لأن الصليب مثلا وهو المصلبة شىء واجب الوجود فى الدولة الإسلامية
لقوله تعالى فى المحاربين لله ورسوله (ص) فى سورة المائدة :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا
أو يصلبوا "فانظر لقوله "يصلبوا "تجد أن الصليب موجود فى عقوبات
الإسلام ،أضف لهذا أن هذه الرموز مذكورة فى كتبهم ،وزد على هذا أننا لو
طبقنا إخفاء رمز الصليب+ لوجب علينا إخفاء مفتاح الصليبة وكل المسامير
التى عليها العلامة +-وهو أمر غير معقول – ولوجب حذفها من الحساب وهو أمر
غير معقول لأننا بهذا نمنع عن أنفسنا الفوائد ونكلفها مثلا تغيير كل شىء
فيه مسامير +وتغيير كتب الحساب وهو أمر يضرنا ماليا .
(6)حرمة بناء المعابد :
قيل "ليس لأهل الذمة –كأصل عام-بناء كنائس أو بيع جديدة وإن جاز لهم
ترميم ما كان موجودا منها لحظة دخول الإقليم المعنى فى سيادة الدولة
الإسلامية "(11).
لا يوجد نص فى الوحى الإلهى يحرم بناء معابد لأهل الذمة والنصوص الموجودة
نصوص منسوبة زور إلى الإسلام فقد روى البيهقى قول يقول "لا خصاء فى
الإسلام ولا كنيسة "وضعفه وروى أيضا "لا تبنى كنيسة فى الإسلام ولا ما
يخرب منها "وفيه سعيد بن سنان وهو غير ثقة أى كاذب يضع الحديث ،أضف لهذا
أن هذه النصوص تتحدث عن أهل الذمة وهم النصارى فقط وكأنه لا يوجد فى أرض
الدولة الإسلامية غيرهم وهو كلام غير صحيح والنصوص الصادقة تتحدث حديثا
عاما عن الكل وليس عن صنف معين خاصة إذا كان الكلام عن شىء موجود لدى
الكل وهو المعابد.
(7)عدم قتل المؤمن بالكافر :
روى فى سنن الترمذى "لا يقتل مسلم بكافر "(11) والحق هو أن القتل يوجب
القتل بمعنى أن من قتل يقتل حتى ولو كان القتيل كافرا ذميا مصداق لقوله
تعالى فى سورة البقرة :
"كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
"فهنا ليس تحديد لدين القتيل ومن ثم فالكل سواء ومصداق لقوله تعالى فى
سورة المائدة :
"أن النفس بالنفس "وقوله فى سورة الإسراء :
"ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل ".
فهنا ليس هناك تحديد لدين ولى القتيل أو القاتل أو القتيل ومن ثم فهى
أحكام عامة فى الكل الذى يعيش على أرض الدولة الإسلامية وأما الكافر
المحارب فلا يقتل به المسلم لأن الله طلب قتلهم فقال فى سورة البقرة :
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ".
(8)دية الذمى :
روى فى سنن الترمذى "دية عقل الكافر نصف عقل المؤمن "(11)وروى الترمذى
أقوال منها "دية اليهودى والنصرانى مثل دية المسلم "(11)،و"دية اليهودى
والنصرانى أربعة آلاف ودية المجوسى ثمانمائة "(11)وهى كلها أقوال منسوبة
زور إلى الرسول (ص)وغيره لأنها تخالف المفهوم من القرآن فالدية فى القرآن
ليس لها تحديد معين لتنكير كلمة دية فى قوله فى سورة النساء :
"ودية مسلمة إلى أهله"و"فدية مسلمة إلى أهله"وتنكيرها فى قوله عنها شىء
أى دية فى قوله فى سورة البقرة :
"فمن عفى له من أخيه شىء"فالتنكير يعنى أى مبلغ يقدر القاتل على
دفعه ،أضف لهذا أن الله رفع أى نسخ الدية عن القاتل إذا كان لا يملك مالا
يدفعه كدية فقال فى سورة النساء:
"فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
توبة من الله "فهنا جعل عقوبة عدم القدرة على دفع الدية وتحرير الرقبة أو
أحدهما هى صيام شهرين متتابعين ،زد على هذا أن كلام القوم فيه تخبط فهناك
فرق بين الذمى الكتابى والذمى المشرك فى الدية فهذا ديته خمس أمثال ذاك
ولا مسوغ لهذه التفرقة لأنها فى النهاية نفوس متساوية .
(9)الميراث :
المشهور هو أن المسلم لا يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم وقد نسبوا إلى
الرسول (ص)زورا قولا يقول :
" لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "(11)وأيضا :
"لا يتوارث أهل ملتين "(11)وهو قول يخالف القرآن وفى هذا قال تعالى فى
سورة النساء :
"وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله"فهنا تسلم دية
القتيل المسلم وهى جزء من الميراث لأقاربه الكفار المعاهدين وأما القتيل
المسلم الذى أهله كفار محاربين أى أعداء للمسلمين فلا يعطون الدية ومن ثم
فهم لا يرثونه وفى هذا قال تعالى فى سورة النساء:
"فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة "ولم يذكر الله له
دية تدفع إلى أهله لأنهم بالقطع سيستغلونها فى حرب المسلمين ومن ثم وجب
منعها عنهم والدليل أيضا أنه قال فى سورة النساء :
"أباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب نفعا "ولم يحدد ديانة الأباء
والأبناء الذين سينال المسلم نفعهم وهو ورثهم وقد كان للكثير من المسلمين
فى ذلك الوقت أباء وأبناء كفار .
(10)التضييق فى الطريق على الكافر :
نسب القوم للرسول (ص)زورا قول يقول :
"لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم فى طريق فاضطروه
إلى أضيقه "(11)وهو قول يعنى أن من واجب المسلم أن يؤذى الكافر إذا قابله
فى الطريق حيث يقوم بزحزحته من وسط الطريق إلى جانب الطريق حتى يجعله
يحتك بجدران البيوت أو المبانى وهو كلام لا يقوله عاقل لأن معناه أن
المسلم يقوم بمضايقة الكافر فإذا تحرك يمينا تحرك يمينا وإذا تحرك شمالا
تحرك شمالا حتى يستطيع أن يؤذيه بجوانب الطريق ،كما أنه يخالف قوله تعالى
فى سورة الممتحنة :
"أن تبروهم وتقسطوا إليهم " .
والقول الشهير يقول :
"من أذى ذميا فقد أذانى ومن أذانى فقد أذى الله ".
فأى بر أى إحسان فى مضايقة الذمى فى الطريق ؟وإنما هو أذى يجلب على فاعله
سيئة تكتب عليه .
(11)قتال الكفار جميعا هجومى :
ادعى نفر من المسلمين أن حروب الإسلام مع الكفار معاهدين ومحاربين هى
حروب هجومية يجب أن يبدأ المسلمون فيها بالقتال فمثلا يقول تقى الدين
النبهانى مؤسس حزب التحرير الإسلامى :
"إن قول الرسول (ص)وفعله يدل دلالة واضحة على أن الجهاد هو بدء الكفار
بالقتال لإعلاء كلمة الله ولنشر الإسلام "(11).
ويقول سيد قطب فى تفسيره :
"إن المهزومين يستندون إلى أمثال تلك 000ومعنى ذلك فى تصورهم المهزوم أن
لا علاقة للإسلام إذن بسائر البشر فى أنحاء الأرض ولا عليه أن يعبدوا ما
يعبدون من دون الله000 وهو سوء ظن بالإسلام وسوء ظن بالله سبحانه "(11).
والحقيقة هى أن هذا النفر من المسلمين لم يفكروا تفكيرا متأنيا فى
الموضوع ويدرسوا الآيات كلها مع بعضها فأخذوا بعض الآيات التى سموها آيات
السيف دون أن يفسروها ببقية الآيات مثل قوله تعالى :
"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله
ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب "وقوله :
"فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ".
أول ما فات القوم هو وجود سبب للقتال وفى أوائل آيات القتال قال تعالى فى
سورة الحج :
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا "فسبب القتال هو الظلم الذى حاق
بالمسلمين والظلم يتضمن قتال المسلمين بالقتل والجرح والتعذيب والإكراه
على ترك الإسلام وإخراجهم من ديارهم ومساعدة الغير على إخراج المسلمين من
ديارهم
وثانى ما فاتهم هو أن الله أمر المسلمين بإتمام عهد المعاهدين وعدم
قتالهم ما داموا لم ينقضوا العهد أى استقاموا فقال فى سورة التوبة :
"فأتموا عهدهم إلى مدتهم "و "إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما
استقاموا لكم فاستقيموا لهم "والأمر هنا بالإستقامة وهى إتمام العهد يعنى
عدم القتال فكيف يأمر الله بهذا ثم ينقض أمره بقتالهم دون سبب؟.
وثالث ما فاتهم أن الكفار على اختلاف أديانهم لا يصبرون على الوفاء
بالعهد مع المسلمين ومن ثم فكل أرضهم لابد من فتحها ولكن بسبب هو أنهم
ينقضوا العهد وهو الذمة أى الإل وفى نقضهم المستمر للعهود قال تعالى فى
سورة التوبة:
"لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة "و"لا يرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة
"و"فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم " ومن ثم يتحقق للمسلمين وراثة
الأرض كلها وإبلاغ الرسالة للناس كلهم ولكن بسبب شرعى .
ورابع ما فاتهم هو أن الله أقر بوجود ديار أى أرض للكفار فقال فى سورة
الحشر مثلا
"هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم "وقال فى سورة
الأحزاب:
"وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ".
والسؤال هنا هو كيف يكون للقوم أرض مملوكة لهم أى دولة بتعبيرنا الحالى
ونأخذها دون سبب شرعى يبيح لنا أخذها والملاحظ هو أن الله أعطاها
للمسلمين بسبب خيانة القوم للمسلمين فى عهد النبى (ص)ولو كانت الأرض كلها
ملكا للمسلمين وحدهم ما ذكر الله ملكية الكفار لبعضها وإنما هى كلها تدخل
فى ملكية المسلمين بسبب شرعى .
أضف لهذا اعتراف القرآن بوجود أرض لم يقدر المسلمون على أخذها بالحرب حتى
وقت نزول الآية فقال فى سورة الفتح:
"وأخرى لم تقدروا عليها "يعنى أنه هناك دول للكفار قد لا يقدر على فتحها
المسلمون مدة من الزمن ولكنها فى النهاية ستؤول إليهم ولكن نتيجة سبب
شرعى هو كونها محاربة للمسلمين .
وخامس ما فاتهم هو أن الله لم يأمر بقتال حتى يكون الكفار هم البادئين به
فقد نهى الله المسلمين عن قتال الكفار حتى يقاتلهم الكفار فقال فى سورة
البقرة :
"ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه "وقال :
"فإن قاتلوكم فاقتلوهم "وقال :
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم " وقال فى سورة التوبة :
"وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ".
وبين أن الكفار هم البادئون أول مرة فقال فى سورة التوبة :
"وهم بدءوكم أول مرة ".
وسادس ما فاتهم هو أن الله دعا المسلمين إلى إبلاغ الكفار رسالة الإسلام
فى كل مكان والدعوة قد طلبها الله فى قوله تعالى فى سورة النحل :
"ادع إلى سبيل ربك ".
وقد فاتهم أن الدعوة أحيانا تصل للكفار عن طريق كفار أخرين فحربنا للأخر
أو عهدنا معه يدفعه للإهتمام بديننا ومن ثم يقبل على معرفته إما لتحريفه
والطعن فيه والتحريف والطعن لا يتم إلا إذا عرف المعنى الصحيح حتى يقدر
على تحريفه وإما لأنه ينشد الحق حتى يؤمن به .
وسابع ما فاتهم هو أن لابد من التعامل الحسن مع الكفار المعاهدين مثل
الأبوين وإلا خالفنا قوله تعالى فى سورة لقمان :
" وصاحبهما فى الدنيا معروفا".
(12)التدخل فى شئون المسلمين:
ذكر بعض الناس أن للكفار أن يتدخلوا فى المشاكل التى تنشب بين المسلمين
وبعضهم البعض لحلها إما سلما وإما حربا وهذا يعنى إباحة التحالف بين
المسلمين والكفار وإباحة دخول الكفار أراضى المسلمين لحرب غيرهم من
المسلمين ،والحق هو أن أى قتال ينشب بين المسلمين لا يحق لأحد سوى
المسلمين حله فالفريقين المتقاتلين يصلح بينهما الفريق الثالث الذى لا
يتقاتل وفى هذا قال تعالى فى سورة الحجرات :
"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "فهنا الإخوة المؤمنون هم من
يصلحون بين الأخوين المتقاتلين ،أضف لهذا أن الفريق الذى لم يقاتل أحدا
إذا أصلح بين الطرفين ثم حدث بغى من طرف بعد الصلح على الطرف الأخر فعليه
أن يقاتل الطرف الظالم مع الفريق المظلوم وفى هذا قال تعالى فى سورة
الحجرات :
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على
الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله ".
أضف لهذا أن نتيجة الإستعانة بالكفار كحلفاء سواء ضد كفار أخرين أو ضد
فريق من المسلمين هى الخبال وهو الهزيمة وفى هذا قال تعالى فى سورة آل
عمران :
"لا تتخذوا بطانة من غيركم لا يألونكم خبالا ".
وهم يعملون على وضع الفتنة وهو الوقيعة بين المسلمين لصالحهم وفى هذا قال
تعالى فى سورة التوبة :
"لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ".
ومن ثم فنتيجة أى تحالف مع الكفار تصب فى صالح الكفار وفى إضرار المسلمين
لذا تم النهى عن التحالف فى الإسلام أى الإستعانة بالكفار وبهذا جاء
القول الشهير :
"إنا لا نستعين بمشرك "(11) والقول الأخر :
"ولا تحدثوا حلفا فى الإسلام "(11).
(13)نساء الكفار فى الحرب :
من الغرائب إباحة البعض وطء نساء الكفار الأسيرات سواء اشتركن فى الحرب
أو لم يشتركن دون زواج باعتبارهن من ملك اليمين وقد نسبوا إلى الرسول
(ص)والصحابة أحاديث منكرة تتعارض مع القرآن تعارضا تاما .
إن القرآن يقرر أن أسرى الحرب يتم التصرف فيهم إما بالمن وهو إطلاق
سراحهم دون مقابل وإما بالفداء وهو إطلاق سراحهم بمقابل مالى وفى هذا قال
تعالى فى سورة محمد:
"فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها "وذلك فى حالة قوة
المسلمين وفى حالة ضعفهم يتم قتل الأسرى كما فى قوله فى سورة الأنفال:
"ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض" .
وقد نهى القرآن عن وطء الإماء دون زواج ناسخا وطء ملك اليمين السابق
إباحته فقال بسورة النساء :
"ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم
من فتياتكم المؤمنات والله اعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن
أهلهن " ونلاحظ هنا أنه اشترط فى الأمة أن تكون مؤمنة حتى يتزوجها المسلم
ونلاحظ فى قوله تعالى فى سورة النور :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم "وجوب زواج الإماء
وليس وطئهن بلا زواج ،زد على هذا أن أسيرات الحرب كافرات لا يجوز إيذاءهن
بالجماع بالقوة ،أضف لهذا أن بعضهن متزوجات وقد يكن حوامل ومن هنا تنشأ
مشاكل كبيرة فالزواج يمنع جماع الغير والحمل يمنع جماع غير الزوج ،أضف
لهذا أن هناك أقوال صحيحة المعنى تقول :
أن وطء نساء الكفار فى الحرب يجعل الكفار يفعلون نفس الشىء بنساء
المسلمين وهو ما لا يقبله مسلم ،زد على هذا أن الله يقول فى سورة
البقرة :
"لا إكراه فى الدين " والمعنى لا إجبار فى الإسلام على فعل أيا كان هذا
الفعل ووطء الأسيرات هو إكراه لهن على فعل ومن ثم فهو فعل محرم .
(14)جواز رضا المسلمين بشروط مذلة لهم فى الصلح مع العدو :
استشهد الناس على جواز أن يرضى المسلمون بشروط تمنعهم من حقوقهم بصلح
الحديبية الذى نسبوا فيه للرسول (ص)زورا أنه رضا أن يرد من أتاه من قريش
مسلما بدون إذن وليه وحكاية أبو بصير مشهورة ضمن حكايات الحديبية وسوف
نناقش هنا صلح الحديبية من خلال القرآن ليتضح لنا أن ما رواه الناس ليس
صحيحا .
تقول الرواية "خرج النبى (ص)زمن الحديبية فى بضع عشرة مائة من أصحابه
00000 وسار النبى (ص)حتى إذا كان بالثنية التى يهبط عليهم منها بركت به
راحلته فقال الناس حل حل خلأت القصواء مرتين فقال النبى (ص)ما خلأت وما
ذلك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل 0000 ثم زجرها فوثبت فعدل عنهم حتى
نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء فجاءه بديل بن ورقاء الخزاعى ثم
أتاه عروة بن مسعود فجعل يكلم النبى (ص)0000فقال النبى ((ص)000وعلىأن لا
يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا 000"(11)وفى رواية أخرى
"000فقال له المشركون لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ولكن اكتب محمد بن
عبد الله فأمر عليا أن يمحاها فقال على لا والله لا أمحاها فقال رسول
الله أرنى مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب ابن عبد الله "(11)وفى رواية
ثالثة "كتب على بن أبى طالب الصلح بين النبى وبين المشركين يوم الحديبية
000"(11)وفى رواية رابعة "أن قريشا صالحوا النبى (ص)فيهم سهيل بن عمرو
فقال النبى (ص)لعلى اكتب 00"(11)وفى هذه الروايات عدة أخطاء تتمثل فى
التالى:
-أن القصواء حبسها حابس الفيل وهو قول يتهم قائله نفسه وأصحابه بأنهم
ظلمة كفرة مثل أصحاب الفيل لأنه حدث لناقته ما حدث لفيل الكفار الذين
أرادوا هدم الكعبة وبالطبع هذا القول لا يمكن أن يصدر من نبى جاء لكى
يؤدى أمر الله بالعمرة والحج .
-أن الصلح تم فى الحديبية ومع الرسول (ص)نفسه وهو ما يناقض قوله تعالى فى
سورة التوبة :
"إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام "فالصلح وهو العهد تم عند المسجد
الحرام نفسه وليس فى الحديبية والذين عاهدوا هم المسلمين معا وليس الرسول
(ص)وحده لقوله "عاهدتم "وليس عاهدت .
-رضا الرسول (ص)بإرجاع وهو طرد من يأتيه مسلما من قريش بعد الصلح وهو ما
لم يحدث لسبب بسيط هو أن الله منعه من طرد أى مسلم وهو فى مكة ضعيف ليس
له من يعينه على حرب القوم فقال له فى سورة الأنعام :
"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ".
وبين له أنه يصبح ظالم يستحق النار لو طردهم فقال :
"وما من حسابك عليهم من شىء فتطردهم فتكون من الظالمين"فهل من المعقول أن
يرضى بطرد المسلمين بعد أن أصبح قويا له دولة وهو لم يرضى أن يطردهم وهو
ضعيف ؟
بالطبع هذا غير معقول لأنه سيستجيب لأمر الله وليس لأمر قريش ،أضف هذا
أن الله نهى المسلمين عن الصلح وهو السلام إذا كانوا هم الأعلى أى
المنتصرون فقال فى سورة محمد:
"فلا تهنوا وتدعوا على السلم وأنتم الأعلون "ومن ثم فهذا العهد طلبته
قريش ولم يطلبه المسلمون ومن المعروف أن طالب السلام يكون هو الضعيف ومن
ثم فهو لا يفرض شروطه على القوى وإنما القوى وهو هنا المسلمين هم من
فرضوا شروطهم .
(15)جواز اشتراك المسلمين مع الكافرين فيما يسمى المنظمات الدولية :
لا يجوز للمسلمين الإشتراك فى أى منظمة دولية تطبق أحكامها على دولة
المسلمين مثل منظمة الأمم المتحدة وتوابعها فمواثيق هذه المنظمات تخالف
الإسلام فمثلا فى الفصل16المادة103 المطلوب فيها الإلتزام بميثاق المنظمة
وترك الإلتزام بأى شىء أخر حتى لو كان إسلامنا حيث يقول :
"إذا تعارضت الإلتزامات التى يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا لأحكام
هذا الميثاق مع أى إلتزام دولى أخر يرتبطون به فالعبرة بإلتزاماتهم
المترتبة على هذا الميثاق "
وبالطبع لا يجوز للمسلم أن يختار غير الإلتزام بالإسلام وهو قضاء الله
ورسوله (ص)لقوله تعالى فى سورة الأحزاب :
"ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من
أمرهم ".
وفى الفصل 14 المادة 94 "يتعهد كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل
على حكم محكمة العدل الدولية فى أية قضية يكون طرفا فيها "وهو قول يعنى
كفرنا لأنه تحاكم لغير ما أنزل الله وهو ما يخالف قوله تعالى فى سورة
المائدة :
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "و"الظالمون "و "الفاسقون
".وهناك الكثير من المواد المخالفة للإسلام فى هذا الميثاق وحتى هيئة
اليونسكو تقوم فى أساسها على مخالفة الإسلام حيث تعمل وتطالب بالحفاظ على
الآثار والعادات المتوارثة حرفيا كلها وفى الإسلام آثار يجب نسفها كنسف
تمثال السامرى الذى نسفه موسى (ص)وتماثيل القوم التى كسرها إبراهيم
(ص)وفيه حرف مثل النحت يحرم العمل بها .
وأما ما يجوز الإشتراك فيه من منظمات فهى المنظمات التى ليس لها أحكام
على دولة الإسلام مثل منظمة الهلال والصليب الأحمر فهى منظمة تعاون على
فعل الخير ومثل منظمات التبادل التجارى العادل ومنظمات الإتصالات
والطيران والتوقيت والتى تعمل على تنسيق العمل فى مجالات التجارة
والإتصال ومواعيد الطيران وخطوطه وأماكنه وكل هذه المنظمات تتعاون من أجل
خير الكل ومن ثم فالإشتراك فيها مباح للمسلمين لأنهم يستفيدون وغيرهم
يستفيد .
(16)إباحة السفارات :
حلل الكثيرون إقامة مبانى ما يسمى السفارات والقنصليات فى دولة الإسلام
ودولة العهد ووجود سلك سفاراتى أى دبلوماسى فيها وهو أمر حرمه الإسلام
لما فيه من الضرر على المسلمين فعن طريق السفارات يتم التجسس وهناك أعضاء
معروفون بأنهم جواسيس لا يصيبهم أذى وهم الملحقون العسكريون والتجسس لا
يقتصر على الأمور الحربية وإنما يشمل أشياء كثيرة كمعرفة قوة الإقتصاد
وبث الأخطاء والشائعات والبواطل فى البلاد وإيقاع الفتن بين الناس وكل
هذا لا يستلزم سوى بعض الحفلات التى يدعى إليها كبار الموظفين وضعاف
النفوس من الناس ولو نظرنا إلى عصرنا هذا لوجدنا أرض المسلمين تعج بكل
آثار التجسس ومن أقربها حرب الكويت واحتلال العراق من جانب الولايات
المتحدة الأمريكية التى كانت شرارتها السفيرة الأمريكية فى العراق التى
أعطت الضوء الأخضر لنظام البعث ليقوم بغزو الكويت نتيجة المعلومات
الكاذبة التى أعطتها لهم عن سرقة الكويت للنفط العراقى ومنذ حوالى القرن
كانت السفارات البريطانية والفرنسية والإيطالية تحكم أرض المسلمين بعد
استكشافها بالمغامرين والأفاقين وإيقاعها الحكام الخونة فى حبائل الديون
وذلك من خلال المندوب السامى فى كل سفارة .
والسفارة التى أباحها الإسلام هى السفير المتنقل فالرسول يأتى برسالة
ويعود بالرد كالرسول الذى بعثته ملكة سبأ لسليمان(ص)وكالرسل الذين بعثهم
الرسول(ص)لحكام عصره وهو فرد واحد لا يقدر على التجسس وحركته تكون محدودة
غير ضارة .
(17)السياحة والدراسة :
أباح البعض للكفار المجىء لأرض المسلمين للسياحة فيها أو دراستها أو
للعمل بها وبالطبع السياحة ودراسة الأرض لأى سبب هى ستار يختفى خلفه سبب
هو الإعداد للمعركة القادمة من خلال معرفة ماذا يوجد على الأرض كى يضرب
أو كى يستولى عليه للإنتفاع به ومن ثم لا يباح للكفار الإتيان لبلادنا كى
يسيروا فيها كما يحلوا لهم وإنما على القائمين على الدولة إبلاغ الناس
فى دول الكفر بحرمة سياحتهم فى بلاد الإسلام أو دراستهم لها لأنها وسيلة
لإيذاء المسلمين وقد حرم الله ما فيه حرج أى أذى للمسلمين فقال فى سورة
الحج :
"وما جعل عليكم فى الدين من حرج "وأما العمل الوظيفى فلا يعمل فى بلادنا
إلا من اضطررنا للتعلم منه .
(18)التحديث عن الأخر :
المراد به نقل ما يقوله أهل الكتاب إلى المسلمين على ألسنة بعض المسلمين
وفى هذا نسبوا إلى الرسول (ص)زورا وبهتانا القول:
"حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج "(11)
"ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا أمنا بالله ورسله
فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه"(11)
وهى أقوال منسوبة زور للنبى (ص)لأنها تبيح لنا نشر الفاحشة وهى الكفر
الموجود فى كتب القوم مثل زنى داود (ص)بامرأة جنديه المخلص وعمله على
قتله والتخلص منه التى وردت فى التوراة المحرفة وهو ما حرمه الله ،ولأن
الله نهى رسوله (ص)عن اتباع أهواء اليهود والنصارى فقال فى سورة البقرة :
"ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ".
كما أن الله طالب المسلمين بقول السديد من القول وهو الحق فقال فى سورة
الأحزاب
"وقولوا قولا سديدا "وهو العدل كما فى قوله فى سورة الأنعام :
"وإذا قلتم فاعدلوا" فأين السداد فى أقوال معظمها كذب ؟
أضف لهذا وجود تناقض فى القول الثانى بين قوله "فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم
"الذى يطلب الحياد فلا تصديق ولا تكذيب وبين قوله "فإن كان باطلا لم
تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه "الذى يطلب تكذيب الباطل وتصديق الحق ومن
المعروف أن الحياد غير التصديق والتكذيب .
(19)دعوة العدو عند الحرب :
نسبوا إلى الرسول (ص)زورا ما يلى :
"كان رسول الله (ص)إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله فى
خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا وقال إذا لقيت عدوك من المشركين
فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم وكف
عنهم ،ادعهم إلى الإسلام 0000ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار
المهاجرين 000 فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية000 فإن أبوا فاستعن
بالله تعالى وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله
فلا تنزلهم فإنكم لا تدرون ما حكم الله فيهم ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم
اقضوا فيهم بعد ما شئتم "(11).
هذا القول ينسب للرسول (ص)جنون وكفر فالجنون هو أن المجاهد الذاهب للقتال
يقول للعدو خذ استعدادك وحذرك منى وذلك بدعوته لإحدى الثلاث خصال
الإسلام والهجرة والجزية وهو ما يخالف القاعدة التى تحفظها كل الجيوش
قديما وحديثا "الحرب خدعة "وأما الكفر فهو دعوة المسلمين إلى عدم الحكم
بما أنزل الله وهو قول القائل "فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا
تنزلهم "وهو ما يخالف وجوب الحكم بما أنزل الله فى قوله تعالى فى سورة
المائدة :
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "و "الظالمون "و
"الفاسقون ".
زد على هذا أن قوله "فإنكم لا تدرون ما حكم الله فيهم "يعنى أن كل من
يرسلهم الرسول (ص)من أمراء الحرب جهلة بحكم الله وحتى إذا سلمنا مع
القائل بصحة هذا وهو غير صحيح قبل نزول قوله تعالى فى سورة المائدة :
"اليوم أكملت لكم دينكم "فما بعد اكتمال الدين لا يمكن التسليم بأنهم لا
يعلمون بحكم الله لأن الله أنزل كل أحكامه ،أضف إلى هذا أن الله يقول :
"وقاتلوا فى سبيل الله لذين يقاتلونكم "فهنا الرد بالقتال ليس فيه إنذار
أو دعوة أو غير هذا .
(20)حرمة إقامة اليهود والنصارى فى جزيرة العرب :
ذكروا فى هذا قول منسوب للنبى (ص)زورا يقول :
"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما
"(11)والحق هو أن الله لم يحرم وجود اليهود والنصارى والمشركين فى جزيرة
العرب كلها وإنما حرم وجودهم فى مكة حيث قال فى سورة التوبة :
"إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ".
ولو كان النبى (ص)هو القائل-وهو لم يقل هذا- لهذا الكلام لكان ناقضا
للعهود التى أبرمها مع القوم والتى نصت فيما نصت على بقاءهم فى الأرض
التى يقيمون بها-وكما يقول التاريخ فإنه أبقى يهود خيبر فيها-،أضف لهذا
أنه ذكر إخراج اليهود والنصارى فقط ولم يذكر المشركين علما بأنهم كانوا
الأغلبية فى الجزيرة ولو أراد طرد غير المسلمين لضم معهم المشركين حتى
يكون صادقا فى قوله "فلا أترك فيها إلا مسلما "لأن الموجودين فيها لم
يكونوا يهودا ونصارى فقط ،والآن لا يسمح بوجود كفرة فيها أيا كان دينهم
إلا لضرورة قاهرة لأن من المحرم إقامة الكفار فى أرض لا يوجد بها كفار
وإنما كل سكانها مسلمون .
(21)دخول ذرارى الكفار النار :
نسبوا للرسول (ص)زورا القول التالى :
"عن عائشة قلت يا رسول الله ذرارى المؤمنين فقال هم من أبائهم فقلت يا
رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين ،قلت يا رسول الله
فذرارى المشركين قال من أبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا
عاملين "(11).
هذا الكلام تخريف فالأطفال يدخلون النار والجنة بلا سبب سوى أنهم أولاد
كفار أو أولاد مسلمين والسؤال لمن ألفوا هذا الحديث :
ألا يحتج الطفل الداخل النار بأنه لا يد له فى كون أبيه كافر وأن الله هو
الذى اختار أبيه له ولم يختره لنفسه ؟
إنه نسبة الظلم إلى الله وهو عادل والسؤال الأخر:
أين غاب عنكم قوله تعالى فى سورة الإسراء:
"ولا تزر وازرة وزر أخرى "؟ والسؤال الثالث :
لماذا تناسيتم أن دخول الجنة يكون بالعمل الصالح كما فى قوله تعالى بسورة
الأعراف :
"أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون "وقوله بسورة النحل:
"ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "ولماذا تناسيتم أن دخول النار يكون
بالعمل مصداق لقوله تعالى فى سورة السجدة :
"وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون "؟.
وهذا القول الخاطىء مستمد مما أشاعه الكفار عن معنى كلمة الغلام فى قوله
تعالى بسورة الكهف :
"وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا "فقد
فسروها بالطفل الصغير مع أنها تطلق على الطفل الصغير والرجل الكبير بدليل
قوله تعالى فى سورة الحجر :
"إنا نبشرك بغلام عليم "وقوله فى سورة الصافات :
"فبشرناه بغلام حليم "وقوله فى سورة مريم :
"لأهب لك غلاما زكيا "فالطفل لا يوصف بالعلم والحلم والزكاة لأن الله
وصفه بالسفه فقال فى سورة النساء :
"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "فالغلام المقتول كان شابا كافرا .
الحوار بين المسلمين والأخر :
(أ)الصدام والتعاون بين الطرفين :
إن الحوار بين المسلمين وغيرهم لم ينقطع منذ وجود الرسالة المحمدية كما
أن الحروب بين المسلمين وغيرهم لم تنقطع فى يوم ما وإن اتخذت أشكال
متعددة منها الشكل القتالى ،وبداية نقول عن العلاقة بين الأديان وهى
الحضارات أى الثقافات أنها تتخذ فى أحيان صورة الصدام وفى أحيان صورة
التعاون وصورة الصدام هى ما نسميه الحرب وصورة التعاون هى ما نسميه
السلام ومن ثم فنظرية صموئيل هنتنجتون عن صدام الحضارات صادقة فى بعض
منها وأما نظرية فو كو ياما عن نهاية التاريخ بانتصار الحضارة الغربية أو
النصرانية فخاطئة فالتاريخ ليس له نهاية تسمى الإنتصار المستمر لأن
الأيام دول كما قال تعالى فى سورة آل عمران :
"وتلك الأيام نداولها بين الناس ".
وسوف نتحدث عن صورة الصدام وهى تتخذ شكلين معا أو أحدهما :
1-الحرب المؤدية للقتل والجرح والتدمير .
2-الحرب النفسية أى الإعلامية وهى تقوم على خداع الأخر وتشويه مميزاته
وتدمير معنوياته وقد سمى الله هذه الصورة الجدال بالباطل وفيها قال تعالى
فى سورة الكهف :
"ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق"وقال فى سورة غافر :
"وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق".
وفى الجدال فى الإسلام أمر الله بضد هذا الجدال الكفرى فأمرنا أن نجادل
القوم بالتى هى أحسن وهى الحكمة أى البرهان فقال فى سورة العنكبوت :
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن " وقال فى سورة النحل :
"وجادلهم بالتى هى أحسن ".
ومما ينبغى قوله أن الجدال لا فائدة منه إلا عند من ينشد الحق ويريد
اتباعه وأما غيره فهو لا يفيد بشىء وهو ما يسمى حوار الخرس أو الطرشان
حيث يتساوى فيه الإنذار وهو الكلام بعدم الإنذار وفى هذا قال تعالى
لرسوله (ص)فى سورة البقرة :
"إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ".
ومن ثم فحوار الحضارات أى الأديان حول الدين الحق أى الحضارة الأفضل ليس
مجديا إطلاقا لتمسك كل طرف بدينه وهو حضارته وفى هذا قال تعالى فى سورة
البقرة :
"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع
قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ".
ولذا عندما دعا الله أهل الكتاب إلى الحوار دعاهم إلى الإسلام وهو الكلمة
السواء فقال فى سورة آل عمران :
"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله
ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله" فعبادة الله
وحده وعدم الإشراك به هى الإسلام .
إذا فالحوار بين الأديان لا ينتج منه شىء سوى الأتى :
كلام يبين كل طرف به محاسن دينه وموقفه تجاه الأخر وتنتهى الجلسات وتنفض
دون أن ينتج عنها سوى جلسات مؤتمر أخر يتكرر فيه نفس الكلام،والملاحظ فى
تلك المؤتمرات هو أنها تصب فى صالح الأخر على المدى القصير أو المدى
الطويل وليس فى صالح المسلمين .
(ب)مع من نتحاور ونتفاهم ؟
إن الملاحظ فى هذا العصر هو أن الغرب النصرانى هو الذى يحاورنا غالبا تحت
مسميات عديدة منها :
الحوار الإسلامى النصرانى أى المسيحى ،الحوار العربى الأوربى ،الحوار
الأورومتوسطى ،وحتى عندما نريد أن نحاور فنحن نحاور الغرب النصرانى وأما
غيره من الأديان أى الحضارات فلا يوجد حوار إلا نادرا والمفروض هو أن
نحاور كل الأخرين وليس طرف واحد وإن كان من تفسير لهذه الظاهرة فهو أن
الغرب النصرانى هو الأكثر اعتداء علينا والأكثر احتلالا لبلادنا والأكثر
تدخلا فى شئوننا فى القرون الماضية وفى الحاضر ,
(ج)فيما يتعاون المسلمون والأخر ؟
إن التعاون بين المسلمين والأخر ونقصد به هنا المعاهد الذى لم يقاتل
المسلمين أو يخرجهم من ديارهم أو يظاهر على إخراجهم هو أمر يفرضه قوله
تعالى فى سورة الممتحنة :
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن
تبروهم وتقسطوا إليهم ".
ولكن فى أى المجالات يتم التعاون ؟
إن المجالات التى يبيح الإسلام التعاون فيها مع المعاهدين هى :
(1)المجال الإقتصادى والمسموح به فى الإقتصاد هو التالى :
-التبادل التجارى العادل فى مختلف السلع التى حلل الله بيعها وشرائها .
-إنشاء الطرق وتمهيدها بين البلدين سواء برية أو بحرية أو جوية .
-الربط الكهربى بين شبكات الطرفين .
-إنشاء شركات مشتركة فى المناطق الحدودية التى لا يمكن تقسيمها عمليا عند
استغلالها اقتصاديا كآبار النفط والغاز الممتدة عبر الحدود بين
الدولتين .
-الربط الإتصالى فى الهواتف والأقمار الصناعية والكابلات .
وأما ما يسمى الإستثمار المتبادل أو حتى غير المتبادل والشركات عابرة
القارات فغير مسموح به فى الإسلام حيث لا يجوز لأحد تملك أرض أو ما عليها
فى الدولة الإسلامية غير المسلمين أى الصالحين لقوله تعالى فى سورة
الأنبياء :
"ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون
"فالوراثة وهى الملك للصالحين وهم المسلمين فقط ،وأما استثمار أموال
المسلمين فى أرض الغير فخبل وجنون وليتذكر القارىء كم مرة جمدت فيها
أرصدة المسلمين كيانات وجماعات وأفرادا من جانب الأخرين وليتذكر أن
كياناتنا الخائبة لم تجمد ولو مرة واحدة أرصدة لأى دولة من دول الأخرين
وسيجد أن النتيجة هى كياناتنا لم تجمد شىء يذكر وكانت هى المعاقبة فى كل
الأحوال .
(2)مجال الإغاثة والمسموح فيه هو إعانة الدولة الإسلامية والدول الأخرى
لبعضها فى الكوارث الكبرى كالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير من
خلال إرسال المعونات الغذائية والخيام والأغطية والفرش أو فرق البحث
والإنقاذ أو الأطباء والممرضين والأدوية .
(3)مجال التعليم والمسموح فيه للمسلمين هو الذهاب لدول الأخرين لتعلم شىء
واحد فقط هو علوم التقنية أى علوم الصناعات غير الموجودة عند المسلمين
وأما تعلم الفلسفات والآداب وحتى الإسلام فى خارج الدولة الإسلامية كما
كان يحدث سابقا فممنوع ومسموح لغير المسلمين أن يتعلموا فى الدولة
الإسلامية فى نفس المجال فقط .
(4)مجال تبادل التقنية ويقصد به أن تنقل كل دولة من الأخرى الإختراعات
وتستخدمها فمثلا من يكتشف طريقة لعلاج السرطان يرسلها للأخر كى يعالج بها
مرضاه ومثلا من يخترع جهاز جديد لاكتشاف المعادن أو دمجها يرسل اختراعه
للطرف الأخر ليستفيد منه .
(5)مجال الوساطة أو التوصيل ويقصد به أن يكون الأخر وسيط بين المسلمين
وبين أخر محارب يريد عقد عهد مع المسلمين وفيهم قال تعالى فى سورة
النساء :
"ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم
ميثاق "كما يقصد به أن يكون المسلمون وسطاء بين الدول الأخرى وبعضها لعقد
معاهدات فيما بينهم .
(6)مجال الألعاب الجسمية أو الرياضة ويقتصر فيه التعاون على نقل الألعاب
من بلد إلى البلد الأخر وأما استدعاء خبراء ومدربين وعمل مسابقات
ومباريات ودورات فلا يجوز فى الإسلام لأنه تضييع لأموال المسلمين فيما لا
نفع فيه من سفر وشراء ملابس رياضية وتأمين شرطى وتأجيج لمشاعر العداء بين
الجماهير من أجل اللعب وقد قامت حروب بسبب هذه التفاهات كحرب داحس
والغبراء والرياضة أساسا فى الإسلام هى من ضمن إعداد القوة لإرهاب العدو
فالهدف فى النهاية من ممارستها الإعداد للحرب وليس الهدف منها التنافس
على أى شىء مهما كان قليلا أو كثيرا لأنه ميسر والرياضة بشكلها الحالى هى
رياضات محرمة فالرجال يتفرج عليهم النساء والنساء يتفرج عليهن الرجال
بالإضافة إلى العرى الذى يستلزمه اللعب فالفرجة المتبادلة محرمة لقوله
تعالى فى سورة النور :
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "و "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن
"والعرى للنساء محرم كما هو معروف من سورة النور التى تقول :
"ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن "واللعب
على كئوس وميداليات وغير هذا يدخل ضمن الميسر المحرم المذكور فى قوله
تعالى سورة المائدة :
"إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
لعلكم تفلحون "وإقامة ملاعب مجهزة وقاعات على أحدث نظام محرم لأن
الحكومات تترك محتاجيها يجوعون ويعانون الأمرين وتنفق الأموال على ما لا
يفيدهم وشراء اللاعبين وعلفهم إنما هو عودة إلى العبودية وإن كانت عبودية
تحت مسميات جديدة ومن ثم فيجب تنظيم الرياضة حسب أحكام الإسلام وليس أن
ننقل الألعاب بكل عيوبها ومساوئها نقلا تاما .
(7)التعاون الشرطى :إن شرطة الدولة الإسلامية تتعاون مع شرطة الدول
المعاهدة فى القبض على المجرمين الذين تتفق أحكام الدول على تجريم
أفعالهم وهى غالبا جريمة تهريب المخدرات والسلع وأما ما لا تتفق عليه
أحكام الإسلام مع أحكام الدول الأخرى فلا يقبض عليهم فمثلا ما يسمونه
الإرهابى أو السياسى المعارض لا يجوز تسليمه من قبل المسلمين حتى ولو صدر
قرار من محاكم الدول الأخرى بقتله أو حبسه إذا استجار بالمسلمين ومن ثم
فعلى كل دولة معاهدة أن تعرف الأفعال التى تتفق فيها أحكامها مع أحكام
الإسلام فى التجريم لتوضع فى بنود المعاهدة والتعاون هنا يتمثل فى تبادل
المعلومات أولا ثم تسليم المجرمين إذا تم القبض عليهم ثانيا .
(8)التعاون القضائى :وهو يتمثل فى إرسال قضاة إلى الدول المعاهدة أو
إحضار قضايا بين الدول المعاهدة إلى قضاة مسلمين ليفصلوا بين الدول فى
خلافاتهم بالحق وهو تطبيق لقوله تعالى فى سورة المائدة :
"وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ".
وأما ما يرتكبه المسلم من جرائم فى الدول الأخرى أو ما يرتكبه الكافر من
جرائم فى الدولة الإسلامية فكل منهم يحاكم حسب قانون البلد الذى تمت فيه
الجريمة حتى ولو طلبت الدولة المعاهدة محاكمة المسلم فى الدولة الإسلامية
وهو طلب ممكن الوقوع بسبب الكراهية وليس حب الدولة الإسلامية فمثلا كثير
من دول أوربا ألغت عقوبة الإعدام من قوانينها ومن ثم فلكى تحكم بقتل
المسلم الذى ارتكب جريمة قتل على أرضها عليها أن تطلب من الدولة
الإسلامية محاكمته وهذا الطلب سيكون هو كره للمسلم وهروب من تنفيذ قوانين
هذه الدولة بسبب العنصرية .
(9)التعاون المائى :ويقصد به التعاون فى تقسيم خيرات الله فى الأنهار
والبحار والبحيرات والمحيطات وهذا التعاون يتضمن إقامة السدود والخزانات
ومحطات توليد الكهرباء وتنظيف المجرى الملاحى وتقاسم المياه وهو يكون حسب
قاعدة ثابتة هى :
نسبة كل دولة من مياه النهر هى حسب عدد سكانها فالأكثر عددا يأخذ نسبة
أكبر من الأقل عددا وهناك شرطا فى الأنهار التى تجرى فى الدولة الإسلامية
وغيرها فعدد سكان الدولة الإسلامية بولاياتها لا يحسب كله وإنما يحسب
سكان الولايات التى يجرى فى أرضها النهر فقط وهذا هو عدل الله فى تقاسم
المياه وأما التعاون فى البحار والمحيطات فيتضمن التعاون فى تنظيم الصيد
لما فى البحر واقتسام آبار النفط والغاز داخل المنطقة الفاصلة البحرية
وهى ليست ما يسمى الآن الحدود الدولية البحرية –11ميلا –لأن الحدود
البحرية فى الإسلام هى منتصف المسافة بين الدولة الإسلامية والدولة
الأخرى فى البحر سواء قسيت بالميل أو بغيره والسبب هو أن الحدود البرية
تقوم على المواجهة على الخط الفاصل وليس على ترك مسافة بين الدولتين
فالحدود متلاصقة ومن ثم ما ينطبق على البر ينطبق على البحر ،زد على هذا
أن الأمن يتطلب إبعاد سفن الأعداء عن حدودنا بحيث تتعب فى الوصول إلينا
أو لا تقدر على إصابة أهدافها إصابات ناجحة ،وهذا الحد الدولى يمكن
الأعداء منا خاصة أنهم الآن يملكون أساطيل من السفن والغواصات وغيرها
والكيانات القائمة على أرض المسلمين لا تملك شيئا اللهم إلا نادرا وهى لا
تحركها أبدا إلى خارج المياه الإقليمية الحالية كما تفعل الدول العدوة
بتحريك أساطيلها فى مياهنا .
(10)التعاون السياحى :السياحة فى الإسلام ليس لها صلة بمعناها الحالى
فالسياحة هى إما الأمان فى الأرض كما فى قوله تعالى فى سورة التوبة :
"فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر "أى فأمنوا فى البلاد أربعة أشهر دون قتال
هى الأشهر الحرم وإما الطاعة لحكم الله كما فى قوله بنفس السورة
"العابدون الحامدون السائحون "أى الطائعون لحكم الله وأما السياحة وهى
الإنتقال من بلد لأخر بغرض المتعة أيا كان نوعها فمحرمة وذلك لأسباب
عديدة أهمها أنها وسيلة هامة للتجسس من خلال التنقل فى البلاد وأنها تنقل
أمراضا ليس لها وجود فى المجتمع المسلم من خلال الإتصال بالأجانب مثل
الإيدز وأمراض الخنزير وإنها تعطيل لطاقات المسلمين العاملين بها فى غير
نفع لهم فلا الطهى ولا الإرشاد ولا التخديم جالب لنفع سوى المال ووسائل
تحصيله فى الإسلام كثيرة وحتى نكون متعاونين مع الأخر يجب علينا فعل
التالى :
-تصوير كل الآثار فى شرائط واسطوانات وإرسالها إلى ما يسمى وزارات
الثقافة فى الدول المعاهدة .
-تصوير ما يسمى الأماكن الجميلة مثل المحميات والشواطىء وإرسال الشرائط
والاسطوانات للدول المعاهدة .
-إرسال الآثار فى معارض إلى الدول الأخرى إذا طلبت ذلك .
-السماح فقط للأجانب بزيارة ما يسمى الأماكن المقدسة فى الأديان
والمتواجدة داخل الدولة الإسلامية مثل أورشليم وبيت لحم وننظم هذه
الزيارات مع الدول الأخرى بحيث لا تقلق هذه الزيارات سكان هذه البلاد .
(12)التعاون الطيرانى :يقصد به تنظيم عمل الطائرات المدنية بين الدول
وأساس هذا التنظيم هو وجود مطارات على حدود الدولة الإسلامية مع الدول
الأخرى بحيث لا تتعدى أى طائرة أجنبية الحدود إلى أرض المسلمين ولا تتعدى
أى طائرة إسلامية الحدود إلى أرض الأخرين فالكل ينزل على الحدود ويكمل
طيرانه فى طائرات الدولة الذاهب إليها فإذا أراد الذهاب لأى بلدة فى
الدولة الإسلامية يركب طائرة إسلامية وإذا أراد الذهاب لأى بلدة فى دولة
معاهدة يركب طائرة معاهدة وبهذا يتم تلاشى عدة مشاكل أهمها اختلال
الميزان بين شركات طيران الدول المختلفة فكل دولة شركاتها كفيلة بأراضيها
ومن ثم يتم حمايتنا من غول الشركات عابرة القارات أو الجنسيات وأيضا
مشكلة التجسس من خلال الطائرات والتى لم تغنى عنها أبدا الأقمار
الصناعية .
(13)التعاون البحثى :وأقصد به هنا عمل الدراسات حول المشاكل الأرضية التى
تشمل دول العالم كله مثل الصرف فى الماء والإشعاع النووى وثقب الأوزون
والتلوث من الأدخنة الضارة والقارة القطبية الجنوبية والسبب فى هذا
التعاون هو أن ما يفعله الأخرون أو نفعله نحن قد يضرنا أو يضرهم دون قصد
ولذا لابد أن نشارك معهم فى منع الضرر ،كما أننا يجب ألا نترك الأخرين
مثلا يقتسمون القارة القطبية الجنوبية دون أن يكون لنا نصيب فيها
والملاحظ أنه لا يوجد أى تواجد لمسلمين أو لمراكز بحثية لهم هناك وكل من
اقتسموها تقريبا نصارى والواجب إذا قسمت هذه القارة أن تقسم بين أهل
الأديان كل حسب نسبته من سكان العالم حيث يكون لها إدارة موحدة وتقسم
العائدات على الجميع بنسبة عددهم من سكان العالم .
(14)التعاون الإعلامى :يتمثل فى التالى :
أ-السماح ببث البرامج التى تخص أهل كل دين من خارج الدولة الإسلامية عبر
ما يسمى خدمة الإشتراك فى الإستقبال فتوصل وزارة الإعلام هذه الخدمة لأهل
الذمة فى بيوتهم ومعابدهم فقط وأما المسلمين فلا تبث لهم هذه البرامج
لأنه ممنوع فى الدولة الإسلامية استقبال الفضائيات وغيرها من الدول
الأخرى لكونها فى غالبيتها تخالف أحكام الإسلام فيما تبثه وقد حرم الله
بث الفواحش وهى المحرمات فى المجتمع المسلم فى سورة النور حيث قال :
"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين أمنوا لهم عذاب أليم فى
الدنيا والأخرة "ومن هذا عرض صور النساء والرجال بالإضافة للعرى والمشاهد
الجنسية والكلام عن أحكام مخالفة للإسلام فى مختلف المجالات فى البرامج
المتعددة وفى المقابل تبث الدولة الإسلامية برامجها للمسلمين فى خارجها
إما عبر نفس الخدمة وإما عبر الفضائيات إن سمحت بها الدول المعاهدة .
ب-تبادل المنشورات فى مجال التقنيات والطب والزراعة .
ج- تبادل الإتصالات عبر شبكات الحاسب من خلال مواقع محددة سلفا هى
المواقع التقنية وأما المواقع الشخصية والمؤسساتية والإتصالات الفردية من
خلال الحواسب عامة أو خاصة فغير مسموح بها فى الدولة الإسلامية فالحواسب
الخاصة والعامة عدا حواسب وزارة الدفاع والشرطة والخارجية وكليات التعليم
ملغى منها الجزء الخاص بالهاتف وما يتم من اتصال عبر الحواسب يجب أن يتم
من خلال شهود على ما تم استقباله أو إرساله منعا لإستخدامه فى التجسس أو
الإتصال الجنسى والمحادثات الفاحشة التى تتم من خلال الهاتف المسموع أو
المرئى المسموع .
د-السماح بالترجمة المتبادلة للمنشورات من قبل الدولة الإسلامية وغيرها
بدون مقابل لأن كل ما ينشر أو يخترع هو ملك عام للبشر ولو تعاملنا بما
يسمونه الملكية الفكرية لوجب علينا أن نعطى كل الحقوق لأبينا أدم(ص)فهو
مخترع ومكتشف معظم ما فى حياتنا فمثلا كل كلمة ننطقها علينا أن نعطيه
مالا مقابلها لأنه أول من تكلم ومثلا أول من ولد امرأة ومثلا أول من ربى
طفلا ومثلا أول من علم ومثلا أول من لبس ثوبا وغزله ومثلا أول من استخدم
القلم ولو تعاملنا بهذا المبدأ لوجب على كل مسلم أن يعطى رسوله
محمد(ص)أجرا على إبلاغه الرسالة الإلهية وهو ما يخالف قوله تعالى فى سورة
الأنعام :
"قل لا أسألكم عليه أجرا"وقوله فى سورة سبأ:
"قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله "فهنا طالب الله
رسوله (ص)ألا يطلب أجر على إبلاغ الرسالة والسبب أن أجره من الله .
إن الاختراعات والمؤلفات وغيرها مما يطبقون عليها قانون الملكية الفكرية
لا فضل فيه للمبتكر لأنه لم يخلق نفسه وإنما خلقه الله وحق المسلمين على
بعضهم هو التعاون مصداق لقوله تعالى فى سورة المائدة :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "ولو قعدنا
مع الأمم الأخرى لنحل هذه المشكلة فلن تحل أبدا لأن كثير من المخترعات
تنسب إلى أمم عدة فى أوليتها فمثلا تنسب كثير من المخترعات لمخترعين
ومكتشفين من دول أوربا وهى فى نفس الوقت تنسب لعلماء من الدولة الإسلامية
والأمثلة كثيرة مثل رقاص الساعة فقد نسب لابن يونس وإلى جاليلو والمرواز
(البارومتر)الزئبقى للخازنى ونسب إلى تورشلى والطباعة نسبت لعبد الرحمن
ابن بدر وإلى جوتنبرج(11).
(15)التعاون السفنى ويقوم على أساس أن الدولة المصدرة تحمل سلعها فى
سفنها إلى الدولة المستوردة وأما التفريغ فتقوم به الدولة المستوردة داخل
موانيها على أن تلازم سفينة حربية السفن التجارية عند دخولها الحدود
البحرية لحمايتها أو لمنعها من إفراغ أى مواد ضارة فى المياه البحرية
لنا ،ويجرنا الحديث للحديث عن السفن العابرة وهى السفن التى تعبر مياهنا
الإسلامية إلى دول أخرى وهذه السفن يتم تنظيم عبورها فى قوافل تسير معها
سفن حربية إسلامية حتى الحدود البحرية حتى تتركها، كما يجرنا إلى الحديث
عن المضايق البحرية التى يحظى العالم الإسلامى بأكثريتها وأسس العمل فيها
هى :
-السماح للسفن التجارية فقط بالعبور .
-عدم السماح لأى سفن أو غواصات حربية بالعبور أو المرور منها حتى ولو
كانت ذاهبة فى مهمة تدريبية أو لحرب غير المسلمين .
ج-تحصيل رسوم المرور وهى رسوم تتمثل فى أجر العاملين فى المضايق وثمن
وقود السفن الحربية المرافقة للسفن التجارية فى المضايق والمياه
الإسلامية وإذا كانت الدول الأخرى تزيد فى الرسوم المحصلة من السفن
الإسلامية على هذا وجب على الدولة الإسلامية المعاملة بالمثل مصداق لقوله
تعالى بسورة النحل :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ".
(16)العمالة :يسمح بإرسال عمالة مسلمة للخارج إذا طلبت الدول المعاهدة
ذلك ولا يسمح فى الدولة الإسلامية بعمل الأجانب إلا فى أضيق الحدود وهى
المجالات التقنية التى لا يعلم بها المسلمون حتى يتعلموها فإن تعلموها
فيستغنى عن خدمات الأجانب على الفور .
ويحكم التعاون بين المسلمين والأخر حكم عام هو قوله تعالى بسورة النحل :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "فأى رفض أو حكم من الأخر للتعاون
فى شىء معين مثل فرض رسوم على السلع المصدرة من الدولة الإسلامية يقابله
فرض نفس الرسوم على سلع الدولة الأخرى مع مراعاة الكم بين الطرفين فإذا
كانت الدولة الإسلامية تصدر أكثر فرضت رسوم عالية على سلعهم القليلة
توازى الرسوم التى فرضت على السلع الكثيرة خلال السنة ومثلا إذا رفضت
الدولة الأخرى نقل تقنية معينة للمسلمين على المسلمين أن يمنعوا نقل
تقنيتهم للدولة الأخرى وهكذا .
(د)الحالمون :
أقصد بالحالمين وجود أشخاص من المسلمين والأخرين يحلمون إما بعالم متحد
محب وإما بأخر يحل لهم مشكلاتهم وهى أحلام لا يمكن حدوثها .
يقول واحد منهم حالما بعالم يحب فيه الأخرين ولا يتعصب لقومه :
"أليس ممكنا جدا أن أحب وطنى من غير أن أمقت مواطنى الأوطان الأخرى ،وأن
أبذل أعظم البطولات وأقصى ما يمكن من التصميم غير الهياب على الذب عن
قوانينه وحريته دون أن أزدرى سائر سكان العالم بصفتهم جبناء رعاديد ؟إن
ذلك لممكن قطعا "(38).
ويقول أخر :
"إن هذا الإنتماء الضرورى الحتمى لن تكتمل دائرته إلا إذا أصبحت الأرض
وطنا واحدا يسكنه مواطنوه الذين هم بنو الإنسان وهيئة الأمم المتحدة
بداية متعثرة نحو هذه الغاية القصوى لكن الطريق قد يستقيم لها بعد حين
(39).
هؤلاء الناس بالطبع لا يفهمون قوله تعالى فى سورة هود :
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ".
وأما الحالمون الذين يحلمون بأن يحل لهم الأخر مشاكلهم فيقول أحدهم :
"ويتعلق بهذا الوجه من الإعتبار أيضا أن يقدر الغرب أن المسألة
الفلسطينية ليست أخر المسائل فى مشكل الغرب الإسلام وإنما هى صدر المسائل
الكبرى العالقة وإذا لم يتدخل الغرب تدخلا مباشرا ناقدا لحل الصراع حلا
عادلا منصفا فإن إحدى بؤر التوتر الكبرى ستظل مبدأ للصدام والعنف ولن
تتوقف دوامة الصراع العنيف أبدا وسيظل سوء الفهم قائما والتفاهم عسيرا
ومن وجوه إعادة بناء الثقة وتبديد الخوف والريبة المتبادلة وإرساء قواعد
مستقبل آمن ألا يشجع الغرب أو يدعم الحركات الطائفية أو الإنفصالية أو
التفكيكية السياسية فى العالم العربى والإسلامى "(40).
لا أدرى كيف يقول قائل هذا الكلام ناسيا ليس كلام الله فقط وإنما كلام
الحكيم القائل قديما :
ما حك ظهرك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك والله يقول وليس أفضل من كلامه
فى سورة الرعد :
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".